السيسي يحذر إثيوبيا من «فرض الأمر الواقع» ويطالب باتفاق عادل

زار جيبوتي للمرة الأولى وبحث تعزيز التعاون الأمني والعسكري

مساعدات طبية وغذائية مصرية دعماً لجيبوتي (المتحدث العسكري المصري)
مساعدات طبية وغذائية مصرية دعماً لجيبوتي (المتحدث العسكري المصري)
TT

السيسي يحذر إثيوبيا من «فرض الأمر الواقع» ويطالب باتفاق عادل

مساعدات طبية وغذائية مصرية دعماً لجيبوتي (المتحدث العسكري المصري)
مساعدات طبية وغذائية مصرية دعماً لجيبوتي (المتحدث العسكري المصري)

حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إثيوبيا، أمس، من «فرض الأمر الواقع» بخصوص مساعيها لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان «سد النهضة»، مشدداً على حتمية الوصول إلى «اتفاق عادل ومتوازن» ينظم ملء وتشغيل السد، في أقرب فرصة ممكنة.
وقام الرئيس السيسي، أمس، بزيارة هي الأولى من نوعها إلى جيبوتي، إحدى دول الجوار الهامة بالنسبة لإثيوبيا، وسط تصاعد التوترات بين القاهرة والخرطوم من جهة وبين أديس أبابا من جهة أخرى، بشأن سد النهضة، الذي تقيمه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس جيبوتي عمر غيلة، أكد السيسي «حتمية التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة، بما يحقق مصالح الجميع ويعزز من أواصر التعاون والتكامل بين بلدان وشعوب المنطقة»، مشدداً على «رفض مصر لأي مسعى لفرض الأمر الواقع من خلال إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب». ووفق تصريحات رسمية، تعتزم إثيوبيا إجراء الملء الثاني لخزان السد بنحو 13.5 مليار متر مكعب، خلال موسم الأمطار، في يوليو (تموز) المقبل، في إجراء حذرت منه مصر والسودان، بسبب تأثيره المتوقع على إمدادات المياه المتدفقة إلى دولتي المصب، فضلاً عن أضرار أمنية وبيئية أخرى.
وفيما بدا محاولة للضغط على إثيوبيا، توجه الرئيس السيسي إلى جارتها الشرقية جيبوتي، التي تعد منفذها البحري الرئيسي؛ حيث أجرى مباحثات مع غيلة تناولت تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف المستويات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية، وتكثيف التعاون في مجال بناء القدرات من خلال البرامج التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.
وتعهد السيسي بتوفير الدعم اللازم لزيادة الاستثمارات المصرية في جيبوتي، وإتاحة المجال أمام الشركات المصرية للمساهمة في مشروعات البنية التحتية، إضافة إلى تيسير نفاذ مزيد من الصادرات المصرية إلى السوق الجيبوتية والمضي قدماً بافتتاح فرع لبنك مصر في جيبوتي، والإسراع بالإجراءات الخاصة بإنشاء المنطقة اللوجستية المصرية في جيبوتي خلال الفترة المقبلة لتيسير تصدير مختلف البضائع المصرية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في القطاعات ذات الأولوية، خاصة مجال النقل وربط الموانئ، ومجال الصحة؛ حيث يجري التنسيق بين الجانبين لإنشاء مستشفى مصري في جيبوتي، فضلاً عن التعاون في مجال الاستزراع السمكي.
ووفق بيان للرئاسة المصرية، جرى توافق مصري - جيبوتي على تكثيف الجهود المشتركة في مجال مكافحة الفكر المتطرف وتأهيل الدعاة من خلال تكثيف نشاط الأزهر الشريف في هذا الشأن.
وقال السيسي إن اجتماعه مع رئيس جيبوتي جاء تتويجاً للجهود المشتركة على مدار الفترة الماضية لدفع التعاون الثنائي بين البلدين، ولوضع إطار استراتيجي متكامل وتصور مشترك لمختلف أوجه ومجالات التعاون وسبل دفعها في الفترة المقبلة، بما يؤكد الإرادة السياسية المشتركة في هذا الشأن، وبما يمهد لمرحلة جديدة من الشراكة التي تربط بين البلدين.
وأضاف خلال المؤتمر الصحافي أن مباحثاته الثنائية مع رئيس جيبوتي تأتي في ظل ظروف استثنائية تمر بها منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، على خلفية عدد من النزاعات والصراعات التي تشهدها، وتحديات تثبيت الأمن والاستقرار في بعض دولها؛ حيث تناولت مجمل الأوضاع الإقليمية، في ضوء ما تمثله من تحدٍ هام للمنطقة، واتفاق على أهمية تعزيز التعاون لدعم الأمن والاستقرار الإقليميين، والعمل المشترك لتجنب امتداد نطاق بعض النزاعات إلى دول الجوار، بما قد يهدد حالة السلم والأمن بالقارة الأفريقية.
وأشار السيسي إلى أنه توافق رئيس جيبوتي على أهمية تكثيف التعاون بين البلدين فيما يتصل بأمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب لتحقيق الأهداف المتعلقة بتوفير الأمن والتنمية الاقتصادية في المنطقة، خاصة أن مصر وجيبوتي يواجهان نفس التحديات ويتشاركان نفس الرؤية في هذا الصدد، مع الإعراب عن التطلع لمواصلة العمل في هذا الخصوص بين الجانبين من خلال مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، والتصدي لأي محاولة من أطراف خارج الإقليم لفرض رؤيتهم على المنطقة. وأعرب السيسي عن تطلعه إلى استقبال رئيس جيبوتي في مصر لمواصلة التشاور والتنسيق.
وتأتي زيارة السيسي عشية إرسال القوات المسلحة المصرية مساعدات طبية وغذائية، إلى جيبوتي، على طائرتي نقل عسكريتان «دعماً لشعب جيبوتي في مواجهة التحديات التي يواجهها».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.