قصف مدفعي عنيف يمهد لمعركة تكريت.. ومساع من «داعش» لفتح جبهة في كركوك

التنظيم الإرهابي يختطف 200 شاب من قبيلة «العبيد» شمال بغداد

تكريت
تكريت
TT

قصف مدفعي عنيف يمهد لمعركة تكريت.. ومساع من «داعش» لفتح جبهة في كركوك

تكريت
تكريت

نفى قائد عسكري عراقي رفيع المستوى ومقرب من الأجواء الخاصة بمعركة تحرير تكريت إن «ساعة الصفر لم تأت بعد». وقال القائد العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، إنه «ليس بالحسابات العسكرية مواعيد يمكن أن تعلن مسبقا للبدء بخوض معركة معينة، لكن هناك استنتاجات من جهات سياسية وأخرى مرتبطة بالحشد الشعبي أو العشائر تربط بين طبيعة ما تراه من استحضارات عسكرية على الأرض، ورغبتها في التعجيل بمعركة تحرير تكريت».
وأضاف القائد العسكري الرفيع المستوى إن «تكريت ليست كلها بيد الدواعش مثلما يشاع في الإعلام، حيث إن نصفها تقريبا بيد القوات العراقية بالإضافة إلى أن هناك مناطق قد تم تأمينها بالكامل مثل بيجي والطريق الرابط مع سامراء، في حين بقي النصف الآخر من تكريت الذي سوف يكون الثقل الأكبر للعمليات فيه تمهيدا للمضي باتجاه الدور والعلم والزوية والشرقاط».
وفي وقت يحاول فيه تنظيم داعش شغل القوات العراقية بفتح جبهة في كركوك من خلال قيامه بخطف أكثر من 200 شاب من قبيلة «العبيد» وحجز عشرات العوائل هناك، فقد أكد القائد العسكري العراقي: «إنني قد لا أذيع سرا عسكريا إذا ما قلت إن معركة تحرير تكريت لا تكتمل دون تحرير المناطق المتاخمة من كركوك بدءا من منطقة الفتحة حيث لدى داعش حواضن في تلك المنطقة، وهو ما يستدعي وضع الخطط اللازمة للانتهاء منها».
وكانت قيادة العمليات المشتركة أعلنت أن القوات المشتركة بدأت هجومها على مدينة تكريت من محاور عدة بقصف صاروخي ومدفعي عنيف. وقال مصدر مسؤول بالقيادة إن «القوات المشتركة حققت بعض التقدم في بداية الهجوم، خصوصا في مناطق الجلام والشيخ محمد والرصاص والبو خدة»، مشيرا إلى أن «هذه المناطق تفصل بين قضاء الدور (25 كلم شرقي تكريت) ومدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية تحرير تكريت وطبقا للمعلومات التي تصلنا سواء من قيادة الجيش أو الحشد الشعبي، فإنها لن تستغرق وقتا طويلا مثلما كان متوقعا» مشيرا إلى أن «هناك سببين يقفان خلف ذلك، وهما أن هناك مناطق كثيرة من تكريت وبعض المناطق القريبة منها قد تم تأمينها، بالإضافة إلى التنسيق العالي بين الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية والحشد الشعبي وأبناء العشائر، الأمر الذي يجعل معركة تحرير تكريت مقدمة للنصر الذي سنحققه على (داعش) في كل من الموصل والأنبار»، موضحا أن «تحرير تكريت سوف يقطع كل خطوط الإمداد والتمويل والدعم اللوجستي لـ(داعش)، بالإضافة إلى رمزية بعض الأماكن في هذه المحافظة مثل سامراء التي يراهن (داعش) من خلال الاقتراب منها على إحداث فتنة طائفية تقود البلاد إلى حرب أهلية جديدة».
وفي هذا السياق، أكد مصدر أمني في محافظة صلاح الدين أن العشرات من عناصر «داعش» سقطوا بين قتيل وجريح باشتباكات شمال سامراء. وقال المصدر في تصريح صحافي أمس إن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين القوات الأمنية والحشد الشعبي من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على أثر محاولة القوات الأمنية التقدم في عمق منطقة سور شناس شمال سامراء». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «الاشتباكات أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من تنظيم داعش»، مشيرا إلى «إصابة 25 عنصرا من الحشد الشعبي جراء الاشتباكات».
إلى ذلك، توعدت حركة «أهل الحق» بالثأر ممن سمتهم قتلة المتدربين والطلبة العسكريين في قاعدة سبايكر شمال مدينة تكريت. وفي أول إشارة إلى بدء عمليات الانتقام بعد الانتهاء من صفحة تكريت، قال المتحدث باسم الحركة جواد الطليباوي في بيان له أمس: «أكملنا جميع التحضيرات والاستعدادات الخاصة بمعركة تطهير المناطق والقرى الواقعة شمال سامراء»، مشددا: «إننا سنقاتل في شمال سامراء من أجل تطهير الأرض ولأخذ الثأر من قتلة الجنود في سبايكر».
وفي سياق متصل، كشف أمير قبائل «العبيد» في العراق الشيخ أنور العاصي عن قيام عناصر «داعش» باختطاف أكثر من 200 شاب واحتجاز نحو 42 عائلة من النساء والأطفال من أهالي 5 قرى واقعة بين مدينتي كركوك وبيجي خلال الشهرين الماضيين. وقال أنور العاصي في تصريح صحافي إن «مسلحي تنظيم (داعش) قاموا، باقتحام قرية ربيضة المحاذية لنهر دجلة بين مدينة تكريت وبيجي واختطفوا 17 شابا واقتادوهم لجهة مجهولة»، مبينا أنها «المرة الثالثة التي يقتحم فيها (داعش) القرية خلال يوم واحد». وأضاف العاصي أن «عناصر التنظيم اقتحموا القرية قبل أسبوع واختطفوا 111 شابا من أبنائها»، مشيرا إلى أنه «تم الإفراج عن 27 منهم وإعدام 13 آخرين، فيما بقي مصير الآخرين مجهولا». وتابع العاصي أنه «تم اختطاف 85 آخرين من أهالي القرية التي يقطنها أبناء عشيرة العبيد والمسارة قبل شهرين»، موضحا أن «(داعش) أقدم على الخطف بسبب رفض أهالي القرية أفكاره ووجود توجه لدى شبابهم للالتحاق بالقوات الأمنية والحشد الشعبي». وأشار العاصي إلى أن «القرية مهمة جدا لموقعها الاستراتيجي المطل على نهر دجلة»، لافتا إلى أن «معظم المختطفين من الشباب وعناصر الشرطة والجيش والصحوة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.