انتحاريان يخترقان تدابير حزب الله الأمنية في «السيدة زينب» في ثالث استهداف لمعاقل النظام

سقوط 6 قتلى وعدد من الجرحى عشية توافد الزوار لإحياء مناسبة دينية

انتحاريان يخترقان تدابير حزب الله الأمنية في «السيدة زينب» في ثالث استهداف لمعاقل النظام
TT

انتحاريان يخترقان تدابير حزب الله الأمنية في «السيدة زينب» في ثالث استهداف لمعاقل النظام

انتحاريان يخترقان تدابير حزب الله الأمنية في «السيدة زينب» في ثالث استهداف لمعاقل النظام

فيما يعد ثالث اختراق لمعاقل نظام الرئيس السوري بشار الأسد خلال أقل من شهر، نجح انتحاريان أمس في اختراق التدابير الأمنية المشددة التي تتخذها القوات الحكومية السورية وعناصر من قوات «الدفاع الوطني» وحزب الله في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي، وفجرا نفسيهما على حاجز للتفتيش يقع على بُعد كيلومترين من مرقد السيدة زينب، عشية توافد الشيعة لإحياء ذكرى دينية، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل وجرح آخرين.
وأكد ناشط في جنوب دمشق لـ«الشرق الأوسط» مقتل 6 أشخاص، في تفجيرين انتحاريين متزامنين استهدفا نقطة تفتيش مكتظة في منطقة السيدة زينب، بعد عامين من الهدوء شهدتهما المنطقة، إثر استعادة القوات الحكومية السورية، مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلين من الشيعة العراقيين، السيطرة على المنطقة، ما يعد خرقًا كبيرًا للتدابير الأمنية في المنطقة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد مقتل 3 أشخاص على الأقل في حصيلة أولية، وإصابة 14 آخرين، جراء انفجار سيارة مفخخة عند حاجز للجان الشعبية الموالية لحزب الله اللبناني عند مدخل بلدة السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي من جهة مطار دمشق الدولي، مشيرًا إلى أن عدد الخسائر البشرية مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أحد الانتحاريين «فجر نفسه بسيارة مفخخة على حاجز المستقبل» الذي يبعد نحو كيلومترين عن مرقد السيدة زينب، على طريق مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص: «قبل أن يفجر انتحاري آخر نفسه وسط الجموع»، مشيرة إلى أن الحاجز «هو الأول بين سلسلة حواجز أمنية يخضع خلالها الوافدون إلى المرقد الديني، للتدقيق الأمني».
وفيما أكدت المصادر إصابة مقاتلين من حزب الله وآخرين من قوات الدفاع الوطني في الانفجارين، أعلن مقربون من النظام السوري في صفحات إلكترونية أن الانفجار استهدف نقطة للتفتيش قرب موقع تجمع الوافدين إلى مرقد السيدة زينب، مشيرة إلى أن الموقع نفسه يستقل منه الزوار حافلات للانطلاق إلى العاصمة السورية.
وأشار ناشطون إلى أن مقاتلي الدفاع الوطني وحزب الله «سارعوا إلى إغلاق محيط المكان الذي شهد التفجير، ودخلت عدة سيارات إسعاف إلى المنطقة المستهدفة، في حين منعت قوات الأمن المدنيين من الاقتراب إلى المكان».
وتعد منطقة «السيدة زينب» جنوب العاصمة دمشق، المركز الأكبر لتجمع قيادات وعناصر حزب الله ومقاتلين من شيعة العراق، وشاركت في السابق في معارك واسعة جنوب العاصمة السورية، قبل استعادة السيطرة عليها، والتواجد قرب مرقد السيدة زينب الذي بدأ الزوار الشيعة من اللبنانيين والسوريين التوافد إليه منذ الربيع الماضي.
ويعد الانفجار، ثالث اختراق لمعاقل نظام الرئيس السوري بشار الأسد خلال أقل من شهر، إذ استهدف تفجير حافلة زوار تقل لبنانيين في قلب العاصمة السورية الشهر الماضي، أسفر عن مقتل لبنانيين، فيما استهدف انفجار آخر مدينة القرداحة في ريف اللاذقية، مسقط رئيس الأسد، السبت الماضي، قبل وقوع الانفجار أمس.
وتزامن التفجير في السيدة زينب، مع سقوط قذائف على سجن دمشق المركزي (سجن عدرا)، حيث قضى 4 أشخاص جراء سقوط القذيفة لا يعلم ما إذا كانوا من عناصر السجن أو من السجناء أم أنهم من مواطنين من ذوي السجناء جاءوا لزيارتهم، فيما أصيب 15 آخرون على الأقل بجراح بعضهم في حالات خطرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.