الحديد مؤشر للبحث عن كواكب صالحة للحياة

رصده يحدد احتمالات وجود الماء السائل والغلاف الجوي فيها

TT

الحديد مؤشر للبحث عن كواكب صالحة للحياة

حدد علماء الفلك أكثر من 4 آلاف كوكب خارج المجموعة الشمسية، لكن جزءاً منها فقط يمكن أن يحتفظ بعلامات على وجود الحياة.
الآن، يستخدم بحث جديد من «جــامعــة بــريتش كولومبيــا أوكــانــاجـان» بكندا، نشر في 4 مايو (أيار) 2021، بدورية «رسائل مجلة الفيزياء الفلكية»، جيولوجيا تكوين الكواكب المبكرة، للمساعدة في تحديد تلك التي قد تكون قادرة على دعم الحياة.
يقول الدكتور بريندان ديك، أستاذ الجيولوجيا المساعد في كلية إيرفينغ باربر للعلوم وقائد الفريق البحثي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع الدراسة «اكتشاف أي كوكب مثير جداً، لكن الجميع تقريباً يريد أن يعرف ما إذا كانت هناك كواكب أصغر شبيهة بالأرض وبها نوى حديدية تشير لوجود حياة. ونأمل عادة في العثور على هذه الكواكب فيما يسمى بـ(المنطقة الصالحة للسكن)، حيث تكون الكواكب على مسافة مناسبة من نجومها لدعم المياه السائلة على أسطحها».
وبينما يُعد تحديد موقع الكواكب في المنطقة الصالحة للسكن طريقة رائعة لفرز الآلاف من الكواكب المرشحة، إلا أنه لا يكفي تحديد ما إذا كان هذا الكوكب صالحاً للسكن حقاً، كما يؤكد ديك. ويشرح قائلاً «مجرد احتواء كوكب صخري على مياه سائلة لا يعني ذلك، فعند إلقاء نظرة صحيحة على نظامنا الشمسي، يقع المريخ أيضاً داخل المنطقة الصالحة للسكن، ورغم أنه كان يدعم المياه السائلة في السابق، فإنه جف منذ فترة طويلة، وبالتالي تأتي أهمية الجيولوجيا وتشكيل هذه الكواكب الصخرية في تضييق نطاق البحث».
ويضيف الباحث «تُظهر النتائج التي توصلنا إليها أنه إذا عرفنا كمية الحديد الموجودة في وشاح كوكب ما، فيمكننا التنبؤ بمدى سماكة قشرته، وبالتالي، ما إذا كان هناك ماء سائل وغلاف جوي موجودان، وهي طريقة أكثر دقة لتحديد عوالم جديدة محتملة شبيهة بالأرض بدلاً من الاعتماد على موقعها في المنطقة الصالحة للسكن وحدها».
ويوضح ديك «في أي نظام كوكبي معين، تشترك جميع الكواكب الصخرية الأصغر في شيء واحد - فجميعهم لديهم نسبة الحديد نفسها مثل النجم الذي يدورون حوله، وما يميزها هو مقدار هذا الحديد الموجود في الوشاح مقابل اللبّ».
وعندما يتشكل الكوكب، فإن تلك التي لديها نواة أكبر ستشكل قشوراً أرق، في حين أن تلك التي لديها نوى أصغر تشكل قشوراً سميكة غنية بالحديد مثل المريخ، وسيحدد سمك القشرة الكوكبية بعد ذلك ما إذا كان بإمكان الكوكب دعم الصفائح التكتونية ومقدار الماء والغلاف الجوي، وهما مكونان أساسيان للحياة كما نعرفها.
يقول الدكتور ديك «في حين أن مدار كوكب ما قد يقع داخل المنطقة الصالحة للسكن، فإن تاريخ تكوينه المبكر قد يجعله في النهاية صالحاً للسكن. والخبر السار هو أنه مع وجود أساس في الجيولوجيا، يمكننا معرفة ما إذا كان كوكب ما سيدعم المياه السطحية قبل التخطيط لبعثات فضائية مستقبلية».
وفي وقت لاحق من هذا العام في مشروع مشترك مع وكالة «ناسا» ووكالة الفضاء الكندية ووكالة الفضاء الأوروبية، سيتم إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي، ويصف الدكتور ديك هذه الفرصة الذهبية لاستخدام النتائج التي توصل إليها بشكل جيد.
يقول ديك «أحد أهداف التلسكوب هو استكشاف الخصائص الكيميائية لأنظمة الكواكب خارج الطاقة الشمسية، وستكون قادرة على قياس كمية الحديد الموجودة في هذه العوالم الفضائية وتعطينا فكرة جيدة عن الشكل الذي قد تبدو عليه أسطحها وقد تقدم أيضا تلميحاً عما إذا كانت موطناً للحياة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية
TT

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

كشف باحثون لدى جامعة «تسوكوبا» في اليابان آلية رئيسية تُسهم في خلل وظائف الخلايا التنظيمية التائية (المناعية) لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي في مرحلة الشيخوخة، الأمر الذي يُلقي الضوء على سبب عدم التحكم بشكل كافٍ في الاستجابات (ردود الفعل) المناعية للجسم لدى هؤلاء المرضى.

ضعف الخلايا المناعية

وتشير الدراسة التي نُشرت في مجلة «Clinical Immunology» في 2 سبتمبر (أيلول) 2024، برئاسة إيساو ماتسوموتو بقسم أمراض الروماتيزم لدى معهد الطب في الجامعة، إلى أنه في حين أن الخلايا التائية التنظيمية المسؤولة عادة عن قمع الاستجابات المناعية تكون أكثر وفرة في مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي «rheumatoid arthritis» في مرحلة الشيخوخة، مقارنة بحالات التهاب المفاصل الروماتويدي الأصغر سناً؛ فإن وظيفتها القمعية تقل بصورة ملحوظة.

ويرتبط هذا الضعف بالتغيرات في النشاط الأيضي وزيادة التعبير عن بروتين موت الخلية المبرمج (PD - 1) «Programmed cell death protein» في الخلايا التائية التنظيمية داخل البيئة المصابة بالتهاب المفاصل.

بروتين موت الخلية المبرمج

وبروتين موت الخلية المبرمج هو بروتين مشفر في البشر، بوساطة جين يُدعى «PDCD1»، وهو مستقبِل سطح الخلية على الخلايا التائية الذي يؤدي دوراً في تنظيم استجابة الجهاز المناعي إلى خلايا جسم الإنسان عن طريق تثبيط الجهاز المناعي وتعزيز تحمل الذات، بوساطة قمع النشاط الالتهابي للخلايا التائية، وهو ما يمنع الأمراض المناعية الذاتية؛ لكنه يمكن أن يمنع أيضاً الجهاز المناعي من قتل الخلايا السرطانية.

التهاب المفاصل الروماتويدي

أحد أمراض المناعة الذاتية المزمنة والجهازية بطبيعته التي تؤدي بالجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل مسببة التهابها وتدميرها. ويشير مرض المناعة الذاتية إلى مهاجمة جهاز المناعة والدفاع الطبيعي بالجسم أنسجته السليمة عن طريق الخطأ.

ومن الممكن أيضاً أن يدمّر جهاز المناعة أعضاء أخرى في الجسم، مثل الرئتين والجلد، وفي بعض الحالات يسبّب المرض الإعاقة، مؤدية إلى فقدان القدرة على الحركة والإنتاجية، ويرتبط لاحقاً بالإعاقة المبكرة.

خلل الخلايا التائية التنظيمية

وتُعرف هذه الخلايا سابقاً باسم الخلايا التائية الكابتة «suppressor T cells»، وهي مجموعة فرعية من الخلايا التائية التي تعدّل الجهاز المناعي، وتحافظ على تحمّل المستضدات الذاتية. كما أنها مثبطة للمناعة وتمنع أمراض المناعة الذاتية، ولذا فإن أي خلل فيها يؤدي إلى احتمال الإصابة بتلك الأمراض.

بالإضافة إلى تضاؤل قدرة الأشخاص الوظيفية في مرحلة الشيخوخة على قمع الاستجابات المناعية، وجد الباحثون أن إشارات «الإنترفيرون» من النوع الأول المعززة قد أسهمت في خلل وظائف الخلايا التائية التنظيمية في التهاب المفاصل الروماتويدي. وقد أدى مسار الإشارات هذا إلى تقليل وظيفة الخلايا المثبطة؛ ما أدى إلى تفاقم الالتهاب. وأصبح نشاطها الأيضي متغيراً، بما في ذلك انخفاض معدلات استهلاك الأكسجين، وهو ما يشير إلى ضعف الوظيفة الخلوية.

وحدّدت الدراسة مجموعات مميزة من الخلايا التائية التنظيمية لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي المسنين، مقارنة بالمرضى الأصغر سناً، وهو فرق لم يُلاحظ لدى الأفراد الأصحاء، وهذا يشير إلى التغيرات المرتبطة بالعمر في وظيفة الخلايا التائية التنظيمية الخاصة بالبيئة المصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.

استراتيجيات علاجية

ويسلّط البحث الضوء على أهمية فهم التغيرات المناعية المرتبطة بالعمر في تطوير استراتيجيات علاج أفضل لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي لدى المسنين؛ إذ إن العلاجات الحالية التي تستهدف الالتهاب بصورة عدوانية قد تؤدي إلى تفاقم المضاعفات، مثل: العدوى، والتهاب الأعضاء، والسرطان.

ويفتح هذا البحث آفاقاً جديدة لاستهداف خلل الخلايا التنظيمية وإشارات «الإنترفيرون» من النوع الأول في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي. إن تطوير العلاجات التي تعدّل هذه المسارات بصفة خاصة يمكن أن يساعد في تحسين التنظيم المناعي وتقليل عبء العلاجات العدوانية للمرضى المسنين المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي.