بري يسعى لعقد لقاء بين الحريري وباسيل قبل مناقشة رسالة عون

جلسة حاسمة في البرلمان اللبناني اليوم بين التهدئة والتصعيد

الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة البرلمان أمس (الوكالة الوطنية)
الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة البرلمان أمس (الوكالة الوطنية)
TT

بري يسعى لعقد لقاء بين الحريري وباسيل قبل مناقشة رسالة عون

الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة البرلمان أمس (الوكالة الوطنية)
الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة البرلمان أمس (الوكالة الوطنية)

أرجأ رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى اليوم (السبت)، «الاشتباك السياسي» الذي كان متوقعاً في جلسة أمس التي خُصّصت لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون المرتبطة بالتأخر في تأليف الحكومة، والتي كان متوقعاً أن يلقي خلالها كل من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، كلمات عالية السقف، علماً بأنهما التقيا في قاعة البرلمان ولم يبادر أيٌّ منهما إلى إلقاء التحية على الآخر.
وكشف النائب في «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله، أن مساعي بري تتركز على إمكانية جمع الحريري وباسيل قبل جلسة اليوم وبالتالي ستكون الساعات المقبلة حاسمة. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن بري اختار تأجيل النقاش لأن الأجواء متشنجة ولم تنجح المساعي للتهدئة وتقريب وجهات النظر، وتأجيل الجلسة جاء لإفساح المجال أكثر لإمكانية الحل منعاً لتفجير الوضع»، مشيراً إلى مساعٍ يقوم بها بري لجمع باسيل والحريري، حيث إن الأول وافق على اللقاء من حيث المبدأ إنما المشكلة كانت في المكان، فيما لم يكن قد أبدى الحريري موافقته على الطرح، من هنا قال عبد الله إن ساعات المساء ستكون حاسمة وستحدد معالم جلسة يوم غد (اليوم)، إما أن تنجح المساعي وتُلغى حتى النقاشات في البرلمان وإما أن نشهد جلسة متفجرة في ضوء كل المعطيات الأخيرة ولا سيما مضمون رسالة عون (المتفجّر) أساساً والذي سيستدعي رداً عالي السقف من الحريري وبالتالي من باسيل وسنكون أمام مزيد من التأزم للوضع الحالي».
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه بعدما طلب بري من المدير العام للجلسات رياض غنام، تلاوة نص الرسالة، رفع الجلسة إلى الثانية من بعد ظهر اليوم (السبت) لمناقشتها، مشيرةً إلى أنه كان قد سجل لقاء قبل الجلسة بين بري والحريري.
ورغم أن بري كان قد أعلن أنه سيحدد جلسة ثانية لمناقشة الرسالة وستكون جلسة أمس (الجمعة) فقط لتلاوتها، ترددت معلومات قبيل موعد انطلاقها أنه سيعود ويفتح المجال أمام النقاش وذلك بناءً على إصرار كل من «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» اللذين كان رئيساهما قد أعدّا كلمة عالية السقف، لينتهي الأمر بتأجيلها إلى اليوم.
وبعد الجلسة أكد النواب أن خطوة تأجيل الجلسة كان هدفها التخفيف من التشنج السياسي الحاصل فيما يبدو الترقب سيد الموقف لما ستشهده جلسة اليوم.
وقال النائب ياسين جابر، من كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، إنه «وفق النظام الداخلي جرى تأجيل هذه الجلسة وتمت تلاوة الرسالة، والبلد بحاجة إلى تهدئة النفوس والتوافق على الخروج من الأزمة».
والأمر نفسه عبّر عنه النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار، قائلاً بعد الجلسة: «غداً (اليوم) ستكون هناك كلمة للحريري، ورئيس مجلس النواب يلعب دور الإطفائي ودوراً مهماً في احتواء التشنّج والتعنت من فريق رئيس الجمهورية. وما حصل اليوم هو في صلب النظام الداخلي للمجلس»، في إشارة إلى أنه يحق لرئيس البرلمان تأجيل جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية 24 ساعة.
ولم يختلف كلام نواب «التيار الوطني الحر»، حيث قال النائب ماريو عون إن «رئيس مجلس النواب أجّل جلسة المناقشة لاحتواء التشنّج ولدراسة مضمون الرسالة بهدوء أكثر، ومن الممكن أن تكون الكلمات غداً أقلّ حدّة من اليوم»، فيما لفت النائب إبراهيم كنعان إلى «أن هدف رسالة الرئيس تحريك الوضع الحكومي المأزوم لإخراج البلاد من حالة انعدام الوزن، وهذا أهم ما يجب أن تخلص إليه المناقشات النيابية غداً (اليوم).
وقبل الجلسة، كان النائب في «التيار» آلان عون، أوضح أن «النظام الداخلي يطرح أن الرسالة يجب أن تُناقش وليس فقط أن تُقرأ وإدارة الجلسة مِلك الرئيس بري»، مضيفاً: «عند وصول عمليّة التشكيل إلى حائط مسدود وعند انقطاع التواصل أرسل الرئيس عون هذه الرسالة كي تدخل الكتل النيابية إلى هذا النقاش لأنّها معنيّة أيضاً»، مشيراً إلى «أن الخطوة المقبلة ستُؤخذ على أساس ما سيحصل في الجلسة في ظلّ الأزمة التي يمرّ بها البلد».
كذلك، شدد النائب في «المستقبل» هادي حبيش قبيل دخوله إلى قاعة البرلمان على أنه «لا يوجد شيء في الدستور اسمه سحب التكليف، ويحق لرئيس الجمهورية إرسال رسالة، ونحن نختلف معه في مضمونها وبرأينا المسؤولية تقع على من عطّل التأليف»، فيما عد النائب في كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم «أن مجلس النواب غير مسؤول عن تشكيل الحكومة، إذ حسب الدستور هناك فصل للسلطات، والمجلس سيقوم بدوره في مناقشة الرسالة التي قد تكون عامل حضّ للمعنيين على الإسراع في تشكيل الحكومة».
وكان عون قد وجّه رسالة إلى مجلس النواب عبر الرئيس نبيه بري حول التأخير في تشكيل الحكومة، وطلب مناقشتها في الهيئة العامة للمجلس وفق الأصول، واتهم فيها الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه «لا يزال يأسر التأليف متجاهلاً كلّ مهلة معقولة لتأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبيّة والصناديق الدوليّة والدول المانحة»، وهو ما لاقى ردود فعل سلبية من «تيار المستقبل» وحلفائه بدءاً من الحريري الذي توعّد بالرد في البرلمان مروراً بالنواب، وصولاً إلى رؤساء الحكومة السابقين، الذي ردوا على عون ببيان تفصيلي اتهمه بخرق الدستور.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.