«قانون للإعلام» يقلق صحافيي شمال شرقي سوريا

«قانون للإعلام» يقلق صحافيي شمال شرقي سوريا
TT

«قانون للإعلام» يقلق صحافيي شمال شرقي سوريا

«قانون للإعلام» يقلق صحافيي شمال شرقي سوريا

أقرت «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي» سوريا قانوناً لتنظيم الصحافة والعمل الإعلامي، وأثار تحفظات نقابات صحافية وعاملين بالمجال إذ لا يكفل القانون استقلال دائرة الإعلام باعتبارها الجهة المنظمة للعمل الصحافي في مناطق نفوذ الإدارة - ذات الكثافة السكانية الكردية -، كما سنت تشريعات تستند إليها في سحب الترخيص ومزاولة المهنة لمدة سنة والإيقاف المؤقت للبث المباشر المرئي أو الإذاعي، ودفع غرامات مالية تصل إلى ألف دولار أميركي، وتنص على إجبار الصحافيين على الكشف عن مصادرهم أمام الجهات القضائية التابعة للإدارة.
الصحافي عامر مراد، رئيس مكتب الإعلام بـ«الإدارة الذاتية»، قال إن القانون الجديد أقر في 18 من شهر مايو (أيار) الحالي وتضمن «آراء معظم الصحافيين والمؤسسات الإعلامية العاملة في المنطقة، يتضمن 7 أبواب و14 مادة ليشكل سندا قانونيا للتعامل مع الصحافيين والمؤسسات الإعلامية العاملة بشمال شرقي سوريا». ولكن يخشى صحافيون ونقابات إعلامية من أن القانون قد يقيد حرية التعبير والتضييق والحصول على المعلومات ويزيد من الرقابة القضائية، ولا يمكن التعويل عليه بشكل كامل لضبط مناخ وبيئة العمل الصحافي والإعلامي بشقيه الخاص والعام جراء الظروف الميدانية والعسكرية المتقبلة التي تشهدها المنطقة وباقي أنحاء سوريا.
من جهتها، قالت أفين يوسف رئيسة «اتحاد الإعلام الحر» - وهي نقابة صحافية تعمل بشكل مستقل في مناطق الإدارة الذاتية الكردية – في حديثها إلى «الشرق الأوسط» إن قوننة العمل الإعلامي في كل مكان يحتاج إلى ضوابط تنظيمية، «وهذا القانون استند إلى قوانين دولية ونوقش مع معظم الإعلاميين والصحافيين والخبراء ونال رضا الجميع، فهو سيكون وسيلة لضبط حالة الفوضى الإعلامية»، ولفتت إلى أن القانون سيحفظ حقوق الصحافيين، ويحميهم: «خاصةً وقد شهدنا تعرض بعضهم لمخالفات دون الاستناد إلى لوائح قانونية»، على حد تعبيرها. أما الصحافي علي نمر، مدير مركز الانتهاكات والتوثيق في «الشبكة الكردية للصحافيين» - وهي نقابة كردية تدافع عن حقوق الإعلاميين والصحافيين -، فيرى أن القانون رغم التأخير في صدوره، «يجب أن يلبي طموحات الإعلاميين والرؤى المستقبلية للإعلام في مناطق الإدارة الذاتية التي يجب أن تختلف عن باقي المناطق التي تحت سيطرة النظام؛ أو الفصائل المسلحة». وشدد على أن القانون وما يتضمنه شيء وما يجري على أرض الواقع بكل إمكاناته شيء مختلف تماماً «سواءً من حيث المساءلة القانونية؛ أو البيئة الإعلامية الملائمة لحماية الصحافي».
ويدلي الصحافي حمزة همك، رئيس تحرير وكالة «نورث برس»، - وهي وكالة محلية لديها عشرات المراسلين في معظم أنحاء سوريا – بدلوه فيقول إن «القانون إيجابي بالعموم بحالة مثل سوريا بمختلف مناطقها وقوى السيطرة، تماشياً مع حالة الحرب والفوضى... ولا أجد ثمة مشكلة من حيث المبدأ لإصدار قانون ينظم العمل الإعلامي، لكن البند الخاص بنقد الشخصيات العامة».
ويحد القانون في فصل الواجبات؛ من حرية «الإعلامي» من النشر على صفحته وحساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت بند كل ما يمكن وصفه بخطاب كراهية أو تحريض ويخالف أحكام القانون، وتمنع مادته 11 في الفقرة 3 التعرض للحياة الشخصية للشخصيات العامة ومسؤولي الإدارة. وعن هذه القيود، يقول همك أن البند المتعلق بالشخصيات العامة نوقش بشكل مستفيض ولاقى اعتراضات كثيرة قبل صدوره، «ومع ذلك تم تمرير البند»، مضيفاً أن من حق الصحافة والعاملين بالحقل الإعلامي تناول الشخصيات العامة والساسة «لا سيما فيما يخص الملفات الأخلاقية والفساد، يبدو أن البند صيغ لأهداف قد يكون منها خلق نوع من الحماية لهؤلاء الأشخاص».
أيضاً، يتضمن القانون مواداً تتعلق بالحقوق والواجبات المترتبة على الوسائل الإعلامية والإعلاميين العاملين في مناطق الإدارة الذاتية، واللافت أن القانون يخول القضاء وعبر جلسة سرية، مطالبة الإعلامي بالإفشاء عن مصدر معلوماته، إلى جانب عقوبات مسلكية ومالية تترتب على المخالفات أبرزها توقيف العمل مدة تتراوح بين شهر و4 أشهر، ودفع مخالفة مالية تبدأ بـ100 دولار أميركي إلى 500 دولار (تعادل مليوناً و600 ألف ليرة سوري)، وللجهات والمؤسسات الإعلامية تصل إلى ألف دولار.


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.