تطورات كبرى في زراعة الأسنان

أحجام أصغر وأساليب زرع متقدمة

تطورات كبرى في زراعة الأسنان
TT

تطورات كبرى في زراعة الأسنان

تطورات كبرى في زراعة الأسنان


تبشر الأحجام الأصغر وأساليب الزرع المتطورة باتساع دائرة الأفراد المؤهلين للحصول على أسنان صناعية.
لو أن طبيباً سبق وأن أخبرك أنك غير مؤهل لزراعة أسنان، فإنه حان الوقت الآن لأن تعاود النظر في هذا الأمر، ذلك أن عمليات زراعة الأسنان - بمعنى زرع أسنان صناعية دائمة في الفك - طرأ عليها الكثير من التغييرات اليوم.
في هذا الصدد، أوضح الدكتور جيرمان غالوتشي، رئيس قسم طب الأسنان الترميمي بكلية هارفارد لطب الأسنان، أنه «على امتداد السنوات الخمس الماضية، اكتشفنا أن عمليات زراعة الأسنان الأصغر حجما يمكن أن تنجح تماماً مثل عمليات زراعة الأسنان ذات الحجم العادي، الأمر الذي يوسع بدوره دائرة المرشحين لخوض هذه العمليات».
زرع الأسنان
ما المقصود بعمليات زرع الأسنان بالحجم العادي؟ تدور عملية زرع الأسنان التقليدية حول وضع وتد يعمل بمثابة جذر صناعي للسن. ويصنع هذا الوتد من مادة التيتانيوم وتجري زراعته جراحيا داخل عظم الفك، أسفل خط اللثة. وعندما يشفى الفك، ينمو العظم على سطح الوتد، الأمر الذي يعزز متانته.
بمجرد أن يصبح الوتد مستقراً، يتولى طبيب الأسنان تركيب جزء آخر يطلق عليه دعامة. ويجري إلصاق هذا الجزء بالجزء الأعلى من الحشوة ويوضع فوق خط اللثة. في نهاية الأمر (بعد فترة قد تصل إلى ثلاثة شهور لاحقة)، يجري تثبيت تاج من البورسلين (السن البديل) المصمم خصيصاً بحيث يتواءم مع شكل باقي الأسنان، بالبراغي أو يجري تثبيته فوق الدعامة، وبذلك يكتمل بناء السن الصناعي الجديد.
بديل فاعل
تبدو الأسنان الصناعية وتعمل أيضا مثل الأسنان الطبيعية تماماً. وعلى العكس من أطقم الأسنان، لست مضطراً لخلعها وإخراجها من فمك. وعادة ما يستمر عمل هذه الأسنان لمدة 20 عاماً. إلا أن الدكتور غالوتشي استطرد موضحاً أن «حوالي 20 في المائة من الغرسات أو التيجان تحتاج إلى نوع من الإصلاح في حدود 15 عاماً».
كما لاحظ الدكتور غالوتشي أنه في 5 في المائة من الحالات، تسقط الغرسة ولا تبقى في الفك بسبب عدم التصاق العظام بها أو سوء نظافة الأسنان، ما ينقل إليها عدوى.
- أهمية حجم عظم الفك. يتراوح قطر الغرسة العادية ما بين 3 و5 مليمترات. ويحتاج المرء إلى وجود عظم كاف في الفك لدعم الغرسة كي تصبح قوية وتسهم بقوة في مضغ الطعام.
وعليه، فإنه إذا لم يكن لديك عظم كاف في الفك لاستيعاب الغرسة - ربما بسبب خلع أو مرض في اللثة تسبب في فقدان العظام - قد يتمكن طبيب الأسنان من زيادة حجم عظم الفك باستخدام طُعُم عظمي، حسب الحالة. ويمكن أن تزيد فترة وتكلفة إجراء زرع الأسنان في هذه الحالة بما يتراوح بين 2000 و6000 دولار لكل عملية زرع.
- غرسات أصغر. أما اليوم، فقد أصبح هناك خيار آخر أمام الأشخاص الذين لا تتوافر لديهم عظام كافية بمنطقة الفك، وهو زرع غرسات «صغيرة» يبلغ عرضها قرابة عرض الغرسات الهادية. ويتراوح قطر الغرسات الصغيرة بين 1.8 ميليمتر و2.4 ميليمتر.
وعلى خلاف الغرسة ذات الحجم العادي والمرفق بها دعامة فوق خط اللثة، فإن الغرسة المصغرة عبارة عن قطعة واحدة ـ أي غرسة مدمج بها دعامة. ويسهم الهيكل الواحد للعنصرين في جعل السن الصناعي قوياً، رغم صغر حجمه.
وتتسم الغرسات الصغيرة وعادية الحجم بمعدلات نجاح وتكاليف متشابهة.
تطورات زرع الأسنان
طرأ تطور كبير على التكنولوجيا التي تعين الأطباء على وضع الغرسات بدقة أكبر. وقبل الموعد المحدد لإجراء زرع الأسنان، يتولى طبيب الأسنان حالياً عمل عرض ثلاثي الأبعاد، أو «قالب رقمي» للفم والفك. ويساعد ذلك طبيب الأسنان على تحديد نوع الغرسة وحجمها الأمثل، والمكان الذي يجب وضعها فيه على وجه التحديد. وفي هذا السياق، أوضح الدكتور غالوتشي أنه «يضع الكومبيوتر دليلاً إرشادياً لعملية الحفر. ويعتبر هذا الدليل أكثر جدارة للاعتماد عليه، ويمكن وصفه بأنه مشابه لعمل نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس). وسيصبح عنصراً معيارياً في العناية بالأسنان خلال السنوات القليلة المقبلة».
ومن بين المزايا الأخرى لهذا الأسلوب في زراعة الأسنان أنها:
- أسرع وأكثر أماناً. وشرح الدكتور غالوتشي أن الأسلوب الجديد ينطوي على «مخاطرة أقل لوضع الغرسة قرب العصب أو أوعية دموية».
- بجانب هذا، يشكل الأسلوب الجديد جراحة أقل تدخلا، ذلك أنه بدلاً عن جراحة «السديلة» flap والتي يتولى طبيب الأسنان خلالها قطع سديلة في اللثة لإدخال الغرسة، يوجه الكومبيوتر طبيب الأسنان للثقب من خلال أنسجة رخوة وصولاً إلى الفك.
- علاوة على ذلك، تتميز الأسنان في إطار الأسلوب الجديد بقدر أعلى من الكفاءة، ذلك أن العروض التي يتيحها الكومبيوتر تعين أطباء الأسنان على تصميم التيجان الملائمة لأنماط المضغ الخاصة بالمريض.
أطقم أسنان «ثابتة»
بجانب ما سبق، يجري استغلال الغرسات المصغرة في تثبيت أطقم الأسنان. وعن ذلك، قال الدكتور غالوتشي: «يميل الاتجاه السائد إلى جعل طقم الأسنان ثابتاً وغير قابل للإزالة، بحيث يعمل مثل الأسنان الطبيعية، وهو أمر يروق للناس». إلا أنه أوضح أن تثبيت أطقم الأسنان يتطلب عدداً أكبر من الغرسات الصغيرة مقارنة بالغرسات ذات الحجم العادي. وقال: «إذا استطعنا استخدام غرسة بالحجم العادي، فإننا نفضل هذا الخيار، لأن طقم الأسنان يصعب تركيبه بالاعتماد على الغرسات المصغرة، الأمر الذي يزيد معدلات الفشل».
والخلاصة، أنه ورغم مزاياها الكثيرة، تظل الحقيقة أن الغرسات الصغيرة غير ملائمة للجميع، بالنظر إلى ارتفاع تكلفتها ولا يغطيها التأمين الصحي.
ومع هذا، إذا كنت تعاني من فقدان بعض الأسنان وضآلة حجم عظام الفك، وكنت قادراً على تحمل التكاليف المالية لها، فإن عمليات زرع الغرسات الصغيرة ربما يعينك على استعادة سن واحد أو أكثر ويمنحك شعوراً أكبر بالراحة والرضا عن النفس.
* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».