قصة قصف أنفاق غزة في ثلاث جولات

TT

قصة قصف أنفاق غزة في ثلاث جولات

للمرة الثالثة خلال ثلاثة أيام، وجهت الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربات عنيفة على مناطق واسعة في أنحاء قطاع غزة، قالت إنها لأنفاق بنتها حماس وبدت كما لو أنها مدينة ثانية تحت الأرض.
وبدأت عملية قصف الأنفاق يوم الجمعة الماضي، في عملية سرية خاصة، قيل إن الجيش بدأ العمل عليها وأجرى عدة تدريبات بشأنها قبل حوالي أربع سنوات. ولكنها، بحسب جنرال متقاعد تحدث إلى القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي، «فشلت وارتدت إلى نحرها، بسبب الغطرسة»، ولذلك فإن القصف استمر في اليومين الماضيين، بعد أن تنازل الجيش عن الخدعة.
وأما قصة الخدعة فقد نسجت على النحو التالي: «ننشر أنباء عن الانطلاق القريب لاجتياح إسرائيلي إلى قطاع غزة في غضون ساعات. وعندها ينزل مئات وربما ألوف المقاتلين من جنود وضباط وقادة حماس إلى الأنفاق. وعندما نتيقن من ذلك، نهاجمهم بقصف كثيف. فيسقط غالبيتهم تحت الردم أو يموتون خنقاً».
وقد أعد الجيش الإسرائيلي تنفيذ هذه الخطة، بنشر خبر عن استدعاء 9000 جندي احتياط وإرسال فرق دبابات إلى الحدود وبث أجواء اجتياح. «وعندما يسأل الصحافيون عن الأمر نترك المسألة ضبابية، بحيث يقتنع قادة حماس بأن الاجتياح قادم». وقد حصل هذا فعلاً، ونشرت الأنباء يومها عن قرب الاجتياح. لكن يتضح أن هذه الخدعة لم تنطل على قيادة حماس، إذ إنها تعرف أن قرار الاجتياح يجب أن يسبقه قرار في الكابنيت الإسرائيلي، أي المجلس الوزاري الأمني المصغر. ولم يعقد اجتماع كهذا. كذلك فإنها لم تلاحظ أن التحركات حول الحدود تلائم استعداد جدي للاجتياح. ولذلك، فإنها لم ترسل مقاتليها إلى الأنفاق. وقصفت إسرائيل أنفاقاً فارغة.
لكن هذا لم يمنع إسرائيل عن الإعلان أنها قصفت 33 نفقاً ودمرتها على من فيها من المقاتلين والقادة الذين اختبأوا فيها. وتحدثت إحدى وسائل الإعلام عن 85 قتيلاً على الأقل داخل الأنفاق. واتهمت حماس بالتكتم على الكارثة التي أوقعوها فيها. وتبين فيما بعد أن الإعلان السريع عن هذه الخدعة، كان تعبيراً عن الحماسة الزائدة التي ميزت القصة من أولها. فلا هي أعدت جيداً للخدعة ولا استطاعت أن تنفذها وفق التدريبات، وسارعت بغطرسة إلى الإعلان عن نجاحها قبل فحص الوقائع. وزاد الطين بلة أن وسائل الإعلام الأجنبية، غضبت على إسرائيل لأنها استغلتها في هذه الخديعة، وهو أمر غير متبع مع الصحافة.
وحتى في إسرائيل نفسها، هاجمت قيادة الجيش على هذا التصرف وراح الصحافيون يتندرون ويهزؤون من الموضوع. وقال أحدهم إن «الجيش قال إنه نفذ خديعة، وفي الحقيقة إن قيادة الدولة والجيش هم أكبر خديعة عرفتها إسرائيل. ويكذبون على جمهورهم». وعلى إثر ذلك، اعتذر الجيش على تصرفه، أمام ممثلي الصحافة الأجنبية. ولكنه حاول مرتين قصف الأنفاق، أمس وأول من أمس، بحسب الناطق العسكري.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».