لبنان: «التصريحات المسيئة» تفرض تعديلاً حكومياً

شربل وهبة (رويترز)
شربل وهبة (رويترز)
TT

لبنان: «التصريحات المسيئة» تفرض تعديلاً حكومياً

شربل وهبة (رويترز)
شربل وهبة (رويترز)

فرضت أزمة التصريحات المسيئة التي أطلقها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة بحق دول الخليج، تعديلاً في حكومة لبنان المستقيلة، بعد أن اضطر وهبة إلى الاستقالة، وتم تكليف وزيرة الدفاع زينة عكر تصريف أعمال وزارة الخارجية.
وسلّم وهبة صباح أمس رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كتاباً يطلب إعفاءه من مسؤولياته الوزارية، مؤكداً أنّه أقدم على هذه الخطوة «في ضوء التطورات الأخيرة والملابسات التي رافقت الحديث الذي أدلى به إلى إحدى المحطات التلفزيونية، وحرصاً منه على عدم استغلال ما صدر للإساءة إلى لبنان واللبنانيين».
وكان وهبة اتهم في مقابلة تلفزيونية دول الخليج بتمويل تنظيم «داعش» ليعود بعدها ويصدر بياناً يعتذر فيه عن «العبارات غير المناسبة التي صدرت عنه في معرض الانفعال»، مؤكداً أنه لم يكن يقصد الإساءة إلى أي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة.
وتمنى وهبة بعد لقائه دياب «إقفال هذا الموضوع بالكامل، وأن يصبح من الماضي لتقوم العلاقات اللبنانية مع الدول العربية والدول الصديقة والشقيقة على أساس الاحترام المتبادل».
وكان رئيس الجمهورية توافق مع دياب بداية على تسليم الوزارة لوزيرة المهجرين غادة شريم المقربة من «التيار الوطني الحر»، لكنهما اصطدما بتحفظ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أصر على تسليمها لشخصية مقبولة لا تخلق حساسيات.
ويأتي إعلان وهبة طلب اعفائه بعد تنديدات واسعة، بالإضافة إلى بيان صادر عن مجلس التعاون الخليجي طالب فيه وهبه «بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق».
كما كانت وزارة الخارجية السعودية قد استنكرت بشدة ما تضمنته تصريحات الوزير اللبناني التي وصفتها بأنها تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين.
وكانت رئاسة الجمهورية اللبنانية أكّدت، أن ما قاله وهبة (المقرّب من عون) هو رأي شخصي ولا يعكس موقف الدولة اللبنانية، ورئيسها الحريص على رفض ما يسيء إلى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والسعودية ودول الخليج خصوصاً.
من جهة أخرى، تقدم عدد من المحامين اللبنانيين بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية ضد وهبة بجرم مخالفة المسؤوليات الوظيفية، إضافة إلى الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية وتعكر صفو علاقات لبنان مع الدول العربية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.