في كتابه «الشعر والتأويل... النقاد - المبدعون النقاد»، سعى الناقد المصري الدكتور يوسف نوفل إلى إلقاء الضوء على مساهمات القدامى والمحدثين من النقاد والكتاب والفلاسفة العرب والأجانب في تأسيس نظرية للإبداع الشعري، أسهم فيها أيضاً الكثير من الشعراء النقاد الذين قاموا بدراسة وتقديم الأعمال الشعرية لجمهور القراء والمتلقين، واهتموا بإبراز سماتها، واستخدموا أساليب مختلفة في تحليلها وبحث عناصرها التي تتوارى بعيداً عن متناول القراء من غير المتخصصين.
تضمن الكتاب الذي صدر ضمن سلسلة كتابات نقدية التي تشرف عليها هيئة قصور الثقافة المصرية، مقدمة ضافية تمحورت حول التأويل وأهم المؤلفات التي استندت إليه، وتواريخ صدور كل منها، وفي الفصل الأول الذي جاء عنوانه «النقاد والتأويل» أشار نوفل إلى الدور المهم الذي قام به رواد النقد في القرن الثامن عشر وبدايات التاسع عشر، وما قدموه من أعمال أنارت الطريق للأجيال التي جاءت بعدهم، وقد وضع ثبتا بأسماء أعلام النقد في تلك الفترة، وما قدموه من إنجازات، وتحدث عن دور المازني والعقاد وجماعة الديوان، والهجوم الذي شنته على أمير الشعراء أحمد شوقي، ولم يغفل الدكتور نوفل دور عميد الأدب العربي طه حسين، ومعاركه التي خاضها في قضايا عديدة ومواقفه من الجمود والتطور، ومنهجه في نقد الشعر، الذي قام على إحلال العقل منزلة كبرى في التفكير والبحث.
ولم يتوقف المؤلف عند حدود ما هو معروف من دراسات لدواوين مشهورة لعديد من الشعراء، بل أفرد مساحة من الكتاب للأعمال الشعرية المجهولة في الأدب العربي المعاصر، وأشار إلى مساهمات كل من الناقد أنور الجندي ورجاء النقاش وغيرهما من النقاد في كشف الكثير من الكتابات الشعرية غير المنشورة، وأبرزها إبداعات الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، وكتاب «الشوقيات المجهولة» الذي قدمه الناقد أحمد حسين الطماوي.
كما تحدث نوفل عن تقسيم دراسة الأدب حسب العصور وتقلبات السياسة والحكام، وما أدى إليه من غياب العناية بالنص، وفقدان تحليله، وذكر أن طه حسين رفض ذلك المنهج كما كتب عام 1914، كما رفضه أمين الخولي، وتوفيق الحكيم، وإبراهيم عوض، وسمير حجازي، إضافة إلى عدد غير قليل من النقاد العرب مثل اللبناني سليمان البستاني، وعمر فروخ، وإيليا الحاوي، والسعودي حسين الواد.
وفي الفصل الثاني «المبدعون النقاد/النقاد المبدعون» أشار نوفل إلى ما قدمه محمد مندور في كتابه «النقد والنقاد المعاصرون» باعتباره أول مَن لفت الأنظار إلى مساهمات الشعراء في مجال النقد ومقاربة النصوص الشعرية، وبعده جاء عبد القادر المطلبي وكتابه «الشعراء نقاداً» وقاسم المؤمني وكتابه «قضية الشاعر الناقد». وقال نوفل إن النقد عرف إسهامات الكثير من الشعراء، وقد بدأ ذلك منذ القدم في العصرين الإغريقي والجاهلي، حيث أسهم الشعراء بنقدهم وشعرهم معاً في وضع تصور فني لنظرية الشعر، وأشار إلى أنه حين تكتمل الموهبة وتبلغ أوجها، تطمح الطاقات الكامنة لدى المبدعين إلى الجمع بين الكتابة الشعرية والنقد، فليس أصدق من الشعراء في الإحساس بالقول الشعري وبواعثه ومراميه.
من هنا تناول نوفل أدوار العديد من الشعراء التي أسهموا بها في نقد الشعر في العصر الجاهلي وما تلاه من عصور أمثال النابغة الذبياني والخنساء وأبو منصور الثعالبي وأبو العلاء المعري وأبو تمام، ثم انتقل إلى الشعراء المعاصرين في مصر ولبنان واليمن والبحرين والسعودية، ومنهم أحمد عبد المعطي حجازي وأدونيس والعقاد والبارودي والمازني وإبراهيم غلوم وناصيف اليازجي وأبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري وأبو القاسم الشابي وأحمد زكي أبو شادي، وقال إن جميعهم أسهموا بكتابات بارزة في مقاربة الإبداعات الشعرية وسبر أغوارها أمام الدارسين والقراء على السواء.
دور الشعراء في تطوير النقد
https://aawsat.com/home/article/2992591/%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF
دور الشعراء في تطوير النقد
محمد مندور لفت الأنظار إلى مساهماتهم
- القاهرة: حمدي عابدين
- القاهرة: حمدي عابدين
دور الشعراء في تطوير النقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة