الجزائر: اعتقال 64 متظاهرا ضد مشروع استغلال الغاز الصخري

بوتفليقة يدافع عن خيار التنقيب عن الطاقة غير التقليدية بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات

الجزائر: اعتقال 64 متظاهرا ضد مشروع استغلال الغاز الصخري
TT

الجزائر: اعتقال 64 متظاهرا ضد مشروع استغلال الغاز الصخري

الجزائر: اعتقال 64 متظاهرا ضد مشروع استغلال الغاز الصخري

نددت «هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة» في الجزائر باعتقال 64 ناشطا من صفوفها أمس بالعاصمة وبومرداس (45 كم شرق)، بسبب محاولة تنظيم مظاهرة بساحة «البريد المركزي» بالعاصمة للاحتجاج ضد مشروع الحكومة استغلال الغاز الصخري. في غضون ذلك، نظمت ما يسمى «أحزاب السلطة» تظاهرات في نفس اليوم للدفاع عن المشروع.
وعاشت العاصمة أمس شبه حصار، بسبب انتشار الآلاف من رجال الشرطة بالساحات العمومية لمنع المعارضة من تنظيم تجمعاتها التي أعلنت عنها منذ شهر بمناسبة مرور 44 سنة على تأميم المحروقات (2 فبراير (شباط) 1971. ولوحظ تركيز كبير على ساحة موريس أودان و«البريد المركزي»، حيث وضعت الشرطة حواجز أمنية، وعرفت حركة المرور اضطرابا كبيرا.
وللتشويش على مسعى المعارضة، أعدت السلطات مهرجانا للموسيقى الشعبية في المكانين المذكورين زيادة على تنظيم سباق للدراجات، وهو أمر غير مألوف لأن 24 فبراير ليس يوم عطلة. ورغم التدابير الأمنية الاستثنائية، خرج قادة «هيئة التشاور» وهم رؤساء أحزاب المعارضة إلى الميدان، وحاولوا تحدي الحصار الأمني المضروب على العاصمة. وشوهد في تجمع المعارضة عبد الرزاق مقري (إسلامي) وسفيان جيلالي (ليبرالي) ومحسن بلعباس (علماني) وعبد الله جاب الله (إسلامي) ورئيسا الوزراء السابقين علي بن فليس وأحمد بن بيتور، والكثير من البرلمانيين ونشطاء تنظيمات حقوقية.
واستعمل رجال الأمن القوة معهم أثناء صد مسيرتهم نحو «البريد المركزي»، ووقعت فوضى كبيرة خلال إعادتهم إلى المكان الذي انطلقت منه المسيرة. وحمل معارضون قصاصات من الورق كتب عليها «لا مساومة على السيادة الوطنية» و«الغاز الصخري قضية وطنية». وشوهد رجال أمن بزي مدني يختطفون اليافطات من أيدي حامليها، لكسر ديناميكية الاحتجاج. في غضون ذلك، تعرض عدة نشطاء للاعتقال وجرى اقتيادهم إلى مقر الأمن المركزي.
بعدها توجه قادة المعارضة إلى مقر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» غير البعيد، بهدف لقاء الصحافيين. وقال بلعباس رئيس «التجمع»: إن «المعارضة قررت تنظيم وقفة رمزية في ذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وللأسف أصبحت هذه النقابة أداة لمساندة سياسات القمع». وندد بـ«استغلال الغاز الصخري استجابة لضغط قوى أجنبية». وعد مظاهرة أمس «ناجحة بل تحولت إلى مسيرة انطلقت من مقر حركة النهضة إلى البريد المركزي». وأعلن بلعباس عن اعتقال 50 متظاهرا بالعاصمة.
وقال بن فليس: إن «وقفة اليوم أظهرت أن الشعب متمسك بالنضال لاسترجاع سيادته، عبر انتخابات حرة. فالجنوب الذي نتضامن معه اليوم، مظلوم وغير معتنى به، وأبناؤه مصممون على استرجاع مواطنتهم، والشعب مل الحكم التسلطي». وأفاد مقري بأن المعارضة «حققت نجاحا تاريخيا من حيث إنها أخرجت عشرات الآلاف من رجال الشرطة إلى الشارع، لقد جعلنا من العاصمة ملحمة للكفاح من أجل الحرية والتضامن، وكسرنا حاجز الخوف نهائيا. أما النظام فقد أعطى الدليل بأنه بوليسي». ونزلت أحزاب «الموالاة» إلى الميدان للتغطية على نشاط المعارضة، وأهمها حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» بقيادة عمار سعداني وهو من أشد الموالين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و«تجمع أمل الجزائر» برئاسة وزير النقل عمر غول و«الحركة الشعبية الجزائرية» برئاسة وزير التجارة عمارة بن يونس. وهاجم الثلاثة في لقاءات مع مناضلي أحزابهم، المعارضة بشدة واتهموها بـ«الاستثمار في مآسي الشعب الجزائري».
ودافع بوتفليقة على خيار استغلال الغاز الصخري، في رسالة بعثها أمس إلى النقابة المركزية، نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية. ومما جاء فيها: «لقد انعكست الأولوية التي أعطيت لتموين السوق الوطنية، بغرض تلبية حاجات المواطنين والصناعة، على الوجه الأوفى، في تعميم التغطية الكهربائية على كافة مناطق البلاد تقريبا. وفي الربط بشبكات توزيع الغاز الطبيعي بنسبة تعد من أعلى النسب في العالم. والفضل في تحقيق مثل هذا التقدم، إنما يرجع إلى المداخيل المستدرة من الموارد الطبيعية لبلادنا». وأضاف: أن «النفط والغاز التقليدي والغاز الصخري والطاقات المتجددة، كلها هبة من الله، ونحن مناط بنا حسن تثميرها والاستفادة منها لصالحنا ولصالح الأجيال الآتية، مع الحرص، كل الحرص، على صون صحة الساكنة وحماية البيئة».
على صعيد آخر، أفاد جهاز الدفاع المدني بأن 6 أشخاص قتلوا وأصيب 20 آخرون بجروح متفاوتة في حصيلة أولية لانهيارات صخرية وقعت أمس الثلاثاء على الطريق الوطني رقم 9 بالقرب من بلدة أوقاس بولاية بجاية التي تقع على مسافة 250 كيلومترا شرق الجزائر.
وأوضح المصدر ذاته أن الانهيارات الصخرية التي وقعت في حدود الواحدة و41 دقيقة ظهرا بالتوقيت المحلي، تسببت في تحطم كلي لحافلة ركاب ذات 30 مقعدا وأخرى ذات 12 مقعدا وسيارتين خفيفتين. وجرى غلق الطريق بصورة مؤقتة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».