الفلسطينيون يسترجعون ذكرى النكبة بمواجهات جماعية في كل مكان

أشتية: التاريخ يعيد نفسه

امرأة ترفع العلم الفلسطيني أمام عناصر الشرطة الإسرائيلية في يافا أمس (أ.ف.ب)
امرأة ترفع العلم الفلسطيني أمام عناصر الشرطة الإسرائيلية في يافا أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يسترجعون ذكرى النكبة بمواجهات جماعية في كل مكان

امرأة ترفع العلم الفلسطيني أمام عناصر الشرطة الإسرائيلية في يافا أمس (أ.ف.ب)
امرأة ترفع العلم الفلسطيني أمام عناصر الشرطة الإسرائيلية في يافا أمس (أ.ف.ب)

أحيا الفلسطينيون الذكرى الـ73 للنكبة بتصعيد المواجهة في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل، في مشهد يقولون إنه أسقط وهم سيطرة إسرائيل عليهم، وتقسيمهم وتذويبهم في المجتمع اليهودي في الداخل.
واشتبك فلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي في الضفة، ومع الشرطة في الداخل، وتبادلوا القصف الصاروخي من قطاع غزة، فيما كانت صفارات الإنذار تدوي لـ73 ثانية في مختلف المدن الفلسطينية.
ويحي الفلسطينيون عادة هذا اليوم بمسيرات ضخمة، والتأكيد على حق العودة إلى قراهم التي هجروا منها قسراً في 15 يونيو (حزيران) عام 1948، بعدما نجحت الحركة الصهيونية في احتلال القسم الأكبر من فلسطين، وإعلان قيام إسرائيل.
وأطلقت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، وقصفت إسرائيل برجاً ضخماً في غزة وبيوتاً، في تصعيد مستمر منذ الاثنين. كما استمرت المواجهات في الضفة بعد يوم دام قتلت فيه إسرائيل 11 فلسطينياً الجمعة.
وطلبت حركة فتح، وكذلك قوى وطنية وإسلامية، من الفلسطينيين الاستمرار في الاشتباك مع إسرائيل «إسناداً للقدس والشيخ جراح، ورفضاً للعدوان الدموي الإجرامي على قطاع غزة».
واشتبك فلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي في رام الله والخليل وبيت لحم ونابلس، وخلف ذلك إصابات كثيرة، وحالة من الغضب والتوتر. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية: «التاريخ يعيد نفسه، فما يحدث في الشيخ جراح والضفة وقطاع غزة من مذابح وتهجير وعدوان رأيناه عام 48». وأضاف خلال كلمته في فعالية إحياء الذكرى الـ73 للنكبة الذي يقيمه مركز فلسطين للدراسات في جامعة كامبريدج البريطانية، أمس (السبت)، عبر الاتصال المرئي: «ما يجري من هبة في الأراضي الفلسطينية يظهر أن الشعب الفلسطيني موحد ما بين الضفة وغزة والقدس والشتات وأراضي الـ48، ويقف وقفة واحدة من أجل الحق الفلسطيني».
وتابع رئيس الوزراء الفلسطيني: «المعطيات على الأرض اليوم هي أن جميع أراضي فلسطين تحت الاحتلال، والشعب الفلسطيني أصبح في حال واحد، ما يظهر أن الصراع بدأ يعود للمربع الأول، وإذا كان (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لا يميز بين معاليه أدوميم وتل أبيب، فالفلسطيني لن يميز بين رام الله ويافا أو نابلس وحيفا».
وأردف: «اليوم إسرائيل تشن علينا عدة حروب، حرب الجغرافيا التي تصادرها إسرائيل وتبني عليها المستوطنات (...)، وحرب الديموغرافيا التي عنوانها التهجير منذ عام 48، وحرب الرواية وتزوير تاريخ الشعب الفلسطيني بشكل ممنهج، فالشيخ جراح نموذج للحروب الثلاثة، وما يجري اليوم في قطاع غزة من مجازر هو جزء من التاريخ الذي يعيد نفسه».
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني: «هناك فشل سياسي هائل؛ منذ مؤتمر مدريد للسلام إلى اليوم والعالم يحاول أن يصل لحل لهذا الصراع، ولا توجد إرادة دولية حقيقية لإنهائه، وإسرائيل لديها من القوة ما يمنعها أن تتنازل، والفلسطيني ليس لديه شيء يتنازل عنه لأنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال التنازل عن أي حق من حقوقه».
وتعيش الضفة الغربية أياماً غير مسبوقة من سنوات طويلة، إذ ظهر فيها مسلحون قالوا إنهم سيستأنفون الهجمات على الجيش والمستوطنين. أما في الداخل، فقد استمرت المواجهات في معظم المدن العربية، فيما واصلت الشرطة الإسرائيلية قمع واعتقال المتظاهرين من الشوارع ومن منازلهم.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها اعتقلت السبت 52 شاباً في عكا، و15 شاباً في مدينة اللد، بعدما داهمت عدداً كبيراً من المنازل في عكا واللد ومدن أخرى.
وقالت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية إن إسرائيل اعتقلت حتى الآن 600 شاب وشابة خلال 5 أيام فقط منذ بدء المواجهات الداعمة للقدس الرافضة للعدوان على غزة.
وتصاعدت الاحتجاجات في المجتمع العربي، وسجلت مواجهات وإطلاق رصاص وحرائق في كفر كنا وأم الفحم وباقة الغربية وعين ماهل ومجد الكروم والشيخ دنون والفريديس والطيبة وقلنسوة وشعب وعرعرة المثلث والرينة وأبو سنان ويافا ومناطق أخرى.
ولأول مرة منذ سنوات طويلة، أغلقت إسرائيل بحواجز إسمنتية مداخل قرى عربية.
وأمام استمرار الموجهات، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر إقحام جهاز الشاباك الإسرائيلي للعمل مع الشرطة الإسرائيلية لكبح جماح المظاهرات والاشتباكات العربية اليهودية التي يصفها مسؤولون إسرائيليون بحرب أهلية وجنون.
وكان نتنياهو قد دفع بكل الأجهزة للعمل على إخماد مظاهرات القدس التي بدأت مبكراً، ولكنه لم ينجح. وشهدت المدينة مزيداً من المواجهات أمس، على خلفية التضامن مع أهالي حي الشيخ جراح الذي تريد إسرائيل طرد العائلات منه، وهو ما شكل الشرارة لكل ما يحدث.
ودعت منظمة العفو الدولية، السبت، إلى اتخاذ موقف حازم ضد إسرائيل، تزامناً مع تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في القدس والضفة وقطاع غزة. وقالت المنظمة في تغريدة: «يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفاً حازماً ضد تجاهل إسرائيل المستمر الصارخ لحياة الفلسطينيين».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).