الخلافات تتعمق حول الدستور الليبي وآلية انتخاب الرئيس

«ملتقى الحوار» لجولة جديدة بعد فشل مناقشات «القاعدة الدستورية»

جانب من البث المباشر للجلسة الختامية من أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي يوم الخميس (البعثة الأممية)
جانب من البث المباشر للجلسة الختامية من أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي يوم الخميس (البعثة الأممية)
TT

الخلافات تتعمق حول الدستور الليبي وآلية انتخاب الرئيس

جانب من البث المباشر للجلسة الختامية من أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي يوم الخميس (البعثة الأممية)
جانب من البث المباشر للجلسة الختامية من أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي يوم الخميس (البعثة الأممية)

بعد يومين من المداولات الساخنة، انتهى الاجتماع الافتراضي لـ«ملتقى الحوار السياسي» الليبي، دون الاتفاق على شيء ملموس يتعلق بـ«القاعدة الدستورية» للانتخابات التي سبق واقترحتها لجنته القانونية؛ لكنه أضاف خلافات جديدة حول الدستور، وآلية انتخاب الرئيس القادم، دفعت المبعوث الأممي لدى البلاد يان كوبيش، إلى القول مساء أول من أمس، إن «عديد المداخلات طرحت قضايا، كما لو كانت تحاول إيجاد حلول لجميع المشاكل المتراكمة في ليبيا خلال العقد الماضي».
وعكست أحاديث بعض المشاركين، خلال اجتماعات الملتقى، تغيرات في مواقفهم السابقة إلى ما وصف بـ«النقيض»، بشأن الاستفتاء على مشروع الدستور، أو كيفية انتخاب رئيس البلاد القادم، وهو ما رصده عبد الرحمن السويحلي عضو ملتقى الحوار، وقال: «هناك شخصيات سياسية تغيرت مواقفها تماماً حول تنظيم الانتخابات، في حين كانوا يؤيدون خلال الاجتماعات السابقة للملتقى في تونس وجنيف إجراءها بشدة».
ومن المفترض، وفقاً لما اتفق عليه الملتقى الحوار في تونس، أن تجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية معاً في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، دون الاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور؛ لكن هناك من يرى الآن إمكانية إجراء انتخابات نيابية في الموعد المحدد، على أن يتولى مجلس النواب الجديد، والسلطة التنفيذية الحالية الإعداد للانتخابات الرئاسية في موعد أقصاه يونيو (حزيران) 2022، إذا لم يتم التوافق على آلية انتخاب الرئيس قبل الموعد المتفق عليه.
وما بين الاقتراحين، هناك من ذهب إلى إمكانية إجراء انتخابات مزدوجة على الدستور والبرلمان معاً، على أن يناط بالأخير الإعداد للانتخابات الرئاسية وفقاً لما انتهت إليه نتيجة الاستفتاء على الدستور. وأمام تفرُع المشكلات وتمسك كل طرف بما يراه صحيحاً، رأى الأكاديمي الليبي أستاذ العلوم السياسية مالك أبو شهيوة، أن هناك «قلة من القابضين على السلطة والثروة في ليبيا يعملون على إقصاء كل الليبيين وحرمانهم من حق انتخاب الرئيس (الذي يحكمهم في المرحلة المقبلة) عن طريق الانتخاب الحر المباشر».
ووسط توصيف البعض بأن هناك «محاولات للانقلاب على خريطة الطريق»، انقسم المشاركون في الملتقى؛ بين من يرى أن الحديث عن الاستفتاء على مشروع الدستور «محاولة للعرقلة»، ومن يؤكد أن إجراء الانتخابات الرئاسية دون دستور «سيؤدي إلى الانقسام، وسيعمق الأزمة الليبية»، وانضم السويحلي، وهو الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، إلى الفريق الأخير، رافضاً التلويح بعقوبات دولية على من يُوصفون بـ«المعرقلين» للمسار السياسي.
وفيما قال إن «هناك من يتمسك بأن انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب يمثل خطراً على ليبيا وتهديداً لـ(ثورة فبراير/ شباط)، برر عضو ملتقى الحوار السياسي، إبراهيم صهد، مخاوفه من الانتخاب المباشر لرئيس الدولة، بخشيته أن «تعود ليبيا إلى ما كانت قبلاً»، في إشارة إلى عهد الرئيس الراحل معمر القذافي.
بدوره، استنكر مصطفى الزائدي أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، التلميح إلى حقبة القذافي وأن انتخاب رئيس الدولة من الشعب سيأتي بـ«ديكتاتور جديد»، متحدثاً عن أن غالبية المسؤولين الذين تولوا شؤون ليبيا منذ إسقاط القذافي جاءوا من قبل شخصيات دولية وأممية، مضيفاً في تصريح سابق: «على النخب الوطنية أن تنتبه إلى ذلك، وعلينا توحيد جهودنا وبرامجنا للتصدي لمحاولات إبقاء الوضع على ما هو عليه».
وأشار المحلل السياسي عيسى عبد القيوم، حول المشاركة في «ملتقى الحوار السياسي»، إلى ما قاله عقب عودته من المشاركة في اجتماعات اتفاق الصخيرات في المغرب في نهاية عام 2015، «لا تتوسعوا في نظرية المؤامرة، وستثبت لكم الأيام ومذكرات المبعوثين الأمميين أن كل الأشياء السيئة والمريبة والمعرقلة اقترحها ليبيون أعضاء بالحوار ولم يفرضها أحد علينا»،
وأضاف «اليوم نجحت الأمم المتحدة في وضعنا أمام المرآة، وأثبتت تلك الحقيقة، فالبث المباشر لجلسات الحوار (وليس العنعنة) كشف لنا أن الأسوأ والمناقض لرغبات الشارع والمصادم لأبجديات الديمقراطية، اقترحته شخصيات ليبية، أصبحتم تعرفونها بالاسم والصوت الصورة».
وأمام تشعب الموضوعات والقضايا، خرج الملتقى دون التوافق على «القاعدة الدستورية» التي أعدتها لجنة قانونية، وقال كوبيش مساء أول من أمس، مع نهاية اليوم الثاني للاجتماع: «أنوي عقد اجتماعات مباشرة لملتقى الحوار السياسي الليبي خلال ثلاثة أسابيع من الآن، كي يواصل دوره المتجسد في الإشراف على إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها. وسوف نحدد الزمان والمكان المناسبين بالتشاور معكم».
وأضاف كوبيش، الذي ثمن جهود المشاركين: «أرجو ألا تفهم الإشارة هنا على أنها تقليل من أحد، كان لدي شعور أحياناً بأننا لسنا في جلسة لملتقى الحوار، بل في جلسة من جلسات مجلسي الأعلى للدولة و(النواب)»، متابعاً: «ففي بعض الأحيان، وبدلاً من التركيز على كيفية الوصول إلى الهدف المتمثل في تنفيذ خريطة الطريق التي أقرّها ملتقى الحوار، بمعنى خلق الظروف المواتية لإجراء الانتخابات الوطنية طُرح العديد من المداخلات والقضايا، كما لو كانت تحاول إيجاد حل لجميع المشاكل العالقة المتراكمة خلال العقد الماضي».
وانتهى كوبيش قائلاً: «وعلى هذا الأساس وفي ضوء قرار مجلس الأمن الذي ينيط مسؤولية توضيح القاعدة الدستورية للانتخابات وسن التشريعات بالسلطات والمؤسسات المختصة في ليبيا مباشرة، أدعو مجلس النواب، بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، لأن يرتقي إلى مستوى مسؤولياته».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».