المغرب: تقرير عن النموذج التنموي الجديد يرصد أزمة الثقة بالسياسة

الملك محمد السادس تسلم نسخة منه

العاهل المغربي خلال استقباله شكيب بن موسى في القصر الملكي بفاس مساء أول من أمس (ماب)
العاهل المغربي خلال استقباله شكيب بن موسى في القصر الملكي بفاس مساء أول من أمس (ماب)
TT

المغرب: تقرير عن النموذج التنموي الجديد يرصد أزمة الثقة بالسياسة

العاهل المغربي خلال استقباله شكيب بن موسى في القصر الملكي بفاس مساء أول من أمس (ماب)
العاهل المغربي خلال استقباله شكيب بن موسى في القصر الملكي بفاس مساء أول من أمس (ماب)

قدّم شكيب بن موسى، رئيس اللجنة الملكية المغربية المكلفة صياغة النموذج التنموي الجديد، مساء أول من أمس، تقرير اللجنة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، خلال حفل نظم بالقصر الملكي بفاس بعد نحو سنة ونصف سنة على تعيينها.
وحمل التقرير تشخيصاً للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمغرب، وقدّم رؤية عن التوجهات، التي ينبغي أن تسير عليها البلاد في أفق 2035.
ورصد التقرير شعور المواطنين بتراجع ثقتهم في السياسيين، واتساع الفوارق الاجتماعية وبروز «توترات اجتماعية، خاصة في المدن الصغرى والمتوسطة»، التي عرفت تراجعاً كبيراً «لوساطة القرب».
وقال التقرير إن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في تحرير النقاش، وساعدت على توفير «آلية إضافية لقياس الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد». غير أن هذا الانتشار «ساهم في إيجاد تربة خصبة لبثّ خطاب شعبوي، غالباً ما تغذيه أخبار زائفة، حاملة في طياتها مخاطر توظيف الرأي العام».
واعتمدت اللجنة الملكية خلال اشتغالها على مشاورات أجرتها مع عدة فئات، ووظفت منصتها الإلكترونية لتلقي مساهمات المواطنين. كما نظمت عدة ندوات ولقاءات، تفاعل معها 9700 شخص، وتوصلت بأكثر من 6600 مساهمة مكتوبة. ورغم إشادة الفئات التي تحدثت مع اللجنة بالمكتسبات المحرزة، فإن التقرير رصد «بعض المخاوف بشأن المستقبل، نابعة أساساً من الإحساس بتعطل آليات الارتقاء الاجتماعي، وتلاشي الثقة في قدرة المؤسسات العمومية على السهر على الصالح العام». معربين عن قلقهم إزاء هذه الحالة التي يزيدها استفحالاً «الشعور بضعف الحماية الاقتصادية والاجتماعية والقضائية».
واعتبر التقرير أن النموذج الحالي يكرس «تعميق الفوارق ومخاطر التراجع الاجتماعي للطبقة الوسطى»، كما رصد وجود «أزمة الثقة تجاه الفعل العمومي، في سياق تردي جودة الخدمات العمومية، وضعف الحس الأخلاقي، وقيم النزاهة على العموم لدى المكلفين بتدبير الشأن العام».
ويشمل الشعور بفقدان الثقة أيضاً النخب السياسية والاقتصادية، والفئات الاجتماعية الميسورة، التي يرى المواطنون أنها استفادت من امتيازات غير مشروعة، وأنها غير حريصة على المصلحة العامة.
وفيما أشاد بعض الفاعلين المؤسساتيين بالمكتسبات الديمقراطية، والإنجازات المتعددة التي يمكن للمغرب أن يفخر بها، «أكدوا على التفاوت الحاصل بين روح الدستور والوعود التي يحملها، وبين حقيقة ممارسة السلطة والحريات والاختصاصات». وقال التقرير إن هذا التفاوت «يمنع المؤسسات الدستورية، وأجهزة الضبط والتقنين من القيام بدورها على أكمل وجه». مشيراً إلى أن «ضعف المقروئية» الذي يطبع كيفية اتخاذ القرار «يجعل تدبير الزمن السياسي محاطاً بعدم اليقين، ويغذي ضعف الثقة لدى المواطنين إزاء المؤسسات، كما تدل على ذلك نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية والمحلية».
وقدّمت اللجنة، التي عيّنها الملك محمد السادس في ديسمبر (كانون الأول) 2019 عدة مقترحات استراتيجية مستقبلية، تتمثل أساساً في تنمية الرأسمال البشري، وتفعيل آليات الارتقاء الاجتماعي، والاهتمام بمنظومة التعليم، لتهيئ الكفاءات لمغرب الغد، في إطار نهضة تربوية تضع التلميذ في صلب أولوياتها.
إضافة إلى إدماج المواطنين كافة، من خلال التمكين والمشاركة الموسعة، وإرساء نظام حماية اجتماعية أكثر فعالية، داعية إلى تعبئة التنوع الثقافي كرافعة للانفتاح والحوار والتماسك الاجتماعي.
وطرحت اللجنة 5 رافعات أساسية للتغيير، هي «الرقميات كرافعة للتحول السريع»، وخلق جهاز إداري «مؤهل وفعال»، وتأمين الموارد الضرورية لتمويل مشروعات التحول، وإشراك المغاربة المقيمين في الخارج «للاستفادة من معارفهم وشبكاتهم وخبراتهم»، ثم تعبئة التعاون مع الشركاء الأجانب للمملكة «اعتماداً على مقاربة رابح - رابح». ومن أجل تحقيق الأهداف المتعلقة بالتنمية، في أفق 2035، اقترحت اللجنة اعتماد «التكامل ما بين دولة قوية ومجتمع قوي»، أي أن تكون الدولة «ذات قدرات استراتيجية تتسم بنجاعة سياساتها، وتكفل أمن وكرامة وحريات المغاربة، وتحميهم من الهشاشة والأزمات، وتضمن مجتمعاً تعددياً معبأً، متحرراً ومسؤولاً، يعزز قدرات الأفراد والمجموعات المكونة له، ويلتزم بالدفاع عن المصلحة العامة، ويكرس جهوده من أجل ترسيخ قيم المواطنة».
واقترحت اللجنة أيضاً اعتماد «ميثاق وطني للتنمية»، لترسيخ النموذج التنموي الجديد «كمرجعية مشتركة للفاعلين»، وحثّ جميع القوى الحية على إنجازه، ليكون لحظة «توافقية»، لانخراط جميع الفاعلين في التنمية، حول طموح جديد للبلاد.
وذكر التقرير أن الميثاق سيكون «بمثابة التزام سياسي ومعنوي قوي» أمام العاهل المغربي. كما أوصت اللجنة بإحداث آلية لتتبع النموذج التنموي الجديد، ودعم الأوراش الاستراتيجية، ودعم إرادة التغيير، وتكون الآلية تحت السلطة المباشرة للملك محمد السادس.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».