الانقلابيون في مالي يبحثون عن حلول رغم العزلة

أفرجوا عن الرئيس الانتقالي ورئيس الوزراء بعد استقالتهما

صورة تعود لسبتمبر الماضي ويظهر فيها الرئيس الانتقالي باه ندا (يمين) مع العقيد أسيمي غويتا الذي أمسك بمقاليد الحكم (أ.ب)
صورة تعود لسبتمبر الماضي ويظهر فيها الرئيس الانتقالي باه ندا (يمين) مع العقيد أسيمي غويتا الذي أمسك بمقاليد الحكم (أ.ب)
TT

الانقلابيون في مالي يبحثون عن حلول رغم العزلة

صورة تعود لسبتمبر الماضي ويظهر فيها الرئيس الانتقالي باه ندا (يمين) مع العقيد أسيمي غويتا الذي أمسك بمقاليد الحكم (أ.ب)
صورة تعود لسبتمبر الماضي ويظهر فيها الرئيس الانتقالي باه ندا (يمين) مع العقيد أسيمي غويتا الذي أمسك بمقاليد الحكم (أ.ب)

أفرج الجيش المالي عن رئيس البلاد ورئيس الوزراء الانتقاليين، فجر أمس (الخميس)، وذلك بعد أن قدما استقالتهما لزعيم الانقلاب العقيد أسيمي غويتا، الذي أمسك بمقاليد الحكم في البلاد، وبدأ يستعد لإدارة مرحلة انتقالية، رغم العزلة الدولية والتلويح بعقوبات في حقه وبقية العسكريين الذين قادوا معه الانقلاب العسكري في هذا البلد الأفريقي الهش والفقير.
ويأتي الإفراج عن الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان، كاستجابة من قادة الانقلاب لدعوة مجلس الأمن الدولي، أول من أمس (الأربعاء)، بالإفراج الفوري عنهما، وهي المطالب التي دعمتها المجموعة الدولية، خصوصاً المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تقود وساطة في الأزمة المالية المستمرة منذ انقلاب عسكري قاده الجيش أغسطس (آب) الماضي، وأطاح بالرئيس السابق إبراهيم ببكر كيتا.
ورغم استجابة قادة الانقلاب لهذه المطالب، فإنهم يعانون من عزلة كبيرة، فالاتحاد الأوروبي لوّح بفرض عقوبات قوية عليهم، من أبرزها تجميد أموال العسكريين المشاركين في الانقلاب ومنعهم من السفر، فيما علقت الولايات المتحدة تعاونها العسكري مع مالي، وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، إنها «ستدرس أيضاً الإجراءات المستهدفة ضد القادة السياسيين والعسكريين الذين أعاقوا الانتقال المدني نحو الحكم الديمقراطي». من جهتها، تستعد مجموعة «إيكواس» لوقف التبادل التجاري والمالي مع مالي، كما يتوقع أن تصل العقوبات إلى تجميد عضوية مالي في الاتحاد الأفريقي، وتعليق عضويتها في مختلف هيئات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، حتى يتنحى العسكريون عن الحكم وتسليم مقاليد السلطة للمدنيين.
وبعد سيطرته على الحكم في مالي، أغسطس الماضي، أعلن الجيش أنه سيقود مرحلة انتقالية مدتها 18 شهراً، ينظم فيها حواراً وطنياً شاملاً لوضع ميثاق وطني جديد، وتنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية، وبضغط من المجموعة الدولية، عين الانقلابيون نهاية العام الماضي رئيساً ووزيراً أول انتقاليين من المدنيين لإدارة المرحلة الانتقالية، فيما تولى زعيم الانقلاب منصب نائب الرئيس، واستحوذ العسكريون على أغلب الوزارات في الحكومة الانتقالية.
ولكن حين أقدم الوزير الأول، بموافقة الرئيس الانتقالي، الأسبوع الماضي، على إقالة عقيدين بارزين من قادة الانقلاب من وزارتي الدفاع والأمن الوطنيين، تعرضت المرحلة الانتقالية لانتكاسة كبيرة، فاحتجز الانقلابيون الرئيس الانتقالي والوزير الأول وأجبروهما على الاستقالة، بحجة خرق «الميثاق الانتقالي».
وخلال لقاء مع بعثة دولية وصلت، يوم الثلاثاء الماضي، إلى باماكو، قال العقيد أسيمي غويتا، زعيم الانقلاب، إنه يعتزم تولي زمام القيادة في الفترة الانتقالية، وتعيين رئيس للوزراء من المدنيين، وفق ما ذكر دبلوماسيون طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
ولم يعلن الانقلابيون أي تفاصيل حول خطتهم لتسيير المرحلة الانتقالية، ولكن مصادر في باماكو قالت، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش بدأ في التنسيق مع حركة الخامس من يونيو (حزيران) (وهي حركة شعبية معارضة نظمت العام الماضي مظاهرات شعبية حاشدة أسهمت في تأزيم الوضع والإطاحة بالرئيس السابق إبراهيم ببكر كيتا). وتقول المصادر ذاتها إن الجيش المالي يسعى للتحالف مع هذه الحركة الشعبية في إدارة المرحلة الانتقالية، وطلب منها في هذا السياق اقتراح شخصية لشغل منصب الوزير الأول، ولكن هذا الطلب أثار الخلافات داخل الحركة التي تحظى بشعبية واسعة في الشارع المالي. وكانت حركة الخامس من يونيو قد أصدرت، مساء الأربعاء، بياناً أعلنت فيه أنها ترحب باستقالة الرئيس والوزير الأول الانتقاليين، مشيرة إلى أنها سبق أن طالبت منذ أسابيع بما سمّته «تصحيح» العملية الانتقالية، ولكنها اتهمت الرئيس الانتقالي برفض الاستجابة لمطالبها، وحملته مسؤولية انتكاس المرحلة الانتقالية. ورغم دعمها لخطوة الجيش الأخيرة، فإن الحركة الشعبية لم تعلن حتى الآن أي موقف من دعوتها للمشاركة في إدارة المرحلة الانتقالية، فيما بدأت تلوح في الأفق بعض الانقسامات، حيث يعارض بعض قادتها أي تحالف مع الجيش «الفاسد» حسب وجهة نظرهم. ويراهن الجيش على هذه الحركة للخروج من عزلته، والظهور أمام المجموعة الدولية في موقف المدعوم من طرف الشارع، خصوصاً أن النقابات العمالية الكبيرة في مالي كانت قد رحبت بخطوة الجيش، وعلّقت إضراباً واسعاً دخلت فيه منذ منتصف مايو (أيار) الجاري، وتسبب في شل أغلب المؤسسات العمومية في العاصمة باماكو وكبريات المدن، وهو الإضراب الذي فتح الباب أمام انقلاب الاثنين الماضي.
وفي ظل هذه الأزمة الخانقة التي تضرب رأس هرم السلطة في مالي، تتفاقم الأوضاع الأمنية السيئة في ظل تزايد نفوذ الجماعات الإرهابية المرتبطة بـ«القاعدة» و«داعش» في هذا البلد الذي يخوض حرباً شرسة ضد هذه الجماعات منذ 2012.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».