«رسالة سياسية» من عسكريين تثير جدلاً في تونس

TT

«رسالة سياسية» من عسكريين تثير جدلاً في تونس

خلفت رسالة وجهتها قيادات عسكرية متقاعدة في تونس إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد تدعوه إلى ممارسة صلاحياته لحل الأزمة في البلاد، جدلاً واسعاً وتوجساً من تدخل المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي.
وبينما قلل سياسيون من الأهمية السياسية للرسالة ممن رأوا أنها تدخل في خانة «الحق في التفكير بصوت عالٍ لإنقاذ البلاد»، فإن بعض القيادات السياسية مثل غازي الشواشي رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض اعتبر أن المسألة خطيرة وقد تخفي وراءها أطرافاً سياسية داعمة لتلك القيادات العسكرية، وقد تفضي إلى تدخل الجيش في الحياة السياسية وهو ما قد يمثل تهديداً للمسار الديمقراطي.
وانتقد الشواشي تدخل قيادات عسكرية متقاعدة في الشأن السياسي، وقال إن الأمر يصبح خطيراً عند استعمال رتبهم العسكرية للتأثير والضغط على مؤسسات الدولة. وأضاف الشواشي أن هذا التدخل غير صحي وهو يخفي وجود جهات سياسية متخفية وراءهم وهي التي تدفع بهم إلى الواجهة لغايات لا علاقة لها بمصلحة تونس واستقرارها، على حد تعبيره.
كما قال محمد الناصر الرئيس السابق للبرلمان ورئيس الجمهورية بالإنابة، إن طموح قيادات عسكرية سابقة بالمشاركة في الحياة السياسية يمثل طموحاً مشروعاً على حد تعبيره، معتبراً أن المؤسسة العسكرية آمنة والجيش الوطني له مكانته في تونس وبين التونسيين منذ اندلاع ثورة 2011.
وتضمنت الرئاسة المفتوحة التي وجهت إلى الرئيس سعيد وحملت عنوان «الأمل الأخير لإنقاذ البلاد»، دعوة لعقد جلسة عامة عاجلة في البرلمان لإنهاء الخلاف بين الرئاسات الثلاث وطي صفحة الماضي وإيجاد الحلول العاجلة لإنقاذ البلاد. كما دعت الرسالة مجلس الأمن القومي الذي يترأسه رئيس الجمهورية إلى الاجتماع في جلسة مخصصة للتشاور حول إطلاق الحوار الوطني الموعود وحل الأزمة الدستورية والسياسية التي تعصف بمؤسسات الدولة.
ودعت القيادات العسكرية في رسالتها الرئيس سعيد إلى الأخذ بزمام الأمور وممارسة صلاحياته كاملة بالفعل لا بالقول، وإطلاق حوار وطني بهدف إنقاذ تونس من الانهيار وسحب البساط من أمام الانتهازيين ومن يتبنون الفوضى ويخططون للتخريب.
وحملت الرسالة توقيع محمد المؤدب، وهو أمير لواء متقاعد، وعلي السلامي عقيد متقاعد، ومختار بالنصر وسهيل الشمنقي وكلاهما عميد متقاعد، إلى جانب بوبكر بن كريم كاهية رئيس أركان جيش البر سابقاً والبشير المجدوب رئيس جمعية قدماء معهد الدفاع الوطني.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.