كوبيش يحثّ الليبيين في «الفطر» على «إنهاء الانقسام»

ليبيون يؤدون صلاة عيد الفطر في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس أمس (بلدية طرابلس)
ليبيون يؤدون صلاة عيد الفطر في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس أمس (بلدية طرابلس)
TT

كوبيش يحثّ الليبيين في «الفطر» على «إنهاء الانقسام»

ليبيون يؤدون صلاة عيد الفطر في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس أمس (بلدية طرابلس)
ليبيون يؤدون صلاة عيد الفطر في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس أمس (بلدية طرابلس)

أدى الليبيون من الشرق إلى الغرب، مروراً بمدن الجنوب، صلاة عيد الفطر في الساحات والميادين، تزامناً مع مطالبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، جميع أطياف الشعب بالعمل على المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي.
وفي رسالة بعثها، أمس، إلى الليبيين بمناسبة الاحتفالات بعيد الفطر، عبّر كوبيش عن أمله في أن تكون هذه المناسبة «فرصة للمصالحة بين الليبيين بعد أن انتهى النزاع المسلح»، كما حثّ جميع المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد على «نبذ الكراهية، وإنهاء الانقسام من أجل استعادة التعايش بين جميع أطياف المجتمع الليبي، وإعادة توحيد البلاد ومؤسساتها».
في غضون ذلك، دعاكوبيش أبناء الشعب الليبي كافة إلى الالتفاف حول السلطة التنفيذية المؤقتة، المتمثلة بالمجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية»، لتمكينها من القيام بواجباتها في توحيد المؤسسات الوطنية، وتعزيز تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، والتحضير لإجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وانتهى المبعوث الأممي مناشداً جميع السلطات والمؤسسات «الإسراع في التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، والعمل على التعجيل بسحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة». كما طالب بمساعدة الشعب الليبي، الذي يتوق إلى استعادة السيادة الكاملة لليبيا بعيداً عن التدخل الأجنبي.
جاء ذلك فيما كشفت مصادر بوزارة الخارجية الألمانية أنه من المقرر عقد مؤتمر وزراء الخارجية حول ليبيا في برلين في النصف الثاني من يونيو (حزيران) المقبل، وفقاً لوكالة الأنباء الإيطالية (نوفا).
وكان وزير الخارجية الألماني، هيكو ماس، قد قال، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، إن هناك تعاوناً بين البلدين لتنظيم المؤتمر، موضحاً أن «فرص السلام زادت في ليبيا، لكن لا يزال هناك تحدي الانتخابات، وانسحاب (المرتزقة) والمقاتلين الأجانب. كما أن هناك العديد من التحديات التي يجب مواجهتها والتغلب عليها، مثل إجراء الانتخابات وانسحاب جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا»، متابعاً: «نعمل على الأمر معاً بتعاون وثيق، ونريد أن نرافق ليبيا بشكل إيجابي على هذا الطريق نحو الديمقراطية والاستقرار».
ومنذ الساعات الأولى من صباح أمس، توافد الليبيون على الميادين والساحات لتأدية صلاة عيد الفطر، وسط حضور أمني مكثف. ففي ميدان الشهداء بوسط العاصمة طرابلس، اصطف المواطنون الذين حمل بعضهم الأعلام الليبية والفلسطينية معاً، وهم يرتدون الزي الوطني لأداء الصلاة وسط تكبيرات وفرحة بادية على وجوههم بزوال الحرب. كما شهدت مدن شرق ليبيا وجنوبها نفس الأجواء الاحتفالية، وحرص المواطنون على اتخاذ الإجراءات الاحترازية ضد فيروس «كورونا». وهذا هو أول عيد يمر على الليبيين منذ سنوات دون اشتباكات أو حروب، ويأملون فيه أن يعم الاستقرار والسلام البلاد.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».