«الجنائية الدولية» تتهم قائد بـ«الجنجويد» بارتكاب جرائم حرب في دارفور

المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)
المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)
TT

«الجنائية الدولية» تتهم قائد بـ«الجنجويد» بارتكاب جرائم حرب في دارفور

المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)
المحكمة الجنائية الدولية (أ.ب)

ارتكب أحد قادة ميليشيا «الجنجويد» في السودان شخصياً جرائم قتل في دارفور، على ما قال مدعون في المحكمة الجنائية الدولية اليوم (الاثنين)، في وقت أصبح أول شخص يواجه اتهامات أمام الهيئة المختصة بالتحقيق في النزاع الدامي، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومثل علي محمد علي عبد الرحمن المعروف باسم علي كوشيب أمام المحكمة في جلسة لتحديد إذا كانت هناك أدلة كافية لمحاكمته على 31 اتهاماً بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأبلغ المدعون المحكمة بأنّ عبد الرحمن، حليف الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، كان «مجرماً فعّالاً» خلال النزاع في دارفور بين عامي 2003 و2004.
والعام الماضي، سلم عبد الرحمن، (70 عاماً) نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد أكثر من عقد من الفرار من العدالة، لكنّه ينفي الاتهامات الموجهة له.
وقالت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا لهيئة المحكمة في لاهاي: «كان مخيفاً ومبجلاً بالقدر نفسه كجنرال الجنرالات، وكان قائداً بارزاً لميليشيا (الجنجويد) السيئة السمعة». وتابعت «تشير الأدلة إلى أن عبد الرحمن كان مرتكباً لهذه الجرائم انطلاقاً من دراية ورغبة. ولعب دوراً حاسماً بحيث قاد الهجمات وارتكب جرائم قتل وأمر بارتكاب جرائم قتل أخرى». وأضافت أنّ «ضحايا جرائم المتهم لا حصر لها ومعاناتهم هائلة. الألم الذي لحق بضحايا هذه الجرائم مستمر».
وأسفر النزاع عن مقتل 300 ألف شخص وتسبب في نزوح 2.5 مليون، حسب بيانات الأمم المتحدة.
وقال مدعو المحكمة الجنائية الدولية إنّ عبد الرحمن، المدعوم من الحكومة السودانية، كان مسؤولاً عن هجمات على قرى في منطقة وادي صالح في دارفور في أغسطس (آب) 2003.
وذكرت بنسودا: «المدنيون تعرضوا للهجمات والاغتصاب والقتل. تم تدمير منازلهم وقراهم وتم ترحيل الآلاف بالقوة». وأضافت أنّ العديد من السكان فروا لمدن أكبر في منطقتي موكجار ودليج بحثاً عن الحماية، لكن «عوضاً عن إيجاد الحماية، أُوقف واحُتجز واعتُقل المدنيون» في بداية 2004.
وتابعت: «تم شحن الرجال في مركبات واقتيدوا لمسافة قصيرة حيث تم إعدامهم بدم بارد. وكان عبد الرحمن حاضراً وشارك بشكل مباشر في هذه الجرائم القاسية».
وجاء في لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية أن عبد الرحمن قتل شخصياً ثلاثة من هؤلاء الرجال.
وحكم البشير السودان بقبضة من حديد لنحو ثلاثين عاماً قبل أن تطيح به احتجاجات واسعة استمرت أشهراً في أبريل (نيسان) 2019. وتطالب الجنائية الدولية كذلك بتسليم البشير المحبوس في سجن كوبر في الخرطوم منذ إسقاطه.
وفي فبراير (شباط) 2020، فر عبد الرحمن إلى جمهورية أفريقيا الوسطى حين أعلنت الحكومة السودانية الجديدة نيتها التعاون مع تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية.
ولا تزال الحكومة الانتقالية في السودان تجري محادثات مع المحكمة الجنائية حول خيارات محاكمة البشير ومساعديه.
وحيّت بنسودا، التي تغادر منصبها في يونيو (حزيران)، ذكرى ضحايا النزاع في دارفور «الذين انتظروا طويلاً حتى بلوغ هذا اليوم». وقالت: «ربما تكون هذه آخر مرة أظهر فيها أمام المحكمة بصفتي مدعية عامة في المحكمة الجنائية الدولية، إنه لشرف عظيم لي أن أكون حاضرة هنا اليوم عندما يمثل أخيراً أحد المشتبه بهم في قضية دارفور أمام هذه المحكمة لمواجهة قضاء مستقل ونزيه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.