خريف 2015 وشتاء 2016.. الموسم الذي أبدع فيه الكبار وتألق ضمنه الشباب

أسبوع لندن.. قصات مبتكرة وأقمشة مترفة بإلهام من السبعينات

من عرض المخضرم بول كوستيلو
من عرض المخضرم بول كوستيلو
TT

خريف 2015 وشتاء 2016.. الموسم الذي أبدع فيه الكبار وتألق ضمنه الشباب

من عرض المخضرم بول كوستيلو
من عرض المخضرم بول كوستيلو

في فندق «وولدورف هيلتون» على بعد خطوات من «سومرست هاوس»، عرض المخضرم بول كوستيلوا تشكيلة بعنوان «جواهر في الضباب» عاد فيها إلى جذوره الآيرلندية، وشدت الأنفاس بجرأتها وألوانها وأحجامها. لا يختلف اثنان أنه صب فيها كل ما يمتلكه من خيال وإمكانيات، وكأنه يريد أن يعلم الصغار درسا في الثقة بالنفس ودقة التفصيل ويذكرهم أنه، قد يغيب لفترة، لكنه وجه لا تستغني عنه لندن الذي يشارك في أسبوعها منذ 30 عاما. الموسيقى التي اختارها كخلفية لعرضه كانت من وحي الفولكلور الآيرلندي، لكن ما عدا ذلك، لم يكن هناك أي شيء آخر له يربطها بالفولكلور. فالأحجام عصرية والقصات مبتكرة والأقمشة مترفة. أما الألوان، فحدث بلا حرج، فقد كانت تدخل السعادة على النفس، لأنها تذكر بالجواهر الثمينة، مثل الأخضر الزمردي، الأحمر الياقوتي والأزرق الزفيري، من جهة، ومن جهة ثانية، كانت تذكر بحديقة إيطالية متفتحة بالأزهار. فقد اعترف المصمم أنه استوحى الكثير من ألوانها من قرية كورينالدو، مسقط رأس الرسام رافائيل، في القرن الخامس عشر. رغم اقتراحه مجموعة كبيرة من المعاطف والقطع المنفصلة، إلا أن الغلبة كانت للفساتين، التي جاء بعضها بقصات الإمباير، بينما جاء بعضها الآخر منسدلا على شكل طبقات، وبأطوال تتباين بين القصير وبين الـ«ميدي»، لكن دائما بأحجام هندسية كبيرة ركز فيها المصمم على مكمن قوته: التفصيل الحاد. تتوالى القطع، وتعود بك حينا إلى حقب تاريخية بعيدة، وحينا إلى حقب ماضية يتذكرها كثير منا، مثل الثمانينات بأكتافها الضخمة وأكمامها المنفوخة، أو الستينات بأطوالها القصيرة وقصاتها التي تبتعد عن الخصر بعض الشيء. بيد أن كل هذه الرحلات إلى الماضي، لم تجعل كوستيلو يتواكل على إعجاب أو ولاء امرأة واحدة، بل استهدف كل نساء العالم، وكل الأجيال. فامرأة واحدة، على ما يبدو، لا تكفيه.
المصمم الشاب، جون بيير براغانزا، من جهته ظل وفيا لأسلوبه المتميز بالطيات وبالتلاعب بالأطوال غير المتناسقة. لكن هذا لا يعني أنه وقف (محلك سر)، ولم يطور أسلوبه، بل العكس. بإضافته طيات من الأوريغامي، وتفاصيل أخرى في الجوانب، أكد بأنه نضج وأصبح يعرف زبونته جيدا ويتفاعل معها، عوض أن يحاول أن يفرض عليها أسلوبه المتمرد. فقد كان لافتا للنظر أنه روض جموحه من دون أن يتنازل عن الأساسيات. والمقصود هنا أنه لم يركز فقط على المضمون الذي يبيع على حساب ابتكار الجديد، والدليل أن عرضه تميز بالتنوع الذي شمل بنطلونات مفصلة بأقمشة مترفة مثل الأورغنزا، وفساتين من الصوف مستقيمة وبسيطة تتخللها تفاصيل مبتكرة، كما هو الحال بالنسبة لقطعة تعطي الانطباع أنها 3 قطع، فمن الجانب تظهر على أنها معطف، ومن الخلف وكأنها جاكيت قصير مع تنورة، أما من الأمام، فهي فستان محدد على الجسم. هذه القطعة وحدها كانت تكفي لتذكرنا بإمكانيات برانغازا الإبداعية وقدراته على المراوغة لمواجهة متطلبات سوق متقلب.
في عرض أليس تامبرلي، فاجأت المصممة الحضور بإرسالها صوفي داهل، العارضة سابقا والكاتبة حاليا في آخر العرض بفستان أسود من المخمل تحته بنطلون من اللاميه الذهبي. فهذه العارضة تقاعدت، أو بالأحرى طلقت عروض الأزياء إلى أن أقنعتها تامبرلي بالمشاركة مستغلة صداقتهما. ورغم أهمية عودة صوفي داهل، وهي عارضة اشتهرت في التسعينات بمقاسات جسمها الممتلئة مقارنة بباقي العارضات، وأيضا بظهورها عارية في إعلان لعطر إيف سان لوران، فإنها لم تسرق الأضواء من التشكيلة. فهذه كانت تقطر بالجمال والأناقة، أخذتنا فيها المصممة في رحلة ممتعة إلى عدة أماكن وإلى ثقافات إثنية، من خلال قطع منفصلة وخفيفة نسقتها على شكل طبقات متعددة لاتقاء قرص البرد، وفي الوقت ذاته، يمكن التخلص من أي منها بسهولة حسب المكان والزمان. أي أنها موجهة لامرأة تسافر كثيرا إلى وجهات تختلف فيها أحوال الطقس وتحتاج إلى خزانة ملابس تلبي متطلبات حياتها الأنيقة. فساتين شفافة منسابة، وأخرى مطرزة تنسدل على الجسم في أقمشة مترفة وناعمة، وتنورات بأطوال مختلفة، تتباين بين الـ«ميدي» و«الماكسي»، كلها تغطي الركبة، سواء كانت موجهة للنهار أو المساء. كانت هناك أيضا قطعا من الصوف على شكل كنزات ومعاطف واسعة بياقات عالية زينتها شالات مستطيلة وطويلة مطرزة بألوان قوس قزح كان الغرض منها إضفاء المزيد من الحيوية عليها، خصوصا وأن ألوان الأزياء كانت هادئة، غلبت عليها درجات البني والأسود والرمادي والأزرق، ما جعل التطريزات ذات الإيحاءات الإثنية والدرجات المتوهجة مثل الأزرق الفيروزي والفوشيا والأصفر، حقنة مطلوبة. كل ما في العرض كان يضج بالأناقة والرومانسية البوهيمية إلى حد كبير، لأن كل إطلالة كانت تعطي الانطباع بأناقة لا مبالية، بقصاتها المنسدلة وأقمشته الهفهافة وحتى تطريزاتها الغنية.
جاسبر كونران، مصمم آخر يعرف كيف يدللنا بأزياء أنيقة وسهلة للاستعمال اليومي. يوم السبت الماضي، قدم تشكيلة تغلب عليها ألوان الخريف الطبيعية وبخطوط راقية مع نقشات هادئة مستوحاة من لوحات يابانية، وتحديدا من طبعات كونيسادا من القرن التاسع عشر، خص بها الحرير تحديدا. موسما بعد موسم، لا يبخل علينا المصمم المخضرم بتصاميم يريدها أن تميز المرأة وتشعرها بالثقة بالنفس، ويركز فيها على التفصيل الإنجليزي من دون أن ينسى إضافة لمسات أنثوية راقية. بعض العرض، صرح بأنه عندما يصمم للمرأة، فإنه يأخذ بعين الاعتبار أسلوب حياتها «هل تعمل؟ هل هي جادة؟ وعندما ستدخل أي مكان، هل ستبدو رائعة أم عادية؟». والجواب دائما يكون أنها يجب أن «تشعر بالثقة عندما تدخل أي مكان». تشكيلته الأخيرة تجسد هذه الثقة من خلال فساتين من الكشمير، وتنورات مستقيمة تغطي الركبة، وأخرى من الحرير تنسدل على الجسم بسخاء، طبعتها نقشات غرافيكية حينا، ونقشات مستلهمة من الفنان الياباني كونيسادا حينا آخر، تتسم بكثير من الرومانسية والعصرية في الوقت ذاته، حتى لا تبدو مغالية في الحنين إلى الماضي. ويبدو أن الراحة كانت أيضا مهمة بالنسبة له، لأنه ركز على هذا العنصر في كنزات واسعة وتنورات ببلسيهات منسدلة. تفسير المصمم أنه أراد «تشكيلة يمكن أن تستعملها المرأة بسهولة في كل مناسبات النهار». فالكشمير يمنحها الدفء، والحرير أنوثة راقية.
القول بأن عرض «بربيري برورسم» من أهم العروض التي تنتظرها أوساط الموضة في لندن، وتستقطب نجوما من العيار الثقيل، أصبح من الكليشيهات. فعدا أنها أكبر دار أزياء بريطانية، بتاريخها وإمكانياتها، تؤكد أيضا أن سطوتها الجمالية والتجارية، في كل أنحاء العالم، تزيد موسما بعد موسم. يوم الاثنين الماضي كشفت عن تشكيلة أطلقت عليها عنوان «باتشوورك، رسمات وطبعات» ما من شك أنها ستسوق نفسها بسهولة، لأن كل قطعة فيها، كانت تُغري بالاستحواذ عليها وتطعيم خزانة خريف وشتاء 2015 بها. أهم ما فيها أنها تتمتع بفنية عالية أصبحت لصيقة بالمصمم كريستوفر بايلي، الذي حملنا هذه المرة إلى السبعينات، مستعملا تقنية الباتشوورك والشراشيب، التي ظهرت أيضا في حقيبة «باكيت»، والألوان المطفية مع بعض الترصيعات الزجاجية، إضافة إلى كم هائل من القطع المنفصلة التي تخاطب امرأة شابة وعصرية. طبعا لا يكتمل أي عرض لـ«بربيري» من دون المعطف الواقي من المطر، فهو تعويذتها التي تتفاءل بها وتعود إليها في كل موسم تطورها وتدخل عليها تفاصيل جديدة لتخاطب كل الأجيال والأذواق. هذه المرة جاء بنقشات متضاربة وبتقنية الباتشوروك، كما جاء بجلد الشامواه. بيد أن كريستوفر بايلي لم ينس أن دوره كمدير فني يعني أن يبتكر تعويذات جديدة تتوارثها أجيال قادمة، عوض الاستكانة لقطعة من الماضي، وإذا كانت أيقونية، وهذا ما أثبته في قطع مثل البُنش، رأيناها في الموسم الماضي لكنه عاد إليها ليرسخ مكانتها كقطعة أنيقة، كما في فساتين ناعمة من الموسلين أو الدانتيل شكلت تناقضا متناغما مع جلد الشامواه، الذي ساد في جاكيتات بشراشيب وفي معاطف وحقائب يد وأيضا في أحذية عالية الساق. استعمل أيضا تقنيات جديدة مثل تلك التي ظهرت في التبطين، وقال إنه استلهمها من تقنية إنجليزية قديمة اشتهرت بها منطقة ديرهام الواقعة بالقرب من مسقط رأسها، شرق يوركشاير. باستثناء قطع قليلة مفصلة بأسلوب كلاسيكي، كانت القصة تدور حول امرأة بوهيمية تعشق السفر، تميزت فيها القصات بخصور عالية وأطوال تغطي الركبة وتصاميم منسدلة لو عاشت الراحلة تابيثا غيتي لحملتها معها كلها في رحلة إلى مراكش.
«مالبوري» دار أزياء بريطانية أخرى تتمتع بإرث عريق، لكنها تمر بمرحلة حرجة من تاريخها منذ فترة. فرغم أنها أعلنت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أنها عينت جوني كوكا ليخلف إيما هيل التي تركت الدار بسبب عدم توافقها مع الرئيس التنفيذي السابق، إلا أنها أعلنت أيضا أنه لن يقدم تشكيلته الأولى لها حتى شهر يوليو (تموز) القادم، مشيرة إلى أنها لن تقدم عرضا بالمعنى التقليدي، بل ستكتفي باستعراض جديدها أمام وسائل الإعلام وصناع الموضة، بمواعيد مسبقة، وهو ما كان. معاينة تصاميمها عن قرب تؤكد بأنها تتمتع بحرفية عالية وبأن مكمن قوتها لا يزال مجال الإكسسوارات، لا سيما حقائب اليد، لكنها تحاول جادة أن تخترق مجال الأزياء وتحفر لها مكانة فيها. اقترح فريقها الكثير من المعاطف الجلدية المزينة أو المبطنة بصوف الخرفان، أو الصوفية المغزولة بتقنيات حديثة كان الغرض منها تنعيمها أكثر، فضلا عن كنزات من صوف الألبكة أو الكشمير. لكن اللافت فيها كان الطبعات المستلهمة من فن العمارة الجيورجية، حسب تصريح الدار، بينما بقيت الخطوط بسيطة ومضمونة تفتقد بعض الجرأة التي يمكن أن تميزها وتُدخلها ضمن الكبار فيما يتعلق بالأزياء على الأقل.
المضمون لم يكن يخطر ببال روكساندا إلينشيك عندما صممت تشكيلتها الصارخة بألوان قوس قزح وأقمشتها المتنوعة. كل ما فيها كان يصرخ بأنوثة أصبحت لصيقة بها، وتتميز بطول يلامس الكاحل، وياقات عالية وخصور نحيفة. وهي تصاميم تناسب المرأة الشرقية كما تناسب فتاة غربية شابة، بفضل خطوطها الهندسية البسطة بحكم أن المصممة درست الهندسة المعمارية أساسا، ما بدا واضحا في بعض الأحجام والأشكال، مثل فستان مستقيم بتنورة طويلة تتسع من تحت بشكل دائري يلف حول نفسه مع كل خطوة، ليذكرنا بأن الموضة في لندن بألف خير.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.