تقارير يمنية: الانقلاب أودى بـ1500 معلم ودمّر 2500 مرفق

TT

تقارير يمنية: الانقلاب أودى بـ1500 معلم ودمّر 2500 مرفق

كشفت مصادر تربوية وأخرى محلية بصنعاء عن تصاعد غير مسبوق في حدة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحق قطاع التعليم ومنتسبيه في العاصمة وعموم مناطق سيطرتها، في حين أفصح تقرير محلي حديث عن أن الجماعة دمرت 2500 مرفق تعليمي، ما تسبب بحرمان أزيد من مليوني طفل من حق الحصول على التعليم.
وتحدثت المصادر التي استندت إلى تقارير محلية عن تعرض الآلاف من المعلمين والعاملين التربويين بمناطق خاضعة تحت قبضة الجماعة لجرائم القتل والخطف والتعذيب حتى الموت، والإخفاء القسري والتشريد من قبل المسلحين الحوثيين.
المصادر ذاتها أفادت بوجود 3 ملايين طالب وطالبة بمدن تحت بسطة الانقلابيين لا يزالون حتى اللحظة معرضين للمخاطر والكوارث الآنية والمستقبلية، نتيجة ما قالت إنه «استمرار للاستهداف الحوثي المتكرر والمنظم بحق العملية التعليمية ومواصلة غرس المفاهيم والأفكار الحوثية الطائفية في عقول طلبة المدارس».
وفي هذا السياق تحدثت نقابة المعلمين اليمنيين عن رصدها وتوثيقها منذ انقلاب الميليشيات في عام 2014، وحتى العام الجاري 2021 لسلسلة من الانتهاكات الحوثية بحق المعلمين والعملية التعليمية برمتها.
وذكر تقرير النقابة أن نحو 1579 معلماً وإدارياً بقطاع التعليم تعرضوا للقتل طيلة 6 أعوام ماضية على أيدي الحوثيين، بينهم 81 مدير مدرسة، و1497 معلماً وعاملاً تربوياً، ولفتت إلى تعرض 2642 معلماً لإصابات مختلفة برصاص الميليشيات، ونتج عن بعضها إعاقات مستديمة.
وتطرق التقرير إلى إصدار الجماعة خلال تلك الفترة لقرارات إعدام بحق 10 معلمين، بينهم سعد النزيلي نقيب المعلمين، وخالد النهاري مدير إحدى المدارس بصنعاء، إلى جانب 8 طلبة آخرين، وذلك عقب اختطافهم والزج بهم في معتقلاتها.
كما وثق التقرير ارتكاب الانقلابيين لنحو 621 حالة اختطاف وإخفاء قسري بحق المعلمين، إذ احتلت محافظة الحديدة المرتبة الأولى من حيث عدد المعلمين المختطفين من قبل الميليشيات.
وذكر أن قرابة 14 معلماً فارقوا الحياة نتيجة جرائم التعذيب في أقبية السجون الحوثية. وأشار إلى تسبب الجماعة خلال تلك الفترة بتهجير نحو 20 ألف معلم بعد تعرضهم للتهديدات والملاحقات من قبل مسلحيها، ما جعلهم يضطرون لترك أعمالهم ومنازلهم وأقاربهم، والنزوح إلى محافظات أخرى لضمان أمن سلامتهم وأسرهم.
وطبقاً للتقرير، تسببت الجماعة بقطع رواتب 60 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع التربوي والبالغ عددهم أكثر من 290 ألف موظف وموظفة.
ورصدت النقابة في تقريرها ما يزيد على 5476 فعالية أقامتها الجماعة الحوثية للتعبئة العسكرية والطائفية بمدارس العاصمة صنعاء خلال فترة 47 يوماً ماضياً فقط. وقالت إن الميليشيات استهدفت من خلالها أكثر من نصف مليون طالب وطالبة مقيدين في 310 مدارس، بغية غسل أدمغتهم ولإنتاج جيل مشبع بالأفكار الطائفية وبثقافة القتل والعنف والكراهية.
وعلى ذات الصعيد، واستمراراً للاستهداف والتدمير الحوثي المتكرر لقطاع التعليم والعاملين فيه، كشف المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين، يحيى اليناعي، عن استمرار وجود فريق خاص من الخبراء الإيرانيين في العاصمة المختطفة صنعاء، قال إن مهمتهم تقتصر على الإشراف على تغيير ما تبقى من المناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية.
وتحدث اليناعي، عبر تغريدات له على منصات التواصل، عن إجراء الجماعة بالتعاون مع خبراء إيرانيين لأكثر من 187 تعديلاً إضافياً على مناهج العام الدراسي الحالي بعد أن كانت قد أجرت 234 تعديلاً في الأعوام الماضية على مناهج المرحلتين الأساسية والثانوية بمناطق سيطرتها.
ومن بين التغييرات التي أحدثتها الجماعة، طبقاً للمسؤول النقابي، ضم سيرة وصورة القيادي الحوثي صالح الصماد، الذي قتل في غارة للتحالف في 2018، كرمز وطني في كتاب التربية الوطنية للصف السادس الابتدائي.
وأشار إلى أن حروب الإمامة وغيرها أدرجت ضمن كتاب التربية الوطنية، للصف الخامس الأساسي باعتبارها «ثورات يمنية خالدة تستحق الاحتفاء» وفق المزاعم الحوثية.
وعلى صلة بنفس الموضوع، أفادت منظمة «إنقاذ الطفولة» بأن نحو 5 هجمات حوثية على مدارس عدة في محافظة تعز في شهر مارس (آذار) الماضي، حرمت أكثر من 30 ألفاً و600 طفل من حق الحصول على التعليم، الأمر الذي أدى أيضاً إلى تفاقم أزمة التعليم في البلاد، وفقاً للبيانات التي حللتها المنظمة.
وقالت إن مثل هذه الهجمات ستؤدي إلى انتكاسة تعليم الأطفال في اليمن لسنوات، أو حتى بقية حياتهم.
وأضافت المنظمة في تحديثها الأخير، أن هجمات الحوثي على المدارس هذا العام، تعد أكثر من ضعف عدد الهجمات على المرافق التعليمية التي تم الإبلاغ عنها في الربع الأخير من عام 2020.
ووفقاً لبيانات المنظمة، فقد أدى تصعيد الانقلابيين للعنف بمناطق يمنية مختلفة، بينها محافظة تعز إلى مقتل وجرح 50 طفلاً معظمهم من طلبة المدارس خلال الربع الأول من العام الجاري في تلك المحافظة وحدها.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم