بلينكن يعد بمعالجة الوضع الإنساني «الخطير» في غزة

مجلس الأمن لإطلاق حزمة دعم «متكاملة وفورية»

إزالة أنقاض مبنى انهار بفعل غارة جوية في بيت حانون بقطاع غزة (أ.ب)
إزالة أنقاض مبنى انهار بفعل غارة جوية في بيت حانون بقطاع غزة (أ.ب)
TT

بلينكن يعد بمعالجة الوضع الإنساني «الخطير» في غزة

إزالة أنقاض مبنى انهار بفعل غارة جوية في بيت حانون بقطاع غزة (أ.ب)
إزالة أنقاض مبنى انهار بفعل غارة جوية في بيت حانون بقطاع غزة (أ.ب)

أكد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أن الوضع الإنساني في غزة «خطير»، ذلك بعد 11 يوماً من القتال الضاري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع. فيما رحب مجلس الأمن بإعلان وقف النار، داعياً إلى إطلاق «حزمة متكاملة وقوية» بشكل «فوري»، لإعادة إعمار القطاع وللحاجات الإنسانية.
ويستعد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن للسفر هذا الأسبوع إلى المنطقة حيث من المتوقَّع أن يجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، وكذلك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومسؤولين فلسطينيين آخرين، بالإضافة إلى المسؤولين المصريين وغيرهم من المعنيين في المنطقة. ويسعى خلال جولته إلى تكريس وقف النار، والإعداد لخطة دعم لإعادة إعمار قطاع غزة، وإرسال مساعدات للفلسطينيين، مع الشروع في مناقشات حول السبل الفضلى لإعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس المبادئ الأولية التي حددها الرئيس بايدن خلال الأسبوع الماضي.
وعشية سفره، رأى بلينكن عبر شبكة «آي بي سي» الأميركية للتلفزيون أن التوصل إلى اتفاق لوقف النار كان «حاسماً» لإنهاء القتال، مشيراً إلى أن الرئيس جو بايدن يركز على «الدبلوماسية الحازمة والحازمة والهادئة» التي أوصلت إلى «إنهاء العنف في أسرع وقت ممكن، ووقف المزيد من المعاناة الإنسانية»»، مضيفاً أنه «يجب أن نبدأ الآن بالتعامل مع الوضع الإنساني الخطير في غزة».
وكرر ما قاله الرئيس بايدن حول أن «الأموال يجب ألا تذهب لـ(حماس)»، متعهداً بدلاً من ذلك بالعمل مع الوكالات المستقلة لإعادة بناء القطاع. وقال: «عملنا في الماضي، ويمكننا الاستمرار في العمل مع الأطراف المستقلة الموثوقة التي يمكن أن تساعد في إعادة الإعمار والتنمية، وليس بعض السلطات شبه الحكومية»، في إشارة إلى «حماس» التي «لم تجلب سوى الخراب للشعب الفلسطيني. إنها سوء إدارة فادح لغزة أثناء توليها زمام الأمور. وبالطبع، فإن هذه الهجمات الصاروخية العشوائية على المدنيين الإسرائيليين، التي أثارت الرد، كما فعلوا، لأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». واعتبر أن «التحدي الحقيقي هنا هو مساعدة الفلسطينيين، وخاصة مساعدة الفلسطينيين المعتدلين والسلطة الفلسطينية، وتحقيق نتائج أفضل لشعبهم، وبالطبع لإسرائيل دور عميق تلعبه في ذلك أيضاً».
إلى ذلك، تمكن أعضاء المجلس من اتخاذ موقف موحَّد، بعدما تعثروا مرات عدة في ذلك، بسبب اعتراضات من إدارة بايدن التي كانت تجري مفاوضات مكثفة خلف الكواليس اضطلعت فيها مصر بدور محوري أثمر اتفاقاً على وقف النار بدءاً من 21 مايو (أيار) الحالي.
وإذ رحبوا بإعلان وقف النار، أقر أعضاء مجلس الأمن في بيان أعدته تونس والنرويج والصين بالدور المهم الذي اضطلعت به «مصر ودول أخرى في المنطقة، والأمم المتحدة ورباعية الشرق الأوسط وغيرهم من الشركاء الدوليين»، داعين إلى «التقيد الكامل» بوقف الأعمال العدائية. وشددوا على «الحاجة الفورية إلى المساعدة الإنسانية للسكان الفلسطينيين المدنيين، وبخاصة في غزة»، معلنين دعمهم لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للمجتمع الدولي من أجل «العمل مع الأمم المتحدة على تطوير حزمة متكاملة وقوية من الدعم بغية إعادة الإعمار والتعافي السريع والمستدام». وشددوا أيضاً على «أهمية استعادة الهدوء بالكامل»، مجددين التأكيد على «أهمية تحقيق سلام شامل يقوم على رؤية منطقة تعيش فيها دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، بسلام، جنباً إلى جنب، بحدود آمنة ومعترف بها».
وقدم أعضاء مجلس الأمن تعازيهم بالضحايا ومواساتهم للمصابين. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن القتال أدى إلى مقتل 242 فلسطينياً، بينهم 23 فتاة و43 صبياً و38 امرأة وعدد كبير آخر من المدنيين، فضلاً عن إصابة أكثر من 1900 شخص. وأضاف المكتب أن الأضرار لحقت بـ53 مرفقاً تعليمياً وأكثر من 700 مبنى سكني وتجاري وستة مستشفيات وإحدى عشرة عيادة طبية.
وفي إسرائيل قُتل 12 شخصاً، بينهم طفلان، وبلغ إجمالي المصابين 710.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.