فشل مسعى لمقاضاة رئيسة الأرجنتين بتهمة حماية مسؤولين إيرانيين

القضاء رد دعوى ضد كيرشنر على خلفية تفجير المركز اليهودي في 1994

الرئيسة كيرشنر تتحدث خلال حفل أداء عدد من الوزراء الجدد القسم، وتزامنًا مع الحكم القضائي الذي رفض دعوى ضدها في بوينس آيرس مساء أول من أمس (أ.ب)
الرئيسة كيرشنر تتحدث خلال حفل أداء عدد من الوزراء الجدد القسم، وتزامنًا مع الحكم القضائي الذي رفض دعوى ضدها في بوينس آيرس مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

فشل مسعى لمقاضاة رئيسة الأرجنتين بتهمة حماية مسؤولين إيرانيين

الرئيسة كيرشنر تتحدث خلال حفل أداء عدد من الوزراء الجدد القسم، وتزامنًا مع الحكم القضائي الذي رفض دعوى ضدها في بوينس آيرس مساء أول من أمس (أ.ب)
الرئيسة كيرشنر تتحدث خلال حفل أداء عدد من الوزراء الجدد القسم، وتزامنًا مع الحكم القضائي الذي رفض دعوى ضدها في بوينس آيرس مساء أول من أمس (أ.ب)

رفض قاض أرجنتيني قضية مرفوعة ضد الرئيسة كريستينا كيرشنر بتهمة حماية مسؤولين إيرانيين من الملاحقة بسبب تفجير مركز يهودي في بوينس آيرس في 1994. وسعى مدعون إلى إعادة فتح قضية ضد كيرشنر كان رفعها زميلهم الراحل ألبيرتو نيسمان الذي توفي في ظروف غامضة الشهر الماضي بعد اتهام كيرشنر بحماية إيرانيين يشتبه في إصدارهم الأوامر بتنفيذ الهجوم الذي قتل 85 شخصا.
وأعلن القاضي دانيال رافيكاس مساء أول من أمس أن فريق الادعاء الذي تولى الملف من نيسمان فشل في توفير إثباتات كافية على ارتكاب كيرشنر جريمة، منتقدًا قضيتهم في قرار من 63 صفحة. وقال القاضي «رفضت القضية بسبب عدم ارتكاب أي جريمة. واضح أن أيا من الجرائم المفترضة التي طرحها (المدعي الرئيسي جيراردو) بوليسيتا في الطلب الذي رفعه إلى المحكمة ليس مثبتًا بأي شكل». وردا على تأكيد الادعاء أن كيرشنر سعت إلى إلغاء مذكرة توقيف صادرة عن الإنتربول بحق المشتبه بهم الإيرانيين، كتب القاضي أن «الإثباتات المجموعة لا تدعم نظرية الادعاء، بل إنها على العكس تنفيها». كما نفى مدير الإنتربول السابق أن يكون أي طلب مماثل حصل. وعين نيسمان قبل عقد للتحقيق مجددًا في قضية تفجير المركز اليهودي في الأرجنتين الذي أدى إلى إصابة 300 شخص بجروح إضافة إلى القتلى. واتهم نيسمان إيران بإصدار أوامر بتنفيذ الهجوم بالاستعانة بحزب الله اللبناني، الأمر الذي تنفيه الحكومة في طهران. وخلص المدعي الراحل لاحقًا إلى أن الاتفاق في 2013 بين الأرجنتين وإيران على تشكيل لجنة مشتركة لاستجواب المشتبه بهم كان مؤامرة لضمان عدم إحالتهم على القضاء.
وعثر على نيسمان ميتًا برصاصة واحدة في الرأس في حمام منزله في 18 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أربعة أيام على رفعه تقريرًا يتهم كيرشنر ووزير الخارجية هكتور تيمرمان وغيرهما من الشخصيات المقربة من الحكومة بحماية مسؤولين إيرانيين كبار بينهم الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، مقابل النفط وامتيازات تجارية أخرى.
وتوفي نيسمان عشية انعقاد جلسات في البرلمان كان يفترض أن يعرض فيها خلاصاته. ومنذ وفاته الذي اعتبر رسميًا انتحارًا، حامت الشكوك حول تدبير حكومة كيرشنر اغتياله. وأشارت الرئيسة إلى أن المدعي العام كان دمية في يد عناصر ممتعضين سابقين من الاستخبارات قتلوه لاحقًا لتشويه صورتها.
وتجمع أنصار كيرشنر حولها بعد صدور الحكم مساء أول من أمس، فيما كتب مساعدها، انيبال فيرنانديز، على «تويتر» أن «حكم القاضي رافيكاس يرتب الفوضى الهائلة التي أدخلت قضية نيسمان مستوى السخافة». وبدوره، كتب رئيس الإكوادور اليساري رافاييل كوريا على «تويتر»: «نهاية المهزلة».
وتواجهت كيرشنر مع أجهزة الاستخبارات وأقالت مسؤولين كبارًا في إدارة الاستخبارات الأرجنتينية وطرحت مسودة قانون لحلها. وأقرت المسودة في مجلس النواب صباح أول من أمس بتصويت 131 مقابل 71. واجتازت عقبتها الأخيرة في برلمان تتمتع فيه كيرشنر بأغلبية مريحة. وينص القانون الذي ستوقعه كيرشنر في الأيام المقبلة على حل جهاز الاستخبارات الحالي وإنشاء جهاز بدلا منه يسمى وكالة الاستخبارات الفيدرالية. وبررت كيرشنر قرارها بأن الأمانة العامة للاستخبارات ما زالت تعتمد عملاء ووسائل تعود إلى فترة الحكم الديكتاتوري في الأرجنتين في 1976 - 1983. وكان جهاز الاستخبارات تورط في فضيحة تتعلق بالتنصت من أجل ابتزاز قضاة ومدعين وشخصيات أخرى ذات نفوذ. واستند نيسمان في اتهاماته لكيرشنر ووزير خارجيتها إلى تسجيلات تنصت تستغرق مئات الساعات. وبعد إثارة نيسمان الشبهات حول الرئيسة، سلطت الحكومة الأضواء على أنتونيو ستيوسو الذي أقيل من منصب رئيس عمليات الأمانة العامة للاستخبارات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. واتهمت كيرشنر الجاسوس السابق بتزويد نيسمان بمعلومات خاطئة مقترحة أنه وراء قتل المدعي العام. والثلاثاء الماضي، اتهمت الحكومة ستيوسو بإدارة شبكة تهريب والتهرب الضريبي. ويطالب نواب المعارضة بإصلاح جهاز الاستخبارات منذ فترة، لكنهم انتقدوا القانون الجديد معتبرين أنه خطوة من كيرشنر لتحويل الاهتمام عن قضية نيسمان.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.