أوباما يرشح كاترين داناني لتكون أول سفيرة لواشنطن لدى الصومال منذ ربع قرن

تترأس البعثة الأميركية من كينيا حتى تهدأ الأوضاع في مقديشو

كاترين داناني القنصل الأميركي في الهند خلال زيارتها إلى منطقة بركاس  في المدينة القديمة في حيدر آبار في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 (أ.ف.ب)
كاترين داناني القنصل الأميركي في الهند خلال زيارتها إلى منطقة بركاس في المدينة القديمة في حيدر آبار في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 (أ.ف.ب)
TT

أوباما يرشح كاترين داناني لتكون أول سفيرة لواشنطن لدى الصومال منذ ربع قرن

كاترين داناني القنصل الأميركي في الهند خلال زيارتها إلى منطقة بركاس  في المدينة القديمة في حيدر آبار في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 (أ.ف.ب)
كاترين داناني القنصل الأميركي في الهند خلال زيارتها إلى منطقة بركاس في المدينة القديمة في حيدر آبار في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 (أ.ف.ب)

رشح الرئيس الأميركي باراك أوباما الدبلوماسية المخضرمة كاترين سيموندس داناني لتكون أول سفيرة أميركية لدى الصومال بعد أن ظل المنصب شاغرا لما يقرب من 25 عاما منذ انهيار الصومال في حالة من الفوضى في عام 1991، مما أدى إلى إغلاق السفارة الأميركية.
ورحبت وزارة الخارجية الأميركية مساء الثلاثاء بترشيح أوباما لداناني لتولي هذا المنصب، واعتبرته خطوة تاريخية ويشير إلى الرغبة في تعزيز العلاقات بين البلدين بعد تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية. وقالت جين بساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «هذا الترشيح التاريخي هو علامة على التزام الولايات المتحدة تجاه الصومال». وأوضحت أن داناني في حال مصادقة الكونغرس على تعيينها ستقود البعثة الأميركية التي سيكون مقرها في كينيا المجاورة حتى تسمح الظروف في العاصمة الإثيوبية مقديشو لإعادة فتح السفارة الأميركية.
وقالت بساكي: «وفقا لما ستسمح به الظروف الأمنية فإننا نتطلع إلى تعزيز وجودنا الدبلوماسي في الصومال وإعادة فتح السفارة الأميركية في مقديشو». وأضافت: «تعيين سفير للولايات المتحدة لدى الصومال يسمح لنا بمواكبة تقدم الشعب الصومالي باتجاه الخروج من عقود من النزاعات، وعلى الصومال القيام بعمل كبير لاستكمال الانتقال إلى أمة مسالمة وديمقراطية ومزدهرة».
وقد اعترفت الحكومة الأميركية بالحكومة الصومالية الجديدة التي تولت السلطة في أغسطس (آب) 2012 وهي أول سلطة تلقى اعترافا منذ سقوط نظام محمد سياد بري. وقد عصفت الاضطرابات بالصومال بسبب النزاعات وعدم الاستقرار الذي صاحب الإطاحة بالديكتاتور محمد سياد بري قبل 24 عاما وتشكلت عدة حكومات متعاقبة لكنها لم تدم طويلا، حيث واجه الصومال حربا أهلية وقرصنة وحالة من عدم الاستقرار السياسي وتصاعد لنمو جماعات تابعة لتنظيم القاعدة مثل حركة الشباب التي قامت بشن هجمات في جميع أنحاء شرق أفريقيا.
وسيطرت حركة الشباب على جزء كبير من مقديشو منذ عام 2007 حتى عام 2011 وتم طردهم من العاصمة الصومالية والمدن الرئيسية الأخرى من قبل قوات الاتحاد الأفريقي. ولا تزال حركة الشباب تقوم بشن هجمات ضد الحكومة الصومالية وتعد أكبر تهديد في الصومال والدول الأخرى مثل كينيا. واضطرت الحكومة الأميركي إلى إغلاق سفارتها في مقديشو عام 1991 عندما انهارت الحكومة الصومالية إلى حرب أهلية واسعة وتدهور الوضع بشكل سريع، مما دفع بعثة حفظ السلام الدولية التي تقودها الولايات المتحدة إلى الخروج من الصومال عام 1994 بعد أشهر من حادثة «بلاك هوك داون» عندما أطلقت ميليشيات صومالية طائرتين أميركيين وأدى ذلك إلى مقل 18 جنديا أميركيا في المعركة.
وقد رحبت الحكومة الصومالية بترشيح أوباما لتعيين السفيرة الأميركية الجديدة، وقال رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارماركي في بيان: «باسم الحكومة الاتحادية في الصومال وجميع الصوماليين فإننا نرحب بقرار الرئيس أوباما ترشيح كاترين داناني سفيرة لدى الصومال». ويذكر أن العلاقات الدبلوماسية تأسست بين الولايات المتحدة والصومال في عام 1960.
وتملك الدبلوماسية الأميركية كاترين سيموندس داناني خبرة كبيرة في مجال الشؤون الأفريقية، ومن المرجح أن يوافق مجلس الشيوخ الأميركي على تعيينها دون معوقات أو اعتراضات.
وتشغل داناني حاليا منصب مدير الشؤون الإقليمية والأمن في مكتب أفريقيا في وزارة الخارجية وقد عملت في عدة دول مثل الهند والمكسيك والكثير من الدول الأفريقية من أبرزها زيمبابوي والجابون وزامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وبدأت داناني عملها في الخارجية الأميركية منذ عام 1990 وحصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية كينيون، ومن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقامت بتدريس الاقتصاد في كلية غرينبل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.