تصريحات وزير الدفاع العراقي بشأن قوة الدولة تثير جدلاً سياسياً

اتهامات «حشدية» له بـ«التحريض والاستفزاز»... ومطالبات بمحاسبته

خبراء يعاينون أمس مواد عُثر عليها في قبر جماعي من عهد الرئيس الأسبق صدام حسين اكتشف خلال بناء مجمع سكني بالناصرية (أ.ف.ب)
خبراء يعاينون أمس مواد عُثر عليها في قبر جماعي من عهد الرئيس الأسبق صدام حسين اكتشف خلال بناء مجمع سكني بالناصرية (أ.ف.ب)
TT

تصريحات وزير الدفاع العراقي بشأن قوة الدولة تثير جدلاً سياسياً

خبراء يعاينون أمس مواد عُثر عليها في قبر جماعي من عهد الرئيس الأسبق صدام حسين اكتشف خلال بناء مجمع سكني بالناصرية (أ.ف.ب)
خبراء يعاينون أمس مواد عُثر عليها في قبر جماعي من عهد الرئيس الأسبق صدام حسين اكتشف خلال بناء مجمع سكني بالناصرية (أ.ف.ب)

 أثارت التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع العراقي الفريق جمعة عناد أول من أمس وتضمنت تحذيرات غير مسبوقة للفصائل المسلحة من عواقب التعرض للدولة والقوات المسلحة جدلا سياسيا سواء على مستوى المواقف السياسية أو مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت تصريحات عناد إثر توتر كان يمكن أن يتحول إلى مواجهة عسكرية بعد اعتقال قاسم مصلح، قائد عمليات الأنبار في «الحشد الشعبي». وحذر عناد مما أسماه «تكرار المشهد» الذي ظهرت عليه فصائل الحشد الشعبي بعد اعتقال مصلح قائلا «كيف لـ40 عجلة غير مدرعة تحمل مجاميع من الأفراد أن تقف أمام جيش يمتلك من القدرات ما تؤهله لمحاربة دولة»، واصفا ما جرى بأنه «خرق أمني».
وكانت السلطات العراقية أغلقت الأربعاء الماضي المنطقة الخضراء وقامت بتعزيزها بقوات إضافية فيما انتشرت على مداخلها قوات مسلحة من «الحشد» الأمر الذي أثار مخاوف من تفاقم الأوضاع إلى مواجهة مسلحة بين الجيش والفصائل حيث انتشرت في مقابل تلك الفصائل قوات مكافحة الإرهاب وقطعات من الجيش العراقي. وذهب وزير الدفاع بعيدا في توجيه الانتقادات للحشد حيث قال إن «من يعتقد أن عمليات التحرير التي جرت ضد تنظيم داعش الإرهابي لم تكتمل لولا الحشد فهو مخطئ لأن قوات الجيش هي من ساهمت بتحرير العراق وبإمكانها القيام بعمليات التحرير وحدها لكن الحشد ساهم بتسريع التحرير فقط، ولولا إسناد طيران الجيش والقوة الجوية لما حصل الانتصار».
عد تحالف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري ويضم معظم الفصائل المسلحة عد تصريحات عناد غير موفقة وتحمل قدرا كبيرا من التحريض والاستفزاز. وقال النائب عن التحالف في البرلمان العراقي محمد عبد الكريم إنه «يتوجب على مجلس النواب محاسبة أي قائد عسكري يحرض على الاقتتال بين القوات المسلحة»، مبينا أن «تصريح وزير الدفاع تأجيج واضح للاقتتال بين الحشد والجيش». وأضاف عبد الكريم أن «الاقتتال بين القوات المسلحة العراقية الرسمية لا يصب إلا لصالح قوات الاحتلال الأميركي التي تحاول البقاء تحت أي ذريعة».
وأوضح أن «استعراض قدرات الجيش وطيرانه من قبل وزير الدفاع جمعة عناد والترويج لنزول الجيش ضد الحشد هو قتال بين القوات المسلحة القانونية وهو محرض يسأل عنه القانون». وأشار عبد الكريم إلى أن البرلمان «مطالب ببيان موقفه الرسمي من تلك التصريحات التي لا تصب سوى في صالح الإرهاب وقوى الشر والاحتلال».
إلى ذلك، اتهم عضو المكتب السياسي لـ«عصائب أهل الحق»، سعد السعدي، وزير الدفاع بأنه أصبح «ضمن المشروع الأميركي». وقال في تصريح له إن «تصريحات وزير الدفاع عبارة عن تخرصات بعيدة عن الحقيقة وهي إساءة لجهود الحشد الشعبي في مواجهة تنظيم داعش». وعد السعدي أن «الحشد الشعبي هو صاحب الانتصار الحقيقي على (داعش) بعد أن عجزت كل الجهات الأخرى عن مواجهته».
أما رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي فقد قال في تغريدة له على موقع «تويتر» إن محاولات جر الحشد إلى مواجهة مع الجيش فشلت. وقال المالكي: «هناك محاولات لكنها فشلت في جر الجيش والحشد الشعبي للاصطدام بينهما»، مبينا أن «كلا الطرفين امتزجت دماؤهم في تحرير الأرض والإنسان»، محذرا في الوقت نفسه مما أسماه «أصحاب الفتن والمكائد».
في المقابل، يرى النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري أن تصريحات الوزير عناد طبيعية تماما. وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «ما أراد وزير الدفاع قوله وهو رجل معروف بصراحته وشجاعته كذلك أن القانون يفترض أن يسري على الجميع وبالتالي لم تكن تصريحاته استفزازية أو مقصودة بالضد من طرف معين». وأضاف أن «الجيش والحشد الشعبي وكافة الأجهزة الأمنية تمثل الشعب العراقي وهي تابعة للقائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء». وتابع: «عندما يقرر القضاء إلقاء القبض على أي منتسب فلا يعني ذلك انتقاصا من المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها أو استهدافا لها وبالتالي فإن المطلوب هو إنفاذ القانون على الجميع دون استثناء أو تمييز إن أردنا أن تكون لدينا دولة».



فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.