احتجاجات جماهير كرة القدم مشروعة ورد فعل إيجابي على مليارديرات لا يتصرفون بشكل جيد

جماهير مانشستر يونايتد تطالب عائلة غليزر الأميركية المالكة للنادي بالرحيل (إ.ب.أ)
جماهير مانشستر يونايتد تطالب عائلة غليزر الأميركية المالكة للنادي بالرحيل (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات جماهير كرة القدم مشروعة ورد فعل إيجابي على مليارديرات لا يتصرفون بشكل جيد

جماهير مانشستر يونايتد تطالب عائلة غليزر الأميركية المالكة للنادي بالرحيل (إ.ب.أ)
جماهير مانشستر يونايتد تطالب عائلة غليزر الأميركية المالكة للنادي بالرحيل (إ.ب.أ)

مؤخراً، وقف المحلل التلفزيوني لمباريات كرة القدم ولاعب آرسنال السابق، مارتن كيون، على منصة تعصف بها الرياح أمام ملعب عملاق خالٍ من الجماهير وهو يحاول تبرير قرارات مجلس إدارة نادي آرسنال ويطمئن جمهور النادي بأن كل شيء سيكون على ما يرام قريباً. ربما لا ينطق كيون أسماء اللاعبين دائماً بشكل صحيح، لكنه محلل قدير ويتحدث بواقعية شديدة. لقد بذل قصارى جهده لمنح جماهير آرسنال الراحة والطمأنينة بعد تعادل الفريق السلبي أمام فياريال وخروجه من الدور نصف النهائي لبطولة الدوري الأوروبي، وهي المباراة التي شهدت قيام جمهور النادي بتنظيم احتجاجات خارج ملعب «الإمارات»، احتجاجاً على طريقة إدارة النادي من قبل المُلاك الذين يقيمون بعيداً ولا يلبون مطالب الجماهير الغاضبة بسبب تراجع نتائج الفريق.
وأشار كيون إلى أن التغيير يمكن أن يأتي من الداخل. وأكد أن آرسنال كان يدار بشكل سيئ أيضاً في الثمانينات من القرن الماضي، وأن النادي تمكن بعد ذلك من العودة إلى المسار الصحيح في ذلك الوقت. كما تحدث بنبرة تحمل قدراً كبيراً من المواساة، وأكد أن الأمور ستتحسن مرة أخرى، وأن الماضي قد شهد أوقاتاً صعبة ومشابهة لما يحدث حالياً ثم تمكن الفريق من العودة بقوة. وأشار في الوقت نفسه إلى أن نادي مانشستر يونايتد قد شهد احتجاجات مماثلة على ملعب «أولد ترافورد» نهاية الأسبوع الماضي.
وكان المدير الفني لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، قد أشار قبل مباراة الإياب للدور نصف النهائي للدوري الأوروبي في روما، إلى أن الاحتجاجات يجب أن تكون «متحضرة»، وهي التصريحات التي تشير ضمنياً إلى أن هذه الاحتجاجات يجب أن تكون أقل حدة وأن تكون مطالب المحتجين أقل. لقد ركز سولسكاير على الاضطرابات، التي كانت أسوأ شيء حدث في ذلك اليوم، وأكد أن المشكلة تتمثل في «ضعف التواصل» بين الجمهور ومالكي النادي، وأن عائلة غليزر الأميركية المالكة للنادي قد وافقت على تحسين هذا الجانب، وأن هذا أمر جيد!
لقد كانت هذه هي النغمة السائدة منذ الأحداث غير العادية التي وقعت في نهاية الأسبوع الماضي، عندما قررت مجموعة من الجماهير الغاضبة الاحتجاج على أمور سئمت من حدوثها منذ فترة طويلة. لكن تم تصوير دوافع المتظاهرين على أنها سخيفة أو تخدم الذات وتبحث عن المصالح الشخصية. وكان هناك ميل للتباطؤ بشأن ما إذا كان المتظاهرون قد «تصرفوا بشكل صحيح» من خلال التعبير عن غضبهم وإحباطهم، أو ما إذا كان ما قاموا به يعبر عن عدم احترام لأنديتهم من خلال اقتحام ملعب «أولد ترافورد» المخصص فقط لهذه النخبة من اللاعبين، أم لا!
ولم يكن المحلل التلفزيوني غرايم سونيس الوحيد الذي يصر على أن ما قام به الجمهور هو مجرد رد فعل على عدم تحقيق مانشستر يونايتد نتائج إيجابية داخل الملعب، كأن سونيس لا يعرف شيئاً عن كل الأمور المثيرة للجدل المتعلقة بكيفية شراء العائلة الأميركية لمانشستر يونايتد عن طريق استحواذ مدعوم بالقروض (هو استحواذ باستخدام مبالغ مالية كبيرة من الأموال المقترضة للوفاء بتكلفة الاستحواذ) وإثقال النادي بالديون! ربما تكون هذه الاحتجاجات مجرد حدث آخر سوف يمر ويتم استيعابه، مثل كثير من التعبيرات الأخرى عن الغضب والقلق العفوي التي شهدناها خلال العام الماضي.
لكن كل هذه الطريق الطويلة تلتف حول النقطة الحقيقية التي تتمثل في أن الاحتجاج أمر مشروع للجميع، وأنه لا ينبغي رفض الاحتجاج أو التشكيك في نواياه، خصوصاً إذا كانت هناك أسباب منطقية لهذا الاحتجاج، حتى لو كان شكلاً من أشكال الاحتجاجات التي لا يحبها سونيس أو التي يصفها الناس في الأخبار بأنها غير مقبولة. ويجب أن نعرف أن المحتجين قد يسيئون التصرف في بعض الأحيان، وأن ردود الفعل غير المعقولة قد تكون هي رد الفعل الوحيد على المواقف غير المعقولة!
وهذه هي النقطة الأوسع، فلكي نكون واضحين يجب أن نشير إلى أن هؤلاء المتظاهرين لم يكونوا يحتجون على نقاط تتعلق بكرة القدم فقط، لكنهم يحتجون على تهميشهم ويعبرون عن استيائهم من تحويلهم إلى سلعة، ويؤكدون أنهم قد شعروا بالإرهاق والتعب. لقد أصبحت كرة القدم هي اللعبة التي تعكس كل هذه المخاوف، لأنها هي المكان الذي يتجمع حوله الناس، وهي التي تعكس مشاعرنا وأحاسيسنا. ونظراً لأن أندية كرة القدم الإنجليزية لا تزال تمثل شيئاً مهماً في هذا التوازن للاهتمامات، فإنها تمثل الكثير للمجتمع وللروح الجماعية، وقد ظهر هذا الأمر بشكل لم يسبق له مثيل خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأثبتت أنها اللعبة التي يعشقها الجميع ويشعرون بأنها ملك لهم.
قد لا يتصرف الناس بشكل جيد خلال احتجاجاتهم، لكن لماذا نطالب المحتجين بأن يتصرفوا بشكل جيد، إذا كان المليارديرات أنفسهم لا يتصرفون بشكل جيد؟ ولماذا نطالبهم بالتصرف بتحضر، بينما أصحاب الأموال لا يتصرفون بتحضر؟ وكيف سيكون الصوت الذي تحتج به إذا كنت لا تملك القوة؟ كل ما يملكه هؤلاء المحتجون هو الخروج إلى الشارع للاحتجاج والمطالبة بما يرون أنه من حقهم.
ومن المؤكد أن هذه الاحتجاجات لن تتوقف وأننا سوف نشاهد مزيداً منها، وسوف يواصل المحتجون النزول إلى الشوارع. بالطبع يمكننا أن نشير إلى أن هناك طرقاً أفضل للاعتراض والاحتجاج، وبالطبع يمكن للمحلل التلفزيوني غاري نيفيل أن يتحدث بكل هدوء وتماسك، كأنه قد تمت السيطرة على تلك الاحتجاجات وأن المشهد قد أصبح آمناً تماماً في الوقت الحالي، لكن الحقيقة هي أن هذا لم يحدث وأن الأجواء ستزداد سخونة خلال الفترة المقبلة!



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».