دعوات لحل الأزمة في تونس من دون صدام مع الرئيس

الرئيس التونسي قيس سعيد بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت قبل عشاء في الإليزيه الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت قبل عشاء في الإليزيه الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

دعوات لحل الأزمة في تونس من دون صدام مع الرئيس

الرئيس التونسي قيس سعيد بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت قبل عشاء في الإليزيه الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت قبل عشاء في الإليزيه الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

دعا حزب «قلب تونس» وحركة «تحيا تونس» إلى حل أزمة التعديل الوزاري المعلق منذ 5 أشهر، من دون تصعيد الخلاف مع رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي رفض التصديق على التشكيل الحكومي المعدّل.
وأكد المتحدث باسم «قلب تونس» الصادق جبنون أن الحزب يدعم مقترح إنهاء أزمة التعديل الوزاري «من دون تعميقها»، في إشارة إلى دعوة «حركة النهضة» إلى تفعيل التشكيلة المعدلة فيما يشبه المرور بقوة لحل لا يحل الأزمة الرئيسية بين الرؤساء الثلاثة.
وقال جبنون، في تصريح إعلامي، إن الحزب الممثل بـ30 نائباً «يدرس مختلف الفرضيات الممكنة لحل مسألة التحوير الوزاري» التي عمّقت الهوة بين رأسي السلطة التنفيذية، وإنه «بصدد تعميق النظر في مختلف الاقتراحات مع مكونات الحزام السياسي الداعم لحكومة (رئيس الوزراء هشام) المشيشي، على أن يكون الحل توافقياً لا يزيد في تعميق الأزمة بين مؤسسات الدولة ولا يعادي رئيس الجمهورية».
وأضاف أن «قلب تونس» الذي يتزعمه المرشح السابق للرئاسة نبيل القروي القابع في السجن منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي على خلفية اتهامه بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، لا يعتبر أن هناك عداءً سياسياً مع الرئيس سعيّد «رغم الخلافات الكثيرة معه».
وعبّر عن أمله في أن يكون هذا الموقف «هو الموقف ذاته الذي يصدر عن رئيس الجمهورية سواء تجاه حزبنا أو بقية مكونات مؤسسات الدولة والمشهد السياسي كله». ودعا مختلف الأطراف السياسية إلى «التكلم بصوت واحد خلال هذه المرحلة من أجل إنقاذ تونس والسيطرة على الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية»، وطرح أفكار حلول «لا تعالج أزمة موجودة ومستفحلة بأزمة أخرى قد تكون أكثر ضراوة».
وفي السياق ذاته، قال النائب والقيادي في حزب حركة «تحيا تونس» وليد جلاد إن «الأطراف السياسية مطالبة بحلّ الأزمة مع رئيس الجمهورية قبل التفكير في تشكيل حكومة سياسية». وأكد أن حزبه يدعم محاولات التهدئة ويسعى إلى إيجاد حل، «وفي حال أن الحكومة السياسية تمثّل جزءاً من الحلّ السياسي للأزمات المختلفة وبالاتفاق مع رئيس الجمهورية والمنظمات الوطنية، فلا نرى أي مشكلة في ذلك».
يذكر أن الرئيس التونسي رفض التعديل الوزاري الذي أجراه المشيشي وشمل 11 حقيبة، وتمسك بعدم قبول الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، وهو ما جعل الهوة تتسع بين الرئيس الذي يلقى دعماً لموقفه من عدد من الأحزاب المعارضة من جهة، وبين رئيس الحكومة المدعوم من قبل «حركة النهضة» وعدد من الأحزاب المنضمة إلى الائتلاف الحاكم من جهة أخرى. واعتبر سعيّد إسقاط حكومة المشيشي من أهم شروط إجراء الحوار السياسي الذي اقترحه «اتحاد الشغل» (نقابة العمال) لتجاوز الأزمة.
على صعيد آخر، أعلن الطرف النقابي قرار موظفي رئاسة الحكومة الدخول في إضراب عن العمل بداية من 8 يونيو (حزيران) المقبل.
ويأتي هذا الإضراب الذي يشمل رئاسة الحكومة والهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية والمحكمة الإدارية والمدرسة الوطنية للإدارة والأرشيف الوطني ومركز التوثيق الوطني، إثر ما اعتبره الطرف النقابي «تعنتاً من قبل سلطة الإشراف في الاستجابة للمطالب العالقة وعدم جديتها في التفاوض بشأن مجموعة من الإشكاليات المهنية».
وطالب الطرف النقابي بإصدار الأنظمة الأساسية المنظمة لعمليات الترقيات المهنية وتوحيد أنظمة التأجير وتحسين ظروف العمل في إدارات تابعة لرئاسة الحكومة، علاوة على تسريع إصدار القانون المتعلق بتعاونية أعوان وإطارات رئاسة الحكومة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم