روحاني «اضطر» لتوجيه رسالة إلى خامنئي بعد إقصاء المرشحين

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث خلال الاجتماع الوزاري في طهران أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث خلال الاجتماع الوزاري في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

روحاني «اضطر» لتوجيه رسالة إلى خامنئي بعد إقصاء المرشحين

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث خلال الاجتماع الوزاري في طهران أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث خلال الاجتماع الوزاري في طهران أمس (إ.ب.أ)

قبل 48 ساعة على انطلاق الحملات الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة الشهر المقبل، لتسمية خليفته، حمل الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، رسمياً لواء الانتقادات لعملية البت بأهلية المرشحين، التي انتهت إلى الموافقة على 7 من بين المسؤولين الحاليين والسابقين لخوض السباق.
وقال روحاني، في الاجتماع الأسبوعي للحكومة، أمس: «اضطررت إلى إرسال رسالة إلى المرشد الأعلى حول قرار مجلس صيانة الدستور، ونقلت إليه ما أفكر به، وإذا كان قادراً على المساعدة» في ذلك، علماً بأن خامنئي هو الوحيد القادر قانونياً على إجازة خوض مرشحين المنافسة بعد رفضهم من مجلس صيانة الدستور.
واستُبعد مرشحون بارزون مثل رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، ومستشار خامنئي، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي إسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني.
ويعد «صيانة الدستور»، وهو هيئة غير منتخبة من 12 عضواً، من بين أهم الأجهزة الخاصة لخامنئي، لدوره في اختيار نصف أعضائه مباشرة، فيما يختار النصف الآخر، رئيس الجهاز القضائي، الذي بدوره من المسؤولين المنصبين من قِبل «المرشد» الإيراني. وفضلاً عن النظر في أهلية المرشحين لانتخابات الرئاسة والبرلمان، تملك الهيئة صلاحيات في المصادقة أو رفض قرارات البرلمان المنتخب من الشعب.
وقال روحاني أيضاً: «بعثت برسالة الليلة الماضية عما إذا كان بإمكان المرشد الأعلى المساعدة في هذا المجال، لكن في نهاية المطاف يعود الأمر إليه للتصرف، إذا رأي ذلك من المصلحة»، منوهاً بأن «مسألة كل انتخاباتنا هي أن الشخص يريد أن يكون رئيساً للجمهورية وليس زعيماً لفصيل». وقال: «لقد نسينا الهدف الأساسي وهو استمرار مشروعية النظام مع توجه الشعب إلى صناديق الاقتراع». وقال: «حذارِ من أن يشعر الناس يوماً بأننا لا نبالي ونريد أن نتخذ القرار من دونهم»، وأشار إلى أن الخميني «كان يؤكد على أقصى المشاركة»، قبل أن يكرر حرفياً ما قاله خامنئي في خطاب ذكرى الثورة في فبراير (شباط) الماضي، بشأن «أولوية أقصى المشاركة في الانتخابات»، وقال: «هذا لن يتحقق بالشعارات».
وقال روحاني: «المشاركة القصوى تتطلب أدوات، وهي من جهة الحكومة التي تقوم على تنفيذ الانتخابات»، قبل أن يشير ضمنا إلى تلاسن بينه وبين «صيانة الدستور» عندما طلب من وزير الداخلية تسجيل المرشحين وفقاً للقوانين السابقة وليس قائمة الشروط التي أعلنها «صيانة الدستور». وأوضح أن القائمة المعلنة للمرشحين «أثارت استغراب الكثير من السياسيين»، وأضاف: «كنا نرغب في أن تُمنح الفرصة لأشخاص آخرين».
في الختام، أشار روحاني إلى أن المنافسة «جوهر وروح الانتخابات»، وقال: «إذا حذفتم ذلك، تصبح جثة هامدة. يجب أن تكون هناك منافسة شديدة لإجراء انتخابات واقعية».
وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد تكراراً لما واجهه في انتخابات 2017، شكّل إقصاء لاريجاني الذي سبق له خوض الانتخابات الرئاسية عام 2005، إضافة إلى جهانغيري، خطوة مفاجئة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن هذه المرة الثانية التي حاول فيها لاريجاني خوض الانتخابات، وفي المرة الأولى التي خاض فيها السباق الرئاسي في عام 2005 احتل المرتبة السادسة من أصل 7 مرشحين، بحصوله على نحو 5 في المائة فقط من الأصوات.
وبقي الأبرز بين المرشحين النهائيين، رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، الذي يبدو الطريق ممهداً أمامه للفوز، بعد نيله 38 في المائة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017، التي فاز بها روحاني.
وأبدى مسؤولون وصحافيون خشيتهم من أن تؤدي هيمنة اللون الواحد على المرشحين واستبعاد أسماء أساسية، إلى امتناع كبير عن الاقتراع.
وتعد نسبة المشاركة نقطة ترقب، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 في المائة في انتخابات البرلمان مطلع 2020، حسب الإحصائية الرسمية لعموم البلاد، فيما بلغت نسبة الامتناع أكثر من 75 في المائة في العاصمة طهران.
على نقيض الانتقادات من روحاني، وقع نواب البرلمان ذات الأغلبية المحافظة على بيان دعم لمجلس صيانة الدستور، وأشادوا بما اعتبروه «فحصاً دقيقاً لأهلية المرشحين للرئاسة».



شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).