عزل «قاضي الحراك» يثير جدلاً سياسياً في الجزائر

مرزوق عرف بقيادة مظاهرات ضد التمديد للرئيس بوتفليقة

جانب من مظاهرات الحراك الذي دافع عنه رئيس نادي القضاة (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك الذي دافع عنه رئيس نادي القضاة (أ.ف.ب)
TT

عزل «قاضي الحراك» يثير جدلاً سياسياً في الجزائر

جانب من مظاهرات الحراك الذي دافع عنه رئيس نادي القضاة (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك الذي دافع عنه رئيس نادي القضاة (أ.ف.ب)

استنكر فريق من المحامين في الجزائر عزل رئيس «نادي القضاة»، سعد الدين مرزوق، بقرار أصدرته هيئة التأديب التابعة لـ«المجلس الأعلى للقضاء»، معتبرين الإجراء «عقاباً سياسياً يقف وراءه وزير العدل». وعرف مرزوق بانخراطه في الحراك الشعبي، الذي دفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة.
وقال محمد الهادي بريم، عضو الدفاع عن مرزوق أثناء مساءلته أول من أمس، في الدورة التأديبية للمجلس الأعلى للقضاء لـ«الشرق الأوسط»، إن القاضي الأربعيني المثير للجدل «دفع ثمن مواقفه السياسية من ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، ومن تسيير جهاز القضاء من طرف السلطة التنفيذية، عبر مقالات صحافية ومنشورات بشبكة التواصل الاجتماعي»، مؤكداً أن الأفعال المتابع بسببها بشكوى من وزير العدل «تضعه تحت طائلة القانون الأساسي للقضاء والمدونة الاخلاقية للقضاة، لكن فصله من جهاز القضاء قرار سياسي».
واتهم وزير العدل بلقاسم زغماتي رئيس «نادي قضاة الجزائر» (نقابة غير معتمدة) بـ«خرق واجب التحفظ باتخاذ مواقف سياسية، وذلك بتشجيع القضاة على رفض الإشراف على انتخابات 18 أبريل (نيسان) 2019، وكذلك انتخابات 4 يوليو (تموز) من العام نفسه (ألغيتا بضغط شعبي)، ومطالبته أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بالانضمام للحراك الشعبي، وتحريض القضاة على الإضراب في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتشويش على النقابة الوطنية للقضاة (النقابة الوحيدة المعتمدة في القطاع)، من خلال الطعن في اتفاقها مع وزارة العدل، وعرقلة سير العمل القضائي، وزعزعة مؤسسات الدولة، مع اقتراح متابعته جزائياً أمام المحاكم».
وطعن محامو مرزوق أثناء المرافعات، حسب بريم، في شرعية تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، ومن ثم هيئته التأديبية، على اعتبار أن ثمانية من أعضائها انتهت ولايتهم بالمجلس في مايو (أيار) 2020، حسبهم. كما انقضت مدة عضوية خمسة قضاة، ولم ينتخب بدلاً عنهم قضاة آخرون، وانتهت أيضاً عهدة 3 أعضاء من بين 6 في الفترة نفسها، ولم يعيَّن محلهم أعضاء جدد.
وأكد مرزوق، الذي سمي «قاضي الحراك»، في اتصال هاتفي أمس، أنه لم يندم على أي شيء يخص مواقفه في مجال الحريات واستقلال القضاء، «فقد كتبت مقالات نددت فيها بمسعى بوتفليقة تمديد حكمه، كما نددت بإرادة السلطة الهيمنة على القضاء دفاعاً عن استقلال القضاة المكرَّس دستورياً».
وكان «مجلس التأديب» قد عاقب قاضياً تابعاً للنيابة بإبعاده عن مكان عمله بالعاصمة إلى محكمة بالصحراء، يدعى أحمد بلهادي، وقد كتبت عنه الصحافة منذ عام عندما فجر جدلاً كبيراً بسبب تعاطفه مع نشطاء بالحراك، في حين أنه كان يمثل النيابة في جلسة محاكمتهم، وبالتالي كان منتظراً أن يرافع ضدهم. وقد أدى دور المحامي بشكل أثار استغراب محامي المتهمين أنفسهم، وانتقد وزارة العدل والسلطة بشكل عام، واتهمهما بـ«الضغط على القضاء لإصدار أحكام ضد المتظاهرين». وقد أثار ذلك حفيظة الوزير زغماتي.



الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

في تصعيد جديد للتوترات الصومالية - الإثيوبية، اتهمت حكومة مقديشو، أديس أبابا، بـ«تسليح ميليشيات بشكل غير قانوني»، في منطقة غوبالاند، بهدف «عرقلة استقرار البلاد، وتقويض الأمن، وإثارة الصراع الداخلي».

الاتهامات الجديدة، جاءت عقب إعلان الصومال، على لسان نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة، عبد الرحمن يوسف العدالة، رصد هبوط طائرتين إثيوبيتين، تحملان أسلحة غير قانونية، في مدينة كيسمايو (عاصمة إقليم غوبالاند)، في خطوة عدّها مراقبون صوماليون «إمعاناً من أديس أبابا للتدخل في الشأن الصومالي»، وحلقة جديدة من مسلسل التوترات بين البلدين، الذي أعقب توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع الإقليم الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف بالإقليم دولة مستقلة، وسط رفض الصومال ودول الجامعة العربية.

وأدان الصومال «إدخال» إثيوبيا أسلحة بشكل غير قانوني إلى داخل غوبالاند، وقال نائب وزير الإعلام إن «بلاده رصدت هبوط طائرتين تابعتين للخطوط الجوية الإثيوبية في مدينة كيسمايو، تحملان أسلحة غير قانونية، ونقلت أيضاً أشخاصاً إلى إثيوبيا، بينهم نائب رئيس ولاية غوبالاند السابق محمود سيد آدم، وبعض أنصاره».

وأشار العدالة، في مؤتمر صحافي الاثنين بمقديشو، إلى أن «التصرفات الإثيوبية تدعم الإرهابيين، وتخلق مؤامرات ضد الحكومة الصومالية»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا، منشغلة منذ فترة بالتدخل في أراضي الصومال، وتسليح ميليشيات لعرقلة استقراره»، منوهاً بأن «مقديشو اتخذت إجراءات صارمة لحماية البلاد، وأن كل من يوالي النظام الإثيوبي سيتم تقديمه للعدالة».

وتوترت العلاقة بين قادة ولاية غوبالاند مع الحكومة الفيدرالية بالصومال مؤخراً، على خلفيه عدم اعتراف الحكومة الفيدرالية بالانتخابات الرئاسية التي جرت بالإقليم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي فاز فيها أحمد مدوبي بولاية ثالثة.

ويعتقد نائب وزير الإعلام الصومالي، أن التحركات الإثيوبية، «تتعارض مع المحادثات المرتقبة بين البلدين (مقديشو وأديس أبابا)، بشأن أزمة الاتفاق مع إقليم (أرض الصومال)».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات لم تصل إلى اتفاق. بينما أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي «اعتزامه التوسط مع نظيره الأوغندي، يوري موسيفيني، لحل النزاع بين الصومال وإثيوبيا»، ولم يعلن الطرفان رسمياً التجاوب مع تلك المبادرة.

وتستهدف التحركات الإثيوبية الأخيرة «إشعال النزاعات الداخلية بالصومال، لضرب استقراره»، وفق تقدير رئيس حزب العدالة الصومالي ووزير الإعلام الأسبق، زكريا محمود الحاج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أديس أبابا تواصل تدخلها في الشأن الصومالي، بتسليح القبائل المتاخمة للحدود بين البلدين، وبعض المناطق الداخلية»، عادّاً أن «إثيوبيا لا تريد استقراراً داخلياً بالصومال».

وسبق أن اتهم الصومال، إثيوبيا، بـ«إرسال شحنة غير مرخصة من الأسلحة والذخيرة إلى ولاية بونتلاند»، في خطوة عدّتها «الخارجية» الصومالية في سبتمبر (أيلول) الماضي، «تشكل انتهاكاً لسيادة البلاد».

ويعتقد الحاج أن «وحدة وقوة الدولة الصومالية، ستحبطان مخطط إثيوبيا في إيجاد منفذ بحري لها، عبر الصومال»، مشيراً إلى أن «مقديشو تواجه التحركات الإثيوبية بمساعٍ جادة لدعم الوحدة والسيادة الكاملة على أراضيها»، إلى جانب «تعزيز تحالفاتها مع قوى إقليمية ودولية مثل مصر وتركيا، لدعم قدرات مؤسساتها».

وفي منظور وزير الإعلام الصومالي الأسبق، فإن «الصومال، ليس في حاجة لقوات تحارب معه، وإنما لدعم عسكري ولوجيستي لدعم قدراته العسكرية والأمنية».

ويتوقف خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، مع توقيت التحركات الإثيوبية الأخيرة داخل الصومال، مشيراً إلى أنها «تأتي في وقت مفترض أن تخرج فيه القوات الإثيوبية، المشاركة في بعثة حفظ السلام الأفريقية المنتهية ولايتها بنهاية العام الحالي، من الصومال»، عادّاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أديس أبابا، تستهدف افتعال مزيد من المشكلات للتأثير على مهمة البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الداخل الصومالي، والمقررة بداية العام المقبل».

ويرفض الصومال، مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهلت مقديشو، أديس أبابا، حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعدّ وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

ويرجح زهدي «تصعيد النزاع الصومالي - الإثيوبي خلال الشهر الحالي، قبل بدء مهام بعثة حفظ السلام الجديدة»، وقال إن «أديس أبابا تسعى لإثارة التوترات بما يتيح لها السيطرة على الوضع هناك»، ورأى أن «الخلاف بين الطرفين سيتخذ مستويات تصاعدية».