أبي أحمد يدعو الإثيوبيين إلى الوحدة لاستكمال مشروع السد

في مواجهة تحركات مصرية وسودانية تستهدف منع الملء الثاني قبل الاتفاق

إثيوبيون مسلمون في انتظار تأدية صلاة عيد الفطر في استاد أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
إثيوبيون مسلمون في انتظار تأدية صلاة عيد الفطر في استاد أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
TT

أبي أحمد يدعو الإثيوبيين إلى الوحدة لاستكمال مشروع السد

إثيوبيون مسلمون في انتظار تأدية صلاة عيد الفطر في استاد أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
إثيوبيون مسلمون في انتظار تأدية صلاة عيد الفطر في استاد أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)

في مواجهة تحركات مصرية وسودانية تستهدف منع تنفيذ عملية الملء الثاني لخزان «سد النهضة» الإثيوبي، قبل إبرام اتفاق نهائي يحدد آلية تشغيل السد، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد مواطنيه إلى الوحدة لاستكمال المشروع، مؤكداً «فوائده الهائلة» على بلاده، ودوره في زيادة نفوذها بالقرن الأفريقي.
وتقيم إثيوبيا السد منذ عام 2011؛ بهدف توليد الطاقة الكهرومائية، التي تقول إنها ضرورية لتلبية احتياجات سكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة من الكهرباء.
وأعلنت أديس أبابا في 2020 إكمال المرحلة الأولى من عملية ملء السد محققة هدفها المحدد بـ4.9 مليار متر مكعب؛ ما سمح باختبار أول توربينتين من السد. وحددت لهذه السنة هدف ملء 13.5 مليار متر مكعب إضافية. لكنها تواجه بمعارضة قوية من مصر والسودان، اللذين حذرا من اتخاذ «خطوات أحادية» من شأنها التأثير على حصتيهما في نهر النيل.
وخلال تهنئته المسلمين الإثيوبيين بحلول عيد الفطر المبارك، وجّه أبي أحمد رسالة لمواطنيه، مؤكداً ضرورة وحدة الإثيوبيين الراسخة أكثر من أي وقت مضى.
وأشار في رسالته إلى أن المسلمين يجتمعون لصلاة العيد؛ مما يدل على وحدة التجمع وقوتها، وشدد رئيس الوزراء على أنه مثلما يمكن للصلاة معاً أن تجلب الكثير من البركات، وكذلك فإن العمل معاً لغرض ما له نتيجة معجزة.
وقال أبي، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية، إنه من الصعب التفكير في الكراهية والحرب، خلال شهر الرحمة والمغفرة والمحبة، مع احتفالنا بعيد الفطر لهذا العام، تواجه بلادنا تحديات أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف رئيس الوزراء، أن البلاد تواجه العديد من التحديات، وقال «نحن نعلم أن حوض السباحة لدينا وعرة وطرقنا شائكة» بسبب سد النهضة الإثيوبي الكبير والانتخابات المقبلة، وكما نعلم أن تحقيق هذين الأمرين سيفتح لنا الباب أمام نجاح أكبر. وأشار أبي إلى أنه من الواضح أن الانتخابات الناجحة ستفتح صفحة جديدة في ديمقراطيتنا.
وبحسب قوله، فإن «كل إثيوبي وطني يعرف أن استكمال مشروع سد النهضة له فوائد هائلة من الازدهار... ليس فقط بالنسبة لنا، ولكن للجميع. وأن مشروع سد النهضة يساهم من خلال التغلب على المشاكل التي ابتليت بها البلاد لقرون، وتحريرنا من الاعتماد على الآخرين وزيادة الاعتراف بنا في القرن الأفريقي».
وزعم رئيس الوزراء الإثيوبي، أن ما وصفه بـ«الترهيب المستمر» دفع العديد من المواطنين ذوي الرؤية المستقبلية يقدمون مساهمات كبيرة في داخل البلاد وخارجها.
وصرح رئيس الوزراء «إذا قمنا بدورنا فيما يتعلق بسد النهضة والمصالح الوطنية الأخرى، فيمكننا خلق القدرة على علاج مشاكل بلادنا التي كانت لقرون عدة». وحث أبي «على الاستمرار في الدعاء لشعبنا وبلدنا كما كان الحال في شهر رمضان المبارك بالدعاء من أجل النعمة والبركات والسلام والمحبة للوطن».
وتُصر مصر والسودان على ضرورة إبرام اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء السد وتشغيله، قبيل تنفيذ إثيوبيا المرحلة الثانية من ملء الخزان في يوليو (تموز) المقبل. ويسعى رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، إلى المساهمة في كسر جمود مفاوضات «سد النهضة» والوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول آلية عمل السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وتجمّدت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، منذ أن أخفقت آخر جولة عقدت مطلع أبريل (نيسان) الماضي، في عاصمة الكونغو الديمقراطية، في التوصل إلى أي حلول.
وتنظر مصر إلى النزاع المائي بوصفه «قضية وجودية» وتحظى باهتمام واسع بين المصريين. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع الأسبوع الحالي، إن «الحفاظ على حقوق مصر المائية في مياه نهر النيل أمر لا يمكن لأحد تجاوزه أو التفريط فيه».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.