«سويس ليكس».. تهز ضمير العالم المالي

الفرع السويسري هز الجذع الدولي لبنك «إتش إس بي سي»

«سويس ليكس».. تهز ضمير العالم المالي
TT

«سويس ليكس».. تهز ضمير العالم المالي

«سويس ليكس».. تهز ضمير العالم المالي

بدأت فضيحة ما يعرف بـ«سويس ليكس»، التي تورط فيها مصرف «إتش إس بي سي» البريطاني العملاق، كنار وسط هشيم، سرعان ما اتسع خطرها، واضعة سمعة هذه المؤسسة المالية وفروعها في أنحاء العالم على المحك.
بدأت فصول هذه الفضيحة، التي أثارت عاصفة سياسية قبل الانتخابات العامة في مايو (أيار) المقبل، بادعاءات بوجود تورط في عمليات تهرب ضريبي وغسل أموال، ما زالت تحقيقاتها مستمرة. التحقيقات الجديدة جاءت رغم تأكيدات البنك بأنه قام بتنظيف الممارسات الخاطئة في الفرع السويسري، خصوصا في ما يتعلق بالتهرب الضريبي، منذ ظهور أول تسريبات شبيهة في عام 2008.

الأسبوع الماضي قامت السلطات السويسرية بغارة على الفرع السويسري في جنيف لفحص مزيد من مستندات البنك، ووثائقه، بعد أن تعالت الأصوات وتصاعدت موجة التسريبات لتشمل فروعا في عدد من بلدان العالم. ويواجه البنك حاليا تحقيقات في البرازيل والمكسيك والأرجنتين وفرنسا وبلجيكا والدنمارك، وهي تحقيقات تتعلق بحسابات سرية بعضها يخص قضايا فساد واختلاس وغسل أموال.
لم تتوقف الأمور عند حد.. وتصاعدت التطورات أخيرا بعد كشف مزيد من الوثائق السرية تؤكد إحداها أن المدير العام للمصرف، ستيوارت غاليفر، الذي تعهد بإصلاح هذه المؤسسة المالية التي طالتها الفضيحة، كان هو نفسه يملك ملايين الدولارات في حساب في سويسرا.
وبحسب الصحف البريطانية، فإن المدير العام للمصرف كان من عملاء فرعه السويسري المتهم بمساعدة زبائن أثرياء على التهرب من دفع الضرائب. وأفادت الصحف أن ستيوارت غاليفر كان يملك نحو 7.6 مليون دولار عام 2007 في حساب باسم «ورستير إيكويتيز»، وهي شركة مسجلة في بنما.
وكانت الصحف البريطانية نشرت قبل أيام رسالة اعتذار من غاليفر على أنشطة فرع «إتش إس بي سي» السويسري. وأكد غاليفر في رسالته أنه تمت «إعادة هيكلة كاملة» للفرع السويسري للمصرف بعد2007 بعدما سرب مهندس معلوماتي فرنسي يدعى ارفيه فالشياني قوائم بعملاء المصرف الذين يملكون حسابات في سويسرا وسلمها إلى السلطات الفرنسية.

* جذور القضية
تعود جذور قضية بنك «إتش إس بي سي» إلى ما قبل 7 سنوات، ولكنها انفجرت مرة أخرى قبل أيام عندما حصلت عدة وسائل إعلام من فرنسا وبريطانيا وحول العالم على وثائق سرية قررت معها نشر تفاصيل جديدة حول نشاط البنك في مساعدة عملائه على التهرب من دفع الضرائب وعلى غسل الأموال. وتأتي التفاصيل الجديدة في وقت حرج قبل الانتخابات البريطانية في شهر مايو المقبل حيث تستغلها الأحزاب البريطانية سياسيا.
وفي بريطانيا، يبحث الإعلام في سر تعيين رئيس البنك السابق ستيفن غرين وزيرا للتجارة، وعما إذا كان رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون يعلم بفضيحة البنك في وقت التعيين عام 2010.
وقائع قضية بنك «إتش إس بي سي» بدأت عام 2008 حينما قام محلل برامج اسمه ايرفي فالشياني كان يعمل في الفرع السويسري للبنك بسرقة بيانات سرية لأكثر من 30 ألف عميل للبنك يملكون في حساباتهم أكثر من مائة مليار دولار. وتعود هذه الحسابات إلى الفترة ما بين 2005 و2007، وذلك في أكبر عملية تسريب مصرفية في العالم تشبه عملية «ويكيليكس» لتسريب المعلومات الدبلوماسية الأميركية.
هرب فالشياني بالوثائق الإلكترونية إلى فرنسا. وفي فرنسا سلم فالشياني المعلومات للسلطات الفرنسية مقابل حمايته من طلب الاعتقال السويسري.
وفي عام 2009، بعثت وزيرة المالية الفرنسية آنذاك كريستيان لاغارد لائحة بعملاء البنك المذكورين في قوائم حسابات البنك إلى السلطات البريطانية وإلى حكومات عدد من الدول الأخرى.
ورغم علم السلطات البريطانية بفضيحة البنك، فإنها قامت بتعيين ستيفن غرين رئيس بنك «إتش إس بي سي» خلال فترة المخالفات وزيرا للتجارة، ثم رفعته إلى مجلس اللوردات في عام 2011.
القضية التي عادت إلى الظهور مرة أخرى متعددة الجوانب وتمس مجالات الضوابط المالية على البنوك خصوصا في مناطق الـ«أوفشور»، وأيضا الجوانب السياسية والإعلامية في الدول المتأثرة بالفضيحة، وما إذا كانت هناك جهود تبذل تحت الستار لإخفاء التحقيقات.
«الشرق الأوسط» اتصلت بهيئة الإشراف المصرفي (FCA) لمعرفة ما إذا كانت تقوم في الوقت الحاضر بتحقيقات حول وضع «إتش إس بي سي»، فكان رد المكتب الصحافي فيها أن «الهيئة تبحث في ممارسات البنك، ولكنها لا تقوم بتحقيق في الوقت الحاضر». وأضافت المتحدثة أن التسريبات في الفرع السويسري «أظهرت أهمية أن تعمل البنوك وفق الضوابط نفسها في كل المواقع والفروع». وأكدت الهيئة أنها تتعاون مع «بنك إنجلترا» ومع مصلحة الضرائب «من أجل معالجة أي قضايا إشرافية تظهر جراء الممارسات الحالية في «إتش إس بي سي».
وقال رئيس الهيئة مارتن ويتلي أمام هيئة برلمانية بريطانية إن الادعاءات ضد البنك تعود إلى أحداث وحسابات في الفترة ما بين 2005 و2007 وتخص الفرع السويسري وحده، وأضاف أن الهيئة تتابع ممارسات البنك جيدا وتعتقد أنها تحسنت بدرجة ملحوظة.
من ناحية أخرى، رفض «بنك إنجلترا» التعليق على القضية أو تأكيد ما إذا كان الجهاز الرقابي في البنك يقوم بمراجعة ممارسات بنك «إتش إس بي سي». كذلك رفضت مصلحة الضرائب البريطانية الإجابة عن أسئلة حول مجرى التحقيقات حاليا في حالات العملاء البريطانيين للبنك من المخالفين لقوانين الضرائب. وقال متحدث من المصلحة إنها لا تعلق على قضايا خاصة بأفراد أو بشركات فردية مثل «إتش إس بي سي».

* تداعيات إعلامية وسياسية
من أهم تداعيات القضية إعلاميا كانت استقالة كبير المحررين السياسيين في صحيفة «تلغراف» البريطانية بيتر أوزبورن، في نزاع مع ناشر الصحيفة حول محاولات منع نشر مقالات سلبية عن بنك «إتش إس بي سي» خوفا من منع إعلانات البنك عن الصحيفة. وطالب أوزبورن بالتحقيق في مدى تحكم أقسام الإعلان في السياسة التحريرية للصحف، وقال إن تغطية الصحيفة لموضوع بنك «إتش إس بي سي» هي فضيحة في حد ذاتها وغش للقراء. وكشفت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية أن الأخوين باركليز حصلا على قرض قيمته 250 مليون إسترليني (375 مليون دولار) من بنك «إتش إس بي سي» لشركات أخرى غير الصحيفة مما يثير الشكوك في ادعاءات المحرر أوزبورن الذي استقال.
ويستغل حزب العمال المعارض هذه القضية سياسيا في إبراز تعيين رئيس «إتش إس بي سي» السابق ستيفن غرين وزيرا للتجارة في عام 2010، وأيضا لأن التحقيقات البريطانية لم تسفر إلا عن قضية تهرب ضريبي واحدة. ويلعب الحزب على أوتار الاعتقاد السائد بأن الفقراء فقط هم الذين يعاقبون على التهرب الضريبي في بريطانيا. وقدم الحزب استجوابا لوزير الخزانة جورج أوزبورن عن مدى معرفة وزارته بتوجه مصلحة الضرائب لعدم محاكمة مخالفي قوانين الضرائب وعما إذا كانت الوزارة سمحت بذلك.
أما حزب المحافظين فيرفض إجراء تحقيق علني، ويقول المتحدث باسم رئيس الوزراء إن مصلحة الضرائب البريطانية تصرفت بعقلانية عندما فضلت تحصيل الضرائب والغرامات بدلا من رفع قضايا جنائية.
من ناحيتها، تقول وزارة الخزانة التي تلقت المعلومات من فرنسا إن السلطات الفرنسية وضعت بعض القيود على استخدام المعلومات وهي قيود لم ترفع إلا أخيرا.

* جوهر القضية
جوهر الفضيحة كما عرف من الحسابات السويسرية للبنك هو أن بعض العملاء المذكورين يملكون حسابات سرية لا تعرف عنها مصلحة الضرائب البريطانية شيئا، وأن البنك ساعد هؤلاء العملاء على التهرب الضريبي مع معرفته بذلك، بل وسهل لبعض العملاء استخدام أموالهم بطرق غير مشروعة للتهرب الضريبي.
في إحدى الحالات طلب أحد العملاء البريطانيين من الفرع السويسري إرسال شحنة مالية نقدية سرية إليه في لندن مع موظف من البنك، فطلب منه البنك التوجه إلى فرع لندني لتلقي المبلغ المطلوب نقدا.
في حالة أخرى صرف البنك السويسري مبلغ 2.5 مليون إسترليني (3.75 مليون دولار) نقدا لعميل ذهب لسويسرا لتسلم المبلغ في حقيبة.
عميل ثالث في بريطانيا طلب وسيلة للوصول السهل إلى حسابه السري، فصرف له البنك بطاقة ائتمان يمكن بها صرف أي مبالغ نقدية فورية من أجهزة الصرف الآلي حول العالم.
وبعد كشف هذه المعلومات منذ عام 2009 في بريطانيا حول حسابات سرية لأكثر من 5 آلاف عميل بريطاني، لم تسفر التحقيقات إلا عن توجيه الاتهام لشخص واحد بالتهرب الضريبي، بينما تم تحصيل مبلغ 135 مليون إسترليني (202 مليون دولار) من بقية عملاء البنك المتهربين من الضرائب، وهو مبلغ أقل مما حصلته دول أخرى لديها عدد أقل من العملاء في بنك «إتش إس بي سي». فالتسريبات أدت إلى تحقيقات جنائية وعمليات اعتقال في كل من فرنسا وبلجيكا والأرجنتين.
وتدل عملية الاقتحام والتفتيش من السلطات السويسرية لفرع البنك في جنيف أخيرا على أن سويسرا تعتبر التهرب الضريبي جريمة أكبر من السرقة التي أدت إلى الكشف عن هذا التهرب، فقد كانت في السابق تلاحق سارق المعلومات فالشياني وحده، أما الآن فهي تلاحق البنك والسارق معا، وتقول إنها قد تحاكم فالشياني غيابيا.
البنك نفسه يقول إنه يتعاون مع السلطات السويسرية منذ علمه بسرقة معلومات الحسابات في عام 2008. ويشير البنك إلى أن القضية قديمة وأن ما يثار حولها الآن يجري لأغراض أخرى. وأكد بيان من البنك أنه منذ عام 2008 قام البنك بتغيير شامل لتعزيز المراقبة ومعرفة هوية المودعين، مما أدى إلى خفض عدد المودعين في البنك السويسري بنسبة 70 في المائة منذ عام 2007.
وفي الأسبوع الماضي نشر البنك إعلانات على صفحات كاملة في الصحف البريطانية يعتذر فيها عن ممارسات الفرع السويسري، ويشير إلى أن المخالفات وقعت قبل 8 سنوات وأن مناخ وضوابط العمل في البنك قد تغيرت منذ ذلك الحين.
ويقول المتحدث الإعلامي في الفرع الرئيسي للبنك إن عدد الموظفين المشرفين على الالتزام الضريبي زاد 4 أضعاف إلى 6 آلاف موظف. وفي عام 2012 وقع البنك اتفاقية مع السلطات الأميركية للالتزام بقواعد منع غسل الأموال، وذلك بعد دفع أكبر غرامة في تاريخ المصارف الحديث، قدرها 1.9 مليار دولار لمخالفته قوانين الحظر على إيران وشبهة غسل أموال لشبكات مخدرات مكسيكية.

* سر عودة قضية «إتش إس بي سي» إلى واجهة الأحداث.. وحقائق أخرى
* رغم أن قضية «إتش إس بي سي» تعود إلى عام 2008 وتتعلق بحسابات مصرفية بين عامي 2005 و2007، فإنها انفجرت إعلاميا في عام 2015، لسبب بسيط؛ وهو أن بعض وسائل الإعلام حصلت على التسريبات المصرفية وقررت نشر الوقائع. من هذه الوسائل كل من صحيفة «لوموند» الفرنسية التي كانت المصدر الأصلي قبل توزيعها معلومات الحسابات السرية على كل من «بي بي سي» والـ«غارديان» البريطانية ونحو 50 صحيفة أخرى حول العالم.
* هناك فارق قانوني مهم في قضايا الضرائب، حيث تساهم معظم البنوك الخاصة في مساعدة عملائها على كيفية تجنب دفع الضرائب، وهو نشاط يسمى (Tax Avoidance) ويعتبر قانونيا تماما رغم أن بعض البنوك تذهب إلى أبعاد خيالية لتجنب الضرائب. أما إخفاء الأموال أو تهريبها من أجل التهرب الضريبي (Tax Evasion) فهو أمر مخالف للقانون وتعاقب عليه بعض الدول بالسجن وبعضها بالغرامة.
* ما لم تذكره التقارير حول تسريب الحسابات السويسرية لبنك «إتش إس بي سي» هو أن معظم العملاء على اللائحة يتمتعون بوضع قانوني سليم؛ حيث اتضح من الأرقام أن المخالفين لقوانين الضرائب كانوا أقل من عميل واحد من كل 7 عملاء على اللائحة البريطانية. وتفتح الحسابات المصرفية السويسرية لكثير من الأسباب وليس فقط للتهرب الضريبي. وصرح مصرفي بريطاني أنه فتح حسابا سويسريا بمبلغ 10 ملايين دولار من أجل إخفاء حجم عمولته عن زملائه.
* تكتسب عملية الإشراف المصرفي أهمية إضافية في الوقت الحاضر مع جهود ضبط ومنع مصادر تمويل الإرهاب. ومن المتوقع أن تعزز السلطات السويسرية من التزام البنوك السويسرية بقواعد منع غسل الأموال والتهرب الضريبي ومعرفة هوية أصحاب الحسابات المصرفية.

* وسائل «إتش إس بي سي» الست للتهرب الضريبي
* استخدم بنك «إتش إس بي سي» 6 وسائل من أجل تحقيق أهداف تجنب دفع ضرائب أو التهرب منها، لعملائه: وهي تشمل إحدى أو بعض الخطوات التالية:
- الحصول على الإقامة السويسرية عن طريق الإقامة في البلد لعدة أشهر كل عام ودفع معدلات الضريبة المنخفضة فيها. ولكن هذا الأسلوب يخص كبار الأثرياء فقط، وهو قانوني تماما.
- استخدام حق «غير المقيم» في الدول التي يعمل فيها عميل البنك. وفي بريطانيا، يحق للمواطن الذي يقيم في الخارج لفترات معينة من العام أن يتجنب دفع ضرائب على كل استثماراته وممتلكاته خارج بريطانيا.
- تأسيس صناديق «أوفشور»، وهو أيضا من الممارسات القانونية، ولكن تغييرات في قوانين الضرائب شملت هذه الصناديق ضمن الأصول غير المعفاة ضريبيا أدت إلى خفض شعبيته حاليا.
- أسلوب آخر هو تحويل الحسابات الشخصية إلى حسابات شركات لتجنب الالتزام بدفع ضرائب وفق اتفاقية وقعتها السلطات السويسرية مع الاتحاد الأوروبي في عام 2005.
- الأسلوب السهل وإن كان غير قانوني هو فتح حساب مصرفي سويسري سري وعدم إبلاغ السلطات الضريبية به.
- الوسيلة الأخيرة هي سحب الأموال نقديا وشحنها مع المسافر من الخارج إلى موقع إقامته. وإذا زادت هذه الأموال عن حدود معينة ولم يتم الإفصاح عنها فهي تصبح أيضا وسيلة غير قانونية.



منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».