تحذير من انقطاع الكهرباء عن مرفأ بيروت وتلف مواد غذائية

TT

تحذير من انقطاع الكهرباء عن مرفأ بيروت وتلف مواد غذائية

تتفاقم الأزمات المعيشية في لبنان مع عجز المعنيين عن تأمين الأموال اللازمة لاستيراد الفيول المخصص للكهرباء أو لاستكمال عملية استيراد المواد الأساسية ولا سيما المحروقات والأدوية في ظلّ عجز مصرف لبنان عن الاستمرار في دعم هذه المواد.
وفي الإطار حذّر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي من عدم تأمين التيار الكهربائي لمرفأ بيروت بشكل مستمر، مشيرا إلى أنّ انقطاع الكهرباء عن مئات الحاويات المبردة في المرفأ المعبأة بالمواد الغذائية سيعرّض هذه المواد للضرر الكبير والتلف.
وأشار بحصلي في بيان إلى أنه أجرى سلسلة اتصالات مع المسؤولين المعنيين في مرفأ بيروت اطلع من خلالها على واقع إمدادات الكهرباء في المرفأ، مضيفا أن المعلومات التي حصل عليها تشير إلى أن الإجراءات التي اتخذت خلال اليومين الماضيين هي إجراءات آنية ولن تؤدي إلى تأمين التيار الكهربائي بشكل مستمر للمرفأ، وأن هناك احتمالا كبيرا لعودة المشكلة في أي لحظة.
وطالب بحصلي جميع المسؤولين في الدولة وكل المعنيين في المرفأ، إن كانت وزارة الأشغال العامة والنقل أو وزارة الطاقة، بالعمل بشكل سريع لتأمين كل الحاجات الأساسية التي توفر الإمدادات الكهربائية بشكل مستدام لمرفأ بيروت.
ويعاني لبنان حاليا من أزمة في الكهرباء إذ زاد التقنين ليصل إلى أكثر من 10 ساعات يوميا حتى في العاصمة بيروت وذلك بسبب صعوبة تأمين الأموال لاستيراد الفيول اللازم لإنتاج الكهرباء، فضلا عن إعلان الشركة التركية المشغلة لباخرتين تولدان الطاقة التوقف عن العمل إثر إصدار القضاء قراراً بالحجز عليهما بسبب شبهات فساد.
من جهة أخرى وبعد تفاقم أزمة شح الدواء الناتجة عن التخزين والتهريب ومماطلة مصرف لبنان بفتح اعتمادات استيراد الأدوية والمعدات الطبية، أشار المصرف «المركزي» إلى أنّ التكلفة الإجمالية المطلوب منه تأمينها للمصارف نتيجة سياسة دعم استيراد المواد الطبية لا يمكن توفيرها من دون المساس بالتوظيفات الإلزامية للمصارف وهذا ما يرفضه المجلس المركزي لمصرف لبنان، طالبا من السلطات المعنية إيجاد الحل المناسب لهذه المعضلة الإنسانية والمالية المتفاقمة إذ إنّ معظم الأدوية وباقي المستلزمات الطبية مفقودة من الصيدليات والمستشفيات، ووزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن قال بشكل صريح إن هذه الأدوية متوافرة في مخازن المستوردين.
وأكّد المصرف المركزي في بيان له أن المبالغ التي تم تحويلها إلى المصارف لحساب شركات استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الرضع والمواد الأولية للصناعة الدوائية تعادل منذ بداية العام حتى 20 مايو (أيار) الحالي 485 مليون دولار، يضاف إليها الملفات المرسلة إلى مصرف لبنان وتساوي 535 مليونا، مشيرا إلى أنّه منذ بدء العمل بآلية الموافقة المسبقة على اعتمادات استيراد الأدوية تسلم المصرف 719 طلبا بقيمة 290 مليون دولار ليصبح إجمالي الفواتير يساوي 1310 ملايين.
وفي الإطار نفسه شدّد حسن على أنّ من مسؤولية وزارة الصحة أن تحدد الأولويات فيما على المصرف أن يعتمد اللوائح المقدمة من الوزارة على أساس أن الأخيرة هي المرجعية الصحية والدوائية، وأنّه من غير المقبول أن تسلم الوزارة اللوائح لتفند جهة في المصرف في الأولويات الواردة فيها، مضيفا أنّه تم تفنيد الأولويات سابقا من دون العودة إلى الوزارة ولكن ذلك لم يؤدّ إلى حل، لذلك لا يمكن زعزعة النوايا والإعلان عن سياسات جديدة دون العودة إلى الوزارة.
وأكّد حسن في مؤتمر صحافي أنّ الوزارة تريد محاربة الاحتكار والتهريب وعدم تحويل المنازل إلى صيدليات مؤقتة، إنما لا يمكن تغيير التعاميم بين ليلة وضحاها متسائلا كيف يتم إعطاء موافقة لدواء قبل أن يصل إلى لبنان وفي المقابل تطلب موافقة مسبقة لأدوية مهمة ومطلوبة وموجودة في المستودعات، إذ إنّ هذا التعاطي مستغرب من قبل المصرف مع المستوردين.
وأوضح حسن أنه أعاد التأكيد في اللقاء الأخير مع حاكم مصرف لبنان على أنه لا رفع للدعم عن الدواء، مشددا على أن الوزارة قامت بما وعدت به، فأنجزت بسرعة فائقة بعد عمل استمر أسبوعا وبشكل متواصل استمر ليلا ونهارا، جداول بحاجات السوق من الأدوية ومكمن الشح الحاصل ورفعتها إلى حاكمية المصرف، مضيفا أنّ الوزارة مع المصرف المركزي إلى أبعد الحدود في موضوع التمحيص والتدقيق لكي لا يستغل بعض المصارف والشركات الظرف، فيتم حجز أموال إضافية أو استيراد أدوية لا حاجة للسوق بها، لأن وزارة الصحة العامة لا ترضى أن تكون مطية لأهداف مشبوهة.
ولفت حسن إلى أنّ الدواء في لبنان هو الأرخص في العالم، ويجب أن يتم التعاون لمنع تهريبه تحت أي ذريعة، معلنا تشكيل ثلاث لجان فنية وإدارية ورقابية لحل أزمة الدواء، مؤكدا أنّ موضوع الدواء ليس عرضة للبازار وشد الحبال بين الجهات المعنية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم