اقتصاد اليابان يعاود الانكماش

TT

اقتصاد اليابان يعاود الانكماش

أفادت بيانات حكومية بأن الاقتصاد الياباني انكمش بمعدل سنوي 5.1 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار) مقارنة مع ربع السنة السابق، ليسجل أول انخفاض في ثلاثة فصول، إذ تأثر الإنفاق الاستهلاكي بفعل عودة وتيرة الإصابات بفيروس «كورونا» للتصاعد.
كانت 10 مقاطعات من بينها طوكيو تحت حالة الطوارئ المفروضة بسبب (كوفيد - 19) خلال الفترة من يناير إلى مارس.
وعلى أساس فصلي، أظهرت بيانات من مكتب مجلس الوزراء أمس الثلاثاء، أن الناتج المحلي الإجمالي سجل انخفاضا 1.3 في المائة، وهو أكبر قليلا من متوسط تقديرات الاقتصاديين لانكماش 1.2 في المائة.
وأظهرت البيانات أن الاستهلاك الخاص، الذي يشكل أكثر من نصف الاقتصاد، انخفض 1.4 في المائة، مقابل انخفاض 2 في المائة توقعه الاقتصاديون.
يذكر أن 9 أقاليم يابانية منها طوكيو تخضع حاليا لحالة الطوارئ في تفشي الموجة الرابعة من جائحة فيروس «كورونا» المستجد في هذه الأقاليم، وذلك قبل شهرين فقط من الموعد المقرر لانطلاق دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة طوكيو اعتبارا من 23 يوليو (تموز) المقبل.
وحذر وزير التنشيط الاقتصادي الياباني ياسوتوشي نيشيمورا في مؤتمر صحافي أمس بالقول: «علينا الاستعداد لتراجع اقتصادي جديد في الوقت الذي طالبنا فيه بإجراءات صارمة خلال موسم العطلة (في وقت سابق من الشهر الحالي) خلال الجولة الثالثة من حالة الطوارئ».
وحذر خبراء من الانتشار السريع للسلالات الأكثر قابلية للانتشار من الفيروس، خاصة أن إطلاق لقاحات (كوفيد - 19) كان بطيئا للغاية في اليابان وذلك منذ إطلاقها في منتصف فبراير (شباط).
وقد تم تطعيم 1.4 في المائة من سكان اليابان فقط ضد الفيروس حتى يوم الجمعة الماضي. وقال محللون إن بطء خطط التطعيم قد يضر بالتعافي الاقتصادي.
وأفاد مكتب مجلس الوزراء بأن استهلاك القطاع الخاص، وهو عنصر رئيسي من عناصر الإنتاج، انخفض بنسبة 1.4 في المائة على أساس فصلي في الفترة من يناير إلى مارس، بعد زيادة بنسبة 2.2 في المائة في الربع السابق.
وقال المكتب إن استثمارات الشركات انخفضت أيضا بنسبة 1.4 في المائة في الربع الأول مقارنة بنمو نسبته 4.3 في المائة في فترة الأشهر الثلاثة السابقة.
أضاف، أن الصادرات ارتفعت بنسبة 2.3 في المائة في الفترة من يناير إلى مارس، في زيادة للربع الثالث على التوالي، في حين ارتفعت الواردات بنسبة 4 في المائة.
رغم ذلك، قفزت الأسهم اليابانية الثلاثاء، إذ تجاهل المستثمرون تلك البيانات، وأقبلوا على أسهم تضررت تقييماتها في موجات بيع بالآونة الأخيرة.
وصعد المؤشر نيكي 2.09 في المائة ليغلق عند 28406.84 نقطة، ليتعافى من أدنى مستوياته في أربعة أشهر الذي سجله الأسبوع الماضي، في حين زاد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 1.54 في المائة إلى 1907.74 نقطة.
في الأثناء، ذكرت صحيفة «نيكي» الاقتصادية اليابانية أن الحكومة اليابانية طالبت شركات تشغيل شبكات نقل الكهرباء والاتصالات في البلاد بمعالجة المخاوف المتعلقة بالأمن القومي نتيجة استخدام معدات تكنولوجية مصنوعة في الخارج، بعد عملية القرصنة المعلوماتية التي تعرضت لها شركة خطوط أنابيب نقل المنتجات النفطية في الولايات المتحدة كولونيال بايب لاين مما أدى إلى توقف الكثير من خطوط الأنابيب عن العمل.
وأضافت الصحيفة، أن الحكومة اليابانية تعتزم أيضا تحديث القوانين المنظمة للمشتريات والتعاقدات في 14 قطاعا من قطاعات البنية التحتية الحيوية بنهاية 2022؛ لكي تضمن التزام الشركات المشغلة لهذه القطاعات بالتعامل مع مخاوف الأمن القومي.
ومن المنتظر أن تشمل الاشتراطات الجديدة، الاتصال بمراكز البيانات في الخارج بالإضافة إلى التعاقد مع شركات خارجية للقيام بعمليات مرتبطة بمعلومات العملاء المحليين.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.