إسرائيل تستهدف «مترو» أنفاق غزة... والفلسطينيون يواصلون إطلاق الصواريخ

قوات إسرائيلية تقف بالقرب من غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تقف بالقرب من غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف «مترو» أنفاق غزة... والفلسطينيون يواصلون إطلاق الصواريخ

قوات إسرائيلية تقف بالقرب من غزة (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تقف بالقرب من غزة (أ.ف.ب)

أطلقت إسرائيل قذائف المدفعية وواصلت القصف الجوي، اليوم (الجمعة)، على شبكة من الأنفاق في قطاع غزة وصفتها بأنها «مترو» في حين واصل الفلسطينيون الهجمات الصاروخية على بلدات إسرائيلية، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
وقال اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن أكبر عملية إسرائيلية ضد هدف محدد منذ بدء الصراع شملت 160 طائرة بالإضافة إلى نيران الدبابات والمدفعية من خارج قطاع غزة.
وسرعان ما أعقب الهجوم الإسرائيلي، الذي استمر 40 دقيقة قبل فجر اليوم الخامس من أعنف صراع بين إسرائيل وغزة منذ 2014، إطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل.

وقال مسؤولون في مجال الصحة بشمال القطاع إن امرأة وأطفالها الثلاثة قُتلوا في غزة وانتُشلت جثثهم من تحت أنقاض منزلهم، ولاقت امرأة مسنّة في إسرائيل حتفها بينما كانت في طريقها إلى ملجأ للاحتماء من الهجمات الصاروخية.
وبدأ أخطر قتال بين إسرائيل ونشطاء غزة منذ 2014 يوم الاثنين بعد أن أطلقت حركة «حماس» صواريخ على القدس وتل أبيب رداً على اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين بالقرب من المسجد الأقصى في القدس.
وقال مسؤولون طبيون فلسطينيون إن 119 على الأقل قُتلوا في غزة، بينهم 31 طفلاً و19 امرأة، وأُصيب 830 آخرون في الأعمال القتالية الحالية.

وذكرت السلطات الإسرائيلية أن عدد القتلى في إسرائيل بلغ ثمانية، وهم جندي كان يقوم بدورية على حدود غزة وستة مدنيين إسرائيليين بينهم امرأة مسنة سقطت في طريقها إلى ملجأ، اليوم، وطفلان وعامل هندي.
وحذرت رئيس الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية من أن أفراداً متورطين في إراقة الدماء قد يستهدفون في تحقيق المحكمة في مزاعم عن جرائم حرب ارتُكبت في صراعات سابقة.
وفي الأجزاء الشمالية والشرقية من غزة، تردد دوي قذائف المدفعية والقصف في ساعة مبكرة من صباح الجمعة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هناك تقارير عن تدمير أكثر من 200 وحدة سكنية أو تضررها بشدة وإن المئات من الناس يسعون للاحتماء بالمدارس في شمال غزة.
وتقول إسرائيل إنها تبذل كل الجهود للحفاظ على حياة المدنيين بما في ذلك التحذير المسبق من الهجمات.
وقال كونريكوس في إفادة للصحافيين الأجانب إن «ما كنا نستهدفه هو نظام أنفاق متقَن يمتد تحت غزة ومعظمها على سبيل المثال لا الحصر في الشمال وهي شبكة يستخدمها عناصر (حماس) للتنقل والاختباء والتستر»، وتابع: «نطلق عليها اسم المترو»، مضيفاً أن التقييم النهائي لنتيجة العملية لم يصدر بعد.

وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس (الخميس)، أن الحملة «ستستغرق وقتاً أطول». وصرّح مسؤولون إسرائيليون بأنه يجب توجيه ضربة رادعة قوية إلى «حماس» قبل أي وقف لإطلاق النار.
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، لوقف التصعيد، قائلاً إنه يريد خفضاً كبيراً في الهجمات الصاروخية.
وفجّرت الأعمال القتالية التوتر بين اليهود والأقلية العربية التي تشكل 21% من سكان إسرائيل والذين يعيشون جنباً إلى جنب في بعض المجتمعات، واستمر العنف في المدن والبلدات التي بها مجتمعات مختلطة من العرب واليهود بعد اشتباكات خلال الليل وهجمات انتقامية متبادلة دفعت الرئيس الإسرائيلي للتحذير من حرب أهلية.
وقال مجد عبده، وهو ساكن عربي في مدينة عكا، حيث قال أشخاص من اليهود والعرب إنهم يخشون مغادرة منازلهم: «يقولون إن الوضع في غزة يخرج عن السيطرة، لكن ما يحدث هنا يخيفني أكثر».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن فلسطينيا قُتل إثر محاولته طعن جندي قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية، وأكد مسؤولو صحة فلسطينيون مقتل الرجل.
وقال الجيش الإسرائيلي، أمس، إنه يحشد قواته على حدود غزة، مما أثار تكهنات بشأن غزو برّي محتمَل، في خطوة تعيد إلى الأذهان عمليات التوغل المماثلة خلال حربَي إسرائيل وغزة في عامي 2014 و2009.
لكن الغزو بدا غير مرجح، بالنظر إلى عدم رغبة إسرائيل في المخاطرة بزيادة حادة في الخسائر العسكرية في مناطق «حماس».
وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيناقش يوم الأحد في جلسة علنية ​​تفاقم العنف بين إسرائيل والفلسطينيين بعد أن اعترضت الولايات المتحدة على اجتماع اليوم (الجمعة).
ولم تحرز جهود الهدنة التي تبذلها مصر وقطر والأمم المتحدة أي تقدم.
وقدر الجيش الإسرائيلي عدد عناصر «حماس» الذين قُتلوا في الهجمات الإسرائيلية بما بين 80 و90 مقاتلاً. وقال إنه حتى الآن، تم إطلاق نحو 1800 صاروخ على إسرائيل، منها 430 سقطت في قطاع غزة أو أصابها عطل.
وعلى الجبهة السياسية الإسرائيلية، بدا أن فرص نتنياهو في البقاء في السلطة بعد انتخابات غير حاسمة في 23 مارس (آذار) تتحسن بشكل ملحوظ بعد أن تعرض منافسه الرئيسي يائير لابيد لانتكاسة كبيرة في جهود تشكيل الحكومة.



مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

أثار إعلان الجماعة الحوثية وقوفها مع إيران في مواجهة إسرائيل، سخط الشارع اليمني، حيث يرى سكان وناشطون في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة تسعى مُجدداً لإقحام نفسها في حروب جديدة يدفع فاتورتها الشعب اليمني دون غيره.

ويأمل سكان في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ألا يقحم قادة الانقلاب الحوثي اليمنيين في صراعات «لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، بخاصة في ظل هذه المرحلة التي يصفونها بـ«العصيبة»، إذ يعاني الملايين من الجوع وانعدام فرص الحياة.

وكانت جماعة الحوثيين تبنّت، الأحد الماضي، أولى الهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل لمساندة إيران بالتنسيق مع الأخيرة، وذلك غداة تأكيد زعيمها عبد الملك الحوثي دعمه لموقف طهران «بكل ما يستطيع» للرد على الضربات الإسرائيلية.

وجاء تبني الجماعة للهجمات المنسقة مع طهران عقب ساعات من استقبال العاصمة المختطفة صنعاء ضربات إسرائيلية هدفت لاغتيال قادة حوثيين، يتصدرهم رئيس أركان الجماعة محمد عبد الكريم الغماري، وسط تعتيم على نتائج العملية.

آثار الدمار إثر قصف صاروخي إيراني شرق تل أبيب (أ.ف.ب)

وشهدت صنعاء ومدن أخرى خاضعة للحوثيين تبايناً في ردود الفعل والمواقف الشعبية، لكنها اتسمت في معظمها إما بالصمت أو بالتشفي من طهران وتل أبيب على حد سواء، بسبب تقديم الأولى الدعم والتمويل للجماعة الحوثية لقتل وتجويع وتشريد اليمنيين، وبسبب ارتكاب إسرائيل المجازر في غزة.

ثلاث فئات

أظهرت متابعة الشارع اليمني الخاضع للحوثيين أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية الحالية أفرزت السكان والناشطين إلى ثلاث فئات متباينة في ردود الفعل والمواقف، إذ تمثلت الفئة الأولى في «المتابعين بصمت» الذين يرون باختصار أن هذه الحرب هي «تصفية الظالمين بالظالمين». وفق تعبيرهم.

أما الفئة الثانية فتمثلت في أتباع الجماعة الحوثية والموالين لها ممن يؤيدون بقوة الضربات الإيرانية ضد إسرائيل، ويطالبون كبار قادة جماعتهم بسرعة التدخل لدعم إيران من باب رد الجميل لها.

تصاعد الدخان عقب هجوم إسرائيلي على مستودع للنفط في طهران (رويترز)

وتمثلت الفئة الأخيرة في المؤيدين لما يتعرض له النظام الإيراني، الذين يرون أنه حول اليمن إلى مسرح مفتوح للحرب وقام بدعم الانتهاكات الحوثية وتزويد الجماعة بالأسلحة لترسيخ انقلابها وقمع اليمنيين.

ويبدي «سامي»، وهو اسم مستعار لأحد سكان صنعاء، ارتياحه إزاء استمرار توجيه ضربات عنيفة للنظام الإيراني حتى يلاقي، بحسب قوله، مصيره حيال دعمه المتكرر للإرهاب الحوثي.

ويتمنى سامي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تؤدي هذه المواجهة إلى إضعاف النفوذ الإيراني أو حتى سقوطه بصورة نهائية في المنطقة، وعلى رأسه الذراع الحوثية في اليمن.

ويرى أن أي استهداف قوي وُمدمر للنظام الإيراني في الوقت الحالي سينعكس حتماً على حلفائه في اليمن الممثلين في الجماعة الحوثية.

رقابة أمنية

على صعيد المنع الحوثي للتأييد المحلي في صنعاء لضرب إيران، فقد نشرت الجماعة العشرات من الجواسيس والمخبرين التابعين لها في معظم شوارع وأحياء صنعاء وعلى مستوى أماكن التجمعات والمقاهي والحدائق العامة، بغية مراقبة وتتبع أحاديث السكان بخصوص الصراع الحالي، والإبلاغ عن المؤيدين لضرب إيران.

صواريخ اعتراضية إسرائيلية تتصدى لهجوم حوثي (رويترز)

وكانت الجماعة الحوثية لجأت عقب تنفيذ الضربة الأولى ضد إيران لاستخدام كافة الوسائل والطرق الممكنة لإقناع السكان في صنعاء وبقية المدن بضرورة تأييد طهران، بزعم أن الأخيرة تقف حالياً بالنيابة عن الدول العربية والإسلامية في مواجهة إسرائيل والغرب.

ويرى مراقبون في صنعاء أن ذلك يأتي خوفاً من الخلاص من النظام الإيراني الذي لطالما قدم لها الدعم والتمويل لمواصلة انقلابها وحربها ضد اليمنيين وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وخشية من أن يأتي الدور القادم عليها.