الأزمة الاقتصادية في لبنان تنعش مهن الخياطة وإصلاح الأحذية

TT

الأزمة الاقتصادية في لبنان تنعش مهن الخياطة وإصلاح الأحذية

عادت المهن التي كانت على طريق الاندثار في السنوات الماضية إلى الحياة في لبنان، بتأثير مباشر من الأزمة المالية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ نهاية عام 2019.
وبات عدد كبير من اللبنانيين يسعى لإصلاح سلع كانوا يستبدلونها من دون تفكير قبل سنوات، فإذا بهم اليوم يبحثون عمن يصلحها لهم ويجددها.
وتتكدس الملابس التي هي بحاجة أعمال خياطة لدى نهى عاد (55 عاما) والتي كانت قد نقلت أعمال الخياطة التي تتقنها من محل لم تعد قادرة على دفع إيجاره قبل 4 سنوات إلى منزلها حيث بات يقصدها عدد من الزبائن تقول إنه تضاعف قبل أشهر. وتشير عاد التي كانت تخصص فترة بعد الظهر لأعمال الخياطة إلى أنها باتت تضطر اليوم لبدء الأعمال بوقت أكبر فقد بات يقصدها من لم تكن تتوقع على الإطلاق أنه قد يلجأ لتصليح لملابسه، بحيث إنه كان يشتري ملابس جديدة كل شهر أو شهرين، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مع تضخم أسعار الملابس بشكل غير مسبوق وبقاء الرواتب على ما هي عليه رغم انهيار سعر صرف الليرة بات القسم الأكبر من اللبنانيين غير قادر على شراء الملابس». وتقول عاد: «كثيرون يطلبون توسيع أو تضييق الملابس والبعض يريد رتي ملابس قديمة وهذه أعمال (أي الرتي) لم نكن نقوم بها إلا نادرا في السنوات الماضية».
وكما الملابس كذلك الاحذية، إذ يعمد قسم كبير من المواطنين لإصلاح أحذية قديمة ما أدى لانتعاش هذه المهنة. حتى أنه تم افتتاح محال جديدة لإصلاح الأحذية في أكثر من منطقة بعد ارتفاع الطلب على أعمال مماثلة.
ويشهد أحد محال بيع وتصليح الأدوات الإلكترونية في منطقة الجديدة شرق بيروت زحمة يوم الجمعة صباحا، حيث يصطف المواطنون بانتظار دورهم سواء لوضع أغراض جديدة للتصليح أو استعادة أغراض وضعوها قبل فترة. أحدهم يحمل مجففاً للشعر وآخر مروحة كهربائية. ويقول إيلي فخري (33 عاما) لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ أشهر ازدهر عمله واضطر للاستعانة بشخص يساعده، لافتا إلى أن المواطنين يأتونه بمختلف أنواع الأغراض التي عادة ما كانوا يتخلون عنها مباشرة في حال تضررت ويشترون سلعا جديدة، «أما اليوم وباعتبار أن معظم هذه الأدوات مستوردة ومع انهيار سعر الصرف لم يعودوا قادرين على تحمل ثمنها الباهظ لذلك يعمدون إلى تصليحها، لذلك يصح معنا المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد!». ويشهد لبنان منذ عام ونصف العام أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، وشحّاً في السيولة بالدولار وتدهوراً قياسياً في قيمة العملة الوطنية. وحاليا يتخطّى سعر صرف الدولار في السوق السوداء 12 ألفاً و500 ليرة فيما لا تزال معظم رواتب الموظفين وفق سعر صرف 1500 ليرة ما أدى لتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وبات أكثر من 50 في المائة من اللبنانيين تحت خطّ الفقر في حين تخطّت نسبة التضخّم 140 في المائة في العام 2020، ويشير الخبير في الشركة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى تراجع القدرة الشرائية بشكل كبير لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين، فبيع الأجهزة الكهربائية والمنزلية مثلا تراجع بنسبة 70 في المائة فيما تراجع بيع الألبسة والأحذية 80 في المائة، المواد الغذائية والاستهلاكية 35 في المائة، السيارات بنسبة 80 في المائة، المحروقات لا سيما البنزين بنسبة 25 في المائة، حركة المطاعم 50 في المائة وقد تم تسجيل تراجع كبير في حركة السفر.
من جهته، يوضح أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ناصر ياسين أن مؤشر أسعار الاستهلاك الذي يحدد تضخم الأسعار ارتفع عام 2020 بنسبة 146 في المائة وهو ارتفاع كبير جدا، وزيادة أسعار الملابس والأحذية بنسبة 559 في المائة، والمفروشات بنسبة 655 في المائة وذلك خلال عام واحد، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كل ذلك مرتبط بانهيار سعر الليرة وبكون الأكثرية الساحقة من هذه السلع مستوردة». ويضيف «من دون أن ننسى أن دخل 42 في المائة من اللبنانيين لا يزال ما دون المليون و400 ألف ليرة ما يجعل من الصعب أو حتى المستحيل أن يواصلوا شراء سلع جديدة ما يحتم إقدامهم على إصلاح السلع الموجودة لديهم».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.