إتاوة ميليشيا إيرانية في سوريا تكشف سبب ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه

افتتاح سوق شعبية منتصف مايو في دمشق لتقديم أسعار مخفضة للمستهلك (إ.ب.أ)
افتتاح سوق شعبية منتصف مايو في دمشق لتقديم أسعار مخفضة للمستهلك (إ.ب.أ)
TT

إتاوة ميليشيا إيرانية في سوريا تكشف سبب ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه

افتتاح سوق شعبية منتصف مايو في دمشق لتقديم أسعار مخفضة للمستهلك (إ.ب.أ)
افتتاح سوق شعبية منتصف مايو في دمشق لتقديم أسعار مخفضة للمستهلك (إ.ب.أ)

كشف خلاف على الإتاوة بين ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني بريف البوكمال على الحدود مع العراق، وسائق شاحنات محمّلة بالخضار والفواكه المهرّبة من سوريا إلى العراق، عن سبب آخر جديد في ارتفاع أسعار الخضار والفواكه الموسمية في سوريا وحرمان أهالي البلاد منها. وقالت مصادر في المنطقة الشرقية إن حاجزاً تابعاً للحرس الثوري الإيراني احتجز شاحنات خضار وفواكه معدّة للتهريب بالقرب من قرية عشاير بريف البوكمال شرقي دير الزور بعد رفض سائقيها إعطاء الحاجز كميات من الحمولة.
وتشهد أسواق الخضار والفواكه الموسمية ارتفاعاً بالأسعار غير مسبوق، في الوقت الذي كان من المتوقع انخفاضها في موسم المؤونة والذي يُطرح فيه الإنتاج الزراعي بكثرة، لكن ما يحصل العكس، فمعظم الباعة يؤكدون أن البضاعة قليلة وهو ما يرفع السعر، آخرون يقولون إن الناس لا تشتري بسبب ارتفاع السعر ولذا قلّل التجار الكميات، إلا أن مصادر في السوق بدمشق شككت في هذه التبريرات وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن سبب ارتفاع الأسعار هو تهريب الخضار والفواكه إلى العراق وتزايد هذا النشاط مؤخراً، فالأسعار أصبحت مضاعفة عمّا كانت عليه في الربيع قبيل مواسم الخضار والفواكه الصيفية، وحينها كان سعر صرف الدولار محلقاً إلى مستويات غير مسبوقة، لكن الآن سعر الصرف استقر نسبياً عند عتبة ثلاثة آلاف والمواسم تطرح إنتاجها في السوق، وكان متوقعاً أن تنخفض الأسعار لكن ما جرى هو العكس تماماً، والسبب المهربون الذين يسحبون غالبية الكميات ويدفعون أرقاماً مضاعفة عن الأسعار الرسمية.
ولفتت المصادر إلى تزايد نشاط تهريب الفواكه والغذائيات وسلع محلية أخرى إلى العراق مؤخراً، بشكل أنهك السوريين وحرمهم من منتجات بلادهم، وأن معظم تجار المفرق خفضوا كميات بضائعهم أكثر من الثلثين لعدم قدرة زبائنهم على الشراء، ولعدم توفر البضاعة الجيدة، فمعظمها يتم تهريبه.
وأفادت شبكة «عين الفرات» باحتجاز شاحنات خضار وفواكه معدّة للتهريب بالقرب من قرية عشاير بريف البوكمال شرقي دير الزور بعد رفض سائقيها إعطاء الحاجز كميات من الحمولة، التي تعود إلى مهيار الأسد الذي وصفته «عين الفرات» بأحد «أكبر المسؤولين عن تهريب الخضار والفواكه نحو العراق»، وقد رفض عناصر الحاجز السماح للشاحنات بالعبور. وذكرت «عين الفرات» أن السائقين رفضوا إعطاء الحاجز كميات من الحمولة وأبلغوا الحاجز بأن «الشاحنات يتم وزنها عند انطلاقها من دمشق وعند وصولها إلى العراق، وأي نقص بوزنها يتحملون تكلفته».
وسيطر الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له بشكل كامل على معبر البوكمال على الحدود مع العراق منذ نحو عام، وسط تجاذبات غير معلنة مع قوات النظام والميليشيات المدعومة من روسيا والتي تتسبب بين فترة وأخرى بتوترات بين العناصر الموجودين على الأرض.
فعقب ساعات على احتجاز شاحنات الخضار والفواكه اتصل أحد السائقين بدورية للأمن العسكري في البوكمال لتتدخل ويتم فك الاحتجاز بعد دفع كل سائق مبلغ 50 ألف ليرة سورية.
ويشار إلى أن هذه المرة الأولى التي تضطر فيها شاحنات مهيار الأسد، إلى دفع إتاوات لحواجز الحرس الثوري، فيما لا توجد تفاصيل كثيرة حول مهيار سوى أنه من عائلة الأسد ويعمل بتهريب الخضار والفواكه نحو العراق منذ نحو سنتين ونصف، وغالبية تجار ومهربي الخضار والفواكه من عناصر الميليشيات الإيرانية والحشد الشعبي يعملون معه، حسب «عين الفرات».
وشهدت الأيام الأخيرة عدة تغييرات في قطاع الجمارك التابعة للنظام، فبعد شهر من إقالة مدير عام الجمارك فواز أسعد أسعد، وعدد من موظفيه في المعابر البرية تم تعيين ماجد عمران مديراً عاماً لمديرية الجمارك العامة، يوم أول من أمس (السبت). ووجهت صحف محلية اتهامات إلى المدير السابق بالفشل في ضبط عمل شبكة المخلّصين الجمركيين أو فكفكة المجموعات الفاسدة داخل قطاع الجمارك. إذ جاءت إقالته بعد أيام من إعلان السلطات السعودية ضبط شحنة مخدرات مصدرها سوريا.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر إعلامية معارضة، أن الأمن القومي التابع للنظام السوري اعتقل سبعة ضباط من مرتبات اللواء 93 يوم السبت، في مقر اللواء ببلدة عين عيسى الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمالي الرقة. وقالت المصادر إن الضباط من كتيبة المدفعية وكتيبة الاستطلاع، وبعضهم مسؤولون عن المستودعات ومخازن السلاح والذخيرة.



إسرائيل تدرس خياراتها في الرد على الحوثيين وتبدأ برسم «صورة استخباراتية»

شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)
شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدرس خياراتها في الرد على الحوثيين وتبدأ برسم «صورة استخباراتية»

شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)
شخص يفحص منزلاً متضرراً في تل أبيب بالقرب من مكان سقوط صاروخ أطلق من اليمن فجر السبت (إ.ب.أ)

تدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها في الأيام القليلة الماضية، وآخرها صاروخ سقط وأدى إلى أضرار وإصابات فجر السبت.

البداية وفق قراءة لخبراء ومحررين عسكريين في الإعلام الإسرائيلي تتمثل في رسم صورة استخباراتية، ومع ذلك فإنها تواجه عدة مشكلات، بعدّ الجبهة أولا، وثانيا أنها لم تكن ضمن اهتمامات إسرائيل الاستخباراتية، لكنها (أي الضربات الحوثية) شجعت المطالب في إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية.

أطلق الحوثيون فجر السبت وتحديداً في الساعة 3:44 فجراً بالتوقيت المحلي صاروخاً باليستياً سقط في تل أبيب، وذلك بعد يومين من إطلاقهم صاروخاً آخر.

وقال مسعفون إن 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج، بينما أصيب 14 شخصاً بكدمات في أثناء هرعهم إلى الملاجئ. وهذه هي المرة الثانية خلال يومين التي يتسبب فيها صاروخ أطلقه الحوثيون في انطلاق صفارات الإنذار وسط إسرائيل في منتصف الليل، وبجبر ملايين على الاختباء.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن صاروخاً أطلق من اليمن سقط في تل أبيب، قائلاً إن «محاولات اعتراضه باءت بالفشل». وأضاف أنه يجري التحقيق في تفاصيل الحادث.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن التحقيق الأولي لسلاح الجو يظهر أنه تم إطلاق صاروخ اعتراضي من منظومة «حيتس» بداية، لكنه فشل في اعتراض الصاروخ الباليستي خارج الحدود، ثم تم تفعيل القبة الحديدية وفشلت كذلك.

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

وأكد خبراء عسكريون في إسرائيل أن الرشقات الأخيرة لصواريخ الحوثي كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة في أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية.

احتمالات فشل الاعتراض

كتب المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، متسائلاً: «لماذا لم تتمكن أي من طبقات الدفاع الجوي من اعتراض التهديد، خاصة أن الخطر قد يتفاقم إذا امتلكت إيران رؤوساً حربية نووية».

وأكد بن يشاي أنه ثمة «ثغرة خطيرة ومهددة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، سواء في الجبهة المدنية أو العسكرية»، وأرجع الفشل لسببين محتملين، الأول: أن الصاروخ أُطلق في مسار باليستي «منخفض» وربما من جهة غير متوقعة، ومن ثمّ لم تتمكن محطات التحذير من اكتشافه، والسبب الثاني، الذي يبدو أكثر احتمالاً، هو أن الإيرانيين تمكنوا من تطوير رأس حربي قادر على المناورة، ينفصل عن الصاروخ في الثلث الأخير من مساره ويقوم بمناورة (أي بتغيير المسار) حتى يصيب الهدف الذي تم تحديده. وأضاف: «يبدو أن الإيرانيين طوروا مع الحوثيين طريقة لإطلاق هذه الصواريخ في مسار باليستي منخفض، مما يجعل من الصعب اعتراضها».

وبينما تجري إسرائيل تحقيقات حول الفشل في الاعتراض، فإنها تدرس طبيعة الرد وحجمه ومكانه.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذر الحوثيين في الهجوم الذي سبق هجوم السبت بيومين بأنه سيفهمهم بالطريقة الصعبة.

لكن المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، آفي أشكنازي، قال إنه يجب أن ننظر إلى الواقع بعيون مفتوحة وأن نقول بصوت عالٍ إن إسرائيل لا تستطيع التعامل مع تهديد الحوثيين من اليمن، وقد فشلت أمامهم.

وعدّ أشكنازي أن إسرائيل استيقظت متأخرة جداً أمام التهديد من الشرق، وتعاني من صعوبة في مواجهة تهديد الحوثيين، في الدفاع وفي الهجوم. وأكد أشكنازي أن إسرائيل لم تكن جاهزة استخباراتياً ودبلوماسياً لمواجهة تهديد الحوثيين من اليمن، وقد استفاق الجيش الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات، متأخراً أمام هذا التهديد، ومؤخراً فقط بدأ جهاز الموساد في محاولة جمع المصادر، وبناء صورة استخباراتية عن الحوثيين، وهذا هو السبب في أن الضربات الثلاث التي شنها سلاح الجو ضد الحوثيين كانت مجرد جولات من العلاقات العامة والقليل من الألعاب النارية، وأقل بكثير من نشاط حقيقي يؤدي إلى أضرار عسكرية حقيقية تخلق توازناً للرعب، أو نوعاً من الردع ضد الحوثيين.

إيران و«الاستثمار» في الحوثيين

كانت 14 طائرة مقاتلة إلى جانب طائرات التزود بالوقود وطائرات التجسس حلقت مسافة نحو 2000 كيلومتر يوم الخميس، وألقت أكثر من 60 ذخيرة على أهداف عسكرية للحوثيين هدفت إلى شل حركة المواني الثلاثة التي تستخدمها الجماعة المدعومة من إيران. وشملت الأهداف مستودعات الوقود والنفط ومحطتين لتوليد الطاقة وثماني قواطر بحرية تستخدم في المواني التي يسيطر عليها الحوثيون.

لكن مع تعقيد الرد في اليمن، نبهت «معاريف» إلى أن الحوثيين يحصلون على دعم ومساندة من الإيرانيين، الذين استثمروا في الأسابيع الأخيرة بعد انهيار المحور الشيعي، بشكل أكبر في الحوثيين، وجعلوا منهم المنظمة الرائدة في المحور.

وقالت الصحيفة إن الصواريخ والطائرات المسيّرة التي يتم إطلاقها من اليمن هي من إنتاج إيران، وكذلك التحسينات على الصواريخ الباليستية التي تتمكن من التغلب على صواريخ «حيتس» التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية، وعدّ أشكنازي أن قصف خزان وقود أو بعض القاطرات القديمة في ميناء صغير باليمن هو بالضبط مثل قصف كثيب رملي في غزة، أو مركز كرتوني لـ«حماس» أمام ناحل عوز، مؤكداً: «إسرائيل يجب أن تتخذ قراراً حقيقياً بالتحرك بحسم. ليس فقط في اليمن، بل أيضاً ضد من يقفون وراء الأنشطة الحوثية، الذين وفقاً للمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، لا يوجدون في صنعاء بل في طهران... فهل تضرب إسرائيل طهران؟».

أشخاص يتركون منازلهم بعد الإنذار بالصاروخ في تل أبيب السبت (أ.ف.ب)

بدورها، حذرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» من أن خطر الرؤوس الحربية المناورة للصواريخ الإيرانية الثقيلة والطويلة المدى سيصبح أكبر بكثير ويمثل خطراً وجودياً بالنسبة لإسرائيل، إذا تمكنت إيران من تطوير رأس حربي نووي لهذه الصواريخ.

وقالت القناة «12» إنه في الأشهر الأخيرة، تغير الشرق الأوسط إلى حد لا يمكن التعرف عليه، وتم فتح نافذة من الفرص في سماء المنطقة. وأكدت القناة في تقرير مطول أنه بينما تعمل إسرائيل على إعادة ترسيخ قوتها في المنطقة وتحديث خططها العملياتية للهجوم على إيران، أصبحت طهران مكشوفة بعد أن تعرض نظام دفاعها الجوي لأضرار بالغة، ولكنها تستمر في تخصيب اليورانيوم وربما تكون جاهزة لصنع قنبلة ذرية. وتساءلت القناة: «هل تقترب إسرائيل من شن هجوم وقائي على المنشآت النووية الإيرانية»، مجيبة بأنه على خلفية الاضطرابات في الشرق الأوسط والضعف المتزايد الذي تعاني منه إيران، تتعالى الأصوات في إسرائيل التي تتحدث عن «نافذة فرصة» تاريخية لتدمير البرنامج النووي.

وقال التقرير إن المحور الشيعي، المصمم لخنق إسرائيل، ينهار، لكن أجهزة الطرد المركزي في طهران تستمر في الدوران بوتيرة مذهلة، إلى ما هو أبعد بكثير من الخط الأحمر الذي رسمه نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2012.

وأضاف التقرير: «للمرة الأولى منذ الهجوم الذي لم يتم في عام 2012، احتمال وقوع هجوم على المنشآت النووية عاد إلى الطاولة»، وبحسب القناة «12» فإنه «حتى في الجيش الإسرائيلي يتحدثون علناً عن الاستعداد لما قد تكون المهمة التالية».

حطام أثاث داخل غرفة بمنزل في أعقاب سقوط الصاروخ على تل أبيب السبت (رويترز)

وقال راز زيمت، الخبير في شؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي للقناة «12»: «في أي هجوم إسرائيلي على إيران، يجب أخذ ثلاثة عناصر رئيسية في الاعتبار، الأول هو الموقف الأميركي، لأنه حتى لو قمنا بخطوة مشتركة مع الأميركيين، أو لم نفعل ذلك، فلا يمكن أن يتم ذلك من دون التنسيق مع الأميركيين أو على الأقل الحصول على ضوء أخضر منهم. والعنصر الثاني هو القدرات العملياتية لإسرائيل، والثالث، نتيجة الهجوم وما سيحدث بعده». وتدرك القوات الجوية أنهم قد يعودون إلى الأراضي الإيرانية قريباً جداً، وهذه المرة للقيام بمهمة تدربوا عليها منذ عقود. لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، تم فتح ممر جوي إلى أراضي الجمهورية الإسلامية في سماء الشرق الأوسط، خالياً تقريباً من التهديدات، وهو ممر تحرص القوات الجوية على «صيانة دورية» له من خلال هجمات شبه يومية على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان.

وقالت القناة «12» إن الجيش الإسرائيلي يقدّر أن الواقع الجوي الجديد سيساعد في هجوم مستقبلي على المنشآت النووية في إيران.

وتابع التقرير: «من وجهة نظر إسرائيل، فإن سقوط نظام الأسد وانهيار حلقة النار الإيرانية يغيران ميزان القوى في الشرق الأوسط».