دعوات لمطالبة فرنسا بإلغاء الديون المستحقة على تونس

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
TT

دعوات لمطالبة فرنسا بإلغاء الديون المستحقة على تونس

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)

دعا حكيم بن حمودة، وزير المالية الأسبق، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، إلى المطالبة بإلغاء الديون الفرنسية المستحقة على تونس، أو على الأقل تعليقها لمدة خمس سنوات، في حال لم توافق على إلغائها بصفة جزئية أو كاملة، وذلك بمناسبة مشاركة الرئيس سعيد في «قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية»، التي تحتضنها العاصمة الفرنسية اليوم، والتي جاءت بدعوة من إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، خصوصاً أن تونس تعول على هذه القمة لتوفير تمويلات لاستعادة التوازن المالي والاقتصادي المفقود.
وقال بن حمودة إن الدعوة الرسمية التي تلقتها تونس للمشاركة في هذه القمة الأفريقية «قد تكون مؤشراً على إمكانية القبول بتسوية قسط من ديون تونس»، خصوصاً بعد الإعلان عن تسجيل نسبة نمو اقتصادي سلبية، قدرت بـ3 في المائة خلال الثلث الأول من السنة الحالية.
وجاءت هذه الدعوة بعد أيام من مطالبة بعض الأحزاب السياسية، يتزعمها ائتلاف الكرامة المقرب من حركة «النهضة»، فرنسا، بالاعتذار عن فترة استعمارها لتونس لمدة 75 سنة، فيما ذهبت بعض الأحزاب اليسارية إلى حد المطالبة بتعويض الأضرار عن الفترة الاستعمارية، التي عرفت، حسبها، استغلالاً فاحشاً للثروات البشرية والطبيعية.
في غضون ذلك، قال وزير المالية التونسي علي الكعلي، أمس، لوكالة «رويترز»، إن الولايات المتحدة ستمنح بلاده 500 مليون دولار لتمويل مشاريع، بينما تستمر تونس في مفاوضات متقدمة للحصول على ضمان قرض أميركي.
وأضاف الكعلي، الذي زار واشنطن لبدء مناقشات حول برنامج قرض جديد مع صندوق النقد، أن «الزيارة كانت مهمة ومثمرة مع الصندوق ومع مسؤولي البنك الدولي ومسؤولين أميركيين»، مبرزاً أن المنحة ستكون عبر مؤسسة «تحدي الألفية» لتمويل مشاريع في قطاعات النقل والمياه ودعم المرأة الريفية.
من ناحية أخرى، أذن المكلف العام بنزاعات الدولة بإنجاز دراسة حول تأثير حاويات النفايات الإيطالية، الموجودة منذ حوالي سنة في ميناء سوسة (وسط شرقي)، على صحة السكان المجاورين للميناء وعلى البيئة بصفة عامة.
وسيتم إنجاز دراسة أثر هذه النفايات على الصحة والبيئة، حيث سيتكفل خبير بتحديد وتوثيق هذا الأثر بالتدقيق، وفق ما أكده الهادي الشبيلي، المدير العام للبيئة ولجودة الحياة بالوزارة التونسية للشؤون المحلية والبيئة. وكانت تونس قد طالبت بإرجاع النفايات الإيطالية إلى مصدرها الأصلي، بعد أن اتضح أنها غير قابلة للتدوير، وأن الجانب الإيطالي تعمد التخلص منها في تونس.
وتوجد حالياً في ميناء سوسة 212 حاوية مغلقة ومختومة، وتم إفراغ محتوى 70 حاوية في مقرين تابعين للشركة المستوردة لهذه النفايات، بهدف إعادة رسكلتها وتدويرها.
وأفاد حمدي بن صالح، الناشط في المجتمع المدني بسوسة، في تصريح إعلامي، بأن انتفاخاً أصبح بارزاً في إحدى الحاويات، وفق شهادة نقلها له أحد عمال الميناء، مؤكداً أن 212 حاوية معبأة بالنفايات الإيطالية ما زالت قابعة في الرصيف رقم 5 بالميناء التجاري في سوسة، وأنها أصبحت مصدر إزعاج للعاملين بالميناء بسبب الروائح الكريهة المنبعثة منها، وتكاثر الحشرات حولها، وكذلك بسبب الزيوت المضرة بالصحة التي تنسكب منها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.