بايدن وبوتين يلتقيان في جنيف الشهر المقبل بعد مفاوضات «شاملة وصريحة»

من لقاء سابق بين بوتين وبايدن في موسكو عام 2011 (إ.ب.أ)
من لقاء سابق بين بوتين وبايدن في موسكو عام 2011 (إ.ب.أ)
TT

بايدن وبوتين يلتقيان في جنيف الشهر المقبل بعد مفاوضات «شاملة وصريحة»

من لقاء سابق بين بوتين وبايدن في موسكو عام 2011 (إ.ب.أ)
من لقاء سابق بين بوتين وبايدن في موسكو عام 2011 (إ.ب.أ)

أعلن البيت الأبيض والكرملين، أمس، أن الرئيسين الأميركي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقيان في مدينة جنيف بسويسرا في 16 يونيو (حزيران) المقبل، في أول لقاء وجهاً لوجه بين الزعيمين وسط تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا في الأشهر الأولى من إدارة بايدن.
وتتوقع الأوساط السياسية أن يركز الاجتماع على منع التصعيد النووي والتدخل الروسي في أوكرانيا وقضايا القرصنة السيبرانية والتغير المناخي إضافة إلى الوضع المتوتر في منطقة الشرق الأوسط. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قد التقى بنظيره الروسي نيقولاي باتروشيف، نهاية الأسبوع الماضي، في جنيف للتخطيط للقاء الخصمين العالميين.
ولفتت وزارة الخارجية الروسية إلى أن تحديد موعد اللقاء جاء بعد جهد مشترك ومحادثات «شاملة وصريحة تناولت كل الملفات» جرت على مستوى وزارتي الخارجية ومجلسي الأمن القومي في البلدين. وأفاد بيان أصدره الكرملين بأنه «وفقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه، يعقد رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين محادثات مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية جوزيف بايدن في 16 يونيو في جنيف». وزاد أن الرئيسين «سيناقشان وضع وآفاق تطوير العلاقات الروسية - الأميركية، وقضايا الاستقرار الاستراتيجي، فضلاً عن القضايا الحيوية المطروحة على الأجندة الدولية، بما في ذلك التعاون في مكافحة جائحة فيروس كورونا وتسوية النزاعات الإقليمية».
وبدا أن الإعلان عن الاتفاق على موعد القمة ارتبط بتطورات ظلت غير معلنة حتى اللحظة الأخيرة، إذ كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، قال في وقت سابق إنه «لا يوجد اتفاق نهائي بشأن عقد اجتماع بين زعماء روسيا والولايات المتحدة، ولكن إذا تم التوصل إليه يمكن أن تعقد القمة في إحدى العواصم الأوروبية». فيما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تتوقع لقاء الرئيسين في الأسابيع المقبلة.
وكان بوتين وبايدن قد أجريا الشهر الماضي اتصالاً هاتفياً، اقترح الجانب الأميركي خلاله عقد لقاء ثنائي بين الرئيسين في دولة ثالثة خلال الشهور المقبلة.
وفيما قال الكرملين إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أطلع بوتين بالتفصيل على نتائج مفاوضاته مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن قبل أيام في ريكيافيك، عاصمة آيسلندا، بدا أن لقاء لافروف وبلينكن وجولة المحادثات بين سكرتير مجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أسفر عن التوصل إلى تفاهم حول موعد القمة والملامح العامة لأجندتها كما ظهر من خلال تصريحات لافروف أمس.
فقد قال الوزير الروسي إن مباحثات باتروشيف وسوليفان تناولت «مجمل جوانب العلاقات بين موسكو وواشنطن». وأوضح: «المحادثات التي جرت أمس (أول من أمس) تطرقت إلى كامل نطاق علاقاتنا الثنائية، شأنها شأن محادثاتي مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن في آيسلندا. وفي كلتا الحالتين أجرينا حواراً شاملاً وصريحاً لا يحجب خلافاتنا الجدية والعميقة حول معظم القضايا الدولية، وكذلك حول جوانب علاقاتنا الثنائية». وأعرب لافروف عن قناعة بأن «الأسلوب الذي تبناه الجانب الأميركي في عرض موقفه كان محترماً».
وتعد هذه القمة الأميركية - الروسية المرتقبة أول لقاء مباشر بين الزعيمين، في وقت تشهد العلاقات بين البلدين توتراً غير عادي بشأن أوكرانيا والهجمات الإلكترونية التي تتهم واشنطن الجانب الروسي بشنها، ومنها القرصنة على شركة «سولار ويند» في تكساس التي تدير وتتحكم في برامج إدارة الشبكات التي تستخدمها معظم الشركات الكبرى في الولايات المتحدة ومجموعة من الوكالات الحكومية ومقاولي الدفاع.
وبعد تلك الهجمات السيبرانية، أعلنت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات المالية ضد المسؤولين الروس. وقبل أسبوعين، قال بايدن إنه سيطرح مع بوتين هجوم الفدية، الأحدث على خط أنابيب «كولونيال»، والذي أدى إلى توقف ما يقرب من نصف إمدادات البنزين والديزل ووقود الطائرات عن الساحل الشرقي الأميركي. وجاء هذا الهجوم من مجموعة إجرامية، مقرها روسيا.
وخلال الشهور الماضية، انتقدت واشنطن بشدة محاكمة وسجن المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي حاولت أجهزة المخابرات الروسية قتله بغاز نوفيتشوك.
ويجتمع بايدن مع بوتين بعد اجتماعين متتاليين سيعقدهما مع الحلفاء في بريطانيا لحضور اجتماع قادة مجموعة الدول السبع، ولقاء آخر مع زعماء الدول الأعضاء في حلف الناتو في بروكسل.
وقد توترت العلاقات الأميركية - الروسية بشكل كبير بعد وصف بايدن للرئيس الروسي بأنه قاتل خلال حديث تليفوني، وأدى ذلك ببوتين إلى السخرية والتندر على صحة بايدن وقواه العقلية، متمنياً له موفور الصحة. يذكر أن جنيف كانت أيضاً موقعاً لقمة عام 1985 بين الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف والرئيس الأميركي رونالد ريغان، والتي ركزت أيضاً على سباق التسلح النووي.



تقرير: كيف أثَّرت طفولة إيلون ماسك بجنوب أفريقيا في ظل الفصل العنصري على شخصيته؟

إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
TT

تقرير: كيف أثَّرت طفولة إيلون ماسك بجنوب أفريقيا في ظل الفصل العنصري على شخصيته؟

إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)
إيلون ماسك بحديقة البيت الأبيض في واشنطن 9 مارس 2025 (إ.ب.أ)

شكّلت طفولة إيلون ماسك – أغنى رجل في العالم اليوم - في جنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري (الأبارتايد) بشكل كبير نظرته للعالم ومواقفه السياسية، وفقاً لتقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية يستعرض سنوات ماسك التكوينية.

وُلد ماسك في عام 1971 في بريتوريا بجنوب أفريقيا، ونشأ في بيئة بيضاء خلال السنوات المضطربة الأخيرة لنظام الفصل العنصري. التحق بمدرسة بريتوريا الثانوية للصبيان، وهي مؤسسة نخبوية مصممة على غرار المدارس الخاصة الإنجليزية، حيث كان ماسك محبوباً، لكنه لم يكن مميزاً. وقبل مدرسة بريتوريا، تعلّم في مدرسة بريانستون الثانوية في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، وواجه ماسك تنمراً شديداً، بما في ذلك حادثة عنيفة أدت إلى إدخاله المستشفى. هذه التجارب، إلى جانب الديناميكيات العرقية والسياسية في جنوب أفريقيا خلال الفصل العنصري، أثرت على آرائه حول العرق والحكم والديمقراطية، حسب «الغارديان».

استفادت عائلة ماسك من التسلسل الهرمي العنصري لنظام «الأبارتايد»، وفق «الغارديان»، حيث عاشت في ضواحٍ غنية ومنفصلة، بينما واجه غالبية السكان السود اضطهاداً نظامياً. أعرب والده، إيرول ماسك، عن حنينه لتلك الحقبة، مدعياً أنها كانت فترة آمنة ومنظمة، وهي وجهة نظر تتعارض مع واقع التفاوت الاجتماعي الواسع والعنف المنتشر. نشأة ماسك في هذه البيئة، إلى جانب ميول عائلته المحافظة والمعادية للديمقراطية — حيث قاد جده حركة سياسية هامشية في كندا ذات نزعات فاشية — ساهمت على الأرجح في تشكيل شكوكه تجاه الديمقراطية.

تعكس أنشطة ماسك السياسية الأخيرة، بما في ذلك دوره مستشاراً لترمب، تطور آرائه. فقد انتقد ماسك سياسات الإصلاح الزراعي والتمييز الإيجابي في جنوب أفريقيا، واصفاً إياها بأنها عنصرية وتمييزية ضد البيض. هذه الانتقادات تتماشى مع الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترمب متهماً جنوب أفريقيا بالتمييز العنصري ضد الأفريكانيين البيض، الذي أدى إلى قطع المساعدات الأميركية عن البلاد. بينما ليس من الواضح مدى تأثير ماسك المباشر على قرار ترمب هذا، فإن مصالح ماسك التجارية في جنوب أفريقيا، بما في ذلك جهوده لبيع شبكة «ستارلينك» للأقمار الاصطناعية، مرتبطة بموقفه السياسي. وقد عارض ماسك القوانين التي تطلب من المستثمرين الأجانب مشاركة حصص ملكية مع الشركات المملوكة للسود في جنوب أفريقيا؛ ما يسلط الضوء على معارضته لسياسات التمكين الاقتصادي الأسود، بحسب «الغارديان».

يشير تحوّل ماسك إلى اليمين سياسياً، بما في ذلك دعمه أحزاب اليمين المتطرف مثل «البديل من أجل ألمانيا»، إلى تساؤلات حول مدى تأثير طفولته في ظل نظام «الأبارتايد» على معتقداته الحالية. يرى البعض أن غيابه عن جنوب أفريقيا خلال فترة الانتقال إلى الديمقراطية ورئاسة نيلسون مانديلا ربما جعله منفصلاً عن التحديات التي تواجهها البلاد بعد انتهاء الفصل العنصري، مثل التفاوت الاقتصادي المستمر ومعدلات الجريمة المرتفعة.

وتقول «الغارديان» إنه على الرغم من ادعاءاته بأنه ليس محافظاً، فإن أفعال ماسك وتحالفاته تشير إلى ميل متزايد نحو السلطوية وعدم الثقة في العمليات الديمقراطية. تضيف التجارب المعقدة لعائلته، بما في ذلك العلاقة المتوترة مع والده وادعاءات سوء المعاملة، عنصراً آخر لفهم دوافع خيارات ماسك.

تركت طفولة ماسك في جنوب أفريقيا خلال الفصل العنصري، بصمة عميقة على نظرة ماسك للعالم؛ ما أثر على ممارساته التجارية وتحالفاته السياسية وتصريحاته العامة المثيرة للجدل، وفق صحيفة «الغارديان».