لبنان: الانهيارات تسابق التسويات

بعد فشل المبادرة الفرنسية

لبنان: الانهيارات تسابق التسويات
TT

لبنان: الانهيارات تسابق التسويات

لبنان: الانهيارات تسابق التسويات

يشبه لبنان اليوم قطاراً فقد مكابحه ويتجه بسرعة قصوى إلى اصطدام يهدد نظامه بعد انهيار قسم من مؤسساته وقطاعاته. إذ فشل اللبنانيون في التقاط حبل النجاة الأخير الذي ألقاه لهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) الماضي، والذي تمثل بما عرف بـ«المبادرة الفرنسية» القائمة على فكرة تشكيل حكومة اختصاصيين تسارع لإنجاز إصلاحات تسمح للبلاد بالحصول على مساعدات خارجية.
وعلى الرغم من التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المتمادي والضغوط الدولية، التي قادتها فرنسا تحديداً، أخفقت القوى السياسية بالاتفاق على تشكيل حكومة، وبالأخص، بعد تصاعد الخلاف بين المعنيين الأساسيين دستورياً بعملية التشكيل، أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، وانقطاع التواصل بينهما منذ أشهر.
وسط الأزمة السياسية اللبنانية المستعصية لوّحت مصادر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أخيراً بورقة الاعتذار خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، الذي هدّد من بيروت بفرض عقوبات إضافية على المسؤولين اللبنانيين للحؤول دون «انتحار جماعي». ومعلوم أنه في محاولة لمضاعفة الضغوط على الطبقة السياسية، فرضت فرنسا الشهر الماضي قيوداً على دخول شخصيات لبنانية تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية والفساد. ولكن لم يجر حتى الآن الإفصاح عن هوية هؤلاء الشخصيات أو ماهيّة القيود.
- المبادرة الفرنسية انتهت
الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية ميشال دويهي يقول، إن «المبادرة الفرنسية» انتهت ولم يبق منها إلا الاسم منذ التعديلات التي بدأها الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه عليها»، وذلك «من خلال إشراك الطبقة السياسية الفاسدة بحل الأزمة، وانتقاله بعدها للاجتماع والتفاهم مع السياسيين، لا سيما عبر الاجتماعات الأولى في قصر الصنوبر (مقر السفارة الفرنسية في بيروت)». ويتابع دويهي في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن «المبادرة الفرنسية فشلت عندما قرّر ماكرون الفصل بين السياسة من جهة والاقتصاد والإصلاح من جهة أخرى، ومن ثم رضخ لرفض معظم القوى السياسة طرح الانتخابات النيابية المبكّرة مقابل تشكيل حكومة». وشدّد على أن «الإشكالية في البلد (أي لبنان) بالسياسة وليست بالاقتصاد... باعتبار أن الانهيار الاقتصادي الذي نشهده ليس محصوراً بالسياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، بل وبشكل أساسي بالطبقة الفاشلة ومن ثم الفساد والزبائنية وغياب المحاسبة والرقابة».
دويهي يعتبر أن الإدارة الفرنسية تتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الأمور «لأنها صدّقت أن هذه الطبقة ستقوم بالإصلاحات المطلوبة، في حين الحقيقة أنها تعي أن الإصلاح في أي قطاع سيشكل نهايتها؛ كونه سينسحب بعدها على كل القطاعات، ثم إن النظام الإيراني بواسطة (حزب الله) لن يعطي فرنسا مكتسبات سياسية... لأنه يفضل أن يتواصل مباشرة مع الأميركيين»، لافتاً إلى أن «الفرنسيين حاولوا أن يرضوا الجميع، في حين أنه لا يمكن لأي مبادرة أن تنجح على هذا الأساس».
- تجاهل موضوع السلاح
ويذهب المحلل السياسي سام منسّى أبعد من ذلك، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مقتل المبادرة الفرنسية كان بتجاهل ماكرون موضوع سلاح (حزب الله)، وهيمنة الحزب على صناعة القرار في لبنان، والذهاب للاجتماع بممثل عن الحزب هو عبر النائب محمد رعد من دون أن يأخذ بعين الاعتبار أنه إذا أرادت إيران أن تقدّم تسهيلات ما، فهي ستقدّمها للأميركيين وليس للفرنسيين».
ويرى منسّى أن «الانتكاسات الكثيرة والمتسارعة التي أصيبت بها المبادرة الفرنسية جاءت لتقوّض الاستماتة الفرنسية لتحقيق إنجاز انتشال لبنان من أزمته. وهذه استماتة تعتمد، لا شك، على حسابات فرنسية مرتبطة بالدور الإقليمي لفرنسا وعلاقة باريس بطهران... وذلك باعتبار أن جانباً من الهروَلة الأوروبية لدفع واشنطن إلى العودة إلى الاتفاق النووي وتحسين علاقات الولايات المتحدة الأميركية بطهران هدفه تشجيع الاستثمارات الأوروبية، فرنسية وغير فرنسية، في إيران».
في المقابل، بخلاف التقارير عن أن باريس تخلّت عن جهودها والمساعي التي تبذلها في لبنان، نقلت «الشرق الأوسط» أخيراً عن مصادر فرنسية تأكيدها أن باريس «لم تتخلَ عن لبنان»، بل ما زالت ماضية في متابعة أوضاعه، ولكن «وفق منهج مختلف» عما طرحته في المرحلة الأولى. وتضيف، أن هذا المنهج ينطوي على طريقين: فرض عقوبات إضافية من جهة، ومن جهة أخرى الاستمرار في دفع جهود الاتحاد الأوروبي إلى الأمام من أجل التوافق على عقوبات أوروبية جماعية، على الرغم من التردّد الذي أبدته بعض حكومات دول الاتحاد.
- ترقب نتائج المفاوضات
في هذه الأثناء، لا تقتصر تداعيات سقوط «المبادرة الفرنسية» على عملية تشكيل الحكومة التي لا تزال عالقة في عنق الزجاجة؛ إذ ينبّه العميد المتقاعد خالد حمادة، مدير «المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات» في بيروت، من أن «انتهاء المبادرة الفرنسية وعودة لودريان إلى باريس خالي الوفاض قطعت آخر خطوط التواصل بين لبنان والعالم الغربي، بعدما كانت باريس تسعى لوضع لبنان على قائمة القضايا التي تناقشها الأسرة الدولية». ويرى العميد حمادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان أصبح خارج كل ما يتّصل بالقرار الدولي. يضاف إلى ذلك توقف المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسيط الأميركي... وهو نطاق كان يمكن العبور منه لمعالجة الأزمة اللبنانية».
ويضيف حمادة، أن «لبنان بات معزولاً دولياً، هذا بالإضافة إلى أنّ حالة العدمية السياسية والانهيار الاقتصادي وفوضى الأسعار قد تؤدي إلى احتمالات مفتوحة لا نستطيع التنبؤ بها. فبعدما تخلى لبنان عن أبسط مقوّماته كدولة وأضحى يفتقر لأي اهتمام، قد تتجه الساحة اللبنانية نحو شكل من أشكال الانفجار ليس بفعل العاملين الاقتصادي والاجتماعي فقط، إنما أيضاً لتنفيذ أجندة سياسية تستخدم الساحة اللبنانية». ويتابع «ربما سيكون هناك نوع من الاجتهاد من قبل بعض الدول الغربية لإعادة بعض الخصوصية للبنان مقابل تقديمات أخرى ومكاسب لإيران، لكن في كل الأحوال ما يمكن تأكيده أن لبنان تحوّل من دولة إلى ورقة تفاوض». وهنا يستبعد حمادة تماماً أن تؤدّي التطورات في المنطقة إلى «تعويم العهد»، معتبراً أن «العهد (أي رئاسة الرئيس ميشال عون) سقط وانتهى ولا أحد يسعى لتعويمه... فحتى (حزب الله) يريد في المرحلة المقبلة أن يصبح مقبولاً دولياً بمعزل عن تحالفه مع (التيار الوطني الحر)؛ وهو ما يسمح بالاستغناء عن حلفائه المحليين الذين باتوا يمثلون عبئاً وشراكة لا تقدّم له شيئاً».
في سياق موازٍ، بدأ «التيار الوطني الحر» - الذي أسّسه عون - يبني على الحراك الحاصل في المنطقة والمفاوضات الناشطة على أكثر من صعيد ليثبت «نجاح خياراته السياسية». ويبدو أنه يتّجه نحو التشدّد أكثر في عملية تشكيل الحكومة لاعتقاده أن المسارين الدولي والإقليمي للأحداث يصبّان لصالح المحوَر الذي ينتمي إليه ولصالح حليفه «حزب الله». وهنا تعتبر مصادر «التيار» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تلويح الحريري بورقة الاعتذار أخيراً «إنما يندرج ضمن إطار قراءته لتطور الأوضاع لصالح اخصامه، لكنه حتى الساعة لا يزال يدرس حجم الخسارات التي سيتكبّدها... وما إذا كان قادراً على استيعابها قبل سنة واحدة من موعد الانتخابات النيابية».
حول هذه النقطة، يرى ميشال دويهي أن «وضع الحريري بات صعباً، خاصة أن مستقبله السياسي لا يبدو واضحاً إذا قرّر الاعتذار مثلاً... وإن البعض سيقرأ بذلك رضوخاً منه للعهد». في حين يعتقد سام منسّى، أن «مشكلة الحريري الأساسية تكمن في كون روح المبادرة الفرنسية غير موجودة أصلاً في تعاطيه مع كل الملف الحكومي». أما الكاتب والباحث قاسم قصير – القريب من بيئة «حزب الله» – فيعتبر أن كل الخيارات والاحتمالات واردة، «فإما التوصل إلى تسوية حكومية بعد عيد الفطر أو الذهاب إلى المزيد من الأوضاع الأمنية في وضع بات مرتبطاً أكثر من أي وقت مضى بما ستؤول إليه المفاوضات الناشطة في المنطقة»، ويلفت قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المساعي التي بُذلت في الأيام الماضية لصياغة تسوية داخلية اصطدمت بحجم الهوة التي أضحت غير مسبوقة بين بعبدا (عون) وبيت الوسط (الحريري)؛ ما يجعل الجميع مترقباً تسوية دولية أو إقليمية كبرى ينصاع لنتائجها الفرقاء اللبنانيون».
- مصير لبنان
هنا يتحدث البعض عن تسوية داخلية محدودة قد تبصر النور نتيجة تطورات المنطقة، فتكون شبيهة بالتسوية الرئاسية التي أمكن التوصل إليها عام 2016 وأدت إلى انتخاب عون رئيساً للجمهورية، بينما لا يستبعد آخرون أن نكون قد اقتربنا أكثر من أي وقت مضى من إعادة النظر بالنظام ككل.
العميد خالد حمادة يعتقد أن أحداً من اللاعبين الدوليين لا يريد تقسيم لبنان أو تعديل دستوره. ويقول إن «الخلافات الداخلية حول أدوار الطوائف في النظام وحصة كل منها داخل التركيبة، موضوع لبناني بحت لا يتصل إطلاقاً بما يجري تداوله على الساحتين الدولية الإقليمية»، ويستطرد «كيفما كان شكل النظام اللبناني فإن استمرار لبنان في حالة التماهي مع طهران من دون أن يكون له أي حيثية وطنية، سيبقيه فاقداً قراره السياسي والاقتصادي». ثم يشير إلى أن لبنان «دخل مرحلة العدمية السياسية والاقتصادية، ولم يعد هناك مؤسسات صانعة للقرار أو جمهور لبناني ينظر باحترام إلى السلطة السياسية»، موضحاً «نحن مستمرون كدولة مفكّكة إلى أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المفاوضات الناشطة حالياً، ولا يبدو أن ذلك سيحصل قريباً».
ومن جهته، يعتبر سام منسّى أن «ما نشهده اليوم هو تغيير هوية وبنية البلد الاجتماعية. فالتركيبة المتعارف عليها سقطت تماماً كما لبنان الذي كنا نعرفه، علماً بأن النظام على مستوى الممارسة لا يطبَّق إلا نظرياً منذ الحرب الأهلية من خلال تركيبات تعكس موازين القوى».
مع هذا، لا يبدو منسّى ممن يروّجون لانفجار اجتماعي مقبل، لافتاً إلى أنه «رغم كل الصعوبات التي مررنا ونمرّ بها، من فقدان الودائع وانهيار الليرة وتفجير مرفأ بيروت والدمار الذي خلفه، وكلها تؤشّر لإمكانية الوصول لانفجار اجتماعي، فإنني أستبعد ذلك. لكنني في الوقت عينه أرجح ازدياد الجرائم والسرقات والفلتان والاضطرابات في بعض المناطق. ذلك أن انهيار الوضع الأمني لا يبدو لي حاصلاً؛ لأن هناك سلطة للجيش موجودة ودوره منسَّق مع (حزب الله) ولا وجود لطرف ثان يستطيع خوض المواجهة مع الحزب». ويتابع منسّى، أن «أساس الأزمة اللبنانية هو وجود قوة تابعة لدولة لها مصالحها وأدوارها التي لا شك ستنعكس على لبنان. وميزان القوى اليوم ليس لصالح لبنان الذي نعرفه ولم يعد هناك مِن دور يلعبه بعدما تلاشى الاهتمام الخارجي به، أضف إلى أنه لا أدوات ولا قضية للقوى الأخرى في لبنان».
قصير يقرّ بأن «لبنان يعيش مرحلة انتقالية صعبة»، وهنا يشدد دويهي على أن «الانهيار المالي والاقتصادي يؤدي تلقائياً إلى انهيار اجتماعي في ظل توجه الناس لتناتش السلع والخدمات؛ لأن الدولة لن تكون بعد اليوم قادرة على تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين». ومن ثم، يقول إنه «حتى إبّان الحرب الأهلية (1975 - 1990) لم يعرف لبنان الجوع والمجاعة؛ لأنه كان هناك دولارات تدخل إلى البلد بخلاف ما يحصل اليوم عندما غدا اللبنانيون متروكين لمصيرهم... ولكن رغم كل ذلك نستبعد حرباً أهلية بالتوازي مع توقع ارتفاع معدلات الجرائم والسرقات والعنف».
- أخيراً... ماذا عن الحلول؟
كثيرون ينظرون إلى الانتخابات النيابية المقبلة - المفترض تنظيمها بعد سنة بالتحديد - على أنها ستكون بوابة الخلاص للبنانيين. ويعتقد هؤلاء أنها ستؤدي إلى خرق كبير لقوى ومجموعات المعارضة؛ نظراً إلى أن المناخ العام هو ضد الطبقة السياسية التقليدية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تاريخ «الانتفاضة» الشعبية الأخيرة. بيد أن آخرين لا يظنون أن حصولها محسوم لأن القوى السياسية قد تعمد إلى تأجيلها تخوفا من نتائجها، وهو ما يعبّر عنه سام منسى الذي يرى أنه «من السابق لأوانه الجزم حول ما كان تطور الأمور يجعل الانتخابات النيابية موجودة على (أجندة) فريق (الممانعة)، أي الفريق الانقلابي الذي حلف عون – (حزب الله)، وإذا ما كان المطلوب إجراء الاستحقاقات في مواعيدها أو إعادة النظر بنظام وشكل الحكم ككل».
من جانبه، يؤكد دويهي أن «كل الطبقة السياسية الحالية لا تريد أن تخوض انتخابات نيابية لتخوّفها من أن يحاسبها الناس في صناديق الاقتراع... فهي لطالما وظفت القوانين الانتخابية لتجدد شرعيتها لا لضمان انتقال للسلطة»، معتبراً أن «الضغوط الدولية الكبيرة التي بدأت لضمان إجراء الانتخابات في موعدها، والتي تترافق مع ضغوط تمارسها قوى المعارضة في الداخل، خطوات أساسية للتصدي لمخططات قوى السلطة”. ومن ثم، يرى دويهي - كما كثيرون سواه – في الانتخابات المقبلة «آخر فرصة للتغيير السياسي وفق الآليات الدستورية... فهي قد تكون بداية خلاص لبنان. ولكن المطلوب من قوى المعارضة توحيد خطابها المفترض أن يكون مقنعاً ويقدم مشاريع حلول فلا يقتصر على انتقاد الطبقة السياسية».
والجدير بالذكر، أن الوزير الفرنسي لودريان التقى أثناء زيارته الأخيرة إلى بيروت ممثلين عن مجموعات معارضة، شاركت في «انتفاضة” عام 2019، ونقلت هذه المجموعات للمسؤول الفرنسي خشيتها من أن تعمد الطبقة السياسية إلى تأجيل الانتخابات التشريعية المرتقبة في ربيع 2022.
- 5 معضلات شائكة تعمّق الانهيارات
> يتحدث مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، وهو مبادرة بحثية تهدف إلى دراسة الأزمات في لبنان ورصد تداعياتها واقتراح طرق لمقاربتها، عن خمس قضايا يجب ترقّبها ومقاربتها في المرحلة المقبلة، ولا سيما بعد رفع الدعم عن السلع الأساسية، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، هي:
- زيادة كبيرة في معدّلي البطالة والفقر. إذ يتوقع أن يؤدّي التدهور الاقتصادي مصحوباً بالتضخّم إلى إغلاق المزيد من المؤسّسات وتوقّف العديد من القطاعات. وهو ما يعني فقدان العديد من فرص العمل، القليلة بالأساس، وارتفاع معدّل البطالة وتدني القوّة الشرائية وارتفاع معدّل الفقر.
- تأزم أوضاع القطاع الصحّي وهجرة العاملين فيه، ما يُهدّد بفشل احتواء جائحة «كوفيد - 19»، وتراجع مستوى الخدمات الطبية، وخسارة لبنان دوره الرائد كـ«مستشفى الشرق الأوسط».
- تدهور مستوى التعليم، وخصوصاً نتيجة تراجع قدرة العائلات على تعليم أبنائها في المدارس والجامعات الخاصّة، ونضوب الموارد المالية المُتاحة للاستدانة ودعم الطلب على هذا التعليم، فضلاً عن تفريغ هذه المؤسّسات الخاصّة من كوادرها وتراجع مستوياتها نتيجة تراجع الأجور وتدحرج الانهيار.
- زيادة التوترات الاجتماعية والعنف ومعدّلات الجريمة، فخلال فترة «الكساد الكبير» عام 1929 في الولايات المّتحدة كان الناس يرمون بأنفسهم من النوافذ انتحاراً نتيجة تنامي معدّلي الفقر والبطالة، في حين نشط عمل المافيات وعصابات الجريمة المنظّمة والسرقات. هذه السيناريوهات تكاد تكون واحدة في معظم المجتمعات التي تشهد أزمات اقتصادية، وهو ما يرجّح حصوله في لبنان أيضاً.
- تنامي النزعات الانفصالية وتعميق سياسات الهوية، باعتبار أنه خلال الأزمات العميقة، تبرز غالباً النزعات القومية والانعزالية، وأخطرها تلك التي تعبّر عنها التنظيمات السياسية اليمينية والشعبوية؛ نظراً لقدرتها على حرف الخطاب العام عن أسباب المشكلة نحو النتائج التي أوصلت إليها، بما يؤدّي إلى تكرار الوقوع في المشكلة نفسها.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.