اللبنانيون على موعد مع تقنين كهرباء المولدات... وزيادة في الأسعار

بسبب نقص التغذية واحتمال رفع الدعم عن الوقود

الباخرة «أورهان باي» التركية لتوليد الكهرباء (أ.ب)
الباخرة «أورهان باي» التركية لتوليد الكهرباء (أ.ب)
TT

اللبنانيون على موعد مع تقنين كهرباء المولدات... وزيادة في الأسعار

الباخرة «أورهان باي» التركية لتوليد الكهرباء (أ.ب)
الباخرة «أورهان باي» التركية لتوليد الكهرباء (أ.ب)

يدخل لبنان خلال أيام مرحلة جديدة من أزمة الكهرباء تتمثّل في زيادة ساعات تقنين التغذية إلى مستويات قد تصل إلى العتمة الشاملة، ولن تستطيع المولدات الخاصة التعويض بالتغذية بسبب ارتفاع كلفة الصيانة وأزمة المازوت، ما سيضع المواطن أمام ارتفاع فاتورة المولّدات من جهة والمعاناة من ساعات طويلة لانقطاع الكهرباء.
وأوضح رئيس تجمّع أصحاب المولّدات عبدو سعادة أنّ المولدات تغطي حالياً في عدد من المناطق ما بين 18 و20 ساعة تقنين يومياً، إلّا أنها لا تستطيع زيادة هذه الساعات، كما لا تستطيع الاستمرار بهذا القدر من التغذية، وذلك بسبب استنزاف المولدات، ما يعني الحاجة إلى مزيد من تغيير الزيوت والصيانة، وكلّها أمور تسعر على أساس سعر الدولار في السوق السوداء، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ عدداً كبيراً من أصحاب المولدات سيضطر إلى تقنين التغذية للمشتركين.
ويلفت سعادة إلى مشكلة أخرى في موضوع استمرار التغذية الكهربائيّة عبر المولدات الخاصة تتمثّل في شح المازوت الذي قد يتفاقم متسبباً في أزمة كبيرة، مشيراً إلى أنّ أصحاب المولدات يشترون المازوت حالياً، وفي حال وجدوه من السوق السوداء يكون بسعر 37 ألف ليرة للصفيحة، بينما سعرها كما تحدّده الدولة هو 27 ألفاً.
واعتبر سعادة أنّ على الدولة إيجاد حلول سريعة لموضوع الكهرباء وعدم رمي المسؤولية على أصحاب المولدات حتى من دون ضمان تأمين المازوت لهم، لا سيّما أنّ انقطاع الكهرباء قد يهدّد حياة أناس يعيشون على أجهزة الأكسجين.
وفي الإطار، يشير ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، إلى أنّ سبب شح المازوت حالياً يعود إلى توقف التوزيع من قبل عدد من الشركات بسبب عطلة الأعياد، مؤكداً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّه وحتى اللحظة لا أزمة مازوت في لبنان. ولا يستبعد أبو شقرا حدوث أزمة مازوت خلال الأسابيع المقبلة في حال زيادة الطلب على المازوت مع استمرار أزمة الكهرباء، لأنّ الكميّات لن تكفي حينها حاجة السوق. وكانت أزمة الكهرباء في لبنان تفاقمت بعد إعلان الشركة التركية المشغلة لباخرتين تولدان الطاقة التوقف عن العمل، إثر إصدار القضاء الأسبوع الماضي قراراً بالحجز عليهما بسبب شبهات فساد.
وينتهي عقد الدولة اللبنانية مع الشركة المشغلة «كارباور» في سبتمبر (أيلول) المقبل، وكانت هدّدت بالانسحاب بسبب تعثّر الدولة اللبنانية عن دفع مستحقاتها عن العام الماضي، والتي تزيد على 100 مليون دولار.
وجاء توقف الباخرتين بعدما أوقف المجلس الدستوري تطبيق قانون يعطي مؤسسة كهرباء لبنان سلفة مالية بقيمة 200 مليون دولار لشراء المحروقات، أقرّ بعد إعلان وزير الطاقة ريمون غجر أنّ المؤسسة لم تعد قادرة على استيراد الفيول لإنتاج الكهرباء.
وستصبح المولدات الخاصة المصدر الوحيد لتأمين الكهرباء في لبنان في حال عدم إيجاد الدولة حلولاً سريعة لأزمة الكهرباء، لذلك يتخوّف اللبنانيون من ارتفاع فاتورة اشتراك المولدات المرتفعة أصلاً.
وكانت وزارة الطاقة حدّدت تعرفة 980 ليرة عن كلّ كيلوات خلال شهر أبريل ( نيسان) الماضي بعدما كانت 882 ليرة لشهر مارس (آذار) الماضي، مع العلم أنّها كانت حدّدت عن ـبـ 687 خلال شهر يناير (كانون الثاني)، أي أنها ارتفعت خلال 4 أربعة أشهر بنسبة تقارب 50 في المائة.
أمّا أصحاب المولّدات الذين لا يلتزمون بالعدّاد فعمدوا منذ بداية العام إلى زيادة ما بين 25 و50 ألفاً كلّ شهر على التعرفة لاشتراك 5 أمبير مع ارتفاع قيمة الزيادة مع زيادة السعة، فمثلاً كان الاشتراك الشهري وحسب أحد أصحاب المولدات في بيروت بداية العام 125 ألفاً لسعة 5 أمبير، أما اليوم فهو 175 ألفاً، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ هذه التعرفة مرشّحة للارتفاع فالأمر يعتمد على سعر المازوت وتوافره، فضلاً عن عدد ساعات التغذية التي كلما ارتفعت يزيد استهلاك المولّد وبالتالي الصيانة.
ويُشار إلى أنّ فاتورة المولدات تحدّد من قبل وزارة الطاقة انطلاقاً من ثلاثة معطيات: سعر صفيحة المازوت الذي يرتفع عالمياً، وسعر صرف الدولار باعتبار أنّ 15 في المائة من سعر المازوت يدفع على أساس سعر صرف السوق السوداء غير المستقر (85 في المائة يدفعه المستوردون على أساس سعر الصرف الرسمي أي 1500 بدعم من مصرف لبنان)، وساعات التغذية التي ارتفعت مؤخراً بسبب تراجع تغذية كهرباء الدولة.
ومن المتوقّع أنّ ترتفع فاتورة المولدات بما لا يقل عن 5 أضعاف في حال رفع الدعم عن المحروقات الذي بات قريباً، بحيث تصبح كلفة الاشتراك الشهري لسعة 5 أمبير بحدود 600 ألف ليرة شهرياً، أي ما يعادل الحد الأدنى للأجور والمحدّد بـ675 ألفاً.
وفي الإطار، يرفض سعادة الحديث عن التعرفة في الوقت الحالي، لا سيمّا أنّ السؤال الأهم هو حول قدرة المولدات على الاستمرار مع تفاقم أزمة الكهرباء، مشيراً إلى أنّ البعض يصور أصحاب المولدات كأنهم مستفيدون من انقطاع الكهرباء أو يمتلكون مفاتيح الحلول في وقت أنّهم متضررون والحل الوحيد بيد الدولة.
وكان لبنان شهد الصيف الماضي، أزمة كهرباء حادة، إذ تجاوزت ساعات تقنين تغذية كهرباء الدولة 18 ساعة حتى في العاصمة بيروت وترافقت هذه الأزمة مع مشكلة في تأمين المازوت، ما دفع أصحاب المولدات إلى تقنين التغذية بدورهم فضلاً عن رفع التعرفة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.