حقوقيون جزائريون ينتقدون «خضوع القضاء لإملاءات السلطة»

فيما تلتزم الحكومة الصمت إزاء اتهام قوات الأمن بـ«الانحراف»

حقوقيون جزائريون ينتقدون «خضوع القضاء لإملاءات السلطة»
TT

حقوقيون جزائريون ينتقدون «خضوع القضاء لإملاءات السلطة»

حقوقيون جزائريون ينتقدون «خضوع القضاء لإملاءات السلطة»

أعلنت «رابطة حقوق الإنسان» و«لجنة الإفراج عن معتقلي الحراك»، في الجزائر، أمس، أن السلطات تعتقل حالياً 175 شخصاً بسبب انخراطهم في المظاهرات المعارضة للسلطة، فيما استنكر محاموهم، خلال مؤتمر صحافي، أمس، «خضوع القضاء الكامل لإملاءات الجهاز الأمني»، بخصوص اتهام نشطاء سياسيين ووضعهم في الحبس الاحتياطي.
وأكد التنظيم الحقوقي، على حساباته بشبكة التواصل الاجتماعي، أن المعتقلين يوجدون في 31 محافظة (58 محافظة يضمها التقسيم الإقليمي)، 70 منهم في العاصمة. وصرح سعيد صالحي، نائب رئيس «الرابطة»، بأن قوات الأمن اعتقلت ألفي شخص خلال الجمعتين الماضيتين، اللتين شهدتا انتشاراً كبيراً لرجال الأمن، بغرض حظر المظاهرات، مشيراً إلى وجود المئات من المتظاهرين في حالة إفراج مشروط، يترقبون تحديد تاريخ لمحاكمتهم، زيادة على سجن صحافي جريدة «ليبرتيه»، رابح كارش، منذ شهر ونصف الشهر بسبب مقالات، عدّتها السلطات «عنصرية محرضة على التمييز». كما يقع صحافيون تحت طائلة الرقابة القضائية، بسبب تغطيتهم للاحتجاجات. وأبرز صالحي أن وزارة الداخلية هددت عدة أحزاب بالحل؛ من بينها «الحزب الاشتراكي للعمال»، و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، و«الاتحاد من أجل الرقي والتقدم»، وهي أحزاب تحتضن اجتماعات نشطاء الحراك، وتضم في صفوفها محامين يدافعون عن المعتقلين، ولهذا تستهدفها الحكومة، حسب قياداتها. كما عبّر صالحي عن «استياء الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان من إغلاق الفضاء العام، ووسائل الإعلام أمام النقاش السياسي، عشية انتخابات برلمانية مفروضة بالقوة».
وجاء في تقرير نشره مكتب «منظمة العفو الدولية» بالجزائر، في التاسع من الشهر الجاري، أن السلطات «استخدمت أساليب قمعية للتضييق على الاحتجاجات، التي تجري في الجزائر العاصمة، وعدة مدن أخرى، ومن ضمن ذلك تفريق التجمعات السلمية بالقوة، والاعتداء بالضرب على المحتجين، وإجراء اعتقالات جماعية».
بدورها، دانت «هيئة المحامين المدافعين عن معتقلي الحراك»، أمس، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة، «الحجز التعسفي» لمئات الأشخاص في مخافر الشرطة، بشبهة الانخراط في مظاهرات الحراك، التي تجري أيام الجمعة، واحتجاجات «حراك طلاب الجامعات» أيام الثلاثاء. وقال المحامي عبد الغني بادي: «نشهد منذ أسبوعين انحرافاً خطيراً من جانب قوات الأمن. فقد بات وجود أشخاص بالعاصمة يوم الجمعة تهمة. وهناك خنق حقيقي للحريات، واحتجاز أشخاص في مخافر الشرطة لساعات طويلة، حيث يتم اعتقال مسنين ونساء وشباب لمجرد الشك في وجود نوايا لديهم بالتظاهر ضد السلطة».
، موضحاً أن القضاء «انخرط مع الدوائر الأمنية وتماهى معها في قمع الحريات. والمحزن أن قضاة التحقيق والنيابة يعرفون أن الملفات المعروضة عليهم لا تشكل جنحاً ولا جنايات. لكنهم بجرة قلم يضعون الأشخاص في الحبس الاحتياطي... وهم يطبقون ما جاء في محاضر الشرطة التي تجرم الحراك الشعبي ومَن ينتمي إليه».
من جانبها، أكدت المحامية إسماعيل أن الشرطة ببجاية (شرق) اعتقلت، الجمعة الماضية، عاملة في مطبخ إقامة الطلبة الجامعيين المحلية، بسبب وجودها في مظاهرة، مبرزة أن المتظاهرين «يتعرضون للقمع ويجرمهم القضاء فقط لأنهم يمارسون حرياتهم التي يكفلها الدستور».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».