فرضية تسرب «كورونا» من المختبر تشق طريقها بين الأوساط العلمية

عودة التجاذبات الأميركية ـ الصينية

فرضية تسرب «كورونا» من المختبر تشق طريقها بين الأوساط العلمية
TT

فرضية تسرب «كورونا» من المختبر تشق طريقها بين الأوساط العلمية

فرضية تسرب «كورونا» من المختبر تشق طريقها بين الأوساط العلمية

ما إن انتهت أول من أمس (الاثنين) أعمال الدورة الرابعة بعد السبعين لـ«الجمعية العالمية للصحة»، التي دارت معظم مداولاتها مرة أخرى حول جائحة «كوفيد19» والأمراض التي اضطر العالم لإهمالها بسبب من تفرغه لمواجهة أكبر أزمة صحية في العصر الحديث، حتى عاد هاجس التجاذبات السياسية بين القطبين الأميركي والصيني يرخي بثقله على المنظمة الدولية التي أقرت حزمة غير مسبوقة من الإصلاحات استعداداً للقيام بالدور المحوري الذي أجمعت الدول الأعضاء على إناطته بها للإشراف على إدارة الأزمات الصحية العالمية وتنسيق الجهود الدولية لمعالجتها.
ويعترف المسؤولون في المنظمة بأن الإصلاحات التي وصفها المدير العام تادروس أدحانوم غيبريسوس بأنها «تاريخية»، سيبقى تنفيذها رهن الموارد المالية التي هي بدورها مرهونة بتجاوب المنظمة مع مطالب الدول المانحة وشروطها، وفي طليعتها إجراء مرحلة ثانية من التحقيق المستقلّ لتحديد منشأ الوباء الذي ما زالت تخيّم عليه تساؤلات وشكوك عديدة.
حتى الآن ما زالت «قرينة البراءة» بالنسبة للفيروس؛ أي انتقاله بشكل عفوي من الحيوان إلى الإنسان، هي الراجحة في غياب أدلة تظهر العكس. وبما أن الدليل على المدّعي، فإن أصحاب نظرية تسرّبه من المختبر يواجهون صعوبة كبيرة في دعم موقفهم لافتقارهم إلى أدلة على ذلك.
لكن في المقابل، لم يعثر الباحثون بعد على «أداة الجريمة»؛ أي الحيوان الوسيط الذي انتقل عبره الفيروس من الخفّاش إلى الإنسان كما ترجّح أوساط علمية كثيرة. يضاف إلى ذلك أن أجهزة المخابرات الأميركية تسرّب معلومات منذ أسابيع عن امتلاكها معلومات ومواد كثيرة يمكن أن تبيّن نشوء الفيروس في أحد المختبرات الصينية. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أمهل هذه الأجهزة 3 أشهر لوضع تقرير نهائي حول منشأ الوباء، فيما كانت واشنطن تطلب رسمياً من منظمة الصحة الإسراع في إجراء تحقيق مستقل ومعمق وتدعو السلطات الصينية إلى التعاون بشفافية وتوفير البيانات والمواد الأصلية من غير قيود.
ومن الملاحظ أن مبادرة الإدارة الأميركية الحالية، التي تتبنى فرضية الإدارة السابقة بتوجيه أصابع الاتهام إلى الصين حول منشأ الفيروس، تلقى تجاوباً لدى عدد متزايد من المسؤولين والخبراء داخل المنظمة الدولية التي بدأت تستعد لجولة جديدة من التحقيق.
ويقول ستيفين غولدشتاين؛ خبير العلوم الوبائية المختص في فيروس «كورونا»، إنه لا يجوز علمياً استبعاد فرضية «المؤامرة»، لكن ليس بمعنى أن الفيروس تم تصنيعه في المختبر؛ بل إن انتقاله إلى الإنسان قد يكون حدث في المختبر بصورة عرضية. لكنه يعدّ أن تبدية هذه الفرضية على حساب تحديد المسرى الحيواني التقليدي للوباء، خطأ فادح.
وما يقلق الأوساط العلمية المهتمة بمعرفة حقيقة منشأ الفيروس، هو أنه بات من الصعب جداً حصر البحث والتحليل في الدائرة العلمية بعيداً عن التداعيات الجيوسياسية، خصوصاً أن ضبابية النظام الصيني وتكتمه الشديد لا يسهلان الإجابة عن كل الأسئلة المطروحة، فضلاً عن أن المنافسة المفتوحة بين واشنطن وبكين توفر أرضاً خصبة لظهور الفرضيات المتضاربة.
الذين يرجحون فرضية الانتقال العفوي من الحيوان إلى الإنسان يقولون إن هذه الظاهرة معروفة وسبق أن حدثت في المنطقة نفسها التي تكثر فيها الفيروسات التاجية التي يمكن أن تنتقل إلى البشر. ويذكّرون بأن تجار الحيوانات البرية في إقليم كانتون جنوب الصين يحملون معدلات عالية من مضادات الأجسام المشابهة لتلك التي تتولّد من الإصابة بـ«كوفيد». ويضيفون أن الشبهة الأساسية تقع على الخفّاش لأنه يحمل فيروساً يتماهى بنسبة 96 في المائة مع الفيروس الذي يتسبب في «كوفيد19».
ويقول أصحاب هذه النظرية إن الفيروس الأصلي الذي يحمله الخفّاش يحتاج لنحو 20 عاماً كي ينتقل إلى الإنسان، وعندما تحدث العدوى عبر حيوان وسيط، تقصر هذه الفترة وغالباً ما يطرأ تحوّر على الفيروس. لكن بما أن «كوفيد»، بعكس الفيروسات التاجية الأخرى، بدأ ينتشر بصمت من غير أن تظهر عوارض خطيرة في المراحل الأولى، كان من شبه المستحيل تحديد «المريض الأول»، وبالتالي تحديد الحيوان الوسيط لانتقاله. وعلى هذا الأساس خلصت بعثة التحقيق التي أوفدتها منظمة الصحة إلى الصين إلى أن فرضيّة الانتقال الطبيعي «محتملة جداً»، وأن فرضيّة التسرّب من المختبر «بعيدة الاحتمال».
أما الذين يرجّحون فرضيّة التسرّب من المختبر، فإنهم يقولون إن ما يدعم نظريتهم هو عدم وجود أدلة تؤكد الفرضيّة الأخرى. ومن بين المعلومات التي يستند إليها هؤلاء أن «معهد ووهان للعلوم الفيروسية» هو مركز مخصص للبحوث في الفيروسات التاجية، وأن أجهزة المخابرات الأميركية تؤكد أن 3 من خبراء المعهد نقلوا إلى المستشفى لإصابتهم بالتهابات رئوية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وأن تقاريرهم الطبية اختفت بعد ذلك، لكن السلطات الصينية تنفي هذه المعلومات.
يضاف إلى ذلك أن خبيرة الفيروسات الصينية، زينغلي لي شي، التي يطلق عليها لقب «الدكتورة خفّاش»، كانت جمعت آلاف العيّنات من الفيروسات التاجية الخفّاشية لإجراء بحوث عليها وتعديلها لزيادة قدرتها على السريان، ونشرت نتائجها عام 2015 في مجلة «Nature». وقد أثارت تلك النتائج يومها تحفظات شديدة في الأوساط العلمية، من بينها التحذير الذي صدر عن «معهد باستور» الفرنسي بأن ذلك الفيروس «إذا تسرّب من المختبر فلن يتمكّن أحد من التنبؤ بمساره».



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.