جولة ثانية من الحوار الكوبي الأميركي

هدفه إعادة العلاقات الدبلوماسية وتطبيع ينهي نصف قرن من النزاع

جولة ثانية من الحوار الكوبي الأميركي
TT

جولة ثانية من الحوار الكوبي الأميركي

جولة ثانية من الحوار الكوبي الأميركي

تواصل الولايات المتحدة وكوبا اليوم (الجمعة)، حوارهما التاريخي خلال الجولة الثانية من المباحثات الهادفة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية وتطبيع كامل ينهي نصف قرن من النزاع.
وتلتقي الحكومتان اليوم في مقر الخارجية الأميركية وذلك بعد جولة أولى من المحادثات الرسمية جرت في هافانا نهاية يناير (كانون الثاني)، إثر الإعلان المفاجئ في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2014، للرئيسين راوول كاسترو وباراك أوباما عن انفراج بين البلدين.
وتلتقي روبرتا جاكوبسون مساعدة وزير الخارجية لشؤون أميركا اللاتينية مع جوزفينا فيدال مديرة قسم الولايات المتحدة في الخارجية الكوبية.
ومن المقرر عقد مؤتمر صحافي عصر اليوم.
ويتمثل الهدف في إعادة فتح السفارتين، ربما في الربيع، في عاصمتي البلدين وتعيين سفيرين.
يذكر أن العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين البلدين منذ 1961؛ لكنهما يقيمان منذ 1977 مكتبين لرعاية المصالح، هما بمثابة بعثتين دبلوماسيتين.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية «سيكون رئيسانا (كاسترو وأوباما) ووزير خارجيتنا (جون كيري) سعداء إذا تمكنا من تسوية كل الأمور بحلول قمة الأميركيتين» في 10 و11 أبريل (نيسان) في بنما.
ومن المقرر أن يشارك كاسترو وأوباما في هذه القمة التي تشكل مناسبة للقاء محتمل سيكون تاريخيا ولإعادة فتح السفارتين.
وإن كان تبادل السفراء أمرا ممكنا، فإن التطبيع الكامل يبدو أكثر تعقيدا. فبعد أكثر من 50 عاما من العداء، باتت مواطن الخلاف كثيرة بين البلدين بداية من الحظر التجاري والمالي الذي تفرضه واشنطن على كوبا منذ 1962.
وتطالب كوبا برفع الحظر، وأوباما يؤيد ذلك، وطلب من الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، العمل على ذلك لأنه المؤسسة الوحيدة التي تملك الصلاحية الدستورية للقيام بذلك.
ويدعو نواب جمهوريون وديمقراطيون أيضا إلى إنهاء الحظر؛ لكن الكثيرين في المعسكرين يعارضون الأمر وينددون، خصوصا بكون عملية التطبيع تجري من دون حوار مسبق مع نظام كوبا بشأن حقوق الإنسان والقمع السياسي.
ورد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست «أنها استراتيجية جديدة نحن نعتمدها». وأكد مجددا أن «الاستراتيجيات السابقة المتبعة خلال أكثر من 50 عاما والقاضية بعزل كوبا للضغط عليها حتى تغير طريقة تعاملها مع مواطنيها، كانت لها (نتائج متواضعة جدا)».
وخففت الإدارة الأميركية في الأسابيع الأخيرة بعض قيود الحظر المفروضة على القطاع الكوبي الخاص وقطاع الاتصالات. لكن القسم الأساسي منه لا يزال قائما.
وتطالب هافانا أيضا، قبل إعادة فتح السفارة، بشطب اسمها عن لائحة الخارجية الأميركية للدول «الداعمة للإرهاب». وكوبا مدرجة منذ 1982 مع إيران وسوريا والسودان ضمن هذه اللائحة.
وفي 17 ديسمبر (كانون الأول) قال أوباما إنه دفع للمضي قدما في هذا الملف.
وقال الدبلوماسي الكوبي غوستافو ماشين إنه سيكون هناك نوع من «التناقض» في تطبيع العلاقات بشكل كامل مع واشنطن، مع إبقاء كوبا على اللائحة السوداء.
لكن الدبلوماسية الأميركية ترفض هذا المنطق.
وصرح المسؤول في الخارجية الأميركية محذرا: «ستكون إعادة العلاقات الدبلوماسية أسهل بكثير إذا فصلوا (الكوبيين) بين الأمرين».
وقبيل المباحثات الرسمية الأولى بين البلدين نهاية يناير (كانون الثاني)، أفرجت هافانا عن 53 منشقا بموجب لائحة وضعتها الحكومة الأميركية.
وحسب دبلوماسيين أميركيين فإن مباحثات اليوم، التي تركز على العلاقات الدبلوماسية، يمكن أيضا أن تتيح تحديد تاريخ لأول لقاء رسمي محتمل بشأن حقوق الإنسان.
وفي الواقع فإن عملية التطبيع التاريخية بين كوبا والولايات المتحدة بدأت في سرية تامة، قبل نحو عامين، ضمن مفاوضات سرية جرت من ربيع 2013 إلى خريف 2014 برعاية الفاتيكان وكندا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.