قيادي في «مجلس سوريا الديمقراطية»: شرعية الانتخابات رهن مشاركة الشعب

TT

قيادي في «مجلس سوريا الديمقراطية»: شرعية الانتخابات رهن مشاركة الشعب

قال رياض درار رئيس «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) أن شرعية أي انتخابات مرهونة بمدى إقبال ومشاركة الشعب السوري، لافتاً إلى أنها فرضت على السوريين وعبارة عن شكل من أشكال الاستمرار في السياسة المُعلنة من قبل النظام الحاكم «الذي لا يرى حلاً غير حله ولا طريقاً إلا طريقه، ولا يرى الشعب إلا فيمن يصفق له».
وأظهرت مواقف الكتل والأحزاب السياسية في مناطق شمال شرقي سوريا توافقاً حول الانتخابات الرئاسية المزمع أجراؤها في 26 من الشهر الحالي، إذ ربط «مجلس سوريا الديمقراطية» العملية الانتخابية باللجنة الدستورية، في وقت وصفها «المجلس الوطني الكردي» بـ«غير شرعية ومخلة لعملية التسوية الدولية لحل القضية السورية». وأكدت «المنظمة الآثورية الديمقراطية» أن إجراء النظام هذه الانتخابات «ضد إرادة الشعب السوري وضد الإرادة الدولية لأن نصف السوريين نازحون ولاجئون».
وسُتختصر الانتخابات التي ستفضي إلى فوز شبه مؤكد للرئيس بشار الأسد بفترة ثالثة، في مناطق شمال شرقي البلاد على وضع الصناديق في المربعات الأمنية بمدينة الحسكة والقامشلي، حيث يحتفظ النظام السوري بمساحات جغرافية معزولة ضمن مراكز هذه المدن لكنها محاصرة من قبل قوات «سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن.
وأضاف درار أن روسيا طلبت إجراء الانتخابات في مناطق الإدارة و«لم نتخذ أي موقف حتى الآن. ستتم مناقشته لاحقاً لاتخاذ إجراءات مناسبة من أجل ذلك».
وكانت «الإدارة الذاتية» قد رفضت المشاركة في الانتخابات النيابية التي عقدت منتصف العام الفائت، وأصدرت بيان آنذاك قالت فيه: «إن انتخابات مجلس الشعب، المزمع إجراؤها في 19 من يوليو (تموز) 2020. لا تعني الإدارة لا من قريب ولا من بعيد، ولن تكون هناك صناديق اقتراع في مناطق الإدارة».
بدوره، يرى سعود الملا رئيس «المجلس الوطني الكردي» أن إعلان النظام عن انتخابات رئاسية في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، «تحدٍ سافرٍ لإرادة السوريين، وللإرادة الدولية، وكل قراراتها لحل الأزمة السورية، حيث يقوم النظام الديكتاتوري بدمشق بالتحضير للانتخابات الرئاسية بهذه الظروف المعيشية الصعبة المأساوية التي يمر بها الشعب السوري»، وناشد المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب السوريين للضغط على النظام: «للانصياع للإرادة الدولية الساعية لإنجاز حل سياسي منصف ينهي مأساة السوريين، وتحقيق الحرية والكرامة لشعبها»، وشدد بأن العملة الانتخابية: «غير شرعية ومخلة بعملية التسوية الدولية للقضية السورية».
ويعد «المجلس الوطني الكردي» أحد الأطر الرئيسية للحركة السياسية الكردية في سوريا، إلى جانب أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» التي يقودها «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري، والأخيرة لم تعلن عن موقفها الرسمي من الانتخابات الرئاسية، كما لم تبدِ أحزاب ثانية بارزة مثل «الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الكردي»، أي موقف رسمي من الانتخابات الرئاسية.
أما مسؤول «المنظمة الآثورية الديمقراطية» داؤود داؤود، أشار إلى أنهم غير معنيين بالانتخابات الرئاسية، ويعزو عدم مشاركتهم إلى غياب نصف المجتمع السوري بين نازح ولاجئ، «هذا النظام يجري الانتخابات ضد إرادة الشعب السوري وضد الإرادة الدولية، وهو فاقد للشرعية السياسية، وتقبع سوريا تحت وطأة عدة احتلالات، فكيف يجري النظام الانتخابات ضمن هذه الأجواء»، ودعا المجتمع الدولي إلى إيجاد تسوية حقيقية ترضي جميع السوريين وتطبيق القرارات 2254 وبيان جنيف وصياغة دستور جديد: «يليق بالتضحيات التي قدمها الشعب السوري، وبرعاية دولية لهذه الانتخابات ضمن بيئة آمنة».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.