لبنان: عقبات قانونية وسياسية تعيق بطاقة المساعدات الاجتماعية

رغم توقيع مرسومها من وزير المال

وزير المال غازي وزني (الوطنية)
وزير المال غازي وزني (الوطنية)
TT

لبنان: عقبات قانونية وسياسية تعيق بطاقة المساعدات الاجتماعية

وزير المال غازي وزني (الوطنية)
وزير المال غازي وزني (الوطنية)

وقّع وزير المال اللبناني غازي وزني مشروع قانون يرمي إلى إقرار بطاقة تمويلية في خطوة تمهيدية لترشيد أو رفع الدعم عن المواد الأساسية، إلّا أنّ هذه الخطوة لا تكتمل إلا بإقرارها في مجلس النواب الأمر الذي لن يكون سهلا ويحتاج إلى أشهر حسب ما تؤكّد مصادر نيابية. ويشير مصدر نيابي إلى أنّ إقرار قانون البطاقة التمويلية في البرلمان اللبناني لن يكون «سلسا»، فالأمر يحتاج إلى دراسة معمّقة أولا لجهة التمويل واستمراريته، وثانيا لطريقة توزيع هذه البطاقات والعمل عليها تقنيا. ولفت في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ الكتل التي عارضت أو وافقت على مضض على إعطاء سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان لأنها ستموّل من أموال المودعين، لن توافق على بطاقة تعطي الناس مالا من أموالهم وتضع الأمر في إطار الدعم.
ويرى المصدر أنّ البعض يحاول رمي الكرة في ملعب مجلس النواب ووضعه تحت أمر الواقع كون البطاقة تتعلّق بمعيشة الناس، موضحاً أنّ عبارة «فتح اعتماد استثنائي لتمويلها» الواردة في بيان وزارة المالية تعني بطريقة أخرى المس باحتياطي مصرف لبنان الإلزامي وهو الأمر الذي رفضته معظم الكتل السياسية سابقا.
وكان ملف الدعم جمّد منذ أسابيع إذ توقّفت اللجنة الوزارية المعنية عن الاجتماع بسبب رفض كتل سياسية المس بالاحتياطي الإلزامي، ما دفع رئاسة حكومة تصريف الأعمال إلى تحويل مشروع القانون المتعلّق بالبطاقة التمويلية إلى وزير المالية ليقترح مصادر تمويل البطاقة.
ومن المفترض وحسب خطة الحكومة أن تصل هذه البطاقة إلى نحو 750 ألف عائلة لبنانية أي 75 في المائة من الشعب اللبناني وستقارب قيمة فاتورتها المليار دولار، إذ سيتم تحديد مبلغ البطاقة التمويلية ما بين المليون ليرة (نحو 90 دولارا وفق سعر السوق السوداء) كحد أدنى و3 ملايين كحد أقصى، وذلك بحسب عدد أفراد العائلة كما كان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أعلن سابقا.
ويشير المصدر إلى أنه كان هناك توجه لتأمين تمويل خارجي للبطاقة وتحديداً عبر قرض من البنك الدولي إلا أنّ الجانب اللبناني عدّل دفتر شروط قرض البنك الدولي من جانب واحد مما أوجب إعادة إرساله من جديد إلى مجلس إدارة البنك، وهذا يعني عمليا تأخر الرد لأشهر، مضيفاً أنّه من الصعب الحصول على دعم خارجي من أي دولة عربية أو أجنبية حالياً وأنّ المصدر الوحيد المتاح داخليا هو مصرف لبنان لأن الدولة اللبنانية لا تملك المال وهذا يعني أنّ التمويل سيكون عبر أموال المودعين، الأمر الذي لن توافق عليه معظم الكتل السياسية.
ويضيف المصدر أنّه حتى إذا تمّ إقرار قانون البطاقة في المجلس النيابي قد يكون الأمر بمثابة «ذر الرماد في عيون المواطنين» إذ إنّه وفي ظلّ غياب حكومة وخطة إنقاذ لا شيء يضمن تنفيذ القانون أو استمرارية القدرة على تأمين التمويل لها.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون إقرار قانون البطاقة التمويلية الذي يؤكّد المعنيون وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال أنّه لن يكون هناك أي رفع أو ترشيد للدعم على المواد الأساسية ما لم تقرّ، يؤكّد المصدر أنّ رفع الدعم سيصبح أمرا واقعا بحكم نفاد احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبيّة، وأنّ رفع الدعم أو ترشيده لا يحتاج أصلا إلى قانون بل يتحقّق بإجراء يقوم به مصرف لبنان الذي يؤمن الدعم لهذه المواد.
وكان وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أعلن في شهر أبريل (نيسان) الماضي أن المال المخصص لتمويل الواردات الأساسية سينفد بحلول نهاية مايو (أيار) الحالي وأن احتياطيات النقد الأجنبي عند نحو 15.8 مليار دولار، ويعني ذلك أن الدعم باق لشهرين على أفضل تقدير قبل بلوغ مستوى الاحتياطي الإلزامي، مشيرا إلى أنّ خطة ترشيد الدعم تهدف إلى خفض الإنفاق السنوي على الدعم البالغ ستة مليارات دولار إلى النصف.
ويشهد لبنان أزمة حقيقية تتمثّل بشح المواد الأساسية المدعومة ولا سيما المحروقات. وشهدت محطات الوقود أمس زحمة كبيرة كما عمد عدد كبير منها إلى إقفال أبوابه ورفع الخراطيم بسبب عدم تسلمهم مادة البنزين من الموزعين.
ويعود سبب أزمة البنزين الحالية إلى عدم فتح مصرف لبنان اعتمادات لبواخر موجودة على الشواطئ اللبنانية.
وكما في المحروقات يعاني لبنان من أزمة شح في حليب الأطفال والأدوية ولا سيما تلك المخصصة للأمراض المزمنة، وذلك بسبب مماطلة فتح مصرف لبنان اعتمادات لمستوردي الأدوية. وكان مصرف لبنان اعتمد مؤخرا آلية جديدة يتطلب السير فيها الحصول على موافقات مسبقة للاستيراد، ما يؤخّر وصول عدد كبير من الأدوية. أمّا المواد الغذائية المدعومة فهي غير متوافرة في الأسواق منذ أكثر من شهر.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.