البرلمان اللبناني يؤكد تكليف الحريري ويدعو للإسراع بتأليف الحكومة

الرئيس المكلف قال إن رسالة عون هي «دعوة للتخلص منه»

الرئيس الحريري مخاطباً النواب أمس (رويترز)
الرئيس الحريري مخاطباً النواب أمس (رويترز)
TT

البرلمان اللبناني يؤكد تكليف الحريري ويدعو للإسراع بتأليف الحكومة

الرئيس الحريري مخاطباً النواب أمس (رويترز)
الرئيس الحريري مخاطباً النواب أمس (رويترز)

دعا البرلمان اللبناني رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري إلى ضرورة المضي قدماً بتأليفها وفق الأصول الدستورية من قبل الرئيس المكلّف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وذلك في مخرج وسطي توصل إليه رئيس البرلمان نبيه بري، لمنع انفجار الخلافات بين فريقي عون والحريري تحت قبة البرلمان الذي كان يناقش رسالة بعث بها عون يشكو فيها «تقاعس» الحريري عن تأليف الحكومة، وهو ما رأى فيه الحريري «دعوة للتخلص منه».
ومع هذا اتسمت الجلسة بمواقف عالية السقف من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري ضد عون، فيما أوصل النائب جبران باسيل رسالة تهدئة بتأكيده أن رسالة عون لم يكن هدفها الدفع باتجاه سحب التكليف من الحريري، لأنها خطوة غير دستورية، مشدداً على ضرورة الإسراع بتأليف حكومة برئاسته.
وفيما عقد لقاء بعد انتهاء الجلسة بين بري وباسيل، كان لافتاً أن الكلمات التي أطلقها نواب من الأحزاب الحليفة لكل من عون والحريري والتي استبقت كلمة الأخير وباسيل، على غرار «حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، اتسمت بالدعوة إلى التهدئة والمواقف الوسطية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وشبه توافق على أن تكون الحكومة من 24 وزيراً.
واستهل الحريري كلمته باعتبار رسالة عون دعوة للتخلص منه قائلاً: «في الشكل، نحن أمام رئيس للجمهورية يمارس حقاً دستورياً في توجيه رسالة للمجلس النيابي، لكن في الحقيقة، نحن أمام رئيس يقول للنواب: سميتم رئيساً للحكومة، أنا لا أريده، ولن أسمح له بتشكيل حكومة، تفضلوا وخلصوني منه».
ورأى أن الرسالة «تهدف إلى تبرئة ذمة فخامته (عون) من تهمة عرقلة التشكيل شأنها شأن الرسائل الموجهة إلى عواصم أجنبية لحماية بعض الحاشية والمحيطين والفريق السياسي من عقوبات يلوح بها الاتحاد الأوروبي أو الدول. الحقيقة أبعد من ذلك التفصيل، وهي ليست بالشكل بل بالأساس».
واتهم عون بمحاولة تعديل الدستور قائلاً: «نحن أمام رئيس للجمهورية يريد منا تعديل الدستور. فإذا لم نفعل، يريد تغييره بالممارسة من دون تعديل، وبانتظار أن يكون له ما يريد، يعطل الدستور، ويعطل الحياة السياسية في البلاد، والأخطر من ذلك، يعطل أي أمل أمام اللبنانيين بوقف الانهيار المريع. نحن أمام رئيس للجمهورية أجل الاستشارات النيابية الملزمة على أمل أن يمنع النواب من تسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة. وعندما لم يعد في يده حيلة، خاطب النواب مباشرة على الهواء، قبل الاستشارات الملزمة بيوم واحد، وناشدهم ألا يسموا سعد الحريري».
وأضاف: «علينا أن نعترف بأن فخامة الرئيس يمتلك تجربة كبيرة، لا بل باعاً طويلاً في التعطيل. من تعطيل تشكيل حكومات متتالية، لأشهر طويلة، أذكر منها على سبيل المثال، 11 شهراً لتشكيل حكومة دولة الرئيس تمام سلام، وكلنا يذكر كرمى لعيون من، (في إشارة إلى باسيل)، وصولاً إلى تعطيل تشكيل حكومتي الأخيرة 7 أشهر».
وفيما انتقد الحريري الأساليب التي اعتمدها عون طوال هذه الفترة «لتهشيل الرئيس المكلف ودفعه إلى الاعتذار» على حد تعبيره، قال إنهم يحاولون «وضعي أمام معادلة مستحيلة: إما أن تشكل الحكومة كما يريدها فريق رئيس الجمهورية السياسي، منتحلاً إرادة فخامته وزاعماً أن لا مطلب له، وإما لا حكومة»، من هنا شدد: «لن أشكل الحكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها أي فريق سياسي بعينه. لن أشكل الحكومة إلا كما يريدها وقف الانهيار ومنع الارتطام الكبير الذي يتهدد اللبنانيين في أكلهم وصحتهم وحياتهم ودولتهم، لن أشكل إلا حكومة اختصاصيين غير حزبيين، والتي باتت تشكل شرطاً مسبقاً لأي دعم خارجي، والمفصلة في خريطة الطريق التي باتت معروفة باسم المبادرة الفرنسية».
وأضاف: «نحن باختصار أمام رئيس للجمهورية يصر على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة، بينما ينص الدستور على أن مجلسكم الكريم، علاوة على أنه دون سواه من يختار الرئيس المكلف، هو الذي يمنح الثقة أو يمنعها». ومع تأكيده على أن عون يريد الثلث المعطل في الحكومة، قال الحريري: «النص الدستوري يؤكد بوضوح أن الحكومة تعد مستقيلة في حال استقال رئيسها أو استقال أكثر من ثلث أعضائها. وبالتالي، فإن اكتساب رئيس الجمهورية الثلث المعطل يعطيه القدرة على إقالة الحكومة في تعديل دستوري مقنع. ولا يكتفي فخامة الرئيس بتعطيل الحياة الدستورية ومنع تشكيل الحكومة، بل يزعم في رسالته إليكم أن رئيس الحكومة المكلف عاجز عن تأليفها، ومنقطع عن إجراء الاستشارات النيابية وعن التشاور مع رئيس الجمهورية! الحقيقة التي تعرفونها جميعاً، أنني قمت بكل ما يجب، وأكثر، وتحملت ما لا يحتمل، للوصول إلى حكومة تبدأ بمكافحة الانهيار».
وفي رد على الشق الذي تحدث فيه عون عن الفراغ، رد الحريري: «فترة الفراغ الخطيرة التي يسأل عنها فخامة الرئيس في رسالته، ليست فراغاً مطلقاً، بل تمتلئ بالمعارك الدخانية، وتهديم المؤسسات، ومحاولات الفتن الطائفية والمذهبية، والمروق القضائي المبرمج، والفضيحة غير المسبوقة في الدبلوماسية، واستباحة ما تبقى من الاحتياط والتنكيل بالعملة الوطنية»، ملتزماً بمواصلة «العمل على استقطاب الدعم لمكافحة الانهيار»، وأنهى كلامه برفضه الاستجابة «للعنعنات الطائفية، ولست مستعداً لأكون شريكاً في أي إخلال في التوازن الدستوري ولا في الاتزان الوطني، ولن أسهم في تسهيل المشاريع العدمية».
وقبل الحريري تحدث باسيل، موضحاً أهداف رسالة الرئيس عون. ونفى الدفع باتجاه الضغط على الحريري للاعتذار، وقال: «الموضوع ليس طائفياً إنما هدف الرسالة الحث على التشكيل وليس سحب التكليف»، واصفاً الأزمة «بأنها أزمة نظام، لذلك تجب العودة إلى مجلس النواب»، وفيما أقرّ باستحالة سحب التكليف من الحريري دستورياً، قال باسيل: «المجلس الذي يسحب الثقة من حكومة يمكن أن يسحب الثقة من رئيس مكلف، لكن هذا ليس هدفنا وكلمتي هدفها تشكيل حكومة برئاسة الحريري وأيّ تفسير آخر هو خارج سياقه وافتراء».
وجدد موقف «التيار» بالقول إن «رئيس الجمهورية ليس (باش كاتب) في تشكيل الحكومة»، مشيراً إلى أن «هناك اتفاقاً على حكومة من 24 وزيراً على أن يكون توزيع الحقائب متساوياً بين الطوائف والكتل». ورفض باسيل «وضع الأسماء قبل معرفة توزيع الحقائب ولرئيس الجمهورية الحق في الاطلاع على التركيبة ومن واجبه التأكد من أنها ستنال الثقة ومن حقّه معرفة الجهة التي تطرح كل اسم بشفافية»، مشدداً على ضرورة «إظهار مرجعية الاسم المرشح للتوزير وإلا لن تتشكل الحكومة».
وكرر نفيه المطالبة بالثلث المعطل، قائلاً: «لا يمكنكم اتهامنا بالثلث في حكومة اختصاصيين، ونحن نقول إننا لا نريده»، مشيراً كذلك إلى عدم التوقف عند لقائه مع الحريري بالقول: «رئيس الجمهورية يمثّلنا ونحن اليوم نقول إننا لا نتوقف عند مسألة الميثاقية، بل إننا سندعم الحكومة ومصلحتنا هي التشكيل».
وتحدث باسيل عن مشكلة المهل المفتوحة في الدستور، وقال: «مشكلتنا أن الدستور لا يضع مهلاً، وهذا الموضوع ليس طائفياً ويسري على الرؤساء الثلاثة وتطوير الدستور هو للحفاظ عليه ومن باب الحرص على الطائف»، داعياً رئيس الجمهورية إلى الدعوة «إلى حوار حول تأليف الحكومة والإصلاحات وتطوير الطائف».
وقبل كل من باسيل والحريري، تحدث عدد من النواب المحسوبين على بعض الأحزاب، أبرزهم النائب محمد رعد من «حزب الله»، الذي أكد أن «تأليف حكومة هو أولوية لا نقاش فيها أو حولها»، مضيفاً: «بالنسبة إلى واقع التأليف وعدم تشكيل الحكومة، النص الدستوري يؤكد أن الاتفاق بين دولة الرئيس المكلف وفخامة رئيس الجمهورية، هو أصل يصدر عنه مرسوم تشكيل الحكومة، وأن توقيعهما معاً على مرسوم التشكيل هو فرع لذلك الأصل».
وشدد رعد على أن «الاتفاق هو المدخل الضروري لتشكيل الحكومة، ويتيح لها أن تنجز ولموقفها أن يكون أقوى، ويسمح لعلاقاتها الإقليمية والدولية بأن تكون أجدى وأفعل، والاتفاق أخيراً يتطلب مرونة وتفهماً متبادلين، وتغليباً دائماً للمصالح الوطنية على المصالح الفئوية أو الخاصة»، مضيفاً: «في الأزمات ليس متاحاً أن يحصل طرف على كل ما يريد، وليس مطالباً في المقابل بأن يتخلى طرف عن كل ما يريد».
وباسم حزب «القوات اللبنانية» تحدث النائب جورج عدوان، معتبراً أن الظروف غير مناسبة للدخول في مسألة تفسير وتعديل الدستور ولا يمكننا تسعير الأمور الطائفية ‏والاتكال عليها لتحقيق أهداف أخرى، داعياً إلى البحث في «كيفية ‏المحافظة على ما تبقى من المؤسسات التي تنهار»، وجدد التأكيد على أن «الحل اليوم يكون بانتخابات نيابية مبكرة لتغيير الأكثرية ‏الحاكمة وأي حل آخر ليس إلا مضيعة للوقت».
وفي كلمة له باسم «اللقاء الديمقراطي» تحدث النائب هادي أبو الحسن، قائلاً: «بغض النظر عن منطلق رسالة الرئيس الذي يعد حقاً دستورياً، لكنها برأينا لن تحل الأزمة المستعصية، بل ستدخلنا في تفسيرات واجتهادات دستورية، نحن بغنى عنها وستزيد الأمور تعقيداً».
وأكد: «كلقاء ديمقراطي نرى أن لا حل للخروج من الأزمة الراهنة إلا بالواقعية، التي تفترض إعادة النقاش الهادئ والموضوعي سريعاً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بهدف تشكيل حكومة مهمة متوازنة، بعيداً عن أي معادلات قد تقوض أداءها أو تعطل عملها مستقبلاً، وهذا يتطلب تسوية وفق صيغة ممكنة ومقبولة، وإن قاعدة الـ24 وزيراً هي برأينا الصيغة الفضلى والأكثر توازناً اليوم ومن دون ثلث معطل. فرئيس الجمهورية باقٍ في موقعه حتى نهاية ولايته والرئيس المكلف مستمر بمهمته استناداً إلى تسميته من قبل أكثرية نيابية واضحة، فلا يجوز البحث في سحب التكليف منه، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتجاوز أحداً».
بدوره، دعا النائب طوني فرنجية، باسم تيار «المردة»، «الأفرقاء المعنيين إلى الترفع عن الحسابات الشخصية والتحلي بمسؤولية وطنية للعبور إلى حكومة تواكب هموم المواطنين والتفاهمات في المنطقة»، وأكد: «لا وقت لتفسير الدستور، وأكثر فريق يدعو إلى ذلك سيكون أكبر الخاسرين».
وفي ختام الجلسة، تلا رئيس المجلس موقف البرلمان من الرسالة وجاء فيه: «بعد الاستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية حول مسار تأليف الحكومة الجديدة وبعد النقاش حولها، اتّخذ المجلس النيابي الموقف وهو ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلّف للوصول سريعاً إلى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية». وتم تبني الموقف بالإجماع.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.