رئيس «جمهورية» أبخازيا يسعى لتعزيز العلاقات مع سوريا

زيارة رئيس «جمهورية» أبخازيا المعلنة من طرف واحد... أصلان بجانيا (على اليمين) لدى وصوله إلى دمشق (سانا)
زيارة رئيس «جمهورية» أبخازيا المعلنة من طرف واحد... أصلان بجانيا (على اليمين) لدى وصوله إلى دمشق (سانا)
TT

رئيس «جمهورية» أبخازيا يسعى لتعزيز العلاقات مع سوريا

زيارة رئيس «جمهورية» أبخازيا المعلنة من طرف واحد... أصلان بجانيا (على اليمين) لدى وصوله إلى دمشق (سانا)
زيارة رئيس «جمهورية» أبخازيا المعلنة من طرف واحد... أصلان بجانيا (على اليمين) لدى وصوله إلى دمشق (سانا)

عكست زيارة رئيس «جمهورية» أبخازيا المعلنة من طرف واحد، أصلان بجانيا إلى سوريا، توجهاً نحو تعزيز علاقات الأقاليم الانفصالية في الفضاء السوفياتي السابقة والموالية لموسكو مع دمشق، في إطار دعم الموقف الروسي والسعي وفقاً لمسؤولين في هذا الإقليم إلى توسيع مجالات التبادل التجاري والاقتصادي والسياحي مع سوريا لتخفيف تداعيات العقوبات الغربية المفروضة على كل من سوريا وروسيا.
ولفت الأنظار أن الزيارة وهي الثانية لـ«رئيس» أبخازي إلى دمشق حملت تسمية «زيارة رسمية»، واشتمل جدول الأعمال فيها على مروحة واسعة من اللقاءات، وبينها لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، فضلاً عن مناقشة عدد واسع من الملفات، وهذا ما عكسته تركيبة الوفد المرافق لبجانيا والذي ضم رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) فاليري كفارتشيا، ورئيس إدارة مكتب الرئيس ألخاس كفيتسنيا، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الزراعة بيسلان جوبوا، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الاقتصاد والرئيس المشارك في اللجنة الأبخازية - السورية كريستينا أوزغان، ووزير الشؤون الخارجية داور كوفي ووزير السياحة تموراز خيشبا.
وتشكل الزيارة الخطوة الثانية لتعزيز «التعاون الثنائي بين الجمهوريتين» وفقاً لبيان أبخازي بعدما كان الطرفان تبادلا فتح السفارات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكانت سوريا اعترفت بـ«استقلال» أبخازيا في عام 2018 في إطار توسيع الاعترافات بالأقاليم الانفصالية المدعومة من جانب موسكو، وتبع ذلك اعتراف باستقلال «جمهورية» أوسيتيا الجنوبية، وهي الإقليم الجورجي الثاني بعد أبخازيا الذي أعلن انفصالاً أحادياً عن جورجيا بدعم روسي، علماً بأن سوريا تعد البلد الخامس الذي يعترف باستقلال الإقليمين بعد روسيا، وفنزويلا، ونيكاراغوا، وناورو.
ومع تأكيد نائب وزير الخارجية الأبخازي، كان تانيا، أن «إقامة علاقات دبلوماسية بين جمهورية أبخازيا والجمهورية العربية السورية، أمر مهم من الناحية الإنسانية، وذلك لوجود جالية أبخازية تعيش في سوريا، والعديد من مواطني سوريا من أصول أبخازية يعيشون حالياً في أبخازيا، وأن العلاقات ستسهل التواصل بينهم». لكن دمشق دفعت ثمناً باهظاً بسبب هذه الخطوة؛ إذ أعلنت جورجيا التي التزمت الحياد في السابق حيال الأزمة السورية الداخلية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق. ولم تلبث أوكرانيا أن اتخذت خطوة مماثلة لاحقاً بعد اعتراف دمشق بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا. كما أثارت هذه الخطوات استياء واسعاً لدى بلدان الاتحاد الأوروبي.
اللافت أن دمشق تحدثت بعد الزيارة الأولى لقيادة أبخازيا عن «اتفاق في وجهات النظر حول أهمية تعزيز عملية التنسيق السياسي المشترك، بما يسهم في دعم القضايا المشتركة ومواجهة الدول التي تستهدف شعبيهما».
وفي الاتجاه ذاته، جاء إطلاق تعاون واسع مع شبه جزيرة القرم، ووصفت مصادر إعلامية الاتفاقية التجارية بين القرم وسوريا، أنه بمثابة «طوق نجاة يتشبث به بلد محاصر وغارق في حروب مستعرة لا يستطيع الخروج من أتونها».
لكن تعامل دمشق مع ملف ضم القرم، تحت تأثير الحضور الروسي الطاغي في سوريا، انسحب على ملف أكثر خطورة كما قال معلقون روس. إذ سارت الحكومة السورية خطوات لتعزيز تعاونها حتى مع جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا. وأقيم في العاصمة الروسية معرض «سوريا - دونباس» (الاسم الذي يطلق على الشرق الأوكراني) للصور الفوتوغرافية الوثائقية والذي نظمته حكومة موسكو بالتعاون مع أطراف حكومية سورية في إطار مشروع «الإرهاب... تهديد للحضارة البشرية».
وتضمن المعرض صوراً لما وصف بأنه «الدمار والخراب والجرائم والممارسات الهمجية التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية بحق الشعب السوري، إضافة إلى لوحات عن جرائم المتطرفين الأوكرانيين في دونباس».
ونقلت وكالة «سانا» الحكومية السورية عن وزير خارجية «جمهورية لوغانسك الشعبية» فلاديسلاف ديينكو أن «الانتصارات التي حققتها سوريا في مكافحة الإرهاب الدولي وصمود شعبي لوغانسك ودونيتسك بدعم من روسيا ستكون لها تأثير كبير على البنية المستقبلية للمجتمع الدولي والرافضة للأحادية القطبية الأميركية».
ورغم أن أوكرانيا التزمت الحياد وتجنبت التعليق سابقاً على الأزمة الداخلية في سوريا، فإن إعلان دمشق في بداية 2016 الاعتراف بالقرم «جزءاً لا يتجزأ من روسيا» أسفر عن تحول في الموقف الأوكراني. فضلاً عن التطورات اللاحقة من خلال إظهار دعم دمشق للنزعات الانفصالية في إقليمي لوغانسك ودونيتسك اللذين تطلق عليهما في موسكو تسمية «روسيا الجديدة» أو «روسيا الصغرى».
ورغم أن موسكو على المستوى الرسمي رحّبت باعتراف دمشق باستقلال المناطق الانفصالية وبقرار ضم القرم، فإن خبراء قللوا من أهمية الحدث، ورأى في وقت سابق، رئيس الأبحاث في معهد حوار الحضارات أليكسي مالاشينكو، أن «موسكو دفعت الحكومة السورية إلى الاعتراف بالجمهوريات القوقازية الانفصالية.
وبالنظر إلى سمعة الأسد والوضع الذي يوجد فيه على المستويين الإقليمي والدولي، فإن هذه ليست أفضل خطوة دبلوماسية لروسيا. إن أضرارها أكثر من فوائدها».
وزاد، أن الوضع «لا يعطي شيئاً سوى بعض الفكاهة. لدينا فنزويلا وناورو ونيكاراغوا والآن سوريا التي تحلق في سمائها الطائرات الروسية. بطريقة ما يبدو هذا مؤسفاً جداً. هذه ليست سوى ضربة للهيبة الروسية».
في المقابل، قال المحلل السياسي الروسي نيكولاي سيلاييف، إن الاعتراف السوري مهم لموسكو؛ لأنه «للمرة الأولى في التاريخ الحديث، يدعم أحد الحلفاء موقف روسيا بشأن قضية لا تدخل في نطاق اهتماماته الخاصة»، مشيراً إلى أن «هذا يطرح سؤالاً على الحلفاء الروس الآخرين: إذا كنت ترفض التوجه نحو روسيا حتى في شيء بسيط مثل الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، فهل أنت حليف؟». وحملت هذه العبارات إشارات واضحة إلى امتناع كل حلفاء روسيا في الفضاء السوفياتي السابق، فضلاً عن الصين، عن الاعتراف بخطواتها في القرم وفي مسألة انفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.