اتهامات لانقلابيي اليمن بسرقة تبرعات لفلسطين فرضوها بالقوة

TT

اتهامات لانقلابيي اليمن بسرقة تبرعات لفلسطين فرضوها بالقوة

في الوقت الذي انتهت فيه الميليشيات الحوثية من تنفيذ حملات الجباية التي طالت، أخيراً، مواطنين وتجاراً ومؤسسات خاصة وحكومية إيرادية في جميع مناطق سيطرتها تحت مبرر دعم القضية الفلسطينية، أفادت مصادر مطلعة، على ما يدور في أروقة حكم الجماعة، بأن قادتها قاموا بسرقة مبالغ طائلة هي حصيلة ما جمعوه من تلك التبرعات.
واتهمت المصادر، التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، قادة الجماعة بالقيام بمصادرة وسرقة جزء كبير من تلك المبالغ بعد تحويلها من قبل ما يسمى «لجنة التبرعات لدعم فلسطين» إلى حسابات سرية خاصة.
وبحسب المصادر، لجأت الميليشيات، قبل أيام وبهدف حفظ ماء الوجه أمام اليمنيين بعد تمكنهم من سرقة أموالهم تحت مسمى دعم فلسطين، إلى حيلة جديدة تمثلت بعقد اجتماع ترأسه القيادي في الميليشيات محمد علي الحوثي، الحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب، تحت شعار «إعداد آلية لتسليم مبالغ التبرعات».
وبينما تتبين المصادر حجم تلك التبرعات التي استطاعت الميليشيات جمعها بعدة طرق وأساليب بكل مناطق سيطرتها، وصفت الاجتماع الحوثي بـ«المسرحية الهزلية» للتغطية على إخفاء ما نهبته الجماعة من مبالغ مالية.
وكانت الميليشيات وتحت ذريعة دعم صمود الشعب الفلسطيني نفذت قبل ما يزيد على أسبوع حملات جباية طالت مواطنين وتجاراً في صنعاء العاصمة وريفها ومدن كل من ذمار وإب والمحويت وحجة وصعدة وعمران وريمة وغيرها، بهدف السطو على أموالهم، وذلك بعد أيام قليلة من انتهاء الجماعة ذاتها من حملة كبرى لجمع الإتاوات تحت مسمى الزكاة.
وشكا مواطنون وتجار وعاملون بمؤسسات خاصة وحكومية إيرادية بعدة مدن تحت السيطرة الحوثية، لـ«الشرق الأوسط»، من حملات النهب التي أجبرتهم على التبرع تحت قوة التهديد بالاعتقال والسجن.
وبحسب ما تحدثت به تلك المصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجماعة أوعزت قبل أيام إلى فرع البنك المركزي بالعاصمة المختطفة صنعاء لكي يصدر تعميمات لكل البنوك والمصارف بمناطق بسطتها تحضهم على فتح حسابات ونشر إعلانات خاصة لاستقبال التبرعات، في وقت أكدت فيه مصادر اقتصادية وحقوقية في صنعاء أن تلك التبرعات والجبايات ستذهب جميعها كسابقاتها من المبالغ التي خصصت طيلة السنوات الماضية لمواجهة الكوارث والأزمات والأمراض المتفشية لصالح كبار القادة في الجماعة الموالية لإيران.
وفيما وصف خبراء اقتصاد تلك الخطوة بأنها كارثية وقد تتسبب بمخاطر كثيرة على البنوك والمصارف اليمنية، حذروا من أن المصارف التي تتجاوب مع الخطوة الحوثية قد تتعرض لوقف معاملاتها في الخارج، إلى جانب تعرضها لعقوبات من قبل المؤسسات المالية الدولية.
وأرجع بعض الخبراء مكامن تلك الممارسات إلى عدم قانونية الخطوة التي أعلنتها الميليشيات على اعتبار أنها كيان انقلابي غير شرعي، ولا تتمتع باعتراف دولي.
وفي محافظة إب (170 كم جنوب صنعاء)، تحدثت مصادر محلية عن فرض الجماعة جبايات على مؤسسات حكومية إيرادية في المحافظة تحت مسمى دعم فلسطين.
وبحسب المصادر، من بين تلك المؤسسات، مؤسسة المياه في إب، حيث فرضت عليها الجماعة مبالغ مالية، إضافة إلى صندوق النظافة والتحسين ومكتب السلطة المحلية بالمحافظة، فضلاً عن مؤسسات حكومية أخرى.
وسبق أن أقدمت الجماعة قبل أكثر من عام ونصف العام على مصادرة ونهب المئات من الصناديق الخيرية من مطاعم ومحال تجارية في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها كانت وضعتها جمعيات ومنظمات خيرية لجمع التبرعات لصالح فلسطين ومرضى السرطان والمعاقين، ووضعت مكانها صناديق أخرى خاصة بمجهودها الحربي ومؤسسة رعاية أسر قتلاها وجرحاها.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.