الحديد مؤشر للبحث عن كواكب صالحة للحياة

رصده يحدد احتمالات وجود الماء السائل والغلاف الجوي فيها

TT

الحديد مؤشر للبحث عن كواكب صالحة للحياة

حدد علماء الفلك أكثر من 4 آلاف كوكب خارج المجموعة الشمسية، لكن جزءاً منها فقط يمكن أن يحتفظ بعلامات على وجود الحياة.
الآن، يستخدم بحث جديد من «جــامعــة بــريتش كولومبيــا أوكــانــاجـان» بكندا، نشر في 4 مايو (أيار) 2021، بدورية «رسائل مجلة الفيزياء الفلكية»، جيولوجيا تكوين الكواكب المبكرة، للمساعدة في تحديد تلك التي قد تكون قادرة على دعم الحياة.
يقول الدكتور بريندان ديك، أستاذ الجيولوجيا المساعد في كلية إيرفينغ باربر للعلوم وقائد الفريق البحثي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع الدراسة «اكتشاف أي كوكب مثير جداً، لكن الجميع تقريباً يريد أن يعرف ما إذا كانت هناك كواكب أصغر شبيهة بالأرض وبها نوى حديدية تشير لوجود حياة. ونأمل عادة في العثور على هذه الكواكب فيما يسمى بـ(المنطقة الصالحة للسكن)، حيث تكون الكواكب على مسافة مناسبة من نجومها لدعم المياه السائلة على أسطحها».
وبينما يُعد تحديد موقع الكواكب في المنطقة الصالحة للسكن طريقة رائعة لفرز الآلاف من الكواكب المرشحة، إلا أنه لا يكفي تحديد ما إذا كان هذا الكوكب صالحاً للسكن حقاً، كما يؤكد ديك. ويشرح قائلاً «مجرد احتواء كوكب صخري على مياه سائلة لا يعني ذلك، فعند إلقاء نظرة صحيحة على نظامنا الشمسي، يقع المريخ أيضاً داخل المنطقة الصالحة للسكن، ورغم أنه كان يدعم المياه السائلة في السابق، فإنه جف منذ فترة طويلة، وبالتالي تأتي أهمية الجيولوجيا وتشكيل هذه الكواكب الصخرية في تضييق نطاق البحث».
ويضيف الباحث «تُظهر النتائج التي توصلنا إليها أنه إذا عرفنا كمية الحديد الموجودة في وشاح كوكب ما، فيمكننا التنبؤ بمدى سماكة قشرته، وبالتالي، ما إذا كان هناك ماء سائل وغلاف جوي موجودان، وهي طريقة أكثر دقة لتحديد عوالم جديدة محتملة شبيهة بالأرض بدلاً من الاعتماد على موقعها في المنطقة الصالحة للسكن وحدها».
ويوضح ديك «في أي نظام كوكبي معين، تشترك جميع الكواكب الصخرية الأصغر في شيء واحد - فجميعهم لديهم نسبة الحديد نفسها مثل النجم الذي يدورون حوله، وما يميزها هو مقدار هذا الحديد الموجود في الوشاح مقابل اللبّ».
وعندما يتشكل الكوكب، فإن تلك التي لديها نواة أكبر ستشكل قشوراً أرق، في حين أن تلك التي لديها نوى أصغر تشكل قشوراً سميكة غنية بالحديد مثل المريخ، وسيحدد سمك القشرة الكوكبية بعد ذلك ما إذا كان بإمكان الكوكب دعم الصفائح التكتونية ومقدار الماء والغلاف الجوي، وهما مكونان أساسيان للحياة كما نعرفها.
يقول الدكتور ديك «في حين أن مدار كوكب ما قد يقع داخل المنطقة الصالحة للسكن، فإن تاريخ تكوينه المبكر قد يجعله في النهاية صالحاً للسكن. والخبر السار هو أنه مع وجود أساس في الجيولوجيا، يمكننا معرفة ما إذا كان كوكب ما سيدعم المياه السطحية قبل التخطيط لبعثات فضائية مستقبلية».
وفي وقت لاحق من هذا العام في مشروع مشترك مع وكالة «ناسا» ووكالة الفضاء الكندية ووكالة الفضاء الأوروبية، سيتم إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي، ويصف الدكتور ديك هذه الفرصة الذهبية لاستخدام النتائج التي توصل إليها بشكل جيد.
يقول ديك «أحد أهداف التلسكوب هو استكشاف الخصائص الكيميائية لأنظمة الكواكب خارج الطاقة الشمسية، وستكون قادرة على قياس كمية الحديد الموجودة في هذه العوالم الفضائية وتعطينا فكرة جيدة عن الشكل الذي قد تبدو عليه أسطحها وقد تقدم أيضا تلميحاً عما إذا كانت موطناً للحياة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الخفافيش قد تحمل السرّ لحياةٍ أفضل وأطول

الخفافيش قد تحمل السرّ لحياةٍ أفضل وأطول
TT

الخفافيش قد تحمل السرّ لحياةٍ أفضل وأطول

الخفافيش قد تحمل السرّ لحياةٍ أفضل وأطول

في عالم لينفا وانغ المثالي... البشر يشبهون الخفافيش

البشر والخفافيش

لا يتخيّل وانغ، عالم الكيمياء الحيوية وخبير الأمراض حيوانية المنشأ، البشر ينفضون أجنحتهم في السماء أو يستخدمون الصدى لتحديد موقع أفضل شطيرة برغر في المدينة، وهو لا يقصد «أن يعيش البشر كالخفافيش»، بل أن يستلهموا من فيسيولوجيتها الغريبة جوانبَ لتحسين وإطالة حياتهم. يقول وانغ: «قد لا يبدو الأمر واضحاً عليها، ولكنّ الخفافيش هي الثديات الأكثر صحّة على وجه الأرض».

قد يبدو هذا الأمر صعب الإقناع نظراً إلى سجلّ الخفافيش الحديث والطويل؛ ففي العقود الثلاثة الماضية، من عام 1994، عندما انتقل «فيروس هيندرا (Hendra virus)» إلى البشر، وحتّى 2019، عند تفشّي «سارس كوف2»، كانت الخفافيش منشأً لنحو 5 أوبئة قاتلة انتقلت إلى البشر من الحياة البريّة.

لكنّ الخفافيش نفسها نادراً ما تمرض، حيث إنّ فيروسات مثل «إيبولا (Ebola)»، و«نيباه (Nipah)»، و«ماربورغ (Marburg)» والفيروسات التاجية بأنواعها، لا تؤثر فيها على الإطلاق، حتّى إنّها قادرة على النجاة من داء الكلب، الذي تصل نسبة الوفاة منه إلى 100 في المائة بين البشر إذا لم يعالَج.

آليات مطورة لتحدي الموت

تشرح إيمّا تيلينغ، عالمة الأحياء المختصة في الخفافيش من «كلية دبلن الجامعية» وتعمل مع وانغ، أنّ «الخفافيش طوّرت آليات للحدّ من ضرر المرض».

تذهب قدرة هذه المخلوقات على تحدّي الموت أبعد من ذلك بكثير. يُمضي بعض الأنواع الآكلة للرحيق منها سنوات في رفع مستوى السكر في دمها إلى الدرجة التي تتسبب في غيبوبة سكرية للبشر، ومع ذلك، لا يظهر عليها ما يشير إلى إصابتها بالسكري. وتشير الأبحاث إلى أنّ بعضها الآخر يعيش حتّى 41 عاماً في العراء؛ أي أطول بعشر مرّات من العمر المتوقّع للثديات التي تماثلها حجماً، ومن دون التعرض للإصابة بالسرطان أو تدنّي مستوى الخصوبة.

وقد حصل وانغ وتيلينغ وزملاؤهما أخيراً على منحة بقيمة 13 مليون دولار من «مجلس البحوث الأوروبي» لمحاولة تكوين فهمٍ أفضل لهذه القدرات الخفاشية وكيف يمكنها أن تساعد المخلوقات الأخرى.

ابتكار «الإنسان ـ الخفاش»

بدأ فريق وانغ باختبار بعض أفكاره بإخضاع «خفّاش - فأر (bat - mouse)» سليم ومقاوم للأمراض، إلى هندسة جينية. لا يزال وانغ وفريقه على بعد سنواتٍ من ابتكار «الإنسان الخفّاش»، ولكنّهم واثقون بأنّ هذه الأفكار ستكون يوماً ما مصدراً لعلاجات جديدة للبشر لمحاربة السكريّ، وكبح الأمراض المُعدية، وحتّى لإطالة أمد الحياة.

عملياً؛ يبدو الطيران، أو على الأقلّ تأثيره المتطوّر على جسد الخفّاش، العامل الرئيسي في تفوّق صحّة هذه المخلوقات. ويعدّ الطيران من خيارات التنقّل الأكثر مشقّة على مستوى استهلاك الطاقة، فعندما تحلّق الخفافيش؛ يرتفع مستوى التمثيل الغذائي لديها 15 أو 16 مرّة أكثر ممّا هو عليه في أوقات راحتها، ويعلو نبض قلبها إلى ما فوق الألف ضربة في الدقيقة، وتتجاوز درجة حرارة جسمها 40 درجة مئوية تدفع بها إلى حالة من الحمّى المرضية.

وإذا تخيّلنا أيّ نوعٍ آخر من الثديات في هذا الوضع، فلا شكّ في أنّ جسده سيكون منهكاً من الالتهاب الحادّ.

للتعامل مع هذا النوع الهدّام من الحركة، طوّرت الخفافيش دفاعين أساسيين: الأول هو مهارتها العالية في الحفاظ على هدوئها الجسدي؛ إذ حتّى عندما تُدفع هذه المخلوقات إلى أقصى درجات الإجهاد، فإن أجسامها تحافظ على درجة حرارة معقولة. ولعلّ السبب في ذلك هو افتقار الخفافيش إلى بعض الآليات الجزيئية التي تشغّل هذه الأنظمة.

بمعنى آخر، تعاني الخفافيش من ضرر أقلّ بعد تعرّض أجسامها للضغوط. وعند وقوع الضرر، تملك الخفافيش حيلة أخرى: تبدو خلاياها ذات كفاءة على نحو لا يُصدّق في الصيانة والإصلاح السريع لحمضها النووي المتضرّر.

تخفيف الأضرار الجسديةويشير وانغ وتيلينغ إلى أنّ هذه الاستراتيجيات تساهم أيضاً في تخفيف أضرار جسدية أخرى. يحدث السرطان لدى البشر بعد ظهور أخطاء في أجزاء محدّدة من الرمز الجيني. وعلى المستوى الجزيئي، يعدّ التقدّم في السنّ النتيجة الأساسية لمراكمة الخسائر والمشكلات الخلوية على مدار السنوات.

أما لدى الخفافيش، فالضغط هو الضغط، مما يعني أنّ الأسباب الرئيسية لهذه المشكلات الصحية المزمنة قد يحلها الطيران وكل الإجهاد المرتبط به. بمعنى آخر، فإنّ الحلول التي تسمح لجسد الخفّاش بالطيران بسلاسة في الجوّ قد تساعد في حلّ مشكلاته الصحية على امتداد سنوات حياته. فبينما يتراجع أداء البشر في تصحيح الأضرار مع التقدّم في السنّ، تشهد قدرات الخفافيش تحسناً مطرداً، على حدّ تعبير تيلينغ.

درء عدوى الأمراض

قد تساعد هذه المعلومات في شرح سبب حسن استضافة الخفافيش مسبّبات الأمراض التي تقتل البشر.

ولدى الإنسان، فإن أعلى أخطار الأمراض المُعدية تحدث بسبب استجابة الجسم البشري المفرطة للالتهابات. وهذه الاستجابة تشكّل خطراً أكبر من أيّ ضررٍ قد يسبّبه مسبّب المرض المعدي نفسه لخلايا الجسم البشري. تشبه دفاعاتنا القنابل المثبّتة على أبواب منازلنا، أي إنّها قادرة على القضاء على المحتلّين، ولكن بتكلفة عالية جداً لجسدنا.

في المقابل؛ تملك الخفافيش عتبة حماية مرتفعة قبل اشتعال الالتهاب؛ إلى درجة أنّ كثيراً من الفيروسات تبدو قابلة لسكن خلاياها من دون التسبّب في تلك الدرجة من الدمار.

خلال التجارب المخبرية، حقن العلماء الخفافيش بفيروسات كثيرة حتّى فاضت أنسجتها (وصلت إلى 10 ملايين وحدة من فيروس «إيبولا» في الملّيمتر الواحد من المحلول، و10 ملايين وحدة من فيروس «كورونا» في الغرام بالرئة)، ومع ذلك، لم يستطع الباحثون رصد مشكلات خطرة في صحّة الخفافيش. ويعدّ توني تشاونتز، الخبير في مناعة الخفافيش من جامعة ولاية كولورادو، أنّ الخفافيش وفيروساتها حقّقت حالةً من «الانفراج المناعي (an immunological detente)».

ولكنّ هذه المستويات الهائلة من الفيروسات ليست الحالة المفضّلة للخفافيش طبعاً، حيث إنّ أجسادها بارعة جداً في كبح تكاثر الفيروسات بشكلٍ استباقي. يعود هذا الأمر في جزءٍ منه إلى أنّ بعض أنواع الخفافيش تملك «أجزاءً في نظامها الدفاعي» دائمة النشاط، وفق وانغ، الذي يسمّيها «جهوزية المعركة». إذن؛ عندما يظهر مسبّب مرضٍ ما، يتصادم مع مضيف سبق أن جهّز نفسه ببروتينات قويّة وحاضرة لعرقلة دورة حياة الفيروس، وبالتّالي، منع الجرثومة من الخروج عن السيطرة.

عدوى عابرة للخفاش مدمرة للإنسان

الفكرة هنا هي أنّ الفيروسات طوّرت نفسها لترقى إلى مستوى حيل الخفافيش، وارتقت لتصبح أقوى خلال محاولاتها الاختراق والتكاثر، ومن ثمّ الانتشار بين خلايا الخفّاش المحصّنة. هذا الهجوم بمقياس الخفافيش، وفق كارا بروك، العالمة البيئية المختصة في الأمراض، قد يكون مفرطاً لدى البشر الذي يفتقرون إلى هذا المستوى من الدفاعات، وقد يساعد هذا الأمر في شرح الضرر الذي تسبّبه لنا الفيروسات التي تنشأ في الخفافيش. باختصار، العدوى التي تمرّ مرور الكرام لدى الخفّاش قد تشعل فوضى عارمة لدى الإنسان.

يقترح وانغ في واحدة من أفكاره للتعامل مع هذا النوع من التفاوت في ضيافة مسببات المرض، أن تُستخدم أدوية تخفّف قليلاً من حدّة استجاباتنا المناعية؛ أي أن نصبح أشبه قليلاً بالخفّاش. وأضاف أنّ هذه الخطوة من شأنها أيضاً أن تخفّض خطر المناعة الذاتية، وحتّى أن تؤخّر الشيخوخة أو بضعة أنواع من الأمراض الأيضية المزمنة. يذكر أنّ «الخفاش - الفأر» الذي هندسه هو وفريقه للتعبير عن جينة معيّنة تكبح الالتهاب في الخفاش، هو من تجاربه، وأظهر في النتائج قوّة أكبر في مواجهة الإنفلونزا، و«سارس كوف2»، وحتّى النقرس.

* «ذي أتلانتيك أونلاين»

- خدمات «تريبيون ميديا» «الإنسان الخفّاش» سيشكل مصدراً لعلاجات جديدة لمحاربة السكريّ وكبح الأمراض المُعدية


مخاطر تواجه «دلتا الأنهار» تتجاوز «التغيرات المناخية»

دلتا نهر النيل تعاني من الكثافة السكانية المرتفعة
دلتا نهر النيل تعاني من الكثافة السكانية المرتفعة
TT

مخاطر تواجه «دلتا الأنهار» تتجاوز «التغيرات المناخية»

دلتا نهر النيل تعاني من الكثافة السكانية المرتفعة
دلتا نهر النيل تعاني من الكثافة السكانية المرتفعة

يشكل تغير المناخ تهديداً مباشراً لدلتا الأنهار الساحلية التي تُعد موطناً لأكثر من نصف مليار شخص حول العالم، ويعرضها لمخاطر، أبرزها غرق أجزاء كبيرة من هذه المناطق، بالإضافة لزيادة حدة الأعاصير والعواصف الشديدة، وتغيرات في أنماط هطول الأمطار، ما يؤدي لهجرة السكان وفقدان الأراضي الزراعية والمياه العذبة، هذا غير الخسائر الاقتصادية الكبيرة وانتشار الأمراض.

لكن يبدو أن دلتا الأنهار الساحلية معرضة لما هو أكثر من تغير المناخ، ففي دراسة فريدة تغطي 49 منطقة دلتا على مستوى العالم، بما في ذلك دلتا شهيرة مثل دلتا نهر النيل والميكونغ والميسيسيبي، حدّد باحثون من جامعتي لوند السويدية وأوتريخت الهولندية، المهددات المستقبلية المحتملة الأكثر خطورة على مناطق الدلتا، على مدار الـ80 عاماً المقبلة.

وكشفت الدراسة المنشورة بالعدد الأخير من دورية «Global Environmental Change» أن مناطق الدلتا تواجه مخاطر متعددة، أبرزها النمو السكاني وسوء الإدارة البيئية، وهذا يشكل خطراً على استدامة مناطق الدلتا الآسيوية والأفريقية على وجه الخصوص.

ودلتا الأنهار الساحلية هي مناطق منخفضة من الأرض تتشكل عند مصب النهر، وغالباً ما تكون هذه المناطق مكتظة بالسكان وغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الأراضي الزراعية والمياه العذبة ومصائد الأسماك، والتنوع البيولوجي.

عوامل الخطر

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يقول الباحث الرئيسي للدراسة في مركز جامعة لوند لدراسات الاستدامة، الدكتور موراي سكون: «قمنا بتحليل كيفية تغير 13 عامل خطر في ظل 5 سيناريوهات مستقبلية مختلفة، في 49 دلتا نهر ساحلية حول العالم. وتشمل أبرز عوامل الخطر هبوط الأرض، وارتفاع مستوى سطح البحر المرتبط بالمد والجزر والعواصف، والتغيرات في الأنظمة الهيدرولوجية، والرواسب في الأنهار عند المنبع، وزيادة الكثافة السكانية، والقدرة الاقتصادية والحكومية على التكيف.

ويضيف: «وجدنا أن جميع عوامل الخطر يمكن أن تزيد في ظل جميع السيناريوهات المستقبلية، ولكن عوامل الخطر الرئيسية تختلف بين مناطق الدلتا وبين السيناريوهات. على سبيل المثال: في مناطق الدلتا مثل نهر النيل في مصر، ونهر النيجر في نيجيريا، أو نهر الغانج في بنغلاديش، أو اللؤلؤة في الصين، تكون الكثافة السكانية مرتفعة للغاية، وتزداد في المستقبل في ظل سيناريوهات معينة، ومن المحتمل أن تعرض هذه الكثافة السكانية العالية عدداً كبيراً من الأشخاص لخطر الفيضانات، أو غيرها من المخاطر».

لكن في المقابل، في مناطق الدلتا الأخرى، مثل نهر ميكونغ (فيتنام)، والميسيسيبي (الولايات المتحدة)، وكريشنا وجودافاري (الهند)، والتي لا تتمتع بكثافة سكانية عالية مثل نهر النيل، يعد هبوط الأرض والارتفاع النسبي لمستوى سطح البحر من بين عوامل الخطر الرئيسية.

ونوه بأنه غالباً ما يرتبط هبوط الأرض باستخراج المياه الجوفية لأغراض الري على سبيل المثال. وتشكل مستويات سطح البحر الشديدة الارتفاع أيضاً عوامل خطر كبيرة في بعض مناطق الدلتا، وخصوصاً نهر هان (كوريا)، وكولورادو (المكسيك)، ويانغتسي (الصين)، والراين (هولندا).

من ناحية أخرى، تواجه بعض مناطق الدلتا عوامل خطر مجتمعية عالية، بسبب الافتقار للقدرة المالية أو غيرها من القدرات على التكيف، أو عدم فعالية الحكومات في إدارة المخاطر. ومثل هذه العوامل الاجتماعية تثير القلق. على سبيل المثال: في دلتا إيراوادي (ميانمار) والكونغو (أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية)، وفق سكون.

وبتحليل جميع العوامل معاً، أشار سكون إلى أن مناطق الدلتا الآسيوية الكبرى معرضة للخطر الأكبر، مع عواقب مدمرة محتملة على الملايين من الناس، وعلى البيئة بسبب النمو السكاني، والاستخدام المكثف للأراضي الزراعية، والارتفاع النسبي لمستوى سطح البحر، وتأخر الاستعداد للتكيف. ورأى أن المخاطر التي تتعرض لها مناطق الدلتا ستزداد بمرور الوقت، لذا فقد حان الوقت الآن لكي تتخذ الحكومات الإجراءات اللازمة.

حلول مقترحة

وعن الحلول المقترحة لمواجهة تلك المخاطر، أشار سكون إلى أن حكومات البلدان التي تقع فيها مناطق الدلتا لديها القدرة على معالجة كثير من عوامل الخطر؛ لكنها سوف تحتاج لترتيب أولوياتها بشكل مختلف. على سبيل المثال: عندما يشكل هبوط الأراضي عاملاً مساهماً أكبر من ارتفاع مستوى سطح البحر على مستوى العالم، فمن الممكن أن تستهدف الحلول تنظيم استخراج المياه الجوفية، فضلاً عن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.

وعندما تكون المخاطر الرئيسية هي ارتفاع مستويات سطح البحر إلى مستويات شديدة، فيمكن اتخاذ تدابير الحماية وتطوير أنظمة الإنذار المبكر عند اقتراب العواصف والمد والجزر. أما عندما تكون العوامل الاجتماعية هي القضايا الرئيسية للتكيف، فقد تكون هناك حاجة إلى التعاون والدعم الدوليين، وسيكون التعاون الدولي ضرورياً أيضاً لمعالجة المشكلات، عندما تتسبب التغييرات في هيدرولوجيا أحواض الأنهار في بلدان المنبع في حدوث مخاطر في بلدان الدلتا.

ونوّه بأن البيانات التي توصل إليها الباحثون متاحة للجمهور، جنباً إلى جنب مع الدراسة البحثية، لذلك يمكن لواضعي السياسات ومديري المخاطر والباحثين وغيرهم استكشاف السيناريوهات المستقبلية المختلفة في الدلتا الخاصة بهم، ويأمل أن تساعد هذه السيناريوهات في توجيه عملية صنع القرار في مناطق الدلتا.

ورأى أن التعاون المستمر بين الباحثين العاملين في مجال مخاطر الدلتا، وصناع القرار الذين يديرون تلك المخاطر، وسكان الدلتا المحتمل تعرضهم للمخاطر، يعد أمراً مهماً في المستقبل.


انتشار تناول حبوب الميلاتونين للنوم بين الأطفال

انتشار تناول حبوب الميلاتونين للنوم بين الأطفال
TT

انتشار تناول حبوب الميلاتونين للنوم بين الأطفال

انتشار تناول حبوب الميلاتونين للنوم بين الأطفال

أصبح الاستخدام المنتظم للميلاتونين لمساعدة الأطفال على النوم «شائعاً للغاية»؛ حيث يستخدمه ما يقرب من واحد من كل 5 مراهقين (بنسبة 19 في المائة)، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة «JAMA Pediatrics».

ولكن الأدهى من ذلك، فإن الأطفال الأصغر سناً -بما في ذلك نحو 6 في المائة من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة الذين تتراوح سنيّهم بين سنة و4 سنوات، و18 في المائة من أطفال المدارس الابتدائية الذين تتراوح سنيّهم بين 5 و9 سنوات- يحصلون على الميلاتونين من قبل آبائهم كوسيلة مساعدة على النوم، في أغلب الأحيان على شكل علكة، أو أقراص قابلة للمضغ، وفقاً للدراسة التي استندت إلى معلومات من آباء 993 طفلاً تتراوح سنيّهم بين سنة و14 سنة. والميلاتونين، في شكله الطبيعي، هو هرمون يُنتج في الدماغ، وينظم دورات النوم والاستيقاظ لدى الشخص. ويتم إنتاج وإفراز مزيد من الميلاتونين عندما يحل الظلام، ما يؤدي إلى النعاس، ويقل عندما يظهر الضوء، مما يشير إلى الجسم بالاستيقاظ.

ويلجأ الأشخاص الذين ما زالوا يعانون من صعوبة في النوم أو البقاء نائمين أحياناً إلى مكملات الميلاتونين التي يمكن شراؤها من دون وصفة طبية. ونظراً لأن الميلاتونين يعد مكملاً غذائياً، فإنه لا يخضع لرقابة صارمة من قبل إدارة الغذاء والدواء مثل الأدوية.

وحذر الباحثون أيضاً من أن الكمية الفعلية من الميلاتونين بالمكملات الغذائية تختلف بشكل كبير عن الجرعة الموضحة على الملصق.

وتحث الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الآباء على مناقشة مشكلات النوم مع أطباء أطفالهم قبل تجربة الميلاتونين، والنظر في استخدام الميلاتونين من قبل الأطفال فقط كمساعدة قصيرة المدى للمساعدة في إنشاء إجراءات جيدة لوقت النوم أو إعادة ضبط جداول النوم، بعد فترات الراحة المدرسية أو العطلات الصيفية.

ومع ذلك، وجد الباحثون أن استخدام الأطفال للميلاتونين عادة لم يكن مرة واحدة؛ بل بشكل منتظم؛ حيث تناول الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة المكملات لمدة 12 شهراً، وأطفال المدارس الابتدائية لمدة 18 شهراً، وتناولها المراهقون لمدة 21 شهراً. وأشارت الدراسة أيضاً إلى أنه تم إجراء القليل من الأبحاث حول سلامة استخدام الميلاتونين على المدى الطويل من قبل الأطفال.


«الفضاء السعودية» و«إكسيوم سبيس» توقعان مذكرة لدعم أبحاث الجاذبية الصغرى في الفضاء

جانب من توقيع اتفاقية التعاون بين وكالة الفضاء السعودية وشركة إكسيوم سبيس (وكالة الفضاء السعودية)
جانب من توقيع اتفاقية التعاون بين وكالة الفضاء السعودية وشركة إكسيوم سبيس (وكالة الفضاء السعودية)
TT

«الفضاء السعودية» و«إكسيوم سبيس» توقعان مذكرة لدعم أبحاث الجاذبية الصغرى في الفضاء

جانب من توقيع اتفاقية التعاون بين وكالة الفضاء السعودية وشركة إكسيوم سبيس (وكالة الفضاء السعودية)
جانب من توقيع اتفاقية التعاون بين وكالة الفضاء السعودية وشركة إكسيوم سبيس (وكالة الفضاء السعودية)

وقعت وكالة الفضاء السعودية، اليوم، مذكرة تفاهم مع شركة إكسيوم سبيس الرائدة في مجال تطوير رحلات الفضاء المأهولة، للتعاون في مجالات الفضاء وتقنياته، ودعم أبحاث الجاذبية الصغرى في الفضاء.

ومن أبرز مجالات العمل لهذه المذكرة، دراسة إنشاء مركز مراقبة المهام الفضائية في المملكة، والذي سيسهم في تطوير التقنيات والمرافق المتعلقة بمتابعة المهام الفضائية والتجارب العلمية والتعليمية في بيئة الجاذبية الصغرى، كما ستسهم هذه المذكرة بدعم الأبحاث في المدار الأرضي المنخفض، وذلك سعياً لتطوير الصناعات الفضائية في المملكة ودعم الأنشطة الدولية للبحث والتطوير في هذا المجال.

وقع الاتفاقية الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء السعودية الدكتور محمد التميمي، والرئيس التنفيذي لشركة إكسيوم سبيس مايكل سوفرديني، بحضور وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحه، الذي يرأس وفد منظومة الاقتصاد الرقمي والفضاء والابتكار الذي يقوم بزيارة رسمية للولايات المتحدة الأميركية، بغية تعميق الشراكات في المجالات ذات الصلة بالتقنية والفضاء والابتكار.

الجدير بالذكر أن وكالة الفضاء السعودية عازمة على عقد المزيد من الشراكات وتعميق شراكتها مع الجهات المتعاونة معها حاليا؛ بما يعزز التعاون والتكامل، ويوحد الجهود الرامية إلى تطوير قطاع الفضاء وتقنياته في المملكة.


دراسة: الثقب الأسود بمجرتنا يدور بسرعة تغير الزمكان حوله

الثقب الأسود الموجود في مركز مجرتنا (أ.ف.ب)
الثقب الأسود الموجود في مركز مجرتنا (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الثقب الأسود بمجرتنا يدور بسرعة تغير الزمكان حوله

الثقب الأسود الموجود في مركز مجرتنا (أ.ف.ب)
الثقب الأسود الموجود في مركز مجرتنا (أ.ف.ب)

وجدت دراسة جديدة أن الثقب الأسود الهائل الموجود في مركز مجرتنا، والمسمى «ساغيتاريوس إيه» يدور بسرعة تغير الزمكان حوله.

والزمكان هو دمج لمفهومي الزمان والمكان، حيث يدمج الفضاء، بأبعاده المكانية الثلاثة التي نعرفها؛ وهي الطول والعرض والارتفاع، بالزمان بوصفه بُعداً رابعاً.

ووفق شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد رصد فريق من علماء الفيزياء الثقب الأسود الذي يقع على بُعد 26 ألف سنة ضوئية من الأرض، بواسطة مرصد «شاندرا» للأشعة السينية، التابع لوكالة «ناسا».

وقام الباحثون بحساب سرعة دوران «ساغيتاريوس إيه» باستخدام ما يُعرَف بطريقة التدفق الخارجي، والتي تبحث في المواد والغازات المحيطة بالثقوب السوداء، والمعروفة باسم «القرص التراكمي».

وأكد الباحثون أن الثقب الأسود يدور بسرعة تتسبب في ظاهرة تُعرَف باسم «تأثير لينس-ثيرينغ»، تتسبب في سحب الثقب الأسود للزمكان مع دورانه.

وقالت مؤلفة الدراسة الرئيسية روث دالي، أستاذة الفيزياء بجامعة ولاية بنسلفانيا: «مع هذا الدوران، يغير الثقب الأسود شكل الزمكان في محيطه، لقد اعتدنا التفكير والعيش في عالم تكون فيه جميع الأبعاد المكانية متكافئة، المسافة إلى السقف، والمسافة إلى الجدار، والمسافة إلى الأرض، جميعها خطية نوعاً ما، دون أن يكون أحدها مضغوطاً مقارنة بالآخرين».

وأضافت: «لكن إذا كان لديك ثقب أسود يدور بسرعة، فإن الزمكان المحيط به يكون غير متماثل. فالثقب الأسود الدوار يسحب معه كل الزمكان، إنه يسحق الزمكان، ويبدو نوعاً ما مثل كرة القدم».

وقالت دالي إن تغيير الزمكان لا يدعو للقلق، لكن إلقاء الضوء على هذه الظاهرة قد يكون مفيداً جداً لعلماء الفلك.

وأضافت: «إنها أداة رائعة لفهم الدور الذي تلعبه الثقوب السوداء في تكوين المجرات وتطورها. حقيقة أن هذه الثقوب هي كيانات ديناميكية يمكن أن تدور... ومن ثم يمكن أن تؤثر على المجرة التي تقع فيها، هو أمر مثير للاهتمام جداً».

وجرى نشر الدراسة الجديدة في دورية علم الفلك والجيوفيزياء، التابعة لـ«الجمعية الفلكية الملكية».


روبوت صيني لاستخلاص الأكسجين من الماء على المريخ

روبوت صيني لاستخلاص الأكسجين من الماء على المريخ
TT

روبوت صيني لاستخلاص الأكسجين من الماء على المريخ

روبوت صيني لاستخلاص الأكسجين من الماء على المريخ

ابتكر علماء في الصين روبوتًا كيميائيًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي (AI) يمكنه استخلاص الأكسجين من مياه المريخ دون إشراف بشري. حيث سيكون تجميع الموارد المفيدة من المواد المحلية على المريخ أمرًا ضروريًا لبقاء البشر على الكوكب الأحمر.

ويعد استخلاص الأكسجين من المواد؛ في عملية تسمى تفاعل تطور الأكسجين (OER)، أمرًا حيويًا بشكل خاص.

وكشف الباحثون في ورقة بحثية نشرت بمجلة «نيتشر» العلمية المرموقة في الثالث عشر من الشهر الحالي، عن هذا الكيميائي الجديد القائم على الذكاء الاصطناعي. وقالوا «لتحقيق هذه الغاية، قام الفريق ببناء روبوت متنقل يقوم بأتمتة العملية الكاملة لاستخراج الأكسجين من خمس عينات نيزكية مريخية وشبيهة بالمريخ. كما قاموا باختبار النظام في بيئة محاكاة لسطح المريخ». وذلك وفق ما نقل موقع «لايف ساينس» العلمي.

وبشكل حاسم، بحث الذكاء الاصطناعي عن الصيغة المثالية لإنتاج الأكسجين في أي عينة معينة من حوالى 4 ملايين مجموعة محتملة؛ وهو الأمر الذي كان سيستغرق الإنسان أكثر من 2000 عام.

وكتب الباحثون في الدراسة «تقدم دراستنا دليلاً على أن كيميائي الذكاء الاصطناعي المتقدم يمكنه، دون تدخل بشري، تصنيع محفزات الموارد التعليمية المفتوحة على المريخ من الخامات المحلية. وتتضمن الخطوة الأولى في استخراج الأكسجين إرسال عينات من النيزك إلى منشأة لتحليلها في مختبر آلي بالكامل. بعد ذلك، يقوم الروبوت بالمعالجة المسبقة للخام، وإزالة الشوائب والمواد غير المرغوب فيها. ثم تستخدم المواد الموجودة داخل النيزك لإنشاء محفز؛ وهي عملية تسمى (التخليق الحفاز)؛ والتي يتم اختبارها في اختبار الأداء الكهروكيميائي. إذ يمكن أن يختلف نوع المحفز الذي يمكنه إنتاجه بالموارد المتاحة، والعمل بكفاءة أكبر لاستخراج الأكسجين بشكل كبير».

جدير بالذكر، قامت المركبة الجوالة بيرسيفيرانس التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لأول مرة بإنتاج أكسجين قابل للتنفس على سطح المريخ؛ إذ ربما تكون «ناسا» قد عثرت على حياة غريبة على كوكب المريخ وقتلتها دون علمها قبل 50 عامًا، كما يزعم العلماء؛ حيث تعرض المريخ لتغير مناخي شديد قبل 400 ألف سنة، كما اكتشف المسبار الصيني قبل زواله أثناء عمل الروبوت، الذي يقوم بجمع المعلومات، ويرسل هذه البيانات التجريبية إلى خادم سحابي، يستخدم الدماغ الحسابي التعلم الآلي لإجراء عشرات الآلاف من عمليات المحاكاة لتقدير أفضل طريقة لتوليد الأكسجين.

وفي هذا الاطار، تتم تغذية هذه البيانات في نموذج الشبكة العصبية، والذي يتم إعادة تدريبه وتحسينه بسرعة باستخدام البيانات التجريبية الجديدة من الروبوت. فيما تحدد الخوارزمية أفضل مزيج من المواد لتصنيع أفضل محفز للموارد التعليمية المفتوحة، والذي يتحقق منه الكيميائي القائم على الذكاء الاصطناعي.

بدوره، يقوم الروبوت بعد ذلك بتقطير «الحبر المحفز» الأمثل على النيزك والذي يتم استخدامه مع قطب كهربائي لإنتاج الأكسجين.

وأكد الباحثون أنه «يمكن استخدام النظام أيضًا في صنع العديد من المواد الكيميائية والمركبات الأخرى».


رسم خريطة جديدة للتركيب الكيميائي لسطح القمر

رسم خريطة جديدة للتركيب الكيميائي لسطح القمر
TT

رسم خريطة جديدة للتركيب الكيميائي لسطح القمر

رسم خريطة جديدة للتركيب الكيميائي لسطح القمر

توصل فريق بحثي بقيادة علماء صينيين من خلال دراسة نشرت نتائجها بمجلة «نيتشر كوميونيكيشينز» العلمية المرموقة، الى رسم خريطة التركيب الكيميائي لسطح القمر بدقة عالية، ما يوفر بيانات أساسية لدراسة تطور القمر.

وتعد كيمياء سطح القمر ضرورية للكشف عن الخصائص الصخرية من أجل فهم تطوره.

ويمكن للخرائط الكيميائية المتوفرة حاليا والقائمة على العينات القمرية التي تم جمعها من خلال بعثتي «أبولو» و «لونا»، أن تكشف فقط عن تطور القمر قبل ثلاثة مليارات سنة، بينما لا تكشف عن الفترة المتأخرة الحرجة له. لكن، ومع ذلك، ثبت أن العينات القمرية التي أعادتها بعثة «تشانغ آه-5» الصينية تحمل معلومات حول نشاط بركاني حديث منذ حوالى ملياري سنة وتكشف عن تركيب متميز للمواد.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قال يانغ تشن الأستاذ بجامعة جيلين «إن فريق البحث قام بتقدير محتوى العناصر الرئيسية على سطح القمر بدقة من خلال الجمع بين بيانات العينات من تشانغ آه وأبولو و لونا مع نموذج انعكاس قائم على التعلم العميق. وبعد ذلك، قام الباحثون بإنشاء خريطة توزيع جديدة عالية الدقة والوضوح للتركيب الكيميائي لسطح القمر، والتي عكست بشكل شامل الخصائص الكيميائية له». وذلك وفق ما ذكرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.

واضاف يانغ «أن الباحثين قاموا أيضا بمعايرة وحدات البازلت البركاني الحديثة بناء على محتوى العناصر المحسوب حديثا، وهو ما سيوفر بيانات موثوقة للدراسات التاريخية للنشاط الصهاري والتطور الحراري في الفترة الأخيرة للقمر ولبعثات جلب العينات القمرية المستقبلية».

جدير بالذكر، أن الدراسة أجريت بشكل مشترك من قبل جامعة جيلين والمراصد الفلكية الوطنية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة ترينتو في إيطاليا وجامعة آيسلندا وغيرها من المؤسسات البحثية الصينية والأجنبية.


الطائرات الكهربائية... من أحلام الماضي إلى تصاميم المستقبل

الطائرات الكهربائية... من أحلام الماضي إلى تصاميم المستقبل
TT

الطائرات الكهربائية... من أحلام الماضي إلى تصاميم المستقبل

الطائرات الكهربائية... من أحلام الماضي إلى تصاميم المستقبل

في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقف كريس كابوتو على مدرج مطار برلنغتون الدولي في ولاية فيرمونت الأميركية، ونظر إلى الغيوم البعيدة.

حلّق كابوتو بطائرات عسكرية ومدنية طوال حياته المهنية، ممضياً آلاف الساعات في الجوّ، ولكنّ الرحلة التي كان على وشك الانطلاق بها كانت مختلفةً جداً. وهذا لأنّ الطائرة التي كان سيقودها كابوتو هذه المرّة تعمل بالبطاريات. وهكذا، فقد حلّق مع زملائه لمدّة 16 يوماً بطائرة «CX300» التي طورتها شركة «بيتا تكنولوجيز» في منطقة الساحل الشرقي. وتوقّف الفريق نحو 20 مرّة للاستراحة وشحن الطائرة، وحلّقوا في مساحات جوية مزدحمة فوق بوسطن، ونيويورك، وواشنطن، ومدن أخرى. عندما انتهت رحلتهم في فلوريدا، سلّمت «بيتا» الطائرة للقوّات الجوية الأميركية التي تعتزم اختبارها في الأشهر القليلة المقبلة. قدّمت هذه الرحلة رؤيةً عن شكل الطيران في السنوات المقبلة التي ستمتلئ خلالها السماء بطائرات لا تنتج غازات الدفيئة التي تزيد تسخين الأرض. وعلق كابوتو: «إننا نقوم بعملٍ مهمّ جداً لولايتنا وبلدنا وكوكبنا. من الصعب جداً ألا ترغب في أن تكون جزءاً منه».

موجة نشاطات جديدة

لم تتعدَّ الطائرة الكهربائية الأفكار الخيالية فيما مضى من تاريخ الطيران، ولكن التطوّر التقني، خصوصاً في مجال البطاريات واستثمار مليارات الدولارات، ساعدا ويساعدان على تحويل الطيران الجوي الكهربائي قصير المدى إلى فكرة مجدية، يأمل داعموها في أن تكون صالحة للطيران التجاري (المدني).

جمعت «بيتا»، ذات الملكية الخاصة، أكثر من 800 مليون دولار من المستثمرين كـ«فيدليتي»، وصندوق «كلايمت بليدج» التابع لـ«أمازون»، وشركة «تي بي جي كابيتال». انتهت الشركة التي بلغ عدد موظفيها 600 شخص، ومعظمهم يعيش في فيرمونت، أخيراً من بناء مصنعٍ في برلنغتون لتصنيع طائراتها الكهربائية (التي لم تحصل إلى اليوم على ترخيص إدارة الطيران الفدرالي) على نطاق تجاري.

أولى هذه الطائرات هي «CX300» التي تتميّز بتصميم طويل ومستقبلي ومسافة 15 متراً فاصلة بين الجناحين، ونوافذ كبيرة مقوّسة، ومروحة خلفية. صُممت هذه الطائرة لحمل 600 كيلوغرام. وبعد فترة قصيرة، ستليها «A250» التي تشاركها نحو 80 في المائة من تصميمها، تُضاف إليه دوّارات رفع لتقلع وتهبط مثل الطوافة. وتقول الشركة التي تسوّق للطائرتين باسم «آليا (Alia)»، إنّهما أخيراً ستُستخدمان لنقل الركّاب.

طائرات عمودية

«بيتا» هي واحدة من شركات كثيرة تعمل في مجال الطيران الكهربائي. ففي كاليفورنيا، تعكف شركتا «جوبي أفييشن»، و«آرتشر أفييشن» على تطوير طائرة عاملة بالبطارية قادرة على التحليق عمودياً، لتقلّ لاحقاً عدداً قليلاً من الركّاب لمسافات قصيرة. تحظى هذه الشركات بدعم أسماء كبيرة كـ«تويوتا»، و«ستيّانتيس»، و«يونايتد إيرلاينز»، و«دلتا إيرلاينز»، بالإضافة إلى شركات استثمارية كبرى. وتعمل شركات صناعة الطائرات العالمية كـ«إيرباص»، و«بوينغ»، و«إمبراير» على تطوير طائراتها الكهربائية الخاصة أيضاً.

بدورها، لم تقف الحكومة الأميركية مكتوفة اليدين، إذ تخطط إدارة الطيران الفدرالية لدعم تشغيل الطائرات التي تستخدم وسائل دفع جديدة، بدءاً من عام 2028. وتَلزم القوّات الجوية عقود، وتعتزم اختبار طائرات كهربائية، كـ«CX300» وأخرى من تطوير شركة «جوبي»، في قاعدة إدواردز الجوية في كاليفورنيا، في سبتمبر (أيلول) المقبل.

تصميم خفيف مريح

قد لا تكون طائرة «بيتا» كبيرة وقوية مثل الطائرات التي حلّق بها كابوتو لصالح القوّات الجويّة الأميركية، والحرس الجوي الوطني، أو شركة «دلتا»، إلّا أنّ خفّتها، على حدّ تعبيره، وهدوءها واستجابتها المذهلة تجعل قيادتها ممتعة.

وقال كابوتو: «تشعر كأنّك والطائرة شيء واحد. يمكنك سماع تدفق الهواء والشعور به وهو يحوم حول أسطح التحكّم. حالياً، نرتدي الخوذ؛ لأنّنا لا نزال في المرحلة التجريبية، والسلامة ضرورية جداً، ولكن يمكننا نزع هذه الخوذ داخلها والتحدّث بعضنا إلى بعض بكلّ بساطة».

وأضاف الطيّار المخضرم أنّ «CX300» وغيرها من الطائرات الكهربائية قد تفتح الباب لفرصٍ جديدة، كتحسين الاتصال مع المناطق النائية التي تقلّ أو تنعدم فيها خدمات النقل الجوي.

حلّقت طائرة «بيتا» مسافة 621 كيلومتراً حتّى اليوم بشحنة واحدة، ولكنّ الشركة تتوقّع من زبائنها استخدام هذه الطائرة في رحلات تتراوح مسافتها بين 160 و241 كيلومتراً. وتجدر الإشارة إلى أنّ «CX300» حصلت على إذن بالتحليق فوق فلوريدا تحت سلطة محدودة من إدارة الطيران الفدرالية.

صُمّمت الطائرات الكهربائية التي لا تنتج انبعاثات مضرّة، لتكون سهلة التشغيل والإدارة أكثر من الطائرات والطوافات التقليدية. ومع ذلك، لا أحد يتوقّع أن تصل هذه الطائرات بأعدادٍ كبيرة إلى السماء قبل سنوات، على أن تكون رحلاتها الأولى قصيرة، من مانهاتن إلى مطار كينيدي الدولي في نيويورك مثلاً.

وتستطيع البطاريات العصرية دعم نطاق ووزن محدودين، وبالنتيجة، ستستطيع الطائرة العاملة بها حمل عددٍ قليلٍ من الركّاب أو ما يعادله من الحمولة.

بداية عصر جديد

في البداية، من المتوقع أن تتنافس الطائرات الكهربائية مع الطوافات والسيارات والشاحنات؛ لأنّ تكاثر الرحلات فوق المدن لن يكون ممكناً من دون توسيع البنية التحتية وتزويدها بمواقع للإقلاع والهبوط العمودي والدعم العام. إضافة إلى ذلك، ستكون تكلفة تطوير هذا النوع من الطائرات مرتفعة في البداية، ما سيحدّ من استخدامها إلّا في حالات الخدمات الحيوية كالإخلاءات الطبية.

يرى كيفن مايكلز، مدير شركة «أييرو دايناميك أدفايزوري» المتخصصة في استشارات النقل الجوي، أنّ التحدّي والوعد الذي يواجهُه الطيران الكهربائي اليوم يشبه ذلك الذي واجهته العربات في القرن العشرين.

ويضيف أنّ «مئات الجهات المصنِّعة حول العالم كانت في ذلك الوقت تملك مقارباتها الخاصة لصناعة هذه الآلات في غياب الطرقات وإشارات المرور وخدمات التأمين، إلّا أنّ الصناعة استطاعت تحقيق ذاتها أخيراً. وبعد 20 عاماً، استقرّت الأمور وانخفضت التكاليف وبرز الرابحون، وتغيّرت أمورٌ كثيرة، ومنها طريقة حياة الناس».

* خدمة «نيويورك تايمز»


تطور هائل في تقنيات صناعة الأجزاء التعويضية «المطبوعة»

طباعة يد ألية تحتوي على عظام وأربطة وأوتار (المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا)
طباعة يد ألية تحتوي على عظام وأربطة وأوتار (المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا)
TT

تطور هائل في تقنيات صناعة الأجزاء التعويضية «المطبوعة»

طباعة يد ألية تحتوي على عظام وأربطة وأوتار (المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا)
طباعة يد ألية تحتوي على عظام وأربطة وأوتار (المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا)

في عام 2016، صدّقت «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA) على استخدام أطقم الأسنان الاصطناعية «المطبوعة» بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، الأمر الذي مهّد الطريق أمام أطباء الأسنان لصناعة مجموعة من الهياكل؛ مثل الأسنان الاصطناعية وتقويم الأسنان وأطقم الأسنان القابلة للإزالة، بكبسة زر في العيادة.

وفي ظل التقدم الهائل بهذا المجال، أصبح الأمر لا يقتصر على الأسنان، وبات بمقدور الأطباء صناعة أجزاء تعويضية يمكن زرعها في جسم الإنسان، فضلاً عن إمكانية ترميم الجماجم أيضاً.

وتتركز استخدامات الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي في دورين أساسيين؛ أولهما طباعة مجسم للجزء المصاب بالمرض ليتحول لمجسم ملموس؛ ما يسهّل تشخيص الأمراض الأكثر تعقيداً، وثانياً صناعة الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية، واستبدال العظام التالفة وصناعة المفاصل.

ولعل أهم ما يميز الطباعة ثلاثية الأبعاد هو دقتها الفائقة، إذ تقوم بمحاكاة أي نموذج ثلاثي الأبعاد أو مجسم، مكونة مجسماً صورة طبق الأصل، استناداً لتصوير مقطعي بالأشعة السينية للجزء المراد طباعته، عبر طباعة طبقات رقيقة بعضها فوق بعض، بدقة عالية للغاية تحاكي الأعضاء البشرية.

عظام وأربطة وأوتار

وفي أحدث خطوة بهذا المجال، تمكن باحثون سويسريون لأول مرة من طباعة يد آلية تحتوي على عظام وأربطة وأوتار مصنوعة من بوليمرات مختلفة دفعة واحدة، ونُشرت النتائج قبل أيام بدورية «نيتشر».

وتتقدم الطباعة ثلاثية الأبعاد بسرعة، كما اتسع نطاق المواد التي يمكن استخدامها بشكل كبير. وبينما كانت التكنولوجيا في السابق مقتصرة على المواد البلاستيكية سريعة المعالجة، أصبحت الآن مناسبة للمواد البلاستيكية بطيئة المعالجة أيضاً، وهي أنواع من البلاستيك المرن تتمتع بخصائص تجعلها أكثر متانة وقوة. وأصبح استخدام مثل هذه البوليمرات ممكناً بفضل التقنية الجديدة التي طوّرها الباحثون. ونتيجة لذلك، يستطيع الباحثون الآن الطباعة ثلاثية الأبعاد لروبوتات معقدة وأكثر متانة.

وتعمل هذه التقنية الجديدة أيضاً على تسهيل الجمع بين المواد الناعمة والمرنة والصلبة، ويمكن للباحثين أيضاً استخدامها لإنشاء هياكل وأجزاء دقيقة ذات تجاويف حسب الرغبة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يقول الباحث الرئيسي للدراسة بالمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ، الدكتور توماس بوشنر: «طريقتنا الجديدة تعتمد على طباعة المواد بخصائص مُحسنة، تجعل الهياكل المطبوعة أكثر مقاومة للأشعة فوق البنفسجية والتعرض للرطوبة. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر المواد الناعمة لدينا تباطؤاً أقل (أكثر مرونة)، وبالتالي فهي أكثر ملاءمة للتطبيقات الروبوتية».

وأضاف: «قمنا بطباعة مجموعات من مواد مختلفة، ما أدى إلى إنشاء هياكل وظيفية كاملة في عملية واحدة... أظهرنا ذلك من خلال طباعة يد المحاكاة الحيوية، والروبوت الذي يحرك ويمسك، والمضخة المستوحاة من قلب الإنسان».

وعن أهمية النتائج، تابع: «الآن قادرون على طباعة الأنظمة المعقدة التي تعمل بكامل طاقتها دون تجميع. المواد التي يمكننا طباعتها الآن لا تتحلل عند تعرضها للبيئات اليومية (أشعة الشمس والطقس). والدقة العالية وخصائص المواد المناسبة والعمر الطويل تجعل النماذج الجديدة المطبوعة مفيدة جداً للتطبيقات البحثية والتجارية، ويمكننا حالياً البدء بإنتاج الأجزاء الوظيفية للروبوتات والغرسات الطبية والكثير من الصناعات الأخرى».

بصيلات شعر ثلاثية الأبعاد

في السياق ذاته، نجح فريق بمعهد رينسيلار للعلوم التطبيقية بجامعة رينسيلار الأميركية، في طباعة بصيلات شعر ثلاثية الأبعاد في أنسجة الجلد البشرية المزروعة في المختبر. وابتكر الباحثون الجلد الذي يحمل بصيلات الشعر باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تم تكييفها للطباعة على المستوى الخلوي.

وهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الباحثون هذه التكنولوجيا لطباعة بصيلات الشعر، التي تلعب دوراً مهماً في شفاء الجلد ووظيفته، ونُشرت النتائج قبل أيام في دورية «ساينس أدفانسيز». ويبدأ العلماء بالسماح لعينات من خلايا الجلد والبصيلات بالانقسام والتكاثر في المختبر، حتى يتوفر ما يكفي من الخلايا القابلة للطباعة. بعد ذلك، يقوم الباحثون بخلط كل نوع من الخلايا مع البروتينات والمواد الأخرى لإنشاء «الحبر الحيوي» الذي تستخدمه الطابعة ثلاثية الأبعاد. وباستخدام إبرة رفيعة للغاية لترسيب «الحبر الحيوي»، تقوم الطابعة ببناء الجلد طبقة بعد طبقة، مع إنشاء قنوات لترسيب خلايا الشعر أيضاً.

وبمرور الوقت، تهاجر خلايا الجلد إلى هذه القنوات المحيطة بخلايا الشعر، ما يعكس بنية البصيلات الموجودة في الجلد الحقيقي. ووفق الفريق، فإن هذه النتائج لها تطبيقات محتملة في الطب التجديدي واختبار الأدوية، حيث تُعد بصيلات الشعر أيضاً نقطة دخول للأدوية الموضعية ومستحضرات التجميل، ما يجعلها جزءاً مهماً من الاختبارات الجلدية.

حالياً، يبلغ عُمر هذه الأنسجة من أسبوعين لـ3 أسابيع، وهو ليس وقتاً كافياً لنمو أعمدة الشعر. ويهدف العمل المستقبلي لفريق البحث إلى تمديد تلك الفترة؛ ما يسمح لبصيلات الشعر بالنضج بشكل أكبر، وتمهيد الطريق لاستخدامها في اختبار الأدوية وترقيع الجلد.


ملابس بتقنيات استشعار لتسهيل حياة المرضى المعاقين

ملابس بتقنيات استشعار لتسهيل حياة المرضى المعاقين
TT

ملابس بتقنيات استشعار لتسهيل حياة المرضى المعاقين

ملابس بتقنيات استشعار لتسهيل حياة المرضى المعاقين

عندما أصيبت ابنته بالشلل الدماغي قبل عشر سنوات، كان المهندس جرمايا روبيسون يعمل على تطوير تقنية قابلة للارتداء في وادي السيليكون. ومع استمرار معاناتها من أجل المشي، ظلّ يفكّر في طريقة لتسهيل حركتها. يقول روبيسون إنّ «أفضل ما قدّمته التقنية -حتى الآن- كان العكّاز، والمشّاية، والكرسي المتحرّك».

ملابس بتقنيات استشعار

في النهاية، بدأ المهندس العمل على شيء جديد؛ ملابس مبطّنة بأجهزة استشعار تراقب مشية ابنته، بالإضافة إلى أقطاب كهربائية تحفّز العضلات في رجليها لمساعدتها في خطواتها.

استلهم روبيسون الفكرة من مواعيد العلاج الطبيعي التي كان خلالها المعالج يساعد ابنته على السير. ويشرح قائلاً: «كان معالجها يوصلها بأقطاب كهربائية، ومن ثمّ يسير خلفها حاملاً زرَّين يضغط عليهما عندما يريد تنشيط عضلة معيّنة». وفي أحد المواعيد، استخدم الأطبّاء أجهزة استشعار لتحليل مشيتها، فلاحظ والدها أنّه من الممكن تصميم ملابس خاصّة تجمع بين الفكرتين، ويمكن ارتداؤها طوال الوقت.

يوجد اليوم جهاز قابلٌ للارتداء مصمّم للمرضى الذين يتعافون من الجلطة الدماغية، ولكنّه يستميل عضلةً واحدة، ويتطلّب وضع كلّ قطبٍ كهربائي يدوياً، ولا يضمّ أجهزة استشعار لقياس استجابة العضلات.

ولفت المهندس إلى وجود تصميمات أخرى أشبه بسوار السجن. في عام 2018، دخل روبيسون إلى مرأب منزله وبدأ بصناعة نموذج تجريبي لملابس ضيّقة صناعية تستهدف جميع العضلات الأساسية في الرجلين.

وفي نهاية 2019، أصبح لدى شركته الناشئة «سيونيك» نموذج تجريبي فاعل، وكانت ابنته أوّل شخصٍ اختبره خلال الجائحة، وبقيت وحدها حتّى استئناف التجارب الواسعة. ومع حلول عام 2021، قدّم روبيسون تصميمه النهائي الذي سماه «نيورال سليف» لإدارة الغذاء والدواء، وحصل على ترخيص استخدامه في 2022، فدخل إلى الأسواق مع بداية العام الحالي. يمكن ارتداء الجهاز حسب الحاجة في رجلٍ واحدة أو في الاثنتين.أدوات وتطبيقات صحية

كان أوّل زبائن الجهاز من أولئك المصابين بالتصلّب المتعدّد، والشلل الدماغي، وممن يتعافون من جلطة دماغية. يقول روبيسون إنّ «واحدا من أهمّ الأشياء التي نسمع عنها من مرضانا هو الإرهاق الهائل الذي يشعرون به أثناء المشي والخوف من السقوط مع كلّ خطوة». ويضيف أنّهم عند استخدام المنتج الجديد «يستطيعون السير أكثر، وبثبات أكبر، والتحدّث مع من يحبّون، وأداء نشاطات حياتهم اليومية. قد تبدو لنا القدرة على المشي تحصيل حاصل، ولكنها جزء لا يتجزأ من الاستقلالية».

تبدأ الأداة بالمساعدة فور ارتدائها. حضرَت أمّ ثلاثينية مصابة بالتصلّب المتعدّد إلى الموعد لتجربة الجهاز، ووصلت في كرسي متحرّك، وقالت إنّها تستطيع السير لمسافة ستّة أمتار خلال جلسة العلاج الطبيعي. وفي وصفه للموعد، قال روبيسون: «ألبسناها الجهاز وبدأت السير مع عصا، ثمّ قالت لنا بتعجّب إنّها غير مضطرة للتفكير في المشي. لاحقاً، تخلّصت من العصا وأخذت تمشي ذهاباً وإياباً في القاعة. لقد شاهدناها في مقطع فيديو. مضى على وجودها معنا نحو ستّة أشهر، وها هي اليوم تلعب في الحديقة مع أولادها».

تستثمر الشركة أيضاً في تطبيق «آفا» الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي، لتوليد توصيفات في الوقت الحقيقي لمحادثات بين أشخاص مصابين بالصمم وآخرين يسمعون، كما تدعم «إنكلوسفلي»، منصّة تساعد الأشخاص من ذوي الاحتياجات في العثور على وظائف تلائم أوضاعهم، ومنصّة «دايفرجنت» للتعليم الإلكتروني للأشخاص الذين يتميّزون بالتنوّع العصبي.

تتصاعد الحاجة إلى تقنيات أفضل في هذا المجال، حيث تشير الإحصاءات إلى أنّ خُمس سكّان الولايات المتحدة سيعانون من نوعٍ معيّن من الإعاقة الحركية بحلول 2050.

*«فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»