شاشة الناقد

قلق في عيني أنجلينا جولي في «أولئك الذين يتمنون موتي»
قلق في عيني أنجلينا جولي في «أولئك الذين يتمنون موتي»
TT

شاشة الناقد

قلق في عيني أنجلينا جولي في «أولئك الذين يتمنون موتي»
قلق في عيني أنجلينا جولي في «أولئك الذين يتمنون موتي»

- أولئك الذين يتمنون موتي | Those Who Wish Me Dead
- ★★
- إخراج: تايلور شريدَن
- الولايات المتحدة | تشويق (2021)
هناك مشكلة تنبع من سيناريو يريد توزيع الأحداث ما بين عدّة شخصيات ستلتقي في مكان لاحق من الفيلم عند نقطة مُعيّنة. المشكلة هي أنه إذا ما كان لديك خيوط مختلفة في دراما واحدة، فإن الإجادة ليس بربطها معاً في نهايات الفيلم فحسب، بل بمعرفة ما إذا كان المُشاهد سيتفاعل مع كل شخصية وما يحدث معها على مستوى واحد حين ينتقل من خيط إلى آخر أم لا.
في «أولئك الذين يتمنون موتي» ثلاثة خيوط يسير كل بموازاة الآخر قبل أن يعرج عليه. هناك حكاية امرأة اسمها هانا (أنجيلا جولي) تعمل في سرية الإطفاء المخوّلة إخماد حرائق الغابات التي تعيش حادثاً يؤلمها (شاهدت عائلة من ثلاثة تحاول الهرب من النيران وكانت تستطيع المساعدة لكنها خافت على حياتها). وقاتلان محترفان يبحثان عن ولد أعطاه والده، قبل قتلهما إياه، وثائق تدين عدداً من المسؤولين الفاسدين. ثم حكاية شرطي أبيض وزوجته السوداء اللذين يسعيان للنجاة من قبضة المجرمين بعدما اعتقدا أن الشرطي أخفى الصبي الذي يتم البحث عنه. يمكن أن نضيف خيطاً تمهيدياً يؤدي لكل ما نراه لاحقاً، وهو ذلك الأب الذي أدرك أن حياته مهددة فيهرب من المدينة مع ابنه. ليس هذا كل ما يحدث، بل هناك حريق هائل مفتعل وعواصف رعدية تبدو كما لو كانت تلاحق هانا أينما اتجهت. هانا الآن تحاول مساعدة الصبي على النجاة من قبضة الشريرين في ظروف صعبة. تستطيع أن تخمّن الباقي.
كان الأفضل لو أن الفيلم اعتمد على زاوية واحدة: الصبي الهارب (وهو محور الرواية في الأصل) أو القاتلين أو الشريف وزوجته أو هانا. الرواية التي وضعها مايكل كوريتا التزمت بحكاية الصبي لكن الفيلم لم يفعل. ما أفقد الفيلم محوره ووضع هانا وشخصيّتها في صف موازٍ، مضيفاً لمتاعبها العناية بالصبي في النصف الثاني من الفيلم. وإذ يستعين الإنتاج بأنجيلنا جولي كاسم كبير واحد إلا أنه يعاملها كطرف.
يمنح الفيلم هانا عذاب ضمير (يؤكده ثلاث مرّات أكثر مما يجب) تمهيداً لأن تجد في الدفاع عن الصبي (أدّاه جيداً فن ليتل) خلاصاً لمحنتها النفسية. بذلك لا ننتظر منها، بعد نهاية الفيلم، أن تعيش الكابوس إياه وتبكي دموعاً حارّة وتشكو متاعبها لمن لديه الوقت لسماعها.
بصرياً، للفيلم منحاه الجيد من حيث تصميم مناظره وتنفيذ مشاهده على نحو يناسب الشاشة الكبيرة التي تنتظره. هناك درجة من التشويق العام يتخللها مفارقات متوقعة والكثير من اللقطات من زوايا مختلفة لا لزوم لها (في الصالات قريباً).

- أحياء| Alive
- ★★
- إخراج: إل تشو
- ‪كوريا‬ | رعب (2020)
قبل مشاهدة فيلم زاك سنايدر الجديد «جيش الموتى» (في الصالات وعلى الإنترنت بدءاً من اليوم) فكّرت في التقاط هذا الفيلم الكوري حول الزومبيز، وهو الموضوع الذي يعالجه فيلم سنايدر.
السينما الكورية أضافت، واليابانية، جديداً على نوع الرعب. ليس من حين قريب، بل طوال العشرين سنة الماضية. «أحياء» يحمل محاولات الانتماء إلى تلك الإضافات. يحتوي على حكاية مثيرة وبضع مشاهد أخّاذة في حدود النوع، لكنه يدخل حقلاً من المفارقات التي تدور حول نفسها مع قليل من التطوّر.
يفتح الفيلم على الشاب أو جوون يستيقظ في صباح أحد الأيام ليجد أن وباء حوّل الناس إلى زومبيز. يطل من نافذته في الطابق الرابع ويشاهد آكلي لحوم البشر يفتكون بالبشر. بعد قليل سيواجه وضعاً داخل بيته لكنه سيتخلص منه. في اليوم العشرين يكتشف وجود فتاة حيّة في الطابق الرابع في المبنى المواجه لشقّته. يمنحه وجودها الأمل. وما هي إلا بضعة أيام قبل أن يقررا توحيد الجبهتين رغم الصعاب. توقعت أن تتعلق بحبل ممدود، لكنها آثرت شق طريقها في الشارع الفاصل بين العمارتين ومعها ما يشبه المنجل ومواجهة جيش الزومبيز والنجاة منهم. أو جوون سيتحمّس وينضم إليها بعصا الغولف الحديدية ثم يهربان إلى الطابق العلوي حيث يعيش رجل وحيد. يفرز الفيلم هنا حكاية عاطفية غير متوقعة (ومستعجلة) عن ذلك الرجل الذي ساعدهما في الاحتماء بمنزله لأنه يريد إطعامهما لزوجته الزومبي.
لجانب أن «أحياء» لا يُضيف جديداً من حيث الأحداث، يحاول اجتياز مسافات زمنية دون ملئها، مما يجعلها غير ضرورية. نحن فجأة في اليوم العشرين من دون أن نعرف من دون ترقيم للأيام السابقة أو التالية.

- خلسة | Stowaway
‫- ★★★
- إخراج: جو بينا‬
- الولايات المتحدة | خيال علمي (2021)
في فيلمه الأول «قطب شمالي» (2018) وجدنا المخرج جو بينا يُعالج حكاية رجل (ماس ميكلسن) حبيس منطقة نائية من القطب الشمالي بعدما سقطت به طائرة مدنية. في الطائرة ناج آخر هو الفتاة الشابة (ماريا سمارادوتير) التي لا تقوى على الحركة. على الرجل أن يؤمن الطعام لهما وأن يحافظ على رجاحة عقله ورباطة جأشه حيال ما قد يقع لفرد ما إذا ما وجد نفسه في مثل هذا الوضع المصيري.
في فيلمه الجديد «خلسة» يبرهن بينا على ميله لطرح مثل هذه المواقف الصعبة التي توفر زاداً فكرياً وشغلاً بصرياً للمشاهد. ينتقل هنا إلى الفضاء في رحلة قوامها ثلاثة ملاحين هم قائدة الرحلة مارينا (توني كولَت) ومساعداها ديفيد (دانيال داي كيم) وزاو (آنا كندريك). الرحلة المتجهة صوب المريخ مخصصة لثلاثة أفراد. لديها أكسجين كافٍ لثلاثة ووقود كافٍ للوصول، لكن ما الذي سيحدث إذا ما كان هناك شخص رابع وجد نفسه محجوزاً في قمرة صغيرة ولم يسأل عنه أحد وطارت المركبة الفضائية به من دون أن يخطط لذلك؟ احتمال وقوع ذلك واحد في المائة ألف، والسيناريو (من بينا ورايان موريسون الذي شاركه كتابة «قطب شمالي» أيضاً) يأخذ هذا الواحد بالألف ليصنع منه حبكة تبحث في الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية انطلاقاً من وضع الملاحين الثلاثة أمام اختيارين: التخلّص من هذا الرجل (شاميير أندرسن)، وهناك طريقة واحدة للتخلص منه، أو تقاسم الأكسجين معه.
ربما بدا الموضوع جافاً، لكن جو بينا يصنع منه مادّة مشوّقة ويمنح الشخصيات الكثير من الأوجه الجديرة بالبحث. يحقق فيلماً يقع في الجانب المقل من الأعمال، حيث الفضاء البعيد خطير حتى من دون وحوش كاسرة تتسلل إلى المركبة وتبدأ فتكها بالملاحين. هناك مشاهد قادرة على حبس الأنفاس (أهمها المشهد الذي يدور خارج المركبة مع اقتراب عاصفة من النيازك الحارقة) لكن هناك كذلك حوارات في الفن والفلسفة، إلى جانب طرح الموقف الأخلاقي لدى شخصيات قابلة للتصديق. «خلسة»، ليس بالفيلم الذي يؤمن حاجة هواة النوع للخيال المفرط والمغامرة الخطرة بالضرورة، لكنه في الوقت ذاته ليس مضيعة للوقت. محسوب ويواجه حدود المكان الضيّق بنجاح (إنترنت).

★ ضعيف| ★ ★ : وسط| ★★★: جيد | ★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.