الأزمة اليمنية... انتظار للضغوط الدولية أم رهان على الحل العسكري؟

سياسيون لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون لن يقبلوا بأي حلول سلمية

يمني يحمل طفله في شارع مطل على المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
يمني يحمل طفله في شارع مطل على المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأزمة اليمنية... انتظار للضغوط الدولية أم رهان على الحل العسكري؟

يمني يحمل طفله في شارع مطل على المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
يمني يحمل طفله في شارع مطل على المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)

في ظل انسداد أفق الأزمة اليمنية مع رفض الحوثيين لمساعي السلام والخطط الأممية والمبادرات الدولية والإقليمية، تلوح في الشارع اليمني تساؤلات عن الحلول الممكنة للخروج من هذا المأزق لاستعادة صنعاء وبقية المناطق المختطفة، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب واستعادة المسار السياسي التوافقي القائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية ذات الصلة.
فبعد أكثر من 6 سنوات من المساعي الدولية والأممية، وانتهاء بإغلاق الجماعة المدعومة من إيران الباب في وجه ثالث المبعوثين الأمميين، وهو مارتن غريفيث، قبل أن يفتحوه أمس نتيجة الضغوطات الهائلة، ولكن هل يبقى الرهان قائماً على أي ضغوط لإرغام الجماعة على التخلي عن السلاح وخسارة ما حققته ميدانياً، مع الأخذ بعين الاعتبار ارتهان هذه الجماعة لأجندة إيران التوسعية في المنطقة؟
كثير من السياسيين اليمنيين الموالين للحكومة الشرعية ينطلقون من فرضية أن الجهود الدولية والأممية لا يمكن أن ترغم الميليشيات الحوثية على القبول بأي حلول سلمية، ما يجعلهم يراهنون على ضرورة توحيد جهود القوى اليمنية المناهضة للجماعة للاستمرار في خوض المعركة عسكرياً، إذ إن ذلك من وجهة نظرهم هي الطريقة المثلى للقضاء على المشروع الإيراني وأداته الحوثية.
- «حلول ترقيع»
يصف وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية عبد الباسط القاعدي الحلول الدولية المقترحة للسلام بـ«الترقيعية» مع استبعاده أن توافق الجماعة الحوثية عليها. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن رفض ميليشيات الحوثي لكل جهود السلام نابع من تركيبتها الآيديولوجية وبنيتها الفكرية والثقافية والعقدية، فهي جماعة استعلائية تؤمن بفكرة الاصطفاء والتميز عن بقية البشر».
ويضيف القاعدي: «أدبيات الجماعة وأحاديث المنتمين والمنظرين لها، وكذلك تراثها الثقافي وإرثها السياسي الذي تستند عليه، يثبت أنها لا يمكن أن تنصاع للسلام مطلقاً حتى في حالة هزيمتها، فإنها تتكلس وتتقوقع لتعيد إخراج نفسها في عباءة جديدة أكثر عنفاً».
ويعتقد الوكيل أن «كل جهود السلام المطروحة حالياً لا تؤسس لإنهاء حقيقي وكامل للحرب، بل تؤسس لصراع قادم أكثر عنفاً، وهي تستحضر تجارب مماثلة في المنطقة وفاشلة مثل تجربة السلام اللبنانية».
كما يرى أن «الإشكالية الأخرى تكمن في أن كل الملفات التي تدخل فيها إيران في المنطقة تصبح عصية على الحل إلا في حالة واحدة، وهي إلحاق هزيمة ماحقة وسحق أدواتها في هذا البلد أو ذاك، وبدون ذلك تظل كل الحلول ترقيعية وتأجيلية»، مدللاً على ذلك بـ«نماذج العراق وسوريا ولبنان».
وعن الحلول من وجهة نظره، لهذه المعضلة، يقول القاعدي: «هناك حل أوحد أمام اليمنيين لاستعادة دولتهم، وهو في أن يوحدوا صفوفهم ويتعالوا على خلافاتهم ويحزموا أمرهم نحو معركة استعادة الكرامة واستعادة الدولة، وما لم يحدث ذلك، فاليمن تنتظره عقود من التقسيم والتمزيق والتشظي».
- التعويل على الضغوط الدولية
وكيل أول محافظة إب اليمنية محمد الدعام يذكّر بتعنت الميليشيات الحوثية إزاء كل مساعي السلام. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة اليمنية قبلت بكل المبادرات ورحبت بها، وفي المقابل رفضها الحوثيون بشكل قاطع، وهذا غير مستغرب من جماعة ماضوية تعيش بأفكار فاشستية، ولا تؤمن إلا بحقها في استعباد اليمنيين».
ويضيف: «لقد انقلب الحوثيون على كل الاتفاقيات ابتداء بمخرجات الحوار الوطني و(اتفاق السلم والشراكة)، وسيطروا على المحافظات واحدة تلو الأخرى وما زالوا يأملون بالسيطرة على كل اليمن».
وفي معرض استبعاد الدعام انصياع الجماعة الحوثية لأي ضغوط دولية للانخراط في المفاوضات، يرى أن ذلك «ضرب من الجنون»، وفق تعبيره.
ويتابع حديثه بالقول: «يجب على اليمنيين ألا يقبلوا بسياسة الأمر الواقع في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون، كما ترغب في ذلك بعض القوى الدولية وتريد ترسيخه، هذا بلدنا ولا بد أن نستعيده من براثن العصابة التي شردت وقتلت ومزقت النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني، يجب على الحكومة تكثيف جهودها والاعتماد على قوة الشعب وعلى استغلال الدعم الذي تقدمه دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية».
وعن تعقيدات الملف اليمني إقليمياً، يقرّ الدعام أن «الحوثيين رهنوا اليمن بيد إيران وجعلوها ملفاً إيرانياً خالصاً تساوم عليه في مفاوضاتها النووية». ويقول: «هذا بلدنا، وهذه دولتنا، وإن لم نكن نحن من يستعيدها فسيضيع مستقبل أولادنا وأحفادنا».
- لغة القوة
يجزم الصحافي اليمني مصطفى غليس أن الحوثيين لا يعرفون سوى لغة القوة، وأن رضوخهم بين وقت وآخر لأي مفاوضات يأتي في سياق المناورة واستغلال الوقت نحو مزيد من التوسع العسكري.
وفي حديثه مع «الشرق الأوسط»، يقول غليس: «لو ألقينا نظرة فاحصة على مشاورات السلام التي حضرتها ميليشيا الحوثي مع وفد الحكومة اليمنية الشرعية ووضعناها في إطارها الزمني، وما رافقتها من وقائع على الأرض سنجد أن الحوثيين هرولوا إلى مشاورات الكويت لأن قوات الجيش الوطني كانت على مشارف صنعاء، وتكرر الأمر ذاته حينما وصلت القوات المشتركة إلى بعض شوارع مدينة الحديدة، وحينها سارع الحوثيون للجلوس على طاولة الحوار في السويد، ونتج عنه اتفاق ستوكهولم الذي أوقف تحرير المدينة الساحلية المهمة، وفي كلتا الحالين التزمت الحكومة الشرعية ببنود الاتفاق، على عكس الحوثيين الذين لم يذهبوا إلى تلك المشاورات إلا لإيقاف تقدم القوات الحكومية والحؤول دون تحرير ما تبقي من أرض خاضعة لسيطرتهم».
وعن رفض الحوثيين راهناً للمساعي الدولية والأممية، يتابع الصحافي اليمني مصطفى غليس حديثه بالقول: «اليوم وبعد أن تغيرت الموازين على الأرض، يرفض الحوثيون الذهاب لأي مشاورات سلام لاعتقادهم وتوهمهم أن لهم الغلبة وأنهم قادرون على احتلال كامل الأراضي اليمنية في حال سقطت مأرب في أيديهم، وبالتالي فما من مبرر من وجهة نظرهم لمشاورات السلام، لا لشيء إلا لأنهم لا يؤمنون بلغة السلام، ولا يضعون لحقوق الإنسان وما تشهده اليمن من مآسٍ ناجمة عن الحرب التي أشعلوها أي اعتبار».
وعن الخيار الأمثل لمجابهة الحوثيين الذين يعلون الحرب، ويفضلونها على خيار السلام، يعتقد غليس أنه «ليس أمام اليمنيين بقواهم كافة إلا مساندة الجيش الوطني والمقاومة الوطنية ومواصلة الكفاح حتى تحرير كامل أراضي الجمهورية اليمنية».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.