تونس: لا بديل عن اتفاق صندوق النقد تفادياً لـ«سيناريو فنزويلا»

تحذير من صعوبات غير مسبوقة

حذر مروان العباسي من أن لجوء تونس إلى البنك المركزي لتمويل الميزانية سيقود إلى «سيناريو فنزويلا» (رويترز)
حذر مروان العباسي من أن لجوء تونس إلى البنك المركزي لتمويل الميزانية سيقود إلى «سيناريو فنزويلا» (رويترز)
TT

تونس: لا بديل عن اتفاق صندوق النقد تفادياً لـ«سيناريو فنزويلا»

حذر مروان العباسي من أن لجوء تونس إلى البنك المركزي لتمويل الميزانية سيقود إلى «سيناريو فنزويلا» (رويترز)
حذر مروان العباسي من أن لجوء تونس إلى البنك المركزي لتمويل الميزانية سيقود إلى «سيناريو فنزويلا» (رويترز)

قال مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي، الجمعة، إنه لا بديل عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، محذراً من أن لجوء الدولة إلى البنك المركزي لتمويل الميزانية سيخرج بالتضخم عن السيطرة، مضيفاً أن مثل هذا التمويل للميزانية سيقود إلى «سيناريو فنزويلا».
وشهدت تونس ديونها تتصاعد واقتصادها ينكمش 8.8 في المائة في 2020، مع بلوغ عجز الميزانية 11.4 في المائة من الناتج، وقد شرعت في محادثات مع صندوق النقد بشأن حزمة مساعدة مالية.
وأكد صندوق النقد، الخميس، أنه على تواصل وثيق مع السلطات التونسية لفهم التفاصيل الفنية لخططهم للإصلاح الاقتصادي، وهو ما سيكون خطوة مهمة صوب طلب تونس برنامجاً تمويلياً من الصندوق.
وقال جيري رايس المتحدث باسم الصندوق أثناء مؤتمر صحافي، «نقف على أهبة الاستعداد لدعم تونس وشعبها من أجل التعامل مع التحديات التي يواجهونها، مثل تداعيات (كوفيد)، وللعودة إلى مسار تعافٍ شامل مترع بالوظائف، ولاستعادة أوضاع مالية تكون قابلة للاستمرار». وأوضح أن الصندوق تلقى طلب تونس لبرنامج تمويلي أثناء زيارة المسؤولين التونسيين واشنطن في وقت سابق هذا الشهر، وأعقب ذلك تقديم خططهم للإصلاح الاقتصادي. وقال «مناقشاتنا الفنية منصبة حالياً على فهم تفاصيل هذه الخطة»... دون أن يذكر موعداً للانتهاء من التقييم ولا الحجم المحتمل لبرنامج من الصندوق. وقال العباسي في خطاب أمام البرلمان الجمعة، «البنك المركزي لن يفتح تمويل الميزانية من جديد»، محذراً من صعود التضخم إلى خانة المئات. وتابع أن الشهرين المقبلين سيكونان حاسمين، وأن اتفاق صندوق النقد - الذي تأخر كثيراً - قد بات ضرورياً لتفادي «الانفجار»، كما حث على «هدنة سياسية واقتصادية» لحماية الاقتصاد قبل فوات الأوان.
كان رئيس الوزراء التونسي أبلغ «رويترز» هذا الشهر أن تونس تسعى إلى قرض بمليار دولار من صندوق النقد في مقابل إلغاء الدعم وخفض ميزانية أجور القطاع العام الضخمة... لكن الاتحاد العام للشغل، النقابة التونسية الأكثر نفوذاً، وخصوماً سياسيين آخرين، رفضوا الإصلاحات المقترحة.
وقال العباسي إن عدم التوصل إلى اتفاق من الصندوق سيغلق أبواب حتى التمويل الثنائي مع دول مثل الولايات المتحدة. وكان وزير المالية علي الكعلي صرح لـ«رويترز»، في وقت سابق من العام الحالي، بأن تونس تسعى إلى ضمانات قروض بمليار دولار من الولايات المتحدة لإصدار سندات.
وكشف العباسي عن مجموعة من الصعوبات التي يلاقيها الاقتصاد المحلي، قائلاً إن تونس تسجل هذا المستوى من الصعوبات لأول مرة منذ سنة 1962، وأكد أن محركات النمو والتنمية، من استثمار وتصدير واستهلاك، تشهد شللاً يكاد يكون تاماً، ويتزامن ذلك مع عدم قيام تونس بالإصلاحات اللازمة لتجاوز الإشكاليات الاقتصادية.
وأوضح العباسي أنه رغم ما سجل من صعوبات، فقد تم اتخاذ قرارات صعبة للتخفيف من وطأة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أن قانون البنك المركزي التونسي يجعله مطالباً كل ستة أشهر بالحضور لتقديم تقرير عن الوضعية الاقتصادية ونشاط البنك حتى تتضح الصورة، وتكون كل الأطراف المعنية بالملفات الاقتصادية على بينة بمختلف المؤشرات والأرقام.
وأكد العباسي على انفتاح الاقتصاد التونسي المطالب بالإنتاج وخلق الثروة والتصدير، قائلاً: «إذا لم تنتج تونس ولم تصدر، مع عدم وجود ثروات بترولية بالبلاد، فإن ذلك قد يؤدي إلى إشكاليات اقتصادية واجتماعية متعددة... وأن يصبح قوت التونسيين مهدداً».
وأعلن العباسي عن توجه السلطات التونسية نهاية الشهر الحالي لوكالة «موديز» لتقييم الوضع الاقتصادي المحلي، كما ستتوجه نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل للقاء ممثلين عن وكالة «فيتش»، مؤكداً أن البلاد تنتظر التصنيفات لاستعادة الثقة بالاقتصاد والمؤسسات التونسية، وحتى لا تواجه مشكلات كبيرة خلال الثلاثة أشهر المقبلة.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».